رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر التربوي 9 أكتوبر، 2023 0 تعليق

شباب تحت العشرين – 1194

معرفة الله غاية كل مطلب

إن من مقامات دين الإسلام العظيمة ومنازله العلية الرفيعة معرفةَ الرب العظيم والخالق الجليل، بمعرفة أسمائه الحسنى وصفاته العلا، وما تعرَّف به إلى عباده في كتابه وسنة رسوله -[-، بل إنّ هذا أساسٌ من أسس الدين العظيمة، وأصل من أصول الإيمان المتينة، وقِوام الاعتقاد وأصلُه وأساسُه.

 

الشباب وتعظيم الله -عز وجل

          إن من أهم الواجبات على الشباب في هذا العصر المادي الذي انتشرت فيه الدعوة إلى الإلحاد، وإنكار وجود الرب -سبحانه وتعالى-، هو تعظيم الله -عز وجل- وتقديره حق قدره، فكيف يفلح قلب ويسعد لا يعظم ربه وخالقه وسيده ومولاه؟ ومن عظَّم الله عرف أن الذل والخضوع والخشوع والانكسار لا يكون إلا له -سبحانه-، وعظّم شرعه، وعظّم دينه، وعرف مكانة رسله، وهذا التعظيم لله -سبحانه- يعد أساسا متينا يقوم عليه دين الإسلام، بل إن روح العبادة في الإسلام هو التعظيم، ومن أسماء ربنا وخالقنا ومولانا الحسنى (العظيم)، وهو -جل وعلا- عظيم في أسمائه، وعظيم في صفاته، وعظيم في أفعاله، وعظيم في كلامه، وعظيم في وحيه وشرعه وتنزيله، بل لا يستحقّ أحدٌ التّعظيم والتكبير والإجلال والتمجيد غيره، فيجب على العباد أن يعظّموه بقلوبهم وألسنتهم وأعمالهم، وذلك ببذل الجهد في معرفته ومحبّته والذّل له والخوف منه، ومن تعظيمه -سبحانه- أن يطاع فلا يُعصى، ويُذكر فلا يُنسى، ويُشكر فلا يُكفر، ومن تعظيمه وإجلاله أن يُخضع لأوامره وشرعه وحكمه، وأن لا يُعترض على شيء من شرعه.  

من صفات الشاب المسلم

          الشابُّ المسلم هو شابٌّ يتخلَّق بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقد كان خُلُقه عظيمًا بشهادة الله تعالى: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ  (القلم: 4)، وكان صلى الله عليه وسلم خُلُقُه القرآن، كما قالت أُمُّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها: كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في التفضيل بين الصحابة: (إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ  أي: أفضلكم  أَحَاسنكم أخلاقا). ١ - الشابُّ الدَّيِّن يكتسب أخلاقه من أخلاق النبي العدنان صلى الله عليه وسلم؛ لكي يسعد بأخلاقه، ويتأدَّب بآدابه، ولأنها من أكثر الصفات التي يُحبُّها الرسول صلى الله عليه وسلم كما قال: (إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاقًا). ٢- الشابُّ المسلم رحيمٌ بكلامه، مُهذَّبٌ بأقواله، حليمٌ بأفعاله، ليس بفظٍّ ولا مُنفِّر، فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ (آل عمران: 159)، ولَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا. ٣- الشاب المسلم لا يغضب؛ كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصِنِي، قَالَ: (لَا تَغْضَب  فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ-: لَا تَغْضَبْ وإذا غضب لا يغضب إلَّا لله. 4- الشاب المسلم يتواضَع لأنه يعلم أن التواضُع من شِيَم الكِبار، وما تواضَعَ عبدٌ إلَّا رَفَعَه الله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ)، وإذا تكلَّم لا يتكلم إلا بالحقِّ والصِّدْق؛ لقول الله عز وجل: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (ق: 18).  

كن دائماً مع الله -عزوجل

         قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: احرص أن تكون دائماً مع الله -عز وجل- مستحضراً عظمته متفكراً في آياته الكونية مثل خلق السموات والأرض، وما أودع فيهما من بالغ حكمته وباهر قدرته وعظيم رحمته ومنته وآياته الشرعية التي بعث بها رسله ولا سيما خاتمهم محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأن يكون قلبك مملوءًا بمحبة الله -تعالى- لما يغذوك به من النعم ويدفع عنك من النقم ولا سيما نعمة الإسلام والاستقامة عليه حتى يكون أحب شيء إليك.

الأمور الجالبة لمحبة الله -عزوجل

        من الأمور الجالبة لمحبة الله -عزوجل- معرفة أسمائه الحسنى وصفاته العليا؛ فإن العبد كلما كان أعظم معرفة بالله كان لله أحب ولعبادته أطلب وعن معصيته أبعد، وكيف يستقيم أمر البشرية وتصلح حال الناس دون معرفة بخالقهم وبارئهم ورازقهم، وينبغي أن يعلم أن معرفة الله -سبحانه- نوعان: الأول: معرفة إقرار، وهي التي اشترك فيها الناس البر والفاجر والمطيع والعاصي، والثاني: معرفة توجب الحياء منه والمحبة له وتعلق القلب به والشوق إلى لقائه، وخشيته والإنابة إليه والأنس به، والفرار من الخلق إليه، وهذه المعرفة هي المصدر لكل خير، والمنبع لكل فضيلة، وأنفع الأمور الجالبة للمحبة.

الحذر من إشاعة الفاحشة ونشرها

         قال الشيخ: بكر أبو زيد -رحمه الله-: على كل مسلم الحذر من إشاعة الفاحشة ونشرها، وليعلم أن محبتها لا تكون بالقول والفعل فقط، بل تكون بذلك، وبالتحدث بها، وبالقلب، وبالركون إليها، وبالسكوت عنها، فإن هذه المحبة تُمَكِّن من انتشارها، وتُمَكن من الدفع في وجه من ينكرها من المؤمنين، فليتق الله امرؤ مسلم من محبة إشاعة الفاحشة، قال الله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَ‌ةِ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (النور:19).  

علمني شيخي

علمني شيخي أنَّ أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم-  رضوان الله عليهم- هم قدوتنا: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} (التوبة:100)، يجب علينا أن نتأسى بهم، وأن نقتبس من أفعالهم الحسنة؛ لأن الله رضي عنهم بالإيمان، ورضوا عنه بالثواب، رضي عنهم في العبادة، ورضوا عنه بالجزاء، رضي عنهم بطاعتهم لنبيه -صلى الله عليه وسلم-، ورضوا عنه بقبول وحيه وشرعه، هؤلاء قدوتنا، هؤلاء الذين حملوا الدين، هؤلاء الذين انتشر بهم الإسلام، هؤلاء الذين توسعت بهم رقعة أمة الإسلام شرقاً وغرباً.  

حكم من مات على المعاصي ولم يتب

         قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: إنْ من مات على المعاصي ولم يتب فهو تحت المشيئة، إن شاء الله غفر له، وإن شاء أدخله النار حتى يُطَهَّر من سيئاته، فإذا طُهِّرَ منها في النار أخرجه الله من النار إلى الجنة بفضل رحمته -جلَّ وعلا-، ولا يبقى في النار إلا الكفَّار، لا يُخلَّد فيها إلا الكفرة الذين قال فيهم -سبحانه-: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} (البقرة:167).

حاجة الشباب إلى المنهج الصحيح

      الشباب المسلم في حاجةٍ مُلحَّة وماسة إلى منهج صحيح يعينهم على الخروج من هذه الفتن الحالكة المحيطة بهم، والأهواء والأفكار الباطلة من حولهم، والمغريات من الشهوات والشبهات الباطلة، منهج يُصحح لهم عقائدهم وأخلاقهم، التي ربما يشوبها شيء من الشُّبهات والانحرافات، إنهم بحاجة إلى منهجٍ تربوي صحيح، في حاجةٍ إلى مَنهج الإسلام الهادي، مَنهج القرآن والسنة، الذي يستطيعون به النجاة من تلك الفتن، قال -تعالى-: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (المائدة: 15 - 16).

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك