رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر التربوي 19 ديسمبر، 2023 0 تعليق

شباب تحت العشرين – 1202

من أهم أخلاق الإسلام

من أهم أخلاق الإسلام، خلوّ القلب من الحِقد والحَسد والكراهية والبغضاء، فهي صفة من صفات الأنبياء والصالحين التي تجعل الإنسان يعيش في سلام وطمأنينة، وتجعله محبوبًا بين الناس، وتساعده على النجاح في حياته، ومن صورها العفو عن الإساءة، والصفح عن الزلات، ومن رَضِيَ الله عنه يرزقه هذه النعمة التي تكشف عن قلبٍ سليم يُحب الخير لغيره كما يحبه لنفسه.

سلامة الصدور من أسباب النجاة

حرص الإسلام حرصًا شديدًا على تأليف قلوب أبناء الأمة؛ بحيث تشيع المحبة وترفرف رايات الألفة والمودة بينهم، وتزول العداوات والشحناء والبغضاء والغل والحسد والتقاطع. لذا منَّ الله على النبي محمد-  صلى الله عليه وسلم - بانشراح الصدر، وسلامة القلب، وطهارة النفس؛ فقال -سبحانه-: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} (الشرح: 1-4)، وامتن الله على المؤمنين بهذه النعمة العظيمة فقال: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً} (آل عمران:103)، وحتى تشيع الألفة والمودة بيننا فلابد من سلامة الصدور، وطهارتها من الغل والحقد والبغي والحسد، خصوصًا أن الله -تعالى- قد علَّق النجاة يوم القيامة بسلامة القلوب: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ (88) إلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (الشعراء:88، 89)، وأخبر الله -تعالى- عن حال أهل الجنة فقال: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ} (لأعراف:43). {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} (الحجر:47)، ونهى النبي-  صلى الله عليه وسلم - عما يُوغر الصدور ويبعث على الفرقة والشحناء، فقال-  صلى الله عليه وسلم -: «لاَ تقاطعوا ولاَ تدابروا ولاَ تباغضوا ولاَ تحاسدوا وَكونوا عبادَ اللَّهِ إخوانًا ولاَ يحلُّ لمسلمٍ أن يَهجرَ أخاهُ فوقَ ثلاثٍ».

أسباب معينة على سلامة القلب

يمكن للمسلم أن يتحلى بخلق سلامة الصدر مع الناس جميعًا من خلال بعض الطرائق التربوية، منها:
  • الدعاء: فهو من أعظم الأسباب لتحقيق سلامة القلب، وكان من دعاء النبي- صلى الله عليه وسلم -: «وأسألك قلبًا سليمًا»، كما أثنى الله على المؤمنين لدعائهم: {وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا}.
  •  حُسن الظن: قال عمر: لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شرًّا، وأنت تجد لها في الخير محملاً.
  •  التماس الأعذار: فلابد من إقالة العثرات والتغاضي عن الزلات، والتماس الأعذار للآخر، يقول ابن سيرين: إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذرًا، فإن لم تجد فقل: لعل له عذرًا لا أعرفه.
  •  ادفع بالتي أحسن: وليس هذا من العجز، بل من القوة والكياسة قال الله -تعالى-: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} (فصلت:34).
 

علاج النفس من العيوب

          إنّ علاج النفس من العيوب، له أهمية كبيرة في حياة المسلم، سواء على المستوى الشخصي الذي ينعكس عليه بالسعادة والنجاح، والصحة النفسية، أم على المستوى الاجتماعي، بالقدرة على بناء علاقات اجتماعية قوية وصحية، وبناء مجتمع سليم وسوي، أو على المستوى الديني بالقرب من الله -تعالى-، والنجاة من العذاب يوم القيامة؛ لذا كان سلفنا الصالح- رضوان الله عليهم- يحاسبون أنفسهم باستمرار، ويقومونها ويعالجونها كما يعالج الطبيب مريضه، فصلح حالهم، وعاشوا في أمن وأمان، وحقَّقُوا بذلك السعادة العاجلة والآجلة.

من أسباب السعادة

        قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: «من أسباب السعادة أنه كلما وقعت منك زلة فبادر بالتوبة والإصلاح، وكن متفقها في دينك، لا تنشغل بحظك من الدنيا عن حظك من الآخرة، بل اجعل للدنيا وقتا، وللتعلم وللتفقه في الدين، والتبصر والمطالعة والمذاكرة والعناية بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وحضور حلقات العلم ومصاحبة الأخيار غالب وقتك، فهذه الأمور هي أهم شأنك، وسبب سعادتك».

الأخلاق مواهب

         قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحيسن البدر: عن عبدالله ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: «إنَّ الله -تعالى- قَسَمَ بينكم أخلاقكم، كما قسم بينكم أرزاقكم»، فالأخلاق هباتٌ من الله، وقسمةٌ منه، وتفضُّلٌ؛ فالذي يُعطي الأرزاق هو الذي يُعطي الأخلاق، قال ابن القيم -رحمه الله-: «فإنَّ الأخلاق مواهب، يهب الله منها ما يشاء لمن يشاء»؛ ولهذا كما أنَّه مطلوب في باب اكتساب الرزق أمران لابد منهما: اللجوء إلى الله -سبحانه وتعالى- والتوكل عليه، والسعي في طلب الرزق من وجوهه المشروعة المباحة، فكذلك في باب الأخلاق مطلوب اللجوء إلى الله -تعالى- ليمن علينا بالأخلاق الفاضلة والآداب الكريمة، مع السعي ومجاهدة النفس على تحقيقها.

اتركُوا هَذَيْنِ حتَّى يَصْطَلِحا

        عن أبي هريرة-  رضي الله عنه -، عن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: «تُعْرَضُ الأعْمالُ في كُلِّ يَومِ خَمِيسٍ واثْنَيْنِ، فَيَغْفِرُ اللَّهُ -عزَّ وجلَّ- في ذلكَ اليَومِ، لِكُلِّ امْرِئٍ لا يُشْرِكُ باللَّهِ شيئًا، إلَّا امْرَءًا كانَتْ بيْنَهُ وبيْنَ أخِيهِ شَحْناءُ، فيُقالُ: اتركُوا هَذَيْنِ حتَّى يَصْطَلِحا، اتركُوا هَذَيْنِ حتَّى يَصْطَلِحا».

الاستعانة بالله والتوكل عليه

         قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: إن الله -تعالى- قد ينزل البركة للإنسان في وقته؛ بحيث يفعل في الوقت القصير ما لا يفعل في الوقت الكثير، ومن أعظم ما يعينك أن تستعين بالله -عزوجل- في جميع أفعالك، بأن تجعل أفعالك مقرونة بالاستعانة بالله حتى لا توكل إلى نفسك؛ لأنك إن وكلت إلى نفسك وكلت إلى ضعف، وعجز وإن أعانك الله فلا تسأل عما يحصل لك من العمل والبركة.

فن التواصل مع الآخرين

         يُعد التواصل مع الآخرين بأمانة وصدق من الأخلاقيات التي حثَّ عليها الإسلام؛ حيث أكد ضرورة إحياء الروابط الإنسانية وزرع المحبة وتنميتها في النفوس، لتؤدي بدورها إلى تقوية التعاون في إطار العلاقات الطيبة البناءة، ومن ثم خَلق مجتمعات فاضلة متماسكة ومتمسكة بدينها وقيمها، وفي الوقت نفسه تخلو من المنازعة والمشاجرة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك