رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر التربوي 8 أغسطس، 2023 0 تعليق

شباب تحت العشرين – 1185

وقفات مع وصايا لقمان

كن صالحًا في نفسك مصلحًا لغيرك

قال الله -تعالى- في سورة لقمان: {يا بُني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر، واصبر على ما أصابك، إن ذلك من عزم الأمور}.

     في هذه الوصية يأمر لقمان ولده أن يكون صالحًا في نفسه، وذلك بعبادة الله وعلى رأسها الصلاة، ومصلحًا لغيره بما يأمر به من المعروف وينهى عن المنكر، وأن يكون صابرًا لما يناله من أذى الآخرين وهو يدعوهم إلى الله، ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، قال القرطبي -رحمه الله-: قوله -تعالى-: (يا بني أقم الصلاة) وصى ابنه بأعظم الطاعات وهي الصلاة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا إنما يريد به بعد أن يمتثل ذلك هو في نفسه ويزدجر عن المنكر، وهنا هي الطاعات والفضائل أجمع، ولقد أحسن من قال: (ابْدَأْ بِنَفْسِك فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا - فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ)، وقوله -تعالى-: (واصبر على ما أصابك) يقتضي حضا على تغيير المنكر وإن نالك ضرر، فهو إشعار بأن المغير يؤذى أحيانا، وهذا القدر على جهة الندب والقوة في ذات الله، وأما على اللزوم فلا، وقيل: أمره بالصبر على شدائد الدنيا كالأمراض وغيرها، وألا يخرج من الجزع إلى معصية الله -عز وجل-، وقوله -تعالى-: {إن ذلك من عزم الأمور}، قال ابن عباس - رضي الله عنه -: من حقيقة الإيمان الصبر على المكاره، وقيل: إن إقامة الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من عزم الأمور، أي مما عزمه الله وأمر به.

 

قدواتٌ شبابية للإصْلاحِ

     من ثوابت التاريخ الحقة نقفُ على حقيقةٍ مهمة وهي أن الذين عنوا بتحمل الأمانات الجسام في تحقيق الإصلاح وإنارة الطريق للسائرين كانوا شبابًا، فها هم أولاء أهل الكهف زينة شباب أزمانهم، وقد هالهم ما ألْفَوْه من قومهم من ظلمات الشرك والبعد عن هداية الإيمان، وهذا وصف الله -تعالى- لهم: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً} (الكهف:13)، فهؤلاء الشباب المباركون لم يقفوا مكتوفي الأيدي حيال ما تقاسيه النفوس من أوضار الكفر وظلماته، بل كانوا على قدر المسؤولية في إصلاح أنفسهم والفرار الإيجابي من عوائق دعوتهم والقفز على الأشواك المبثوثة في طريقها، فأهل الكهف مثالٌ جليٌّ للشباب القائمين بأمر الله في سبيل الإيمان.

 

دعوة الأنبياء

     كان الأنبياء الكرام -وهم يدعون أقوامهم ويحثونهم إلى الخير والكمال- في ريعان الشباب، فهذا سيدنا إبراهيم -عليه السلام- يوصف في كتاب الله -تعالى- بالفتوة قال الله -تعالى-: {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} (الأنبياء:60)، وقال الله -تعالى- عن أهل الكهف: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} (الكهف من الآية 13)، وعن صحبة الأنبياء قال الله -تعالى-: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} (الكهف:60).

 

من أسباب ضعف الأمة الإسلامية

     قال الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين -رحمه الله-: من أسباب ضعف الأمة الإسلامية ضعف الإيمان، وضعف التمسك بالدين، والاقتناع من غالب المسلمين بمجرد الانتماء إلى الإسلام دون التحقيق بتعاليمه، ولا شك أن لذلك أسبابًا عديدة، أهمها ضعف الدعاة إلى الإسلام الحقيقي، وقلة ما معهم من العلم الصحيح، ورضاهم بأقل عمل، ولا شك أنَّ الأمة متى ضعف فيها جانب الإيمان والعمل الصالح، فسدت فطرها، وانهمكت في الملاهي والشهوات.

 

من أنواع الهجرة 

      قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: من أنواع الهجرة هجر المعاصي من الكفر والشرك والنفاق وسائر الأعمال السيئة والخصال الذميمة والأخلاق الوخيمة، قال -تعالى- لنبيه: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} (المدثر:5)، الرجز: الأصنام، وهجرتها: تركها والبراءة منها ومن أهلها، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه». أي ترك ما نهى الله عنه من الأعمال والأخلاق والأقوال والمآكل والمشارب المحرمة والنظر المحرم والسماع، كل هذه الأمور يجب هجرها والابتعاد عنها.

 

وصايا للشباب

     قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: عليك -أيها الشاب- أن تعمل على صيانة شبابك وحفظه، بأن تتجنب الشرور والفساد بأنواعه مستعينا في ذلك بالله متوكلًا عليه وحده -جل في علاه-، وكلَّ باب أو مدخلٍ أو طريقٍ يفضي بك إلى شر أو فساد فاجتنبه واحذره غاية الحذر! وعليك أن تكون محافظًا تمام المحافظة على فرائض الإسلام وواجبات الدين ولاسيما الصلاة؛ فإن الصلاة عصمةٌ لك من الشر وأمَنَةٌ لك من الباطل، ومعونة على الخير ومزدجر عن كل شر وباطل.

 

حياة الأنبياء كفاح وعمل ونشاط

من تأمل أنبياء الله -تعالى- وجدهم بعثوا على أوج الشباب في سن الأربعين، فما بعث الله -تعالى- نبيا إلا على رأس هذه السنِّ إلا عيسى ابن مريم -عليه السلام-، وكان شبابهم ملؤه الكفاح والعمل والنشاط وكانوا لا يـأنفون من أي عمل ما دام في دائرة الحلال، لدرجة أنهم قد رعوا الأغنام، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم؛ فقال أصحابه: وأنت؟ فقال: نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة».

 

 

شباب الصحابة -رضي الله عنهم- والهمة العالية

     كان شباب الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم- في غاية التوقد والهمة للعمل لهذا الدين، فهذا أسامة بن زيد - رضي الله عنه - يقود الجيش كله وفيه كبار الصحابة، وقد كان والده من قبله في مؤتة ومعه ابن رواحة وجعفر -رضي الله عنهم- أجمعين وكانوا شبابًا، وسعد بن معاذٍ -رضي الله تعالى عنه- يهتز لموته عرش الرحمن، وقد قضى نحبه وهو ابن سبعٍ وثلاثين عامًا.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك