رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الشيخ محمد السنين 17 أغسطس، 2023 0 تعليق

فقه الدعوة (1) مفهوم فقه الدعوةوأهميته

 هذه فصول ودروس مختصرة في فقه الدعوة إلى الله -عز وجل-. نبدؤها بتعريف موضوع هذا الفقه، ماذا نعني بفقه الدعوة؟ فقه الدعوة مصطلح حادث في مبناه، أصيل في معناه؛ لأن مرجعه إلى أصول الشرع، (الكتاب والسنة)، وإلى سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - العملية بدعوته إلى الله؛ فهذا العلم يبحث في مؤهلات الداعية التي يجب توافرها فيه قبل أن ينطلق في دعوته إلى الناس، سواء في الأصول، أم في الشرائط والضوابط والآداب، كما أن هذا العلم أيضا يبحث في الوسائل والأساليب المناسبة في دعوة الناس إلى دين الله مع مراعاة ظروف الزمان والمكان، ومراعاة أحوال المخاطبين بالدعوة. هذا هو مبحث هذا العلم، وهو مصطلح (فقه الدعوة إلى الله -عز وجل).

  وكلما كان حظ الداعية من هذا الفقه أوفر، كان نصيبه من التوفيق والتأثير في الناس أكبر، ومصدر هذا الفقه -كما ذكرنا- هو الوحي تأصيلا وتفصيلا، أما التأصيل: فالله -تبارك وتعالى- يقول: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}، والحكمة هي فقه الدعوة. يقول ابن القيم -رحمة الله عليه-: الحكمة هي فعل ما ينبغي على الوجه الذي ينبغي في الوقت الذي ينبغي، وترك ما ينبغي على الوجه الذي ينبغي في الوقت الذي ينبغي. وضع الشيء في موضعه زمانا ومكانا وأهلا، هذه هي الحكمة. وقوله -تبارك وتعالى-: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}، البصيرة في العلم، وليس مجرد العلم كما يفهم بعض الناس هو حفظ النصوص والأقوال، وإنما العلم هو الفهم، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمة الله عليه-: العلم هو الفهم عن الله وعن رسوله - صلى الله عليه وسلم -. هذا هو العلم. أما حفظ النصوص والأقوال فهذا سهل، ومن أراد أن يحفظ فليحفظ؛ فكثير من الدعاة اليوم يعرفون ويعلمون ما يدعون الناس إليه - أي من العلم، لكنهم يفتقرون إلى الفقه والفهم في إيصال هذا العلم في الوقت والمكان المناسب، وفي الدخول إلى الناس من المدخل الصحيح والباب الصحيح كي يستقبلوا هذا العلم ويقبلوه. هذا هو المطلوب، وليس مجرد أنك تحمل العلم؛ فحيازة العلم يستطيعها كثير من الناس، لكن الفهم لا؛ لذلك لا نبالغ إذا قلنا: إن من أسباب نفرة الناس من الدين والتدين جهل كثير من الدعاة بهذا الفقه، فقه الدعوة إلى الله؛ وبسبب افتقارهم إلى هذا العلم، فقدوا التوازن والميزان في ضبط تصرفاتهم مع المدعوين في تقدير المصالح والمفاسد. الدعوة إلى الله -تبارك وتعالى- وظيفة أشرف الخلق وهم الأنبياء والرسل؛ ولذلك عندما تقوم بواجب الدعوة تتشرف بهذه الوظيفة؛ لكونك خليفة الأنبياء فيها؛ فالأنبياء -كما قال  صلى الله عليه وسلم -: «لم يورثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم؛ فمن أخذه أخذ بحظ وافر»؛ ولذلك من أهم الأصول التي ينبغي أن تتوفر في الداعية (العلم). ولا أعني بالعلم أن يكون عالما بكل شيء، وإنما العلم الضروري المفروض على كل أحد وعلى الداعية من باب أولى؛ فقد جاء في الحديث -الذي حسنه العلماء-: «طلب العلم فريضة على كل مسلم».  

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك