رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم الناشي 5 ديسمبر، 2023 0 تعليق

معاملة الأسرى.. بين الطيبة والعنف

  • بعد أحداث غزة.. ومن خلال تبادل إطلاق الأسرى من الطرفين الفلسطيني واليهودي، لاحظنا اختلافا كبيرا في معاملة الأسرى عند الطرفين، فقد وجدنا تعاملا طيبا من الطرف الفلسطيني للأسرى اليهود، وتعاملا سيئا من الطرف اليهودي للأسرى الفلسطينيين، فقد رأينا كيف خرج أطفال فلسطينيون وأيديهم مربوطة من شدة الضرب في أثناء الاعتقال، في حين خرج أسرى اليهود وهم يبتسمون، ويحيون من أسرهم من الفلسطينيين، لا بل روى هؤلاء -بعد وصولهم آمنين إلى الجانب اليهودي- عن كيفية المعاملة الحسنة التي لاقوها.
  • هذه المعادلة الصعبة، واضحة عندنا -نحن المسلمين-؛ فمعاملة الأسرى في الإسلام تتأكد من خلال أحكام الله المستمدة من نصوص القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فلا يجوز بأي حال من الأحوال تجاوزها أو التعدي عليها، مهما كانت الظروف أو الدوافع أو الضغوط.
  • وفي التشريع الإسلامي.. الأصل في الإنسان الحرية؛ لذا يؤسر المحاربون فقط وهم في حال الحرب، فلا يعد الأطفال والشيوخ والنساء وغيرهم من الأسرى، إلا إذا اشتركوا في القتال، كما يغلب الجانب الإنساني في معاملة الأسرى، وقد وضع فقهاء الإسلام أوصافًا لمن يجوز أسره، وشروطًا لوقوع الأسر، قبل أن يعرفها فقه القانون الدولي الحديث بقرون.
  • وجاءت النصوص في القرآن، والسنة تحث على معاملة الأسير معاملة حسنة تليق به بوصفه إنسانا، ومثاله:
1- قوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (الأنفال: 70). وفيه حث لمعاملة الأسرى معاملة حسنة، والتأكيد لهم بأنهم سيجدون أفضل مما هم عليه، إن كان في قلوبهم خير أي ميل للإسلام، وهذا وعد من الله بالعفو والمغفرة، ولا يملك معه المسلمون إلا التسليم والمعاملة معهم بأقصى درجات الرحمة والإنسانية. 2- وقوله -تعالى-: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} (الإنسان: 8). وهذا أمر من الله بالإحسان إلى الأسرى حتى ولو كانوا مشركين! وكان النبي -صلى الله عليه وسلم - يأمر أصحابه يوم بدر أن يكرموا الأسارى، فكان المسلمون لا يعمدون إلى تجويع الأسرى، بل يُقدِّمونهم على أنفسهم عند الأكل، ويعطونهم من الطعام الذي يأكلون منه. 3- وقال -  صلى الله عليه وسلم مخاطبا أصحابه-: «استوصوا بالأسارى خيرًا»؛ لذا كانت معاملة الأسرى قائمة على الإحسان لهم؛ فلا يهانون أو يعذبون أو تحط من كرامتهم بالضرب والتجويع والإذلال وغير ذلك؛ فقد قال رسول الله -[ في أسرى بني قريظة-: «لا تجمَعوا عليهم حر هذا اليوم وحر السلاح»، وقال أيضا: «قيِّلوهم حتى يبردوا». وقرر الإسلام ما سمي (كسوة الأسير) لوقايته من حر الصيف وبرد الشتاء. 4- وقد يمن الإسلام على الأسير بالحرية دون مقابل، فقد أسر ثمامة بن أثال (سيد بني حنيفة)، فربط بسارية المسجد، ثم أطلق سراحه فأسلَمَ. وكذلك أسرى موقعة بدر لقوله -تعالى:- {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} (الأنفال: 67). 5- وغالب وقائع السيرة آل فيها مصيرُ الأسرى إلى أحد أمرين: إما العفو والمن، وإما الفداء، قال -تعالى-: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} (محمد: 4).

4/12/2023م

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك