رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: راشد سعد العليمي 21 يوليو، 2010 0 تعليق

مشاهدات في الندوات

مع الثراء الذي نجده في معالجة القضايا الاجتماعية والسياسية في الكثير من الندوات، وفي زيارات المرشحين للمجالس العامة، أو ما يطلق عليها الديوانيات؛ فإن لنا بعض التوجيهات على بعض المشاهدات الواقعة في مختلف الأماكن في بلدنا فيما فيه ملاحظة ونظرة شرعية يجب علينا عدم إغفالها، أو صرف القول عنها؛ وذلك أننا في دولة محافظة ومتمسكة بعاداتها وموروثاتها الأصيلة، ومحاطة بسياج مبارك من تعاليم ديننا الحنيف.

من تلك الملاحظات ما يشاهد وينشر عند زيارة الأخوات المرشحات للكثير من الديوانيات، والالتقاء بالناخبين الرجال فيها، والحديث معهم حول قضايا البلد السابقة والقادمة، مع عرض خططهن وبرامجهن الانتخابية على الحضور.

وحديثنا ليس عن شرعية مشاركة المرأة في البرلمان والعملية الانتخابية فهذا أمر آخر، لكن حديثنا حول مشروعية دخول بعض المرشحات لهذه المنتديات العامة المعدة لاجتماع الرجال ومخالطتهم، أو عمل ملتقى تدعى فيه المرشحة فتخالط فيه الرجال.. فهل تساءلنا عن مشروعية هذه العملية بهذه الصورة أو ضوابطها؟

 

نعلم ابتداء أن ديننا الكريم حرص على ترسيخ ما يتعلق بالقضايا الأخلاقية من منطلق قول النبي الكريم[ : «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» ومن تلك الأخلاق الجميلة المباركة ما يتعلق بستر المرأة وصونها عن الرجال الأجانب؛ وذلك لعظيم شأن المرأة، وصونا لقدرها من أن تتعرض لأي أمر يمس أخلاقها ومكانتها السامية؛ ولهذا نجد الخطاب الرباني قد جاء بكلمة محددة لهن: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى}، وهذا الخطاب قد توجه ابتداء إلى أشرف النساء وأكرمهن، وهن نساء النبي[، فإذا كان الأكمل والأشرف قد توجه إليه التنبيه والتذكير؛ فمن باب أولى أن يشمل من هو دونه في المنزلة، وهن نساؤنا وبناتنا وأخواتنا وغيرهن.

والحديث عن الستر لا يعني حجب المرأة عن المشاركة في اتخاذ القرار المناسب بما ينفع البلاد والعباد، ولكن الحديث يتوجه عن الأطر الشرعية الواجب أن تلتزم بها كل مرشحة أو ناخبة في قضية المشاركة البرلمانية، وأن تكون وفق الضوابط الشرعية المباركة.

 

ومن المشاهدات الواقعة في حضور المرشحات إلى المجالس العامة «الديوانيات»:

< جلوس المرشحة بين جموع الناس.

< حضور المرشحة بزينة وتجمل بين الناس.

< المصافحة بينها وبين الرجال الأجانب.

< الجلوس في المجلس بين  الرجال ولربما يمس الكتف الكتف.

< الملابس المزينة واللافتة للأنظار من بعض المرشحات.

< المزاح والضحك وارتفاع صوت المرشحة بعض الأحيان في مجالس الرجال، أو حتى حين يتم نقل المحاضرة عبر الفضائيات للناس جميعهم.

 

ملاحظات توجيهية للمرشحات

وهذه الملاحظات لنا فيها توجيه وتذكير بما ينطلق من شريعتنا المباركة، وخصوصاً من سورة النور التي جمعت ما يتعلق بأحكام النساء:

< فقد أمر ربنا سبحانه الرجال بحفظ أبصارهم عن النساء من غير محارمهم؛ صونا لهم وحفظا لقلوبهم من المرض والشهوة؛ قال تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون}، وتوجه الخطاب أيضاً إلى النساء عموماً؛ قال تعالى: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن}.

< جمال  المرأة من الأمور المحرم على الرجال الأجانب النظر إليه، لكن بعض المرشحات وأيضا الناخبات لا يجدن حرجاً في التزين والحضور إلى مجالس الرجال وإظهار هذه الزينة بينهم، وهذا يخالف ما أمرهن به ربنا سبحانه بقوله: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}.

< ونجد أن بعض المرشحات ومن معهن من النساء يدخلن المجالس العامة من غير حجاب وقد فاض المجلس بالرجال؛ فتجعل المرأة من نفسها لقمة سائغة لأعين الناس إليها وإلى جمالها، وكأنها تغفل عن توجيه ربها سبحانه وتعالى لها حين أمرها بستر هذا الجمال: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} والجيب هو ما يكون بين الرقبة والصدر، أي: فليغطِّ الخمار الرأس وتلفه على رقبتها.

< بعض المرشحات وغيرهن يلتمسن لأنفسهن العذر بترك الحجاب على أنه حرية شخصية، أو هي مسألة اقتناع ووقت، لكن يقال لهن: هل أمر الله يحتاج إلى اقتناع وتردد في الفعل أم إلى تنفيذ مباشر إن عُلم به؟ وهل هناك من حرية وانطلاق بعيداً عن تحقيق أوامر الله سبحانه في حياتنا؟ ربنا سبحانه أمر جميع النساء بالتمسك بالحجاب، فقال تعالى: {يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً} (الأحزاب: 59) ولنتذكر أن الإخلاص والانقياد لله ظاهراً وباطناً سبيل إلى نيل الخير في الدنيا والآخرة.

< أجمل ما في النساء هو الحياء والعفاف وغض الصوت، لكن مع خوض بعض النساء لمعترك الانتخابات، أو مشاركة بعضهن في التأييد لبعض المرشحات فإننا علمنا عن حال بعض المرشحات أو بعض المؤيدات لهن كيف ارتفعت أصواتهن بالصراخ والتهديد، مما لا يليق بأنوثة المرأة فضلاً أن يكون موافقاً لدينها، ولعل بعض أولئك النسوة غلبت عليهن العاطفة في إبداء الرأي فارتفعت أصوتهن في مجالس الرجال أو في المرئيات، لكن على الفتاة أن تتذكر كيف كان التوجيه الرباني للمرأة بخفض صوتها وعدم إظهاره إلا بقدر الحاجة أمام الرجال، وهذا ما أمر به ربنا سبحانه أشرف الخلق - وهن أمهات للمؤمنين - في حال مخاطبتهن للرجال بعدم اللين أو الخضوع بالصوت، صونا لهن من أن يقذف في قلوب بعض الناس المرضى الطمع فيهن؛ قال تعالى: {يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفاً} هذا الخطاب توجه إلى أمهات المؤمنين، فكيف سيكون الأمر للنساء في زماننا مع ارتفاع أصواتهن وعويلهن بالندوات الانتخابية؟!

< بعض المرشحات لا يجدن حرجاً في أن يدخلن مجالس الرجال وهن متزينات وتفوح منهن رائحة العطورات، وفي هذا مخالفة لما أمر به النبي[ النساء في حال خروجهن من بيوتهن للمساجد بأن يكن مبتعدات عن الزينة؛ فعن أبي هريرة] أن رسول الله[ قال: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، ولكن ليخرجن وهن تَفِلات». رواه أبو داود، أي غير متزينات، ونعلم جميعاً أن أحسن الزينة لأي إنسان رائحة العطر والبخور، ولا أغفل عما جاء به التحذير الشديد من النبي[ لتلك المرأة التي تمر على مجالس الرجال وتكون متعطرة ليشتم منها رائحتها الزكية.

< وبعض المرشحات لا يجدن حرجاً في أن يصافحن الرجال الأجانب فتضع المرأة كفها بأكفهم، توهماً منها أن هذا دلالة على حميم الصداقة وقوة العلاقة بينهم كأنهم إخوة، لكن هذا مخالف لديننا وهدي نبيننا في أنه كان -عليه الصلاة والسلام - لا يصافح النساء، وهذا ما رواه مالك، وأصرح منه قول أم  المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - في حق النبي[: «والله ما مست يده[ يد امرأة قط في المبايعة». أخرجه البخاري، فهذا هدي وسلوك من لا نشك في سلامة صدره ونقاء سريرته وكمال خلقه وأدبه وورعه ظاهراً وباطناً، فكيف بحالنا نحن في التعامل، وفي هذا الزمان؟!

< وأشد من المصافحة مجالسة النساء للرجال في المجالس ومزاحمتهن إياهم، ولا تجد بعض المرشحات وغيرهن حرجاً من أن تجاور وتجالس الرجال وتكون بينهم، وقد يلامس العضد العضد أو الفخذ الفخذ، وتكون قريبة منه كأنها ملتصقة، وهذا مشاهد في الصور المنقولة عبر الجرائد لبعض الندوات، وهل هذا يرضاه مسلم عاقل لأهل بيته أن يكونوا في مجالس الرجال، ويخالطوا الأجانب بهذه الصورة البعيدة عن ديننا، بل لم نعرفها في عاداتنا وتقاليدنا في مجالسنا؟!

< ومع حرص بعض المرشحات، وحتى «المفاتيح الانتخابية»، على كسب أكبر قدر من الأصوات وسعياً وراء الندوات المؤثرة في أفكار الناس لتكون سبيلاً لإقناعهم فإن من المرشحات المتزوجات من لا تجد حرجاً في أن تتغيب عن بيتها الساعات الطوال، لأجل الاجتماعات والندوات واللقاءات، وتكون بعيدة عن زوجها وأولادها، وعن المهمة الأساسية التي لأجلها خلقها الله؛ قال النبي[: «والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها» رواه البخاري، فهذه أعظم مهمة وأولى بالرعاية منها في حياتها.

 

توجيهات للناخبين

وهذا في حال التوجيهات لبعض المرشحات، وهناك توجيه أيضاً لبعض الناخبين ممن لم يعط هذه القضية أهميتها أو النظر الشرعي الملائم لها، فنقول لهم:

< لسنا بصدد الحديث عن مشروعية مشاركة المرأة في الانتخابات، ولكن علينا أن نراعي أحكام شرعنا ونحن نتعامل مع النساء ونستقبلهن في مجالسنا، فإذا كنا لا نأذن لنسائنا بالحضور إلى مجالس الرجال، ولربما في منازلنا.. فلم التناقض حين نسمح لغيرهن بالحضور؟!

< علينا أن نتقي الله في حال حضور المرشحة ومن معها إلى مجالسنا، فهل يشرع لنا النظر إليهن والملاطفة بالحديث معهن، وهذا مما لا نسمح بأن يقع لأحد من زوجاتنا ونسائنا؛ لأننا نغار عليهن؛ فلماذا لا نغار على غيرهن؟!

< أليس من الواجب علينا ونحن نجتمع مع بعض المرشحات ممن لا يلتزمن بالحجاب أن نقدم لهن النصح والتوجيه في وجوب الستر والتمسك بشرع ربنا، قبل أن تشرع إحداهن في الحديث عن بيان خططها المستقبلية لصالح البلد؟

- أليس من أهم القضايا التي تشغل أذهاننا قضية المحافظة على السلوكيات والآداب العامة؟! وهذا مما لا يخالف فيه أحد من الناخبين وغيرهم.. فلم نغض الطرف ولا نتكلم عنها في حال حضور المرشحة المتبرجة والمتزينة الكاشفة لشعرها في خارج بيتها؟! فلا نبين لها أن مشاركة المرأة في البرلمان مقيدة بوجوب التقيد بالضوابط الشرعية، وأمر الضوابط الشرعية معلوم أنه نابع من القرآن وسنة نبينا الكريم - عليه الصلاة والسلام - وعليه: أليست زينة المرأة خارج بيتها من الأسباب المفضية إلى هدم السلوكيات الطيبة، والمثيرة لشهوات الناس؟!؛ ولذا أمر ربنا سبحانه بحجبها عن أعين الناس، فقال تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائههن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن..} (النور: 31).

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك