رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 7 أغسطس، 2010 0 تعليق

عجز الإنسان

 

 

يصف الله تبارك وتعالى الإنسان بقوله: {إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى}، والإنسان اسم جنس يستغرق جميع الناس.. ولكنه استغراق عرفي يريد به الكافرين لأنهم الأغلب.. وإلا فالمؤمن مستثنى من ذلك كما في {إلا المصلين}، وقوله {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات}.

قاطعني:

- وما الطغيان.. ابتداء؟

- «طغى» في اللغة: جاوز القدر وارتفع.. جاوز الحد المقبول.. وفي التنزيل: {فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى} وقبلها: {إلى فرعون إنه طغى}.. فالإنسان إذا تمكن من الدنيا طغى.. ولاسيما إذا جمع «أسباب الطغيان».

- وما «أسباب الطغيان»؟

- الرئاسة والمال والعافية والعلو في الأرض.. ويبدأ الطغيان بـ: «أنا».. فثروته.. بجهده وكده، وذكاؤه.. وعافيته بالتغذية الصحيحة والرياضة والراحة، ومركزه بمواظبته وحرصه وتعبه، وهكذا ينال كل ما يريد، ولا يعجزه شيء، ولا يعجز عن شيء، ويتدرج في الطغيان حتى يصل إلى درجة الألوهية.. كما قال فرعون: {أنا ربكم الأعلى}، وإن كان فرعون قالها تصريحا فإن كثيرا من الملوك سواه يقولونها «تلميحا».

- دعنا من الملوك.. لنتحدث عني وعنك.

- الإنسان إن لم يتق الله في جميع أحواله الدنيوية؛ فيرجع الفضل لله في كل شيء: نجاحه، وثرائه، عافيته، وذريته، ومنصبه.. فإنه يقع في شيء من الطغيان، ولذلك تأتي الابتلاءات «رحمة» من الله لعباده.. يذكّرهم بضعفهم، وعجزهم، وقصورهم، وحاجتهم لله عز وجل، فيمرض أحدهم ولا يجد علاجا، أو فجأة يفقد عزيزا ولا يجد حيلة، ويرزق بمولود ذي عاهة ولا يجد نصيرا.. وهكذا تأتي الابتلاءات تذكيرا للإنسان حتى يرجع، وبعضهم لا يتعظ ولا يرجع، بل ربما يتمادى، ويزداد تجبرا وكفرا، ولا يتوقف عن طغيانه إلا بالموت، وهذه هي الحقيقة الكبرى التي لا يصمد تجاهها أحد، فالجميع يموت مستسلما راغما، غير راغب، وعندها ربما يتذكر، أو يندم.. {ولات حين مناص}.

- أليس في قصة صاحب الجنتين في سورة الكهف شيء من ذلك؟

- نعم، في أصحاب الجنة أيضا في سورة القلم، وفي قارون، وعاد وثمود.. {وفرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد}، والعبر كثيرة، وفي حياتنا، ومن حولنا، ولكن أين مَن يعتبر؟!

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك