رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: فيصل بن قزار الجاسم 3 أغسطس، 2010 0 تعليق

شبه القبوريين والرد عليها (4 – 4)

 

 

ذكرنا في الحلقة السابقة بعض من شبه القبوريين التي يبنون عليها القصص والحكايات والأحاديث الضعيفة والموضوعة، واستدلالهم ببعض الآيات والاحاديث الصحيحة بطريقة غير صحيحة استناداً إلى أهوائهم ، وقد تم الرد على بعض شبهاتهم في الحلقه السابقة وسنستعرض بعضاً من شبهاتهم والرد عليها في هذه الحلقة

الشبهة الثامنة

     وهي استدلالتهم بقوله تعالى: {يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة} (المائدة: 35), وقالوا: الوسيلة هي التوسل بالنبي [ بعد موته، والاستغاثة به.

والجواب عليها من وجوه:

أولها: أن هذا من أبين الباطل؛ لمخالفته ما ورد عن الصحابة رضي الله عنهم والتابعين في تفسيرها، فقد فسرها الصحابة والتابعون بالقربة والطاعة، أي: تقربوا إليه بفعل الطاعات، وهذا ثابت عن ابن عباس ]، وأبي وائل، ومجاهد، والحسن، وقتادة، وعبدالله بن كثير، والسدي، وابن زيد، وذلك فيما رواه الطبري بلا خلاف بينهم.

الثاني: أنه لو جاز لكل أحد أن يفسرها بما يشتهيه، ولو كان مخالفا لما ثبت عن الصحابة والتابعين في تفسيرها، لما عجز كل مبطل ومفسد أن يستدل بها على ما يريد ولو خالف تفسيره النصوص.

الثالث: أن الوسيلة في هذه الآية هي نظير الوسيلة المذكورة في سورة الإسراء، فإنه لم تذكر الوسيلة في القرآن إلا مرتين، والوسيلة في الإسراء في قوله: {قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا} (الإسراء: 57).

      وهذه الآية قد مرَّ معنا أنها نزلت فيمن كان يعبد الملائكة والأنبياء والأولياء، فبيَّن الله عز وجل أن هؤلاء المدعوين المعبودين من دون الله كالأنبياء والأولياء يبتغون إلى الله الوسيلة، أي: القربة والطاعة، فكيف يكونون هم الوسيلة، وهم يبتغون إلى الله الوسيلة؟! وهذا يبطل قولهم: إن الوسيلة هي التوسل بالأنبياء والصالحين.

الشبهة التاسعة

     استدلالهم على جواز التوسل بكل عبد حيا كان أو ميتا بما رواه أحمد وابن ماجة في دعاء الخروج إلى المسجد أن النبي [ قال: «من خرج من بيته إلى الصلاة فقال: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وبحق ممشاي هذا إليك...» إلى آخر الحديث.

والرد عليها وبيان بطلانها من وجوه:

أولها: «أن هذا الحديث لا يصح؛ لأن فيه عطية العوفي وهو ضعيف الحديث، قال عنه الذهبي في (الكاشف): «اضعفوه»، وقال ابن حجر في (التقريب): «صدوق يخطئ كثيرا، وكان شيعيا مدلسا». ولم يصرح عطية العوفي بالتحديث في هذا الحديث.

     وأما ما رواه ابن السني في (أذكار اليوم والليلة) عن بلال ] بنحوه، فهو أشد ضعفا ونكارة، ففيه الوازع بن نافع العقيلي، وهو واه جدا، قال عنه البخاري: «منكر الحديث»، وقد قال البخاري: «كل من قلت فيه منكر الحديث، لا تحل الرواية عنه»، وقال النسائي عنه: «متروك».

الثاني: أن الحديث ليس فيه دليل على جواز التوسل بالمخلوق، وإنما فيه سؤال الله بحق السائلين وبحق الماشين في طاعته، وحق السائلين أن يجيبهم، وحق الماشين أن يثيبهم، وهذا حق أوجبه هو سبحانه على نفسه، لا أنهم أوجبوه عليه؛ فليس للمخلوق أن يوجب على الخالق شيئا.

الثالث: إذا كان حق السائلين هو الإجابة، وحق العابدين الماشين هو الإثابة، فالإجابة والإثابة فعل له جل وعلا؛ فهو إذًا سؤال له بأفعاله لا بذوات المخلوقين، كالاستعاذة ونحو ذلك، كما في قوله [: «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك»؛ فالاستعاذة بمعافاته التي هي فعله كالسؤال بإثابته التي هي فعله.

الرابع: أن غاية ما فيه - إن صح استدلالهم به - أنه توسل إلى الله بالذوات، والمتوسَّل به مطلوب به لا مطلوب منه، فهو بدعة، وليس فيه جواز الاستغاثة بالأموات والطلب منهم؛ لأن الاستغاثة بالشيء طلب منه لا طلب به.

الشبهة العاشرة

     استدلالهم على التوسل بالأموات بما رواه الطبراني في (الكبير) من حديث أنس ]، أن النبي [ قال عندما توفيت أم علي رضي الله عنها، وهي فاطمة بنت أسد: «اللهم اغفر لأمي فاطمة بنت أسد، ووسع عليها مدخلها، بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي».

والجواب عليها من وجهين:

أولهما: أنه حديث منكر، تفرد به روح بن صلاح عن الثوري، وروح ضعيف الحديث، ضعفه الدارقطني وابن عدي، وقال ابن ماكولا: «ضعفوه».

ومما يزيده نكارة، تفرده به عن الثوري دون أصحاب الثوري المعروفين بالرواية عنه كوكيع، وابن مهدي، والفريابي، وأبي نعيم، والقطان.

الثاني: أنه لو كان مشروعا لأمر به النبي [، ولعمل به الصحابة وسارعوا إليه، وكل هذا لم يكن، ولم يأمر به أيضا أحد من العلماء المتقدمين ولا الأئمة، بل نهوا عنه، قال أبو حنيفة وأبو يوسف: «لا يقال: أسألك بحق نبيك».

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك