رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر التربوي 5 ديسمبر، 2023 0 تعليق

شباب تحت العشرين – 1200

انتهاز الفرص

        قال ابن القيم -رحمه الله-: «الرجل إذا حضرت له فرصة القربة والطاعة، فالحزم كل الحزم في انتهازها، والمبادرة إليها، والعجز في تأخيرها، والتسويف بها، ولا سيما إذا لم يثق بقدرته وتمكنه من أسباب تحصيلها، فإن العزائم والهمم سريعة الانتقاض قلما ثبتت، والله -سبحانه- يعاقب من فتح له بابا من الخير فلم ينتهزه، بأن يحول بين قلبه وإرادته، فلا يمكنه بعد من إرادته عقوبةً له».

اهتمام الإسلا م بالشباب

        حرص ديننا الإسلامي الحنيف على الاهتمام بالشباب في القرآن والسنة؛ فقد ذكر الله -سبحانه وتعالى- كل ما فيه هداية البشر؛ لنأخذ منهم العبرة في الدعوة إلى الله -سبحانه- قال الله -تعالى-: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} (يوسف: 111)، أو يؤخذ منهم القدوة كما قال -تعالى- بعد ذكر الأنبياء مخاطباً رسوله - صلى الله عليه وسلم -:- {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} (الأنعام: 90). وقال -تعالى-: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَه} (الممتحنة: 4)، وقد قال الله -تعالى- في قصة إبراهيم -عليه السلام- يحكي ما قاله قومه:- {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} (الأنبياء: 60) قال ابن كثير: أي شابا، ويذكر ربنا -عز وجل- أصحاب قصة الفتية أصحاب الكهف فقد قال الله -تعالى-: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} (الكهف: 13) قال ابن كثير -رحمه الله تعالى-: فذكر الله -تعالى- أنهم فتية، وهم الشباب، وهم أقبل للحق، وأهدى للسبيل، وأيضًا فقد اهتمت السنة النبوية المطهرة بالشباب وأولت لهم اهتماماً بالغاً، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «سبعةُ يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله... وذكر منهم وشاب نشأ في طاعة الله»، وقال - صلى الله عليه وسلم - لعمر بن أبي سلمة: «يا غلام، سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك»، وقال - صلى الله عليه وسلم - لابن عباس -رضي الله عنهما-: «يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك...»، لقد اهتم القرآن والسنة النبوية المطهرة بالشباب حتى نشروا هذا الدين العظيم، وفتحوا الفتوحات الإسلامية بعد أن درس هؤلاء الشباب في مدرسة المربي والمعلم الأول نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأخذوا منه أحسن الأخلاق، وتربوا على هذا الدين، وتخلقوا بأخلاقه الكريمة.  

وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ

         {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} (لقمان: 14)، لما أمر الله -تبارك وتعالى- بالقيام بحقه، بترك الشرك الذي من لوازمه القيام بالتوحيد، أمر بالقيام بحق الوالدين فقال: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ} أي: عهدنا إليه، وجعلناه وصية عنده، سنسأله عن القيام بها، وهل حفظها أم لا؟ فوصيناه {بِوَالِدَيْهِ} وقلنا له: {اشْكُرْ لِي} بالقيام بعبوديتي، وأداء حقوقي، وألا تستعين بنعمي على معصيتي، {وَلِوَالِدَيْكَ} بالإحسان إليهما بالقول اللين، والكلام اللطيف، والفعل الجميل، والتواضع لهما، وإكرامهما وإجلالهما، والقيام على خدمتهما واجتناب الإساءة إليهما من كل وجه، بالقول والفعل.  

الصلاة ميزان

        عن أبي العالية -رحمه الله- قال: «كُنْتُ أَرْحَلُ إِلَى الرَّجُلِ مَسِيْرَةَ أَيَّامٍ لأَسْمَعَ مِنْهُ، فَأَتَفَقَّدُ صَلاَتَهُ، فَإِنْ وَجَدْتُهُ يُحْسِنُهَا، أَقَمْتُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَجِدْهُ يُضِيِّعُهَا، رَحَلْتُ وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ، وَقُلْتُ: هُوَ لِمَا سِوَاهَا أَضْيَعُ» سير أعلام النبلاء للذهبي (4/209)، فالصلاة ميزان الإيمان، وعلى حسب إيمان العبد تكون صلاته وتتم وتكمل، فإذا صلحت صلح له سائر عمله، وإذا فسدت فسد سائر عمله، وهي محك دقيق يستطيع المرء أن يزن نفسه وغيره من خلال حظه منها واهتمامه بها، وهي مرآة حال العبد ومدى عظمة دين الله في قلبه، ومن ضيعها فهو لما سواه أضيع، وهي المقياس الصحيح لمتانة دين الرجل ومكانته في الإسلام وحظه ونصيبه منه.  

من سمات المؤمنين سلامة الصدر واللسان

       إنَّ من سمات المؤمنين العظيمة وصفاتهم الكريمة الدالة على كمال إيمانهم وتمام دينهم ونُبل أخلاقهم، سلامة صدورهم وألسنتهم تجاه إخوانهم المؤمنين؛ فليس في قلوبهم حسد أو غل أو بُغض أو ضغينة، وليس في ألسنتهم غيبة أو نميمة أو كذب أو وقيعة، بل لا يحملون في قلوبهم إلا المحبة والخير والرحمة والإحسان والعطف والإكرام، ولا يتلفظون بألسنتهم إلا بالكلمات النافعة والأقوال المفيدة والدعوات الصادقة .هؤلاء هم الذين قال الله فيهم: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (الحشر:10).  

تعلم أسماء الأنبياء

           عن الضحاك رحمه الله قال: «عَلِّمُوا أَوْلاَدَكُمْ وَأَهَالِيَكُمْ وَخَدَمَكُمْ أَسْمَاءَ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ حَتَّى يُؤْمِنُوا بِهِمْ، وَيُصَدِّقُوا بِمَا جَاؤوا بِهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}»، هذه لفتة تربوية مهمة لينشأ الأبناء على معرفة الأنبياء وحبهم والاقتداء بهم، فإن الله لما ذكر عبده وخليله إبراهيم -عليه السلام- في سورة الأنعام، وذكر بعده سبعة عشر نبيا أتبع ذلك -سبحانه- بقوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} أي: اتبع طريقتهم في الإيمان بالله وتوحيده، والأخلاق الحميدة، والنهج القويم، والأفعال المرضية، والصفات الرفيعة، وهم الذين أمرنا الله أن نسأله الهداية لسبيلهم في قوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} فهو يحب لنا ويأمرنا أن نتبع صراط هؤلاء وهو سبيل من أناب إليه، وذلك أنهم لما قاموا بحقيقة الإيمان علما وعملا ودعوة وجهادا جعلهم الله أئمة للخلائق، وجعل الخلائق تبعا لهم يأتمون بأمرهم ويهتدون بهداهم، وخص بالسعادة والفلاح والهدى أتباعهم وبالشقاء والضلال مخالفيهم.  

من أدب الحديث

        عن عطاء بن أبي رباح -رحمه الله- قال: «إن الشاب ليتحدث بحديث فأستمع له كأني لم أسمع، ولقد سمعته قبل أن يولد»، قال الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله-: «ومن الآداب الطيبة إذا حدَّثك المحدِّث بأمر ديني أو دنيوي ألا تنازعه الحديث إذا كنت تعرفه، بل تصغي إليه إصغاء من لا يعرفه ولم يَمُرَّ عليه وتريه أنك استفدته منه، كما كان أَلِبَّاءُ الرجال يفعلونه، وفيه من الفوائد: تنشيطُ المحَدِّث وإدخالُ السرور عليه وسلامتك من العجب بنفسك وسلامتك من سوء الأدب فإن منازعة المحَدِّث في حديثه من سوء الأدب».  

مكفرات الذنوب

       قال العلَّامة عبد الرحمن السعدي -رحمه الله تعالى-: إنّ التوبة تجب ما قبلها، والإيمان والإسلام يهدم ما قبله، والعمل الصالح الذي هو الحسنات، يذهب السيئات، وسلوك طرق الهداية بجميع أنواعها، من تعلم علم، وتدبر آية أو حديث، حتى يتبيّن له معنى من المعاني يهتدي به، ودعوة إلى دين الحق، ورد بدعة أو كفر أو ضلالة، وجهاد، وهجرة، وغير ذلك من جزئيات الهداية، كلها مكفرات للذنوب محصلات لغاية المطلوب.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك