رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: أنوار مرزوق الجويسري 30 سبتمبر، 2010 0 تعليق

هل نكتفي؟

عندما نكون في أفضل حالاتنا, وعندما نشعر في قرارة أنفسنا أننا لسنا بحاجة إلى أحد ليساعدنا أو ليعيننا أو حتى ليكون معنا؛ حينها سنشعر بقوة بالغة وبثقة عالية, نظن من خلالها أننا أقوياء في كل الحالات وفي كل اللحظات, ونعتقد أننا لن نكون بحاجة إلى أحد بعد اليوم, ولكن سرعان ما يتبين لنا سوء تفكيرنا وغلطة تقديرنا؛ لأننا وإن كنا في أفضل حال, لابد أن يتغير بنا الحال, فلنكن عاقلين في تقدير حالاتنا, ولنزن الأمور بميزان من الرؤى البعيدة الواضحة, لننظر من خلالها إلى ما هو أبعد من وضعنا الحالي, فلتتخيل نفسك -قارئي- سعيدا إلى أبعد الحدود, ألست بحاجة إلى من يسعد معك؟  ألست بحاجة إلى أن تترجم سعادتك إلى كلمات وعبارات وحركات يسمعها غيرك ويراها فيتفاعل معك؟ وتخيل نفسك في حزن شديد أو في ألم مرير, ألست بحاجة بالغة إلى من يواسيك في حزنك ويخفف عنك ألمك؟ بالطبع أنت بحاجة إلى من هم حولك وإن كنت في أحسن الحالات أو في أسوئها, وإن كنت في قمة الرخاء أو في شدة العناء, وأنت بحاجة إلى الآخرين؛ فلا تقلل من شأن الآخرين ولا تقلل من قدر حاجتك إليهم, فأنت بطبعك محب للناس من حيث لا تعلم, وحتى ذلك الإنسان الانطوائي بطبعه لا يستطيع أن يعيش بعيدا عن الآخرين؛ لأنهم يعطونه ما يحتاج إليه و هو أيضا يعطيهم من حيث لا يعلم ولا يعلمون, فكل منا له دوره الفعال في نفسه وفي الآخرين وفي الحياة, وكل منا لا يستغني عن غيره, فحاجتنا إلى الناس ترقى من مفهوم الحاجة المادية إلى الحاجة المعنوية, حاجتنا للتقدير وللاحترام, وحاجتنا للحب وللاطمئنان, وحاجتنا للانتماء والأمان؛ كل ذلك نستمده ممن هم حولنا, أصدقاء كانوا أم أقارب أم غيرهم ممن تربطنا بهم علاقة ما, فنحن نعطي ونأخذ, ونحترم ونُحترم, نُقدر الآخرين ونحصل على التقدير منهم،  بذلك نلبي احتياجاتنا من حيث لا ندري ولا نشعر، وقد نشعر في بعض الأحيان بالاكتفاء من الحب, أو الاكتفاء من العلم, أو الاكتفاء من الاحترام, أو الاكتفاء من التقدير أو من الشعور بالأمان والاطمئنان،  وحينما نبتعد أو نتخلى عن المصدر الذي كان يزودنا بتلك الحاجة ظنا منا أننا لم نعد بحاجة إليه, سنوقن وسنعلم وسنعتقد اعتقادا جازما أنه لا أحد يكتفي من العلم ولا أحد يكتفي من الحب ولا أحد يكتفي من التقدير والاحترام, ولا نستطيع أن نقول: إننا حصلنا على الحب الكافي فلسنا بحاجة إليه بعد اليوم؛ لأن الحب لا يُخزن إلى وقت طويل, ولا نستطيع أن نقول: إننا نلنا من العلم ما يكفينا وما يعيننا على الاستمرار، فالعلم في تجدد وتطور لن يقف عند حد, ولا نستطيع أن نقول: إننا عشنا سنوات يحترمنا الآخرون فلسنا بحاجة إلى احترامهم بعد اليوم , ونحن بحاجة مستمرة وفي تقلب مستمر, وحالنا في تذبذب دائم وأحوالنا في تغير, ويقلب أحوالنا ويغيرها من بيده ملكوت كل شيء؛ لنعلم أننا دائما وأبدا في حاجة للعطاء وفي حاجة للأخذ.

  a-aljuwaisri@hotmail.com

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك