رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عبدالقادر علي ورسمه 22 يوليو، 2010 0 تعليق

عضو البرلمان الصومالي طاهر محمود جيلي: الصــــــومـــــال بحاجة إلى دعم المجتمع العربي والإسلامي

 

 

في وقت كان العالم كله يعتبر أن الصومال يدخل في عصر جديد من الأمن والاستقرار النسبي، وقد أمل الجميع خيرا في القوات الإسلامية التي كانت بالأمس القريب تشكل نظام المحاكم الإسلامية الذي استطاع في مدة وجيزة لم تتجاوز ستة أشهر أن يعيد الأمن والاستقرار  إلى جنوب الصومال الذي كان مسرحا للحروب والمجاعات منذ بداية التسعينيات، إذا بهؤلاء الإسلاميين يخيبون آمال الجميع ويتحولون إلى جماعات متحاربة تكفر بعضها بعضا، بسبب وجود أجندات خارجية تحاول أن تجعل الصومال مركز تمويل لحروب دولية كما يؤكد العضو في البرلمان الصومالي، ولمعرفة سبب الرفض الذي قوبل به الرئيس الجديد الذي كان في السابق رئيسا لجميع هذه المكونات المتقاتلة والاتهامات التي توجه إلى إدارته، التقينا النائب طاهر محمود جيلي، العضو السابق في إدارة المفاوضات بين تحالف تحرير الصومال جناح جيبوتي والحكومة الانتقالية السابقة.

 

> ما العقبات التي تواجه الحكومة الصومالية؟ وكيف يمكن تفاديها؟

< تعلمون أن دولة الصومال أنشئت على أنقاض دولة صومالية متهدمة منذ ما يقارب عقدين من الزمان، إلا أنها في العامين الأخيرين تعرضت لاجتياح إثيوبي ومواجهات مسلحة شديدة الوطأة؛ مما أدى إلى تدمير ما تبقى من تلك الأنقاض والبنية التحتية الصومالية، مما أوجد مليونا ونصف مليون حالة من المتشردين، وهذا الهدم ليس للبناء والسكن فحسب، بل للأبنية الحكومية، وهذا هو أخطر ما يواجه الحكومة الصومالية حالياً، فضلاً عن بعض المفاهيم الخاطئة حول ما يمكن فعله من الأخذ بالمتوافر وليس ما علينا فعله للنهوض.

أما خارجياً فثقة العالم الخارجي في وجود حكومة صومالية عادلة متماسكة تتمتع بروح الفريق، تحتاج إلى وقت، وبالتالي الصومال في حاجة إلى دعم المجتمع العربي والإسلامي، ولابد من بذل المزيد من الجهد فيما يتعلق بالمجال السياسي، والبرهنة على أن الصومال حالياً تغيرت ظروفها، وأن القيادة الجديدة اختلفت عما كان سائدا قبل ذلك, وحينها نتمكن من أن نقنع الآخرين بذلك، وسوف تجد الصومال دعماً كافياً من الأشقاء العرب والمسلمين والمجتمع الدولي على وجه العموم, أما داخلياً فإن التغلب على هذه العقبات مسألة حياة أو موت، وسوف نتغلب على مشكلاتنا بوحدة الكلمة والموقف.

> ما العقبات التي تمثلها الجماعات الإسلامية المسلحة للحكومة الجديدة؟

< أفراد الجماعات الإسلامية المسلحة هم فعلاً كانوا يمثلون عنصرا إيجابيا خلال المقاومة ضد الاحتلال الإثيوبي، ولكن نظراً لوجود مفاهيم خاطئة لديهم حالياً أصبحوا يمثلون عقبة في طريق إعادة الأمن والاستقرار؛ لأنهم لا يمثلون عقبة في المواجهات العسكرية فحسب التي يموت فيها الشعب الصومالي، أنا لا أقول: الأبرياء من الشعب الصومالي؛ لأن الشعب الصومالي كله بريء ولا يستحق أن يواجه بالسلاح، سواء كان تابعا للحكومة أم من الحكومة نفسها أو كان شعبا عاديا أم كان من المقاومة؛ لأن من حق كل صومالي ألا يوجه السلاح إلى صدره, وأن يعيش آمنا في أرضه، لكن وفي الوقت الحاضر هذه الجماعات التي ترفض الطرح السياسي الأكثر معقولية تمثل عقبة كأداء أمام الحكومة الصومالية ونظام الحكم في الصومال؛ لأنها الآن تروج لمعلومات مغلوطة وتعطي الشعب الصومالي انطباعا سيئا عن الإسلاميين في إدارة دولة الصومال؛ مما يفشل المشروع الإسلامي والمشروع الوطني الصومالي برمته, ولكننا عازمون على الجلوس على مائدة المفاوضات والتحاور معهم حتى نصل إلى حلول مهما كانت مضنية وشاقة وطويلة.

> هل هم جماعة واحدة أم جماعات متعددة؟ وما توجهاتهم؟

< فعلا الصعوبة الحقيقية هي أنك لا تعرف من تفاوض؛ لأن الجماعات تنقسم على نفسها بسرعة لا تتخيلها؛ فنحن حاليا أمام حالات تشرذم شديدة الانفجار في داخل من يسمون المعارضة، فمثلاً الحزب الإسلامي انقسم إلى شطرين وهو على استعداد للتبعثر أكثر من ذلك، وعمره لم يتجاوز أربعة أشهر، وهذا كله ليس في صالح المجتمع الصومالي، فالمعارضة إذا كانت كتلة واحدة يمكن التفاوض معها، أما بهذا الشكل فيصعب الأمر على الحكومة الجديدة؛ لذلك نحن عازمون على الإسراع في عملية المصالحة الوطنية حتى نوقف هذه الانفجارات والانشطارات التي تحدث داخل المعارضة الصومالية.

> ما الفرق بين الحزب الإسلامي وجماعة الشباب؟

< الفروق فيما بينهما كبيرة جداً؛ لأن أطروحات الشباب تختلف كلياً عن أطروحات الحزب الإسلامي، فالحزب الإسلامي حاليا لديه طرح سياسي معين، وقد لا يكون متناسبا مع ما تقتضيه المصلحة في البلاد والفهم الصحيح والسليم والعملي للشريعة الإسلامية، ولكن مع ذلك بيننا وبينهم قواسم مشتركة يمكن أن نتفاوض من خلالها، أما بالنسبة للشباب فإن المشكلة معهم تكمن في أنهم لا يأخذون بعين الاعتبار حدود الدولة الصومالية القطرية، وهم لا يسعون إلى استعادة الحدود الصومالية عام1960، ولكنهم يرون أن يكون الصومال مركزا لتمويل مشروع جهادي عالمي، وهذا يمثل نوعا من تحميل الأمور أكثر مما تحتمل، فالصومال لا تستطيع أن تصبح مركزا لغزو الدول والقارات الأخرى، ولكنه يستطيع فقط أن يتصالح فيما بينه، ويعيد دولته المنهارة مرة أخرى.

> كيف ترد على من يتهمون الرئيس الجديد بأن له علاقات مشبوهة مع الأمريكان، وقد يقولون: إنه ارتبط معهم عندما دخل كينيا بعد هزيمة المحاكم ومكث في سفارتهم، ثم تم تغيير مساره من عدو لهم إلى  حليف مما زاد الشكوك لدى الكثير من أبناء الجماعات الإسلامية؟

< قضية الاتهام بالعمالة والخيانة، وأن أمريكا هي التي غيرت وأوجدت ذاك المسؤول وأن هناك اتفاقيات سرية، هي سلعة متوفرة في المنطقة التي نعيش فيها، وفي هذه الشريحة التي نحن نتعامل معها، ولكن لا بد من ذكر بعض الحقائق منها: أن شيخ شريف حاليا بإمكانه أن يتعامل مع الأمريكان بوصفه رئيسا شرعيا للصومال؛ لأن جميع الدول تتعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية، وبإمكانه أن يتعامل مع أي دولة على وجه الأرض يرى فيها مصلحة للصومال, ورداً على موضوع الصفقات السرية في نيروبي فالشيخ شريف عندما ذهب إلى نيروبي لم ينزل في السفارة الأمريكية، وإنما تعامل مع الأجهزة الأمنية الكينية، وعدوه شخصية صومالية سياسية وتعاملوا معه في هذا الإطار, وبالتالي فإن الزعم الذي يروج أنه مكث في السفارة الصومالية غير صحيح، وبما أن الاتهام سهل وميسر فإننا نستطيع أن نفهم لماذا يتم ترويج مثل هذه الاتهمات، فالشيخ شريف شخصية معروف تاريخها وجهادها، ولا يمكن اتهامه بذلك، فهو شخصية مرموقة تعلو على كل هذه الاتهامات.

> هل تنفي أن تكون هناك اتفاقات سرية بينه وبين الأمريكان والإثيوبيين؟

< لا أنفي؛ لأنها ليس لها وجود أصلا، والشيخ شريف لم يكن ذلك الذي يتفاوض، وأنا كنت عضوا مفاوضا مع جميع الأطراف، والمفاوضات لم تكن بيننا وبين الأمريكيين والإثيوبيين، ولكنها كانت بيننا وبين الحكومة الانتقالية التي كانت برئاسة عبدالله يوسف، وكانت الأمم المتحدة هي الراعية للمفاوضات، وجلسنا في مكتب أحمد ولد عبدالله الذي هو مبعوث مجلس الأمن الدولي، وهو شخصية عربية مسلمة، فلم تكن هناك جلسات مع الأمريكان حتى يقال إن هناك صفقات سرية، ونحن لا ننكر أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية والجامعة العربية كانوا من الجهات التي تابعت المفاوضات عن كثب، وتواجدوا في بعض اللقاءات، وإن وجود هذه الجهات لا يعني أنك عميل لتلك الجهة.

> إذاً كيف تمت الموافقة على أن يصبح رئيساً للصومال بمباركة أمريكية؟

< بعض الذين يعتنقون فكرة المؤامرة وأن كل شيء يتم من خلال المؤامرات يتجاوزون الحدود المسموحة في مثل هذه الأمور؛ لأنهم يجعلون الولايات المتحدة الأمريكية قادرة على كل شيء، لا أحد ينفي تأثير أمريكا وقوتها الدولية ولكن لا بد أن نعرف أن الحكم بيد الله سبحانه وتعالى، ويقول سبحانه وتعالى في سورة آل عمران: {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير}، وهناك أكثر من مائة وتسعين دولة على وجه الأرض، فهل أمريكا هي التي تنتخب قياداتها؟! ومن الغريب أن يعتقد بعضنا أن أمريكا تفعل كل شيء يحدث في هذا الكون، وهذا أمر غريب, ويجب ألا نخلط بين الأمور؛ لأن الحكم في الدنيا والآخرة لله.

> ما الدعم الذي قدمته لكم أمريكا بعد الوصول للحكم؟

< أمريكا اعترفت بالنظام الجديد وكانت موجودة أثناء المفاوضات، وأعلنت أنها مع النظام الجديد، وهذا دعم سياسي ودبلوماسي، ونحن سعداء بالدعم الأمريكي ونحن لا نريد أبدا أن نضع شعبنا في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية؛ لأن هذا ليس لمصلحة الشعب الصومالي، فنحن في حاجة إلى حالة صداقة وعلاقات قوية مع الجميع وليس إلى عداوة، فضلا عن أن تكون هذه العداوة مع الولايات المتحدة الدولة ذات التأثير الأكبر في العالم.

> جماعات المعارضة في الصومال تطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية وانسحاب القوات الأفريقية، فلماذا لا تنفذون هذه المطالب حتى لا تكون هناك حجة وذرائع للاستمرار في حمل السلاح؟

< أما الأمر الأخير وهو الذرائع فإننا لا نستطيع القضاء عليها، ولكننا نستطيع التجاوب مع الأسباب، ولكن فيما يتعلق بالذرائع فبإمكانهم ابتكار غيرها في كل يوم، فنحن نؤكد أن ما يتعلق بالشريعة الإسلامية لا يمكن أن تكون مطلبا لحزب أو لشريحة فحسب؛ فالشريعة الإسلامية مطلب للشعب الصومالي برمته، أما فيما يتعلق بإخراج القوات الأفريقية فلماذا يطالب الإخوة بإخراجها عن طريق الحكومة إذا كانوا لا يعترفون بها؟! ونرى المطالبة بإخراج القوات الأفريقية ذريعة وليست سببا، ولكننا نحن لا نريد بقاء هذه القوات إلى الأبد، بل هناك ترتيبات أمنية معينة سنعملها ثم نطالبهم بالمغادرة، وبالمناسبة نحن لا نرى هذه القوات قوات معادية ولا قوات غازية، وإنما نراها قوات من الاتحاد الأفريقي الذي نحن نعترف بعضويتنا فيه.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك