رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر التربوي 6 نوفمبر، 2023 0 تعليق

شباب تحت العشرين – 1198

شبابنا وقضية فلسطين

أثبتت الأحداث الأخيرة في غزة أن قضيّة فلسطين تحتل مكانة متميزة في قلوب كثير من شباب الأمة العربية والإسلامية وعقولهم وفكرهم، في ظل جهود عديدة سعت لتغييب هذه القضية من ذاكرة المجتمعات المسلمة، وحصرها ببعدها الداخلي فقط؛ لذلك من الضروري التركيز على بناء الوعي بقضايا الأمة في قلوب الشباب والناشئة وعقولهم، لتكون دائمًا على رأس أولوياتهم حتى نخرج أجيالا مهتمة بأمتها ومدركة لما يحيط بها من أخطار.

 

عناية الإسلام بالشباب

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسُولُ اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: إِمامٌ عادِلٌ، وشابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّه -تعالى-، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في المَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا في اللَّه: اجتَمَعا عَلَيهِ، وتَفَرَّقَا عَلَيهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ، وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخافُ اللَّه، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأَخْفَاها، حتَّى لا تَعْلَمَ شِمالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينهُ، ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّه خالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ».

          اعتنت السنة النبوية بالشباب عنايـة خاصة، تتجلى في الإشــادة بكل شاب طبـع حياته بطابـع الاستقامـة وروح الامتثال والتقـوى، وخاف الله في جميع حركاتـه، كما نجــد أن القرآن الكريم كذلك خـص الشباب بالتوجيه من خـلال القصص التي ساقها؛ تكريمـا للشباب الذي سبق ظهــور الإسلام، واستحق الفضـل بما حاز من كريم الصفات وجلائـل الأعمال، يقول الله -تبارك وتعالى-، في سورة الكهف، {نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهًا لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا}، فبهـذه الآيات ومثلهـا أشار القرآن الكريم إلى أن الشباب قد خلد في الصالحــات ذكره بما أوتى من عقل وتبصر وحكمة، والقرآن الكريم يسوق لنا القصص للاستفادة والتثبيت مصداقــا لقوله -تعالى-: {وَكُلًّا نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ}، ومن هنا نلاحـظ الغاية المقصودة في إظهــار العناية بالشباب وحثه على اقتباس السنن الحسنة من ماضي الأمم السابقة.  

القراءة أساس العلم والمعرفة

        في عصرنا الحديث تعددت وتنوعت وسائل اكتساب العلم والمعرفة ما بين وسائل مقروءة ومسموعة ومرئية، ولكن مع كثرة هذه الينابيع واختلافها تبقى القراءة هي أساس العلم والمعرفة، ومفتاح الرقي والحضارة، وسبب التقدم والتطور، ولا يمكن أن تتقدم أمة أبناؤها قد هجروا القراءة ونبذوا العلم، ولما كان الإسلام دين العلم، والعلم أصله القراءة والكتابة، كانت أول كلمة نزل بها الوحي، ونطق بها الشرع هي الأمر بالقراءة والكتابة والتعلم {اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم. الذي علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم} (العلق)؛ لذلك يجب علينا أن نعي ونستشعر أنه لا سبيل للارتقاء والتقدم إلا عن طريق القراءة، ونشر حبها وأهميتها بين أطياف المجتمع ولا سيما جيل الشباب.  

احفظ الله يحفظك

        روى الترمذيُّ عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا فَقَالَ: «يَا غُلَامُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ، لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ، لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ»، وقوله: «احفظ الله تجده تجاهك»؛ أي: تجده أمامك، يدلك على كل خير، ويقربك إليه، ويهديك إليه، وأن تعمل بطاعته، ولا يراك في مخالفته، فإنك تجده في الشدائد.  

فائدة جامعة في التوبة وشروطها

        قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: التوبة تجب الذنوب وتمحوها جميعًا، إذا كانت صادقة ويخرج منها كيوم ولدته أمه، يعني إذا تاب توبة عامة صادقة، أما إذا تاب من ذنبه الذي أخذ به فالتوبة مقيدة، فمن تاب من العقوق وحده قبل منه، ومن تاب من القطيعة وحدها قبل منه، لكن لابدّ من استيفاء الشروط، لابدّ أن يندم على الماضي من سيئاته، ويقلع منها ويتركها ويعزم عزمًا صادقًا ألا يعود فيها، ولابدّ من رد المظالم كالسرقة يردها على أهلها.  

الأسباب التي تجلب الخير أو تدفع الشر

        قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: يجب أن نعلم أن الأسباب التي تجلب الخير أو تدفع الشر لابد أن تكون متلقاة من الشرع؛ لأن مثل هذا الأمر لا يكون إلا بتقدير الله -عزوجل- فلابد أن نسلك الطريق الذي جعله الله -سبحانه وتعالى- طريقا يوصل إلى ذلك، أما مجرد الأوهام التي لا تبنى على أصل شرعي فإنها أوهام لا حقيقة لها.  

الرحمة من الإيمان

قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: كلَّما قوي إيمان الشَّخص قويت رحمته بإخوانه فقوَّتها في العبد من قوة إيمانه، وضعفها من ضعف إيمانه، وهـذا ظاهر في قوله -[-: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ»، وذلك أنَّ إلهنا المقصود المعبود رحيم يحب الرحماء ودِيننا دين الرَّحمة، ونبيّنا نبيّ الرّحمة، وكتابنا القرآن كتاب الرحمة، والله نعت عباده المؤمنين فيه بقوله: {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}.  

من مشكلات الشباب

        الانحراف عن الدين وترك العبادة والعيش في هذه الحياة بلا هدف ولا رسالة ولا دين، أو الإيمان بعقائد الدين نظريا وتركها عمليا من أهم المشكلات التي تواجه شبابنا في العصر الحالي، قال الله - تعالى -: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}. (مريم:59). أي أنهم لم ينكروا الإيمان والصلاة والطاعة بل أضاعوا ذلك فاستحقوا عقوبة الله؛ فاحذروا أيها الشباب أن تكونوا من هؤلاء، فالإنسان الذي يدع دينه ويتحلل من عقيدته سيقع في خطيئتين كبيرتين الأولى: أن فطرته التي فطره الله عليها إن لم تدن بالدين الحق؛ ولذلك ستدين بالدين الباطل، وسيعبد الإنسان آلهة أخرى من دون الله، والثانية: أنه سيظل في حالة افتقار وفي حاجة إلى من يملأ عليه فقر قلبه، يقول الإمام ابن القيم: «لا سعادة للقلب ولا لذة ولا نعيم ولا صلاح إلا بأن يكون إلهه وفاطره وحده هو معبوده وغايته ومطلوبه وأحب إليه من كل ما سواه».    

الشباب والدعوة إلى الله

        حفظت لنا سير الصحابة والتابعين -رضي الله عنهم- نماذج فريدة من جهود الشباب المبارك في الدعوة، فلقد كان جُلّ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شبابًا طاهرًا زاكيًا مباركًا، وكانت لهم جهود مباركة في السبق إلى الإسلام وقت الغربة والتعليم والتربية والدعوة، والصبر عند المحنة والمبادرة إلى الهجرة والنصرة، فهنيئًا لمن سلك طريقهم واقتدى بهم واهتدى بهديهم.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك