رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر التربوي 9 يناير، 2024 0 تعليق

شباب تحت العشرين -1203

الشباب هم عماد الأمَّة

الشباب هم عماد الأمَّة، وجيل المستقبل، منهم يتكوَّن بناءُ الأمة، ويخرج العلماء والمصلحون والمجاهدون وغيرهم من أبناء المجتمع، الذين إذا صلحوا انتفعت بهم مجتمعاتهم في الدنيا والآخِرة، قال -تعالى-: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} (الطور: 21).

 

شاب نشأ في عبادة الله

       عن أبي هريرة -رضي الله عنه  -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم  - قال: «سبعةٌ يظلُّهم الله -تعالى- في ظلِّه، يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه: إمامٌ عَدْلٌ، وشابٌّ نَشَأَ في عبادة الله، ورجلٌ معلَّقٌ قلبُه في المساجد، ورجلان تحابَّا في الله، اجتمعا عليه وتفرَّقا عليه، ورجلٌ دَعَتْهُ امرأةٌ ذات منصبٍ وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجلٌ تصدق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلمَ شِماله ما تُنفِقَ يمينُه، ورجلٌ ذَكَرَ الله خاليًا ففاضَتْ عيناه». فقوله - صلى الله عليه وسلم -: «وشابٌّ نَشَأَ في عبادة الله»، هذا الشاب وفَّقَهُ الله -منذ نَشأ- للأعمال الصالحة، وحبَّبها إليه، وكَرَّه إليه الأعمال السيئة، وأعانه على تركها: إما بسبب تربية صالحة، أو رِفْقة طيبة، أو غير ذلك، وقد حفظه الله من اللهو واللَّعب، وإضاعة الصلوات، وقد أثنى الله على هذا النشء المبارك بقوله: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} (الكهف: 13)، ولما كان الشباب داعيًا قويًّا للنشاط والحيوية، كان من أعجب الأمور الشاب الذي يُلزِم نفسَه بالطاعة والاجتهاد فيها، واستحقَّ بذلك أن يكون من السبعة الذين يُظلُّهم الله في ظلِّه، لقد علم أنه مسؤولٌ عن شبابه فيما أبلاه، فعمل بوصية نبيِّه محمد -  صلى الله عليه وسلم  - التي أوصى بها؛ حيث قال: «اغْتَنِم خمسًا قبل خَمْسٍ: شبابَك قبل هَرَمِكَ، وفراغَك قبل شغلك، وحياتَك قبل موتك، وصحتَك قبل سقمك، وغِنَاك قبل فَقْرك».  

الشاب الناجح في حياته

         كلُّ شابٍّ منّا يريد أن يكون ناجحًا في حياته، وكثيرًا ما يتساءل الناس في مجتمعاتهم وندواتهم: من الشابُّ الناجحُ يا تُرى؟ إن الشاب الناجح هو الشابُّ الذي يعتز بدينه وإسلامه، الذي حثه على أن يكون قويا في كل شيء، في خلقه وعلمه وعمله، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللهِ من المؤمنِ الضعيفِ، وفي كلٍ خيرٌ»، وهو أيضا الشاب الذي يحرص على صحبة الأخيار من الأصدقاء، ويسلك السلوكَ الإسلاميَّ الرفيع بدفع الأذى بالإحسان، والمنعِ بالجود والعطاء، سلاحُهُ الإيمان، وعمادُه التوكل، وزاده المواظبةُ على القربات والطاعات، وهو الذي دائمًا طموحُهُ وتطلعه إلى المثل العليا، والغايات النبيلة.  

فهو في سبيل الله

         عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ طلع شاب من الثنية، فلما رأيناه رميناه بأبصارنا يعني: (نظرنا إليه وأحدقنا النظر إليه)؛ فقلنا: لو أن هذا الشاب جعل شبابه ونشاطه وقوته في سبيل الله، فقال -صلى الله عليه وسلم -: «وما سبيل الله إلا من قتل؟! من سعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، ومن سعى على صبية صغار فهو في سبيل الله، ومن سعى على نفسه ليعفها فهو في سبيل الله، ومن سعى مكاثرًا فهو في سبيل الشيطان».  

إنزال الناس منازلهم

        قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: المؤمن يُنزل الناسَ منازلهم، ولا يجعلهم على حدٍّ سواء في إكرامهم وتقديرهم، بل على حسب مراتبهم في الدِّين، ومراتبهم في كبر السن، ومراتبهم في وظائفهم الشَّرعية: فالقاضي له حقّه، والعالم له حقّه، والسلطان له حقّه، والأمير له حقّه، والشيخ كبير السن له حقّه، والوالد له حقّه، والأخ الكبير له حقّه، والجار له حقّه، وهكذا، فكلّ إنسانٍ يُعْطَى حقَّه المناسب له بحسب ما جاءت به الشريعة.  

الشباب المستقيم

        قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: الشباب المستقيم هم شباب مؤمن بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، فهو مؤمن بدينه إيمان محب له، ومقتنع به، ومغتبط به، يرى الظفر به غنيمة، والحرمان منه خسراناً مبينًا، شباب يعبد الله مخلصاً له الدين وحده لا شريك له، شباب يتبع رسوله محمدًا -[- في قوله وعمله، فعلا وتركًا؛ لأنه يؤمن بأنه رسول الله، وأنه الإمام المتبوع، شباب يقيم الصلاة على الوجه الأكمل بقدر ما يستطيع؛ لأنه يؤمن بما في الصلاة من الفوائد والمصالح الدينية والدنيوية، الفردية والاجتماعية، وما يترتب علي إضاعتها عواقب وخيمة للأفراد والشعوب.  

عن شبابه فيم أبلاه؟

         عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لنْ تَزُولَ قَدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتى يُسْأَلَ عن أَرْبَعِ خِصالٍ عن عُمُرِهِ فيمَ أَفْناهُ؟ وعَنْ شَبابِه فيمَ أَبْلاهُ؟ وعَنْ َمالِهِ من أين اكْتَسَبَهُ وفيمَ أنْفَقَهُ؟ وعَنْ علمِهِ ماذا عمِلَ فيهِ؟». أي إنّ العبد المسلم يوم الحساب سيُسأل حتمًا عن عمره إن كان أضاعه في طاعة أم معصية، وعن شبابه وقوّته الجسديّة إن كان استغلّها في الخير أم في الشّرّ، وعن أمواله التي اكتسبها خلال حياته من أين جاء بها وفيمَ أنفقها؟ وعن علمه الذي تعلّمه إن كان انتفع به أم لا.  

حقيقة العبادة

         قال الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله-: العبادة هي: التقرب إلى الله -تعالى- بما شرعه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة، وهي حق الله على خلقه، وفائدتها تعود إليهم، فمن أبى أن يعبد الله فهو مستكبر، ومن عبد الله وعبد معه غيره فهو مشرك، ومن عبد الله وحده بغير ما شرع فهو مبتدع، ومن عبد الله وحده بما شرع فهو المؤمن الموحد، ولما كان العباد في ضرورة إلى العبادة، ولا يمكنهم أن يعرفوا بأنفسهم حقيقتها التي ترضي الله -سبحانه- وتوافق دينه، لم يكلهم إلى أنفسهم، بل أرسل إليهم الرسل، وأنزل الكتب لبيان حقيقة تلك العبادة.  

اجعل قوتك في طاعة الله

         أخي الشاب، هذه القوة التي رزقك الله إياها، اجعلها في طاعة الله، هذه الحيوية والنشاط اجعلها في الدعوة لله، أما سمعت عن ذاك الشيخ الكبير (ورقة بن نوفل) وهو يقول لرسولنا -صلى الله عليه وسلم  في بداية هذا الدين- يقول: «يا ليتني كنت فيها جذعًا! أي (شابا فتيا قويا) يا ليتني كنت حيا حين يخرجك قومك! لئن أدركني هذا اليوم لأنصرنك نصرًا مؤزرًا»، فما فائدة القوة والفتوة إن لم تُستثمر في طاعة الله؟

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك