رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر التربوي 30 أكتوبر، 2023 0 تعليق

شباب تحت العشرين – 1197

ثمرة تربية النبي - صلى الله عليه وسلم - للصحابة

أثمرت تربية النبي - صلى الله عليه وسلم - وتعليمه للصحابة جيلاً مجاهداً شجاعاً يبذل النفس والمال، ويضحي بكل ما يملك في سبيل إعلاء كلمة التوحيد ونصرة دين الله، ولقد كان للشباب بطولات رائعة ومواقف خالدة، في نصرة دين الله -عزوجل- والدفاع عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم .

 

أثر توجيهات النبي - صلى الله عليه وسلم - على الشباب

لقد بلغ المنهاج النبوي غايته وحقّق أهدافه في تربية شباب الصحابة رضوان الله عليهم؛ فقد برز الشباب في جوانب كثيرة في العلم والإيمان، والدعوة والجهاد، وسائر الأعمال الصالحة.

         فهذا معاذ بن جبل يأتي إمامًا للعلماء يوم القيامة كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «يأتي معاذ بن جبل يوم القيامة إمام العلماء برتوة»، ولقد كانوا أعلم الناس بكتاب الله، وأجمع الناس له، وأدرى الناس بمعانيه وأحكامه، قال عبدالله بن مسعود: ما أنزلت سورة إلا وأنا أعلم فيما نزلت، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأخذ القرآن من الشباب: «استقرئوا القرآن من أربعة: من عبدالله بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل»، وقد أمر أبوبكر الصديق زيد بن ثابت بجمع القرآن؛ مما يؤكد مكانة الشباب، ولقد أثمرت توجيهاته - صلى الله عليه وسلم - جيلاً مؤمناً محباً لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولقد شهد بذلك المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر حينما قال: «لأعطين هذه الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه، يحبُّ الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله».  

أضعف الإيمان تجاه قضية فلسطين

        من أضعف الإيمان أن يجعل المسلم في قلبه همَّ تحرير المسجد الأقصى، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَن ماتَ ولَمْ يَغْزُ، ولَمْ يُحَدِّثْ به نَفْسَهُ، ماتَ علَى شُعْبَةٍ مِن نِفاقٍ»، قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: إنه إذا لم يُجاهد فليُحدِّث نفسه، يقول: لعله يتيسر لي، ينوي في قلبه: إذا تيسر لي جاهدتُ، إذا أمكن لي جاهدتُ، يعني: يكون في قلبه، في باله شيء من هذا المعنى، ما يكون غافلًا، يرجو ما عند الله -جلَّ وعلا-، وما ذاك إلا لأنَّ الجهاد نصرٌ لدين الله، وإعلاء لكلمة الله، ودعوة إلى ما فيه صلاح الأمة ونجاتها وسعادتها، وتقوية للمؤمنين، وإعزاز لهم.

واجبنا تجاه المسجد الأقصى

فلسطين دولة عربية إسلامية، والاعتداء عليها يعني الاعتداء على كل المسلمين، والمسجد الأقصى هو أولى القبلتين، وثالث المسجدين، وعلى المسلمين تجاه فلسطين والمسجد الأقصى أمور عدة أهمها ما يلي:
  • الدعاء: وهو السلاح الذي لا يستطيع أحد أن يسلبه من المسلمين، فعلى المسلم ألا يغفل عن الدعاء لإخوانه بظهر الغيب، وأن يلجأ إلى الله -تعالى- بأن يرد المسجد الأقصى والقدس الشريف إلى أمة الإسلام، وأن يخلصهما من أيدي الغاصبين.
  • الأمل في نصر الله وعدم اليأس، وعلينا أن نوقن أن النصر من عند الله، وأنه كائن لا محالة، والشاك في ذلك عليه أن يصحح إيمانه.
  • الدعم المعنوي والجهاد المالي ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، ومد يد العون بكل ما نستطيع لإخواننا المستضعفين هناك.
  • البعد عن الذنوب والمعاصي، والرجوع إلى الله، وليعلم كل منا أن ذنبه قد يكون سبباً لتأخير النصر.

من صفات الشباب المستقيم

         قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: الشباب المستقيم يؤمن بالقدر خيره وشره؛ فيؤمن بأن كل شيء بقضاء الله وقدره مع إيمانه بالأسباب وآثارها، وأن السعادة لها أسباب، والشقاء له أسباب، شباب يدين بالنصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم؛ فيعامل المسلمين بالصراحة والبيان كما يحب أن يعاملوه بها؛ فلا خداع ولا غش ولا التواء ولا كتمان.

 

صمود شباب الصحابة أمام الدنيا وزينتها

        كان من ثمرات تربيته النبي - صلى الله عليه وسلم - للشباب صمودهم أمام الدنيا وزينتها، فقد أراد عمر بن الخطاب أن يمتحن معاذ بن جبل وأبا عبيدة بن الجراح بالمال، فأعدّ عمر لكل واحدٍ منهما أربعمائة دينار، وجعل كل واحدة في صرة، وقال للغلام: اذهب بها إلى معاذ ثم إلى أبي عبيدة، وتشاغل في البيت قليلاً لتنظر ما يصنع كلٌ منهما، فما كان من معاذ إلا أن فرّقها جميعًا ولم يبق لأهله إلا دينارين، وكذلك فعل أبو عبيدة، فرجع الغلام إلى عمر فأخبره فسُرّ بذلك عمر وفرح وقال: إنهم إخوة بعضهم من بعض.  

الرحمة من الإيمان

        كلَّما قوي إيمان الشَّخص قويت رحمته بإخوانه؛ فقوَّتها في العبد من قوة إيمانه، وضعفها من ضعف إيمانه، وهـذا ظاهر في قوله -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ»، وذلك أنَّ الله -تعالى- المقصود المعبود رحيم، يحب الرحماء، ودِيننا دين الرَّحمة، ونبيّنا نبيّ الرّحمة، وكتابنا القرآن كتاب الرحمة، والله نعت عباده المؤمنين فيه بقوله: {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}.  

مواقف خالدة لا تنسى

        لما سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بدر، نزل على أدنى ماء هناك، أي: أول ماء وجده، فتقدم إليه الحباب بن المنذر - رضي الله عنه -، فقال: يا رسول الله، هذا المنزل الذي نزلته، منزل أنزلكه الله، فليس لنا أن نجاوزه، أو منزل نزلته للحرب والمكيدة؟ فقال: «بل منزل نزلته للحرب والمكيدة»، فقال: يا رسول الله، إن هذا ليس بمنزل؛ ولكن سِرْ بنا حتى ننزل على أدنى ماء يلي القوم، ونغور ما وراءه من القلب، ونستقي الحياض، فيكون لنا ماء، وليس لهم ماء، فسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ففعل كذلك.  

من آداب الصحابة -رضي الله عنهم

        لقد تربى ذلك الجيل من الصحابة بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاتصفوا بصفات كثيرة من الأخلاق الحسنة، والآداب النبيلة، ومن جملة هذه الآداب، الأدب مع الوالدين والبر بهما، فهذا أسامة بن زيد رضي الله عنه  يعمد إلى نخلة فينقرها ويخرج جمارها فيطعمها أمه، فقال له: ما يحملك على هذا وأنت ترى النخلة قد بلغت ألف درهم؟ قال: إن أمي سألتنيه ولا تسألني شيئاً أقدر عليه إلا أعطيتها.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك