رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. عبدالواحد عبدالقدوس 1 نوفمبر، 2010 0 تعليق

قضية المسجد البابري عبر سنين

إن المسجد البابري المنسوب إلى الملك بابر، الذي قام ببنائه الأمير (باكي) رحمه الله وزير الملك بابر، وتم بناؤه في عهده وبأمر منه في مدينة (أبردهيا) بالولاية الشمالية بالهند قبل 5 قرون، وقد صلى فيه المسلمون الصلوات الـ 5، طوال هذه المدة حتى 22 ديسمبر 1949؛ حيث صلوا فيه صلاة العشاء وكانت المرة الأخيرة.

السيد هاشم الأنصاري الذي بلغ من عمره 90 عاما ومازال حيا يرزق، ويمثل المسلمين في المحكمة، صلى أيضا فيه الصلاة الأخيرة مع المسلمين، وفي صلاة الفجر فوجئ المصلون بوجود بعض الأوثان الهندوسية عند المنبر داخل المسجد؛ حيث قام بعض الهندوس الكفار في جنح الظلام من ليلة 23 ديسمبر 1949م بوضع هذه الأوثان والمعابد داخل المسجد، وقالوا بأن هذه الأوثان أتت وظهرت بنفسها في المسجد، وتلك الأوثان عبارة عن صورة إلههم (راما)، وادعوا بهتانا وزورا أن موقع ظهور هذه الأوثان هو مولد (راما)، فأصبح المسجد الذي بني لعبادة الله الواحد القهار موضع جدل وخلاف بين الهندوس والمسلمين، وقد رفعت القضية إلى المحكمة الرسمية، ومنذ ذلك اليوم أُغلق المسجد ولم يسمح لا للمسلمين ولا للهندوس أيضا بالدخول إليه.

إلى أن جاء العام 1986؛ حيث طلب أحد الهندوس من المحكمة المحلية والمسؤولين الحكوميين فتح باب المسجد حتى ييسر لهم زيارة أوثانهم داخل المسجد وأداء مراسم العبادة الشركية فيه، فسمحت المحكمة ظلما وعدوانا بفتح أبواب المسجد للهندوس فقط، ومنع المسلمين بشدة من الاقتراب من المسجد.

وبعد ذلك وبالتحديد في 6 ديسمبر 1992م تجمع عدد كبير من الهندوس الكفار من كل أطراف الهند وكان عددهم يزيد عن 100 ألف تحت قيادة زعيمهم (إيل - كي - إيدواني) وهاجموا أعلى مبنى المسجد التاريخي البابري وهدموه ظلما وبهتانا في وضح النهار، وتحت مرأى ومسمع الشرطة التي لم تحرك ساكنا، بإشراف وتأييد سري من الحكومة المحلية والمركزية، وقد اتخذ هؤلاء المهاجمون الهادمون لبيت الله إلها مزعوما، أطلقوا عليه (كارسيوك) أي خادم (راما)، ورجعوا إلى بيوتهم سالمين بحماية وإشراف من الشرطة الحكومية.

وأجزم القول إن الأراضي المبني عليها المسجد، هي ملك للمسلمين، وكانوا يقيمون الصلوات الخمس داخل المسجد حتى التاريخ المذكور آنفا، وحينما أبدى المسلمون غضبهم واحتجاجهم في بعض المدن الهندية مثل بومباي وغيرها، حينئذ قُتل عدد كبير من المسلمين إثر هذه الاحتجاجات وراح ضحيتها آلاف من المسلمين في العديد من المدن الهندية الصغيرة والكبيرة.

وقد دافع المسلمون في المحكمة الهندية عن موقفهم في قضية المسجد (البابري)، وقدموا جميع الإثباتات والشواهد بأن هذه الأراضي كلها ملك للمسلمين أهل السنة، وهي أرض وقف. واستمرت القضية في المحكمة 60 سنة كاملة، وكان من المتوقع أن يكون القضاء والحكم عادلا ويحكم للمسلمين في ضوء الشواهد والبينات المقدمة للمحكمة.

والمسلمون منذ بداية الخلاف قد أدلوا بتصريحات عدة تفيد بأن الهندوس لو أثبتوا أن الأراضي التي بُني عليها المسجد ملك لهم، فنحن لن نتوانى في التنازل عن القضية، ولكن الحكم الذي حكم به القضاة بمحكمة «لكناؤو» المكونة من 3 قضاة يعد محاولة للمصالحة بين الفريقين، وأغمض القضاة أعينهم عن الشواهد والبينات وراعوا فيها العقيدة الهندوسية الشركية وأنهم أكثرية ولم يراعوا فيه الحق والعدل.

والآن قرر المسلمون أن يرفعوا القضية في أكبر محكمة رسمية هندية بدلهي، لعل الله يعيننا ونأخذ حقوقنا المسلوبة، ومع الأسف الشديد هناك مَن يعمل لمصلحته الشخصية حتى يجعلوا المسلمين يتنازلون عن دعواهم في المحكمة، وهذا بالفعل شيء خطير للغاية؛ لأن القضية لها أبعاد خطيرة ومؤثرة على مستقبل المسلمين وحقوقهم الدينية والثقافية، فلو تركنا حقوقنا وتهاونا فيها فسيتطاول هؤلاء المفسدون علينا أكثر وأكثر.

هذا، وقد انعقدت جلسة خاصة بهذا الصدد للهيئة والأحوال الشخصية في مدينة «لكناؤو»، وقد صدر القرار الجماعي لرفع القضية إلى محكمة دلهي واختيار بعض كبار المحامين المؤهلين للدفاع عن القضية واسترداد بيت الله المسلوب منا.

علما بأن مدينة (إبردهيا) وإن كانت مدينة مقدسة لدى الهندوس، إلا أن عددا كبيرا من المسلمين لا يزال يقطن فيها، ومقبرة المسلمين تعد أكبر مقبرة للمسلمين في تلك الولاية.

وما يزعمه الهندوس المتطرفون أن الملك (بابر)بنى المسجد هذا على أنقاض معبد لهم هدمه، فهو زعم باطل لا أساس له.

والملك (بابر) كان عادلا، وقد أوصى ابنه عند وفاته بمنع ذبح البقرة حيث يعبدها الهندوس مراعاة لمشاعر الرعية الهندوسية، مع أن ذبح البقرة مما شرعه الله؛ فالملك الذي يراعي مشاعر الرعية الكافرة إلى هذا الحد لا يتصور أن يأمر بهدم معبد وثني وبناء مسجد على أنقاضه.

وأخيرا المطلوب من المسلمين الآن دراسة الموضوع بجدية ومواجهة الواقع بالصبر والثبات والعزيمة، ويجب أيضا أن نوحد كلمتنا وصفوفنا حتى لا يتجرأ علينا أعداء الإسلام وهم كُثر ويهضموا حقوقنا الدينية والثقافية في المستقبل، ويجب الدفاع عن حقوقنا الدينية والثقافية إلى آخر رمق.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك