رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: إبتسام العون 2 نوفمبر، 2010 0 تعليق

وكـالــة «يقولـون»

 

قال الله تعالى: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيبٌ عتيدٌ} (ق: 18).

وكالة «يقولون» وكالة عربية عالمية سريعة الانتشار تكاد سرعتها تفوق سرعة الضوء والصوت، أما موظفوها والمنتسبون إليها والمستمعون لها فيزيد عددهم وعدتهم على أضخم وأكبر جيش عرفه التاريخ.

وكالة متخصصة في صنع الأخبار السارة والمفجعة ونشرها، تلتقط من كل الناس والأجناس لا يعنيها مصدر الخبر ومدى مصداقيته؛ فجل اهتمامها الأخبار المفبركة والأحداث المفتعلة التي تهز الرأي العام وتحدث ضجة بين الأفراد والأسر وحتى الهيئات ووزارات الدولة.

الطامة الكبرى تكمن في كيفية نقل الخبر بين الناس ووصوله إلى مراكز البث المباشر، فحدث ولا حرج عن تحوير الأحداث وتلوينها فضلا عن قص بعض الكلمات والجمل بمقص «سقط سهواً»، وإضافة بعض «البهارات» الحارة على الأحداث لخلق جو من «الأكشن»، ولا يفوتنا المؤثرات الصوتية والتعبيرية التي يطعم بها الخبر الذي يجعل «من الحبة قبة».

ولا أبالغ إذا قلت: إن هناك فئة من الناس تتفنن في نقل الأخبار وإثارة الأحداث والتشهير بالأعراض وأسرار الناس دون التثبت من صحتها، قال تعالى: {إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هيناًً وهو عند اللهِ عظيمٌ} (النور: 15).

الخوض في أعراض الناس والتشهير بهم وتتبع أحوالهم والانشغال بهم خُلق ينبذه الإسلام، فإن الله يأمرنا بوصفنا مسلمين وموحدين بالستر، فهو اسم من أسماء الله الحسنى «الستير»، فكيف نحفظ ونتعبد الله بهذا الاسم ونحن نستمتع ونجتهد في القيل والقال؟! وللأسف في السنوات الأخيرة أصبح الرجال أكثر تفنناً وخبرة من النساء في إدارة وكالة: «يقولون» حتى أصبحت هي الفاكهة المفضلة في مجالسهم ودواوينهم.

وكالة: «يقولون» ظاهرة قديمة أزلية أثارت نار الفتنة بين الأفراد والجماعات، وأشعلت حروبا طاحنة لسنين طويلة بين شعوب ودول مختلفة، وأنا أرى للقضاء على هذه الظاهرة ولإغلاق هذه الوكالة أن تجتهد وتنشط الأسر وكل وسائل الإعلام والمؤسسات التربوية والنفسية والدينية في تأصيل العلم الشرعي في نفوس الأفراد صغاراً وكباراً، وتعمير القلوب المتعطشة لمحبة الله ومخافته وخشيته وغيرها بالعبادات القلبية ونشر الثقافة والعلوم والفكر الراقي في عقول الأفراد بكل الوسائل والأساليب المتوافرة، وغرس العادات والأعراف الطيبة والجميلة التي توارثناها من الآباء والأجداد، رحمة الله عليهم جميعاً.

وأنا أعتقد أن وكالة: «يقولون» أخطر على المجتمع من إنفلونزا الخنازير والطيور؛ فهي قادرة على تشتيت أفراد وأسر, أليست بقادرة على تحطيم شعوب ودول؟

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك