رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر التربوي 23 أكتوبر، 2023 0 تعليق

شباب تحت العشرين – 1196

الشباب الذين نفتخر بهم

إن الشباب الذين نفتخر بهم، هم الشباب الذين تمسكوا بدينهم وأخلاقهم الإسلامية النابعة من كتاب ربهم وسنة نبيهم محمد - صلى الله عليه وسلم - اللذين لن يضل من تمسك بهما ولن يشقى، هم الشباب العاملون بما يجب عليهم من واجبات تجاه أمتهم وبلادهم والذود عنها وعن مقدساتها والعمل على رخائها وسعادتها وعزها وكرامتها، هؤلاء هم الشباب الذين تفتخر الأمة وتعتز بهم.

 

الفتح الأيوبيّ لبيت المقدس

        عزم صلاح الدين الأيوبي -رحمه الله- على فتح بيت المقدس وطرد الصليبيين منه، وذلك بعد فتح عسقلان وما جاورها من المدن؛ حيث أدرك سكان بيت المقدس أنَّهم محاصرون، وأنَّ مصيرهم كمصير بقية المدن التي فتحها صلاح الدين الأيوبيّ. ولذلك أرسلوا وفدًا إلى صلاح الدين، فعرض عليهم صلاح الدين تسليم المدينة بالشروط التي استسلمت بها المدن الأخرى، ومنها الأمان على الأرواح، والنساء، والأولاد، والأموال، والسماح لأيّ شخص بالخروج سالمًا من المدينة، ولكنَّهم رفضوا تسليمها، واستمرّ صلاح الدين في عرض شروطه على سكان بيت المقدس؛ وذلك تجنّبًا للعنف، ولكنَّهم أصرّوا على الرفض، فقرر -رحمه الله- اقتحام المدينة، وفي العشرين من شهر أيلول عام 1187م وصل صلاح الدين إلى مدينة القدس، وعسكر أمام أسوارها وحاول البدء في المهاجمة، ولكنَّه وجدها محكمة الجانب ومليئةً بالمقاتلين، وأخذ بالطواف حول المدينة مدّة خمسة أيام، وفي الليل نصبوا المجانيق، وبدأت ضربات المجانيق بين الطرفين، ولمَّا أدرك الصليبيين أنَّهم على وشك الهلاك، عقدوا اجتماعًا بينهم، وقرّروا طلب الأمان، وأرسلوا وفدًا إلى صلاح الدين لتحقيق ذلك، وكان من شروطهم احترام الصليبيين الموجودين في المدينة، والسماح لمن يشاء بمغادرتها، وبعد التشاور سُمح للصليبيين بمغادرة المدينة مقابل الشروط التي حدّدها صلاح الدين، وهكذا استطاع فتح بيت المقدس، ودخلها فاتحًا في يوم الجمعة الموافق الثاني من تشرين الأول (أكتوبر).

مهمتك في الحياة

         إن للمسلم دورًا كبيرًا ومهما في هذه الحياة، ومن أجله خلق الله -عزوجل- الثقلين، وهو عبادته وحده لا شريك له، وأرسل الله -سبحانه- الرسل -عليهم الصلاة والسلام- لدعوة الناس إلى هذا الواجب وتوضيح هذا الأمر العظيم وتبصيرهم في ذلك وتوجيههم إلى الخير، وتحذيرهم عما سواه، قال -تعالى-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} (الذاريات: 56-58) فأبان -سبحانه وتعالى- أنه خلق الثقلين ليعبدوه وحده لا شريك له، خلقهم لعبادته وتعظيمه والخضوع والذل له بفعل أوامره وترك نواهيه، عن محبة خاصة وعن صدق وإخلاص وعن رغبة ورهبة.  

هنيئًا لهؤلاء الشباب

         هنيئًا لشباب أتقياء تعلقت قلوبهم بالمساجد ومجالس العلم والخير وعمل الصالحات، واغتنموا شبابهم قبل هرمهم، وصحتهم قبل سقمهم، وغناهم قبل فقرهم، وفراغهم قبل شغلهم، وحياتهم قبل مماتهم، هنيئًا لشباب تسلحوا بالعلم والمعرفة، وعملوا بما أمرهم الله به ورسوله، وانتهوا عما نهاهم الله عنه ورسوله، فإن السعادة كلها في طاعة الله ورسوله: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (الأحزاب: 71)، والشقاوة كلها في معصية الله ورسوله {وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِينًا} (الأحزاب: 36).  

الصراع بين الحق والباطل

          قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله: «اعلم -وفقني الله وإياك وسائر المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه-: أن شياطين الإنس والجن لم يزالوا ولن يزالوا يوردون الكثير من الشبه على أهل الإسلام وغيرهم للتشكيك في الحق وإخراج المسلم من النور إلى الظلمات، وتثبيت الكافر على عقيدته الباطلة، وما ذاك إلا لما سبق في علم الله وقدره السابق من جعل هذه الدار دار ابتلاء وامتحان، وصراع بين الحق والباطل، حتى يتبين طالب الهدى وغيره، وحتى يتبين الصادق من الكاذب والمؤمن من المنافق».  

حقيقة الإسلام

         قال البشير الإبراهيمي -رحمه الله-: أهتف بشباب الإسلام ليعلموا أنَّ الإسلام ليس لفظًا تلوكه الألسنة المنفصلة عن القلوب، إنما الإسلام هو إسلام الوجه لله، هو المعنى الذي خالطت بشاشته قلب نبي التوحيد إبراهيم -عليه السلام-، فقال: أسلمت وجهي، وتذوقته بلقيس حين هداها الله -تعالى- فقالت: وأسلمت مع سليمان، هو استسلام الجوارح -وسلطانها القلب- لله ولعظمته وقدرته، وعلمه حتى توحده وحده، وتعبده وحده، وتدعوه في النائبات وحده، وتنيب إليه وحده، وتُذعن إلى سلطانه وحده، وتخشاه وحده.  

فتح بيت المقدس

         قام خليفة المسلمين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بفتح بيت المقدس؛ إذ تمكّن من فتحها في السنة الخامسة أو السادسة عشرة للهجرة، واستمرَّ بيت المقدس تحت حكم المسلمين مدّة خمسة قرون، وفي أثناء حكم العبيديين للشام وقع بيت المقدس تحت سيطرة الصليبيين، ومكث تحت سيطرتهم مدّة تسعين عاماً، وبعد ذلك تمكّن المسلمون -في ظل حكم الأيوبيين- من استرجاعه، وبقي في رحاب المسلمين لمدّة تجاوزت ثمانية قرون، وفي أواسط القرن الهجري الماضي سيطر اليهود على بيت المقدس إلى الآن.  

من واجبات الشباب في زمن الفتن

        حتى ينجو الشاب المسلم في زمن الفتن، عليه العمل بشرائع الإسلام الظاهرة والباطنة القولية والاعتقادية والعملية، وفي مقدمة ذلك الإيمان بالقدر خيره وشره، والإيمان بالبعث والجزاء والثواب والعقاب والجزاء والثواب والعقاب والجنة والنار، وتحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله بمعرفة معناها والعمل بمقتضاها، والقيام بشروطها ولوازمها، وإقامة الصلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة، والحفاظ على صوم رمضان وحج بيت الله الحرام، وبر الوالدين وطاعتهم في غير معصية الله، وصلة الأقارب والإحسان إليهم، والإحسان إلى المسلمين وعدم التسبب في أذيتهم بأي نوع من الأنواع.    

بشرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم 

        أراد رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أنْ يُدخِل السُّرور على أمثالنا ممَّن لم يُتَحْ لهم شرفُ الصُّحبة بسبب مُرور الزمان، فجعَل المسلمين كلَّهم إخوانه، كما جاء في حديث أبي هريرة - رضِي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخَل المقبرة فقال: «السلامُ عليكُم دارَ قومٍ مؤمنين، وإنَّا - إنْ شاء الله - بكم لاحِقون، وَدِدت أنَّا رأينا إخواننا»، قالوا: أوَلَسْنا إخوانَك؟! قال: «أنتم أصْحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعدُ». قالوا: كيف تعرفُ مَن لم يأتِ بعدُ من أمَّتك يا رسول الله؟ فقال: «أرأيت لو أنَّ رجلاً له خيلٌ غرٌّ محجَّلة بين ظَهراني خيلٍ دُهمٍ بُهمٍ، ألا يعرف خيلَه؟». قالوا: بلى يا رسولَ الله. قال: «فإنهم يَأتُون غُرًّا محجَّلين من الوضُوءِ...» الحديث، وهذا شرفٌ لِمَن رُزِقَ ذلك، جعَلَنا الله منهم.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك