رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 30 يناير، 2024 0 تعليق

من درر الأعلام – قواعد ومقدمات في أصول الفقه

 

  • شيخ الإسلام ابن تيمية: لابد أن يكون مع الإنسان أُصُولٌ كُلِّيَّةٌ تُرَدُّ إليها الجزئيات لِيَتَكَلَّمَ بِعِلْمِ وَعَدْلٍ ثُمَّ يَعْرِفُ الْجُزْئِيَّاتِ كَيْفَ وَقَعَتْ وإلا فيبقى في كذب وجهل في الجزئيات وجهل وظلم في الْكُلِّيَّاتِ فَيَتَوَلَّدُ فساد عظيم

الشيخ: محمد بن إبراهيم آل الشيخ

   

هذه بعض القواعد التي كتبها فضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ -رحمه الله- في أصول الفقه، وقد حوت دررا من الفوائد، ولا شك أن لهذا العلم أهمية كبرى في الشريعة، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «لابد أن يكون مع الإنسان أُصُولٌ كُلِّيَّةٌ تُرَدُّ إليها الجزئيات؛ لِيَتَكَلَّمَ بِعِلْمِ وَعَدْلٍ، ثُمَّ يَعْرِفُ الْجُزْئِيَّاتِ كَيْفَ وَقَعَتْ، وإلا فيبقى في كذب وجهل في الجزئيات، وجهل وظلم في الْكُلِّيَّاتِ، فَيَتَوَلَّدُ فساد عظيم».

يسر الشريعة وسماحتها

      يسر الشريعة وسماحتها تعني أن مفردات شرائعها جاءَت على السهولة كقصر الرباعية ونحو هذا، هذا معنى يسر الشريعة ليس معناه ترك الواجبات وفعل المحرمات، بل يجب القيام بما أَمر الله به من إقامة الحدود؛ فإِن بعض الجهلة يجعلون هذا تشديدًا، وهذا من خداع الشيطان وما ابتلوا به، فإنه مبين في الأَحاديث معنى يسرها، هذا من ناحية، ومن ناحية أُخرى عندما يتضايق الحال كالرخص الشرعية، كأَكل الميتة إذا وجدت المخمصة.

الشرع المطهر صالح لكل زمان ومكان

      الشرع المطهر صالح لكل زمان ومكان، والكفيل بحل مشكلات العالم في أُمور دينهم ودنياهم مهما طال الزمان وتغيرت الأَحوال وتطور الإنسان؛ لأَن الشريعة قواعد شَرَعَهَا المحيط علمه بكل شيء لتنظيم أَحوال الناس وحل مشكلاتهم على الدوام، وهو -سبحانه- العليم الحكيم الذي شرع الشرائع، وأَوضح الأَحكام أَرأَف بعباده المؤمنين غنيهم وفقيرهم، وأَعلم بمصالح خلقه من أنفسهم؛ فالشرع المطهر هو الذي يمشي مع الناس، وليس المراد أَنه الذي يمشي مع هواهم على أَي شكل إلا عند من يمشي مع التطورات فهو الذي يزعم أَنك متى قدتها انقادت معك وصارت (مع) وهذا في غاية الجهل والعناد، بل معنى ذلك أنه ما من زمان وإن تطورت مشكلاته واتسعت إلا وفي الشريعة بيان حكمها.

الشريعة فيها قطع النزاع وبيان الحق

       الذين لا يحترمون الشرائع ولا يعظمون الله أرادوا إضلال الناس بالقوانين الإفرنجية فهم يقعون في أَهل الشريعة، ويقولون أإن الشريعة لا يحصل بها قطع النزاع وليس فيها بيان الحق، وهذا في الحقيقة روح المصادمة والمحاربة لما جاءَ به الرسول -صلى الله عليه وسلم - من الشرع المطهر، ووضع شبه تصد عن الصراط المستقيم وهو عبادة الله وحده، فهم سعوا في أَن يصدوا عن تحكيم الرسول فيما جاء به، والله يقول: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}، ثم السلامة من النزاع الذي زعموه لازم لهم فيما وضعوه. حكام الشرع المنتسبون إلى الأَئمة الأَربعة وغيرهم أَحكامهم ما بين صواب يحصل لصاحبه أَجران أَجر الاجتهاد وأَجر الإصابة وهو بتوخي إصابة الحكم الشرعي من ينبوعه الصافي وبذل كل الجهود في الحصول على معرفته واستعمال كل الوسائل الموصلة إلى القول به والدعوة إليه، وما بين خطأ من صاحبه بعد بذل الوسع في الحصول على الصواب إن فاته ذلك لم يفته أَجر الاجتهاد والحرص على الصواب.

الأحكام الخمسة

        مسألة التحليل والتحريم لم توكل إلى أَحد من الخلق، إنما ذلك إلى الله ورسوله فهو من الأمور العامة التي ليس للعلماء ولا لغيرهم فيها منفذ، بل لا يقوله أَحد إلا الشرع فهذا لا يقال ويجزم أَنه حرام، فإن الفتوى شيء والحكم عليه بأنه حلال أَو حرام شيء آخر، وهكذا حكم ما سكت عنه إِذا لم يدل عليه منطوق ولا مفهوم ولا فحوى ولا قياس فحكمه أَنه جائز، وقال أيضًا: المسائل الشرعية لا يقال فيها بالرأي والاقتراحات المجردة من الدليل.

فرض العين وفرض الكفاية أيهما أفضل؟

        اختلفوا أَيهما أَفضل، فرض العين وفرض الكفاية أيهما أفضل؟ والمعروف والمشهور فرض العين، وذلك أَنه واجب عليه عينا وهو آكد، هذا هو الصحيح والراجح، إلا أَنه قد يقال: هذا آكد من ناحية، وهذا آكد من ناحية، كما يكون في بعض مسائل التفضيل فيكون جمعًا بين القولين، هذا آكد بأنه ما فرض إلا وهو متعين عليه، وهذا آكد بأنه إذا ترك أَثم الجميع.

الكراهة

       الكراهة تطلق ويراد بها التحريم، وتطلق ويراد بها التنزيه، فمن الأَول، قبل هذا تعداد الأمور المحرمات، ومن الثاني (كَان يَكرَهُ النَّوْمَ قَبلَهَا وَالْحَديثَ بَعدَهَا) وهي في أَلْسُن السلف المراد بها التحريم أكثر، وهي التي في لغة القرآن.

ينبغي، ولا ينبغي

هذه الكلمة تستعمل فيراد بها الاستحباب ونحوه عند كثير من الناس وأَتباع الأَئمة، ولا ينبغي: أي لا يستحب. ولكن هذا غلط، فان أَصل وضعها لتعظيم الامتناع.

الأَخذ بالرخص

الآن كثير ممن يتكلم بلسان العلم ممن يتبع غث الرخص يجد ما فيه التسهيل أولى، فيأْخذون هذه على هذا الإطلاق فسلك مسلك الإباحة بهذا في أَشياء كثيرة.

أصول الأدلة

أُصول الأَدلة: الكتاب، والسنة، والاجماع، والرابع القياس والجماهير على حجيته، ومن أَدلته (أَرَئَيتُمْ لَوْ وَضَعَهَا في حرَام).

الحقيقة، والمجاز

        نعرف أَن كلا من التعريفين فيه ما فيه، والواقع أن تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز اصطلاح حادث، لم يكن معروفًا عن العرب: هذه كلمة حقيقة، وهذا مجاز، ودرج الصدر الأَول على ذلك، ثم حدثت اصطلاحات قسموا فيها الكلام إلى حقيقة ومجاز، واختلفوا في تعريفهما، وسببه أَنه ليس مبنيا على أَصل بل هو اصطلاح. وإذا رجع في البحث إِلى أَنه يوجد ولم يصل أن يغير أَمرًا ثابتًا فهذا سهل، وإذا أَفضى إلى تغيير الشرع فلا يغير به الشرع الثابت، وكثيرًا ما تجنى الاصطلاحات على الشريعة، فمثل هذه الأُمور ما لم يصل إِلى إبطال حق وإحقاق باطل فالأَمر سهل، فإن وصل أُلغي، وكم جنى هذا الشيء الاصطلاحي على الدين في العقائد وغيرها من جنايات! وراجع في هذا وأكثرْ مطالعة كلام ابن القيم في كسر منجنيق المجاز، وكلام الشيخ تقي الدين في كتاب الإيمان، ورده على المنطقيين.

ليس كمثله شيء

       المشهور عند الأُصوليين وغيرهم أَن الكاف صلة وأن معناها تأكيد نفي المثل، والذي ليس كمثله شيءٌ أَبلغ في النفي من ليس مثله شيء، وهذا الذي وجهه، ليس جنسه معلوما، وهذا مثل سلوك الطريق البعيد وترك القريب، وشيء ليس له جنس في كلام العرب، بخلاف الأَول فإنه جار على ألسنتهم، فما الحامل على هذا التكلف والتقدير؟

حصول العلم بغير المتواتر

الراجح أَن العلم قد يحصل بغير المتواتر وبغير الحواس الخمس وبغير البديهيات، فأخبار الآحاد إذا خفت بها القرائن أفادت العلم ليس الظن فقط، من ذلك بعث معاذ وقيام الحجة به على من أخبرهم.  

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك