رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر التربوي 28 نوفمبر، 2023 0 تعليق

شباب تحت العشرين – 1199

القدس للمسلمين مهما طال الزمان

بقي المسجد الأقصى في أيدي الصليبيين قرابة التسعين عامًا، حتى حرَّره صلاح الدين الأيوبي -رحمه الله-، وما نسي المسلمون أبداً طيلة تلك السنوات قضية القدس والمسجد الأقصى، فبقاؤها في أذهاننا حاضرة واجب من الواجبات مهما تردَّت أوضاعنا، وساءت أحوالنا، ومهما نزل بنا من البلاء، ولابد أن نكون موقنين بموعود الله -تعالى- للمؤمنين: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} (المجادلة: 21)، فالقدس لنا مهما طال الزمان أو قصر.

 

الشباب ومعالي الأمور

روى الإمام البيهقي عن سهل بن سعد - رضي الله عنه -: قال

 رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفسافها»، ومعالي الأمور: هي الأمور الجليلة، رفيعة القدر عالية الشأن.

        سميت بذلك؛ لأنها في الأعمال من أجلها وأعلاها، أو لأنها تُعلي شأنَ أصحابها في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما جميعا، والسفاسف أو السفساف: هي التوافه، والأمور الحقيرة والدنيئة التي تنبئ عن خسة نفس صاحبها وهمته، وهي الحقير والتافه من الأقوال والأعمال والمطالب والاهتمامات، ولا يهتم الإنسان بالمعالي ويكره السفاسف إلا إذا علت همته وسمت نفسه وروحه، فتتطلع إرادته إلى طلب الكمالات والمراتب العالية، فكلما عظمت الهمم علت المطالب، كما قال ابن تيمية رحمه الله -تعالى-: العامة تقول: قيمة كل امرئ ما يحسن، والخاصة تقول: قيمة كل امرئ ما يطلب؛ لذلك فإن الإنسان المسلم يجب أن يكون عالي الهمة صاحب هدف كبير، حتى إذا جاءت الفرصة استغلها فإن الفرص ربما لا تتكرر.  

أعظم قدوة لشبابنا

          إن نهضة الأمم تتوقف كثيرًا على إظهار القدوات الصالحة، وكثرة النماذج الطيبة، وإحياء تاريخ الأماجد من أبنائها وعلمائها، وحرص الشباب والناشئة وأبناء الأمة على اتخاذ الأماثل وأصحاب الهمم العالية والمنجزات الرائعة إسوة وقدوة، هو سبيل الصلاح والفلاح، وقد ربى الله هذه الأمة على ذلك، وأمرها أن تتخذ لها قدوة وإسوة، وأنها لن تجد أعظم من رسولها صلوات الله عليه ليكون في مقدمة من تقتدي بهم، قال الله -تعالى-: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (الأحزاب).  

الشباب وصلاة الفجر

         صلاة الفجر واحدة من تلك الصلوات الواجبات، ولا تختلف عن غيرها في الأمر بالمحافظة عليها في وقتها وفي المسجد، غير أننا قد نجد بعض الناس يحافظ على معظم الصلوات ولكنه يتهاون في صلاة الفجر فلا يحضرها في المساجد، وربما نام عنها حتى تطلع الشمس فلا يصليها إلا بعد وقتها، حتى إنك تنظر لصفوف المصلين في الفجر ترى أن أكثرهم من الشيبان وكبار السن، فليعلم الشباب أنَّ صلاة الفجر في الجماعة علامة الإيمان ومحبة الرحمن وبراءة من النفاق؛ فالمنافق يتحين الفرص للفرار من العبادة، وقد روى البخاري ومسلم عن أَبِي هُرَيْرَةَ أن رَسُولُ اللَّهِ -[- قال: «إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا».  

من الموفق حقا؟

  • الموفق حقا: هو الذي يعلم أن أعظم النعم على الإطلاق هي نعمة الإيمان؛ فيلزم الشكر على أن جعله الله من المسلمين.
  • الموفق حقا: هو الذي يعلم أن العبودية هي مراد الله من خلقه فيلزم عتبتها ويتمسك بها، {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}.
  • الموفق حقا: هو الذي يعلم أن الصلاة هي ركن الإسلام الأول والأكبر بعد الشهادتين، فيحافظ عليها ولا يفرط فيها.
  • الموفق حقا: هو الذي يعلم أن الأعمال لا تقبل إلا بالإخلاص، فلا يرجو بعمله -مهما قل- إلا وجه الله وحده لا شريك له.
  • الموفق حقا: هو الذي يعلم أن الجنة لا يوصل إليها إلا باتباع سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - والسير على منهجه، فيلزم غرزه ويقتفي أثرة ويعمل بسنته.
 

إذا أردت معرفة تقصيرك فانظر إلى حال من سبقك

       قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: لا تنظر إلى تقصيرك باعتبار زمانك، فإنك إن فعلت فقد تُعجب بنفسك، إنك قد ترى كلَّ من حولك أقل منك في عبادة الله، لكن انظر إلى تقصيرك بالنسبة لمن سبقك، انظر إلى حال النبي - صلى الله عليه وسلم - وحال الصحابة -رضي الله عنهم-، وإذا نظرنا إلى حال الصحابة وحال التابعين وجدنا أن بيننا وبينهم كما بين الثرى والثريا، وعرفنا تقصيرنا تمامًا.  

ثمار التقوى

        قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: كلما جاهد العبد نفسه على تحقيق التقوى وجد التيسير في أموره، ونال الرزق الطيب، وهدي إلى المخرج المناسب والملائم فيما يعرِض له من مشكلات، إضافة إلى تكفير السيئات وغفران الذنوب ورفعة الدرجات، والعاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة إلى غير ذلك من الثمار والآثار التي لا حصر لها ولا عد.  

هل أنت متقدم أم متأخر؟

         قال ابن القيم -رحمه الله-: العبد سائر لا واقف؛ فإما إلى فوق وإما إلى أسفل، إما إلى أمام وإما إلى وراء، وليس في الطبيعة ولا في الشريعة وقوف البتة، ما هو إلا مراحل تطوى أسرع طي إلى الجنة أو إلى النار، فمسرعٌ ومبطئ، ومتقدمٌ ومتأخر، وليس في الطريق واقف البتة، وإنما يتخالفون في جهة المسير، وفي السرعة والبطء {إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ (35) نَذِيرًا لِلْبَشَرِ (36) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ}(المدثر:35-37)، فمن لم يتقدم بالأعمال الصالحة فهو متأخرٌ بالأعمال السيئة.  

المعالي لا تنال بالأماني

         إنما تنال المعالي بالسعي والعمل، لا بالأماني والكسل، وإنما الأماني رأس مال المفاليس؛ لما قال ربيعة - رضي الله عه - للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أسألك مرافقتك في الجنة، قال - صلى الله عليه وسلم -: «فَأَعِنِّى عَلَى نفسك بكثرة السُّجود»، وقال لابن عمر - رضي الله عنه -: «نعم الرجل عبد الله، لو كان يقوم الليل»، وإنما كان أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - أفضل هذه الأمة؛ لأنه كان أعلاهم همةً وأحسنَهم عملا، فإذا أردت أن يحبك الله فاطلب المعالى واسعَ إليها، ودعِ السفاسفَ وترفعْ عنها.  

النفس على ما عودتها

     إن النفس إذا عودتها المعالي تعوَّدَتْها، وإذا نزلت بها إلى السفاسف ربما رضيتها وقبلتها، فاسمُ إلى المعالي والقمم، وإياك والرضى بالدون! فإن الراضي بالدون دنيء، وإن أعلى المطالب وأزكاها أن تطلب رضا الله، وتسعى لتحصيل جواره ليس في الجنة فحسب، بل في الفردوس الأعلى، فإنه أوسط الجنة وأعلاها، وسقفه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة.

من زكاة النفس حسن أخلاقها

لو أن الإنسان سمع ما يقول الناس وما يعترضون به ما مشي خطوة، لكن أنت أصلح ما بينك وبين الله ولا يهمك أحد؛ فإذا التمست رضا الله بسخط الناس، رضي الله عنك وأرضى عنك الناس، وكفاك مؤونتهم.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك