![](https://al-forqan.net/wp-content/uploads/2023/08/amana-v.jpg)
من التجاوزات المالية في الإسلام – جحد الأمانة وخيانتها
أمرنا الله -تعالى- بأداء الأمانة، وحذر من الخيانة فقال: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا}، نَزَلَتْ فِي عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ الْحَجَبِيِّ الدَّارِيِّ، كَانَ سَادِنَ الْكَعْبَةِ يَوْمَ الْفَتْحِ، فَلَمَّا دَخَلَهَا – صلى الله عليه وسلم - حِينَئِذٍ أَغْلَقَ بَابَ الْكَعْبَةِ وَامْتَنَعَ مِنْ إعْطَاءِ مِفْتَاحِهَا، زَاعِمًا أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا مَنَعَهُ، فَلَوَى عَلِيٌّ – رضي الله عنه - يَدَهُ وَأَخَذَهُ مِنْهُ وَفَتَحَ الْبَابَ وَدَخَلَ - صلى الله عليه وسلم - وَصَلَّى فِيهَا،فَلَمَّا خَرَجَ سَأَلَهُ الْعَبَّاسُ – رضي الله عنه - أَنْ يُعْطِيَهُ الْمِفْتَاحَ لِيَجْتَمِعَ لَهُ السِّدَانَةُ مَعَ السِّقَايَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْآيَةَ، فَأَمَرَ - صلى الله عليه وسلم - عَلِيًّا أَنْ يَرُدَّهُ إلَى عُثْمَانَ وَيَعْتَذِرَ إلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ أَكْرَهْت وَآذَيْت ثُمَّ جِئْت تَرْفُقُ فَقَالَ لَهُ: لَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِي شَأْنِك قُرْآنًا وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْآيَةَ؛ فَأَسْلَمَ وَكَانَ الْمِفْتَاحُ مَعَهُ، فَلَمَّا مَاتَ دَفَعَهُ إلَى أَخِيهِ شَيْبَةَ، فَالسِّدَانَةُ فِي أَوْلَادِهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لِقَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: «خُذُوهَا خَالِدَةً تَالِدَةً لَا يَنْزِعُهَا مِنْكُمْ إلَّا ظَالِمٌ»، وبقيت فيهم إلى اليوم. وَقِيلَ الْمُرَادُ مِنْ الْآيَةِ جَمِيعُ الْأَمَانَاتِ، قال ابن كثير: « يُخْبِرُ -تعالى- أَنَّهُ يَأْمُرُ بِأَدَاءِ الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا، وَفِي حَدِيثِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «أَدِّ الْأَمَانَةِ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ». رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَهْلُ السُّنَنِ. وَهَذَا يَعُمُّ جَمِيعَ الْأَمَانَاتِ الْوَاجِبَةِ عَلَى الْإِنْسَانِ، مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ، -عَزَّ وَجَلَّ-، عَلَى عِبَادِهِ، مِنَ الصَّلَوَاتِ وَالزَّكَوَاتِ، وَالْكَفَّارَاتِ وَالنُّذُورِ وَالصِّيَامِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، مِمَّا هُوَ مُؤْتَمَنٌ عَلَيْهِ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الْعِبَادُ، وَمِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ كَالْوَدَائِعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتَمِنُونَ بِهِ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْ غَيْرِ اطِّلَاعِ بَيِّنَةٍ عَلَى ذَلِكَ. فَأَمَرَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-، بِأَدَائِهَا، فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا أُخِذَ مِنْهُ ذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
تعظيم شأن الأمانة
ولقد عظم النبي - صلى الله عليه وسلم - شأن الأمانة، وبين أن ضياع الأمانة من علامات يوم القيامة ففي الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ القَوْمَ، جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحَدِّثُ، فَقَالَ بَعْضُ القَوْمِ: سَمِعَ مَا قَالَ فَكَرِهَ مَا قَالَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ لَمْ يَسْمَعْ، حَتَّى إِذَا قَضَى حَدِيثَهُ قَالَ: «أَيْنَ - أُرَاهُ - السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ» قَالَ: هَا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَإِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ»، قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا؟ قَالَ: «إِذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ».رفع الأمانة من قلوب الرجال
وبين - صلى الله عليه وسلم - أن الأمانة سترفع من قلوب الرجال فقال حذيفة بن اليمان: حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ» وَحَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِهَا قَالَ: «يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ، فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الوَكْتِ، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ فَيَبْقَى أَثَرُهَا مِثْلَ المَجْلِ، كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ، فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ، فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ، فَلاَ يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الأَمَانَةَ، فَيُقَالُ: إِنَّ فِي بَنِي فُلاَنٍ رَجُلًا أَمِينًا، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: مَا أَعْقَلَهُ وَمَا أَظْرَفَهُ وَمَا أَجْلَدَهُ! وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ « وَلَقَدْ أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ وَمَا أُبَالِي أَيَّكُمْ بَايَعْتُ، لَئِنْ كَانَ مُسْلِمًا رَدَّهُ عَلَيَّ الإِسْلاَمُ، وَإِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا رَدَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ، فَأَمَّا اليَوْمَ: فَمَا كُنْتُ أُبَايِعُ إِلَّا فُلاَنًا وَفُلاَنًا»، وعد النبي - صلى الله عليه وسلم - الخيانة من علامات النفاق فقال: « آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ».العفَّة عمَّا ليس للإنسان به حقٌّ
ومِن الأمَانَة: « العفَّة عمَّا ليس للإنسان به حقٌّ مِن المال، وتأدية ما عليه مِن حقٍّ لذويه، وتأدية ما تحت يده منه لأصحاب الحقِّ فيه، وتدخل في البيوع والديون والمواريث والودائع والرهون والعواري والوصايا وأنواع الولايات الكبرى والصُّغرى وغير ذلك».الأمَانَة المالية
ومنها الأمَانَة المالية وهي: «الودائع التي تُعْطَى للإنسان ليحفظها لأهلها، وكذلك الأموال الأخرى التي تكون بيد الإنسان لمصلحته، أو مصلحة مالكها؛ وذلك أنَّ الأمَانَة التي بيد الإنسان إمَّا أن تكون لمصلحة مالكها أو لمصلحة مَن هي بيده أو لمصلحتهما جميعًا، فأمَّا الأوَّل فالوديعة تجعلها عند شخص، تقول -مثلًا: هذه ساعتي عندك، احفظها لي. أو هذه دراهم، احفظها لي، وما أشبه ذلك، فهذه وديعة المودع فيها بقيت عنده لمصلحة مالكها، وأمَّا التي لمصلحة مَن هي بيده فالعارية: يعطيك شخصٌ شيئًا يعيرك إيَّاه مِن إناء أو فراش أو ساعة أو سيَّارة، فهذه بقيت في يدك لمصلحتك، وأمَّا التي لمصلحة مالكها ومَن هي بيده: فالعين المستأجرة، فهذه مصلحتها للجميع؛ استأجرت منِّي سيَّارة وأخذتها، فأنت تنتفع بها في قضاء حاجتك، وأنا أنتفع بالأجرة، وكذلك البيت والدُّكَّان وما أشبه ذلك، كلُّ هذه مِن الأمانات». بعض صور الخيانة في المعاملات المعاصرة:- أولاً: الْمُوَظَّفُ الَّذِي يَتَحَصَّلُ عَلَى رَاتِبٍ وَيُقَصِّرُ فِي عَمَلِهِ
- ثانياً: حُرْمَةُ تَقْدِيمِ الْمُوَظَّفِ مراجعًا قَبْلَ آخَرَ؛ مُحَابَاةً وَمُجَامَلَةً:
- ثالثاً: تسليم المناصب العامة لغير المؤهلين لها
لاتوجد تعليقات