رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 24 يوليو، 2010 0 تعليق

معا نتطور- الطريق إلى الموظف المثالي في مؤسساتنا الخيرية (3)

 

 

التهيئة  والإعداد

ذكرنا في العدد السابق أن الاختيار هو بداية الطريق للوصول إلى الهدف الثمين  -الموظف المثالي – في مؤسساتنا الخيرية، والنجاح في هذه العملية مؤشر كبير للنجاح في بناء هذا الموظف؛ لأن من صحت بدايته صحت نهايته.

ونصل اليوم إلى محطتنا الثانية وهي (التهيئة والإعداد)، وبداية نقول إن الموظف الجديد ليس مجرد قطعة غيار أو ترس تم تركيبه في آلة صماء، إنه إنسان وجد في مجموعة وبيئة جديدة تمامًا عليه، ولا شك أنه سيتأثر بثقافة المجموع، ولكنه ـ أيضاً ـ سيؤثر في تلك الثقافة بالسلب أو بالإيجاب.

لذلك كان لابد من التهيئة المناسبة لهذا الموظف حتى نضمن استمراريته في المؤسسة بالروح التي نطمح أن يكون عليها وأن يكون عنصرًا فاعلاً بها، وأن ينسجم مع هذا المجموع إيجابيًا ليأخذ دوره المنوط به ويحقق الأهداف التي من أجلها تم اختياره.

وقبل الكلام عن خطوات تهيئة الموظفين الجدد في مؤسساتنا الخيرية ومراحلها من الناحية الإدارية، لابد من التأكيد على أمر مهم قد يغفل عنه الكثيرون وهو: (التهيئة الإيمانية والنفسية) لهذا الموظف، فكما ذكرنا في مقالات سابقة أننا في الأصل مؤسسات دعوية، فمن الضروري أن كل العاملين بتلك المؤسسات يكونوا على مستوى القيم والأخلاق والأهداف السامية نفسها التي تدعو إليها تلك المؤسسة،  فيحمل هؤلاء العاملون هموم هذه المؤسسة وأهدافها ورسالتها ومنهجها الذي قامت عليه في كل مكان يتحركون فيه، فيشكلون صورة ذهنية متميزة عن العمل الخيري الذي ينتمون إليه.

ولن نصل إلى هذا المستوى المتميز من الأخلاق إلا بالتربية الإيمانية، ولا يتأتى هذا إلا إذا كنا على قناعة تامة أن هذا الموظف صغر شأنه أم كبر هو الأساس في نجاح المؤسسة أو فشلها وأنه يعد من أهم الجبهات التي يجب على المؤسسة تحصينها وتقويتها في ظل هذه الهجمة الشرسة على العمل الخيري في الداخل والخارج.

بهذه القناعة يمكن أن نبذل كل ما نستطيع لتطوير هذا الموظف وتهيئته سواء في بداية عمله بالمؤسسة أم طوال بقائه، ولن نمل من تكرار ذلك فلعل التكرار يخلخل جمود الأفكار عند ذوي القلوب والأبصار.

والتهيئة والإعداد مزيج من ثلاثة عناصر:

الأول: التجربة والاختبار.

الثاني: التعريف والتأليف.

الثالث: التدريب والتوجيه.

وتعتبر فترة التجربة من أهم المراحل التي يتم فيها التحقق من مدى صلاحيته لممارسة مهام الوظيفة قبل تثبيته عليها، وتتفاوت هذه الفترة من مؤسسة لأخرى إلا أنها في الغالب من ثلاث إلى ستة أشهر ويكون الهدف منها ما يلي:

(1) تهيئة الموظف عملياً لممارسة مهام الوظيفة المرشح لها وإعلامه بحقوقه وواجباته.

(2) ترسيخ المفاهيم الأساسية لأصول العمل في المؤسسات الخيرية.

(3) الكشف عن قدراته وميوله العملية.

(4) التحقق من مدى صلاحيته لشغل الوظيفة المعين عليها تمهيداً لتثبيته عليها.

ثانيًا: التعريف

لابد للمؤسسة الخيرية من إعداد برنامج تعريف متميز يقدم معلومات أساسية وواضحة عن المؤسسة وسياستها العامة وأهدافها وهويتها وإجراءاتها الداخلية، كما يشير ضمناً إلى الصورة الذهنية التي تودّ المؤسسة أن تبدو في نظر المجتمع. 

 فما الذي على المؤسسة أن تقوله في هذا التعريف؟

يجب أن يتضمن برنامج التعريف الرسمي معلومات عما يلي:

• تاريخ المؤسسة.

• الهيكل التنظيمي.

• وظائف الإدارات المختلفة.

• سياسة الإدارة تجاه العملاء والموظفين.

•الخدمات التي تقدمها المؤسسة.

• ما تتوقعه المؤسسة من الموظفين.

• امتيازات الموظفين.

والهدف من التعريف بالعمل هو ضمان أن الموظفين الجدد:

- يندمجون مع بيئة العمل بأقصى سرعة ممكنة.

- يتعلمون نواحي وأشياء وثيقة الصلة برسالة المؤسسة ومهمتها, وثقافتها, وسياساتها, وإجراءاتها, وأساليبها في العمل.

- يصبحون أكثر إنتاجاً ولديهم حوافز قوية للعمل.

- يصبحون على وعي بالمهارات والمعارف المطلوبة في الوظيفة.

- ويدركون حدود مسؤولياتهم.

ثالثًا: التدريب والتوجيه

هذه المرحــــــــلة يمكن أن نطلــــــق عليها -التلمذة المهنية- التي تعني تلقي الموظف الجديد التعليمات والتوجيهات التي تبين له أسلوب العمل من رئيسه الذي يتولاه بالرعاية خلال الفترة الأولى فيبين له الصواب من الخطأ والحقوق والواجبات، وأفضل أسلوب لأداء العمل وآداب السلوك الوظيفي.ـ ولا يستطيع أحد أن ينكر أن أول واجبات الرئيس المباشر ما زالت تكمن في توجيه من يعملون معه لأفضل الأساليب لأداء العمل، وللسلوك الوظيفي الإيجابي، بل ويستمر هذا الدور ليس فقط في فترة التواؤم مع متطلبات الوظيفة ولكن أيضًا خلال الحياة الوظيفية للموظف، فهو يحتاج باستمرار للتنمية وتطوير قدراته ومهاراته واستعداداته حتى يتقن ما يقوم به من عمل ويكون مستعدًا للترقية لأعمال ذات مسؤولية أكبر وأخطر من مسئولياته الحالية.

ومن أجل الوصول إلى فترة تجربة حقيقية تكون معياراً للموظف الكفء الجديد فإن هناك العديد من الإجراءات والواجبات المطلوبة من المؤسسة منها:

(1) تهيئة المكتب المناسب للموظف وتجهيزه بمتطلبات العمل من أدوات وأنظمة وتعليمات.

(2) تمكين الموظف من ممارسة مهام الوظيفة التي عُين عليها.

(3) إيضاح واجباته الوظيفية وحقوقه المترتبة على التزامه بتلك الواجبات.

(4) أن يكون رؤساؤه وزملاؤه أسوة حسنة له في الانضباط والإخلاص والدقة في العمل والتعامل مع الناس.

(5) ضرورة الالتقاء به والتحدث اليه ومتابعته من حيث الأداء والانضباط من قبل رؤسائه.

(6) إتاحة الفرصة له للتعرف على طبيعة عمل جهته وتمكينه من زيارة الإدارات والقطاعات التابعة لجهة عمله للتعرف على زملائه وطبيعة عمل تلك الادارات.

(7) إعداد تقارير متتابعة عنه على أن توضح له ايجابياته فتدفعه للمزيد منها كما توضح له سلبياته لكي يعمل على تلافيها وعدم تكرارها.

وبعد فإنه بتوفر هذه العوامل من قبل المؤسسة فإن ذلك سيؤدي بإذن الله إلى فترة تجربة ناجحة ورعاية موفقة للموظف الجديد وهو ما يؤدي بالتالي إلى تحقيق الهدف من اختياره ، ويبقى الحديث في العدد القادم إن شاء الله عن دور الموظف في دعم هذه العوامل من خلال عرض ما يجب عليه في تلك الفترة والذي سيسهم إسهاماً كبيراً في تحقيق الانسجام والتعايش مع رسالة المؤسسة، وأداء عمله بالدقة والأمانة والولاء والإخلاص ليصل فيما بعد إلى المثالية التي ننشدها في موظفينا بالمؤسسات الخيرية. 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك