رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الشيخ: فهد الجنفاوي 5 ديسمبر، 2023 0 تعليق

قواعد نبوية (6) أَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا

 

قاعدة عظيمة من قواعد النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا»، وهذه جاءت في وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي ذر الغفاري - رضي الله عنه -، وهو جندب بن جنادة - رضي الله عنه - وهو صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان من أوائل من أسلم مع رسولنا -صلوات ربي وسلامه عليه.

        وأول ما جاء وأسلم وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، قال: يا رسول الله، أرسلني إلى قومي فأدعوهم إلى الإسلام، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اذهب إلى قومك فادعهم إلى لا إله إلا الله.  لاحظوا معي أنه أسلم للتو، تعلم مبادئ الإسلام، تعلم الشهادتين لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ثم ذهب إلى قومه وبيّن لهم أنه لا معبود بحق إلا الله -تبارك وتعالى-، وأن محمدا هو رسول الله رب العالمين، أرسله الله ليخرج الناس من الظلمات إلى النور. مباشرة قبيلته وهي قبيلة غفار قالوا: نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ثم جاؤوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليعلنوه الإسلام، ولما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - جماعة قد جاءت إليه قال: من هؤلاء؟ قالوا: يا رسول الله، هذه غفار جاءت تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: غفار غفر الله لها، وهذه من بركة أبي ذر الغفاري جندب بن جنادة - رضي الله عنه - على قومه، أنه جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو لقومه.

وصية عظيمة

        هذا الصحابي الجليل روى لنا هذه الوصية العظيمة وهي: «اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا، وخَالقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ»، وهي وصية عظيمة جدًا؛ لأن الإنسان من طبعه الخطأ والزلل والنقص، وكما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كل بني آدم خطاء»؛ فكلنا ذوو خطأ، كلنا ذاك الإنسان الذي يصدر عنه الخطأ والتقصير في الواجب والمعصية واقتراف الذنب.

كيف نكفر عن سيئاتنا؟

إذا كانت هذه حالنا وهذه طبيعة بني آدم أنه يذنب ويخطئ ويقصر، كيف يكفر عن سيئاته؟ كيف يمحو الذنوب والأخطاء والمعاصي؟ يمحوها بهذه القاعدة العظيمة الجليلة قال: «وأتبع السيئة الحسنة تمحها». إذا فعلت معصية فأتبعها بحسنات، صلاة، وذكر لله -تعالى-، أو صدقة، أو بر بالوالدين، وإحسان للفقراء والمساكين، أو قراءة قرآن، ودعاء لله -جل وعلا-، إذا أخطأت خطأ فأتبعه مباشرة بحسنات، فإن هذه المعاصي ستُمحى بفضل الله وكرمه؛ لأنك أتبعتها بحسنات، قال الله -تعالى-: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}. فضل وإحسان وكرم من الله -جل وعلا- أن الله يمحو عن الإنسان ذنوبه وخطاياه وسيئاته، بماذا؟ إذا هو عمل الأعمال الصالحة، الصلاة والصيام والذكر وقراءة القرآن. نعم، هي طاعات وتسجل في ميزان الحسنات إلا أنها تمحو المعاصي والذنوب والأخطاء.

فضل الله وكرمه وإحسانه

        بل الأعظم من هذا فضل الله وكرمه وإحسانه -تعالى- على عباده المؤمنين، أنه يبدل هذه المعاصي والذنوب إلى حسنات. قال الله -تعالى-: {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ}، ما أعظم فضل الله! وما أعظم رحمة الله! وما أعظم إحسان الله على عباده! الله -تعالى- رحيم بنا، الله لطيف بعباده، إذا أخطأت فلا تقنط من رحمة الله، لا تيأس من مغفرة الله وإحسانه، بل بادر بالإحسان والعمل الصالح «وأتبع السيئة الحسنة تمحها»، قاعدة عظيمة جدا في تعامل الإنسان مع نفسه وأخطائه. كيف أفعل إذا أذنبت؟ أتبع السيئة الحسنة تمحها. وعندما رُؤي بعض الصحابة أنهم في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - يدخل في وسط المعركة ويقاتل ويشد على نفسه، قالوا: لماذا أنت تشد على نفسك وتبدأ بالقتال حتى قبل بداية المعركة؟ قال: ذنوب فعلتها قبل إسلامي أريد أن يكفر الله من ذنوبي بفعلي هذا أو بجهادي في سبيل الله.

بادر بالعمل الصالح

        فإذا ما أخطأ الإنسان أو أذنب في حق نفسه أو في حق الله تعالى، بادر بالعمل الصالح، بادر بالحسنات، أقبل على الله تعالى بصلاة أو صيام أو زكاة أو عبادة أو ذكر لله تعالى، الله يمحو عنك سيئات، وهذا مصداق حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه القاعدة العظيمة قال: (وأتبع السيئة الحسنة تمحها)،  ما أعظم هذه الوصية! وما أشد حاجتنا لها! إذا ما اقترف الإنسان ذنبا أو قصّر في واجب، عليه أن يبادر بالأعمال الصالحة، ونحن في هذا الزمن الفاضل علينا أن نجتهد بالأعمال الصالحة، الله -عزوجل- يرضى عنا، ويكفر عنا الذنوب والخطايا والسيئات.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك