رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم أحمد الناشي 28 يوليو، 2010 0 تعليق

زنــــــــــى المحــــــــارم من أعظــــــــــــــــــم الفواحش والمآثم في هـــذا العصــــــــــر

 

 

أكد علماء الدين أن الزنى كبيرة من الكبائر وعظيمة وفاحشة شنيعة لا يفعلها مؤمن مصدق بوعد الله ووعيده؛ قال تعالى: {ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا}، وبينوا أن الزنى في حد ذاته جريمة كبيرة، فما بالك بزنى المحارم الذي يرتكب فيه الشخص الزنى مع أحد محارمه؟!

طرحنا هذه القضية من وجهة النظر الشرعية؛ لأن القضية تثير قلق العلماء والمجتمعات الإسلامية، وعلى الرغم من أنها لم تصل إلى حد الظاهرة، إلا أنها موجودة ولابد من وقفة جماعية للتحذير.

 

التقت «الفرقان» بفضيلة الشيخ محمد الحمود ليوضح لنا رأي الشرع في هذه القضية؛ حيث أكد أن الزنى كبيرة من الكبائر، وعظيمة وفاحشة شنيعة، لا يفعلها مؤمن مصدق بوعد الله ووعيده، وقد جعله الله تعالى بعد الشرك به وقتل النفس المعصومة، فقال سبحانه: {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا  يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب..} (الفرقان: 68-70) مشيراً إلى أن الذنوب العظيمة فيها فساد العالم كله؛ فالشرك فيه فساد الأديان، والقتل فيه فساد الأبدان، والزنى فيه فساد الأعراض والنسل.

وقال تعالى: {ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا} (الإسراء: 32).

وقال الإمام أحمد: لا أعلم بعد القتل ذنبا أعظم من الزنى.

وتزداد حرمة هذه الجريمة وبشاعتها إذا كانت بين المحارم!! إذ لا زنى أفحش على الإطلاق، وأشد إجراماً، وأخبث من  الزنى بالمحارم!!

والزنى كما يعرفة الفقهاء: فعل الفاحشة في قبل أو دبر.

والمقصود بـ «زنى المحارم» هو ارتكاب الرجل فاحشة الزنى مع أحد محارمه من النساء، كالزنى بأخته، أو ابنته، أو أخيه، أو ابنة أخته، عياذا بالله تعالى، وهذا من أشنع الذنوب والمعاصي وأقبحها!

وقال: إن حدّ هذه الجريمة وعقوبتها أعظم من عقوبة جريمة الزنى بغير المحارم، وسواء كانت بعقد أم بغير عقد؛ فقد بوب الإمام أبو داود في سننه في الحدود: باب في الرجل يزني بحريمه، ثم روى عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - «4457»: قال: لقيت عمي ومعه راية، فقلت: أين تريد؟ قال: بعثني [ إلى رجل نكح امرأة أبيه، فأمرني أن أضرب عنقه، وآخذ ماله.

ورواه كذلك الترميذي والنساني «6/90» وابن ماجة وأحمد وصححه الألباني.

وهو قول للإمام أحمد وغيره من الفقهاء.

 

العلاج:

وأوضح الشيخ الحمود أن الحل يكمن في مجموعة من الأمور:

أولاً: لزوم الستر حتى عن المحارم، وعدم المبالغة في التجمل أمامهم، كلبس الثوب الضيق الفاضح أمامهم، أو  الشفاف، أو لبس القصير العاري الذي يخرج الساق أو العضد أو الصدر.

ثانياً: تجنب كثرة المخالطة والمجالسة دون حاجة، وكثرة المزاح، ومس الجسم للجسم.

ثالثاً: التفريق بينهم في المضاجع كما أمر النبي[، وإغلاق الفتاة الغرفة عند تبديل الملابس، أو إرادة النوم.

رابعاً: تجنب الخلوة والسفر، ممن يخاف منه الفتنة والشر، أو ممن له سوابق سيئة.

خامساً: إبلاغ الفتاة أهلها عن التحرشات التي تحصل لها من القريب، ثم النصيحة المباشرة له إذا كان جريئاً، وتحذير الأسرة منه إذا كان وقحاً متماديا، وعدم التعامل معه بمجرد النية الطيبة، ومنعه من الدخول على النساء.

سادساً: محاولة تقليص منابع الفتنة في البيت أو القضاء عليها، كالقنوات الفضائية السيئة والإنترنت، أو المجلات ذات الصور الفاتنة أو القصص الغرامية.

 

من أعظم الفواحش

والمآثم الزنى بالمحارم

فضيلة الشيخ حاي الحاي أدلى بدلوه مبيناً رأي الشرع في هذه القضية، قائلاً: فلا شك أن الزنى بالمحارم من الفواحش العظيمة والقبائح المنكرة، وهي من كبائر الذنوب، ولا يقدم عليها إلا من كان مطموس القلب، ولا يفعلها إلا الذي نزعت منه الخشية والحياء، بل هذا فعل البهائم وربما بعض البهائم لا تفعله وتأنف أن تفعل ذلك، فكيف بالإنسان الذي أعطاه الله جل وعلا العقل والدين؟!

أبنيَّ إن من الرجال بهيمةً

      في صورة الرجل السميع المبصر

فَطن بكل مصيبة في مالــه

          وإذا أصيـب بــدينــه لم يشعـر

قال تعالى مبيناً المحرمات من النساء تحريماً مؤبدا: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً} (النساء:23).

 

المحرمات بالنسب:

وهن سبع ذكرهن الله عز وجل في كتابه فقال: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ}.

1- الأمهات: يدخل فيهن: الأم والجدات، سواء كُن من جهة الأب أم من جهة الأم.

2- البنات: يدخل فيهن: بنات الصّلب، وبنات الأبناء، وبنات البنات وإن نزلن.

3- الأخوات: يدخل فيهن: الأخوات الشّقيقات، والأخوات من الأب، والأخوات من الأم.

4- العَمَّات: يدخل فيهنَّ: عَمّات الرجل، وعمات أبيه، وعمات أجداده، وعمات أمه، وعمات جدّاته.

5- والخالات: يدخل فيهن: خالات الرجل، وخالات أبيه، وخالات أجداده، وخالات أمه، وخالات جداته.

6- بنات الأخ: ويدخل فيهن: بنات الأخ الشّقيق، وبنات الأخ من الأب، وبنات الأخ من الأم، وبنات أبنائهم، وبنات بناتهم وإن نزلن.

7- بنات الأخت: يدخل فيهن: بنات الأخت الشقيقة، وبنات الأخت من الأب، وبنات الأخت من الأم، وبنات أبنائهن، وبنات بَناتهن وإن نزلن.

والصنف الثاني: وهن نظير المحرّمات بالنسب: وقد ذكرهن الله في كتابه قائلاً: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} (النساء:23)، وقال النبي[: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» متفق عليه.

 

المحرمات بالصهر:

1- زوجات الآباء والأجداد – وإن علو – سواء من قبل الأدب أم الأم؛ لقوله عز وجل: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً} (النساء:22)، فمتى عقد الرجل على امرأة صارت حراماً على أبنائه، وأبناءِ أبنائه، وأبناء بناته – وإن نزلوا – سواء دخل بها أم لا.

2- زوجات الأبناء – وإن نزلوا – لقوله عز وجل: {وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم}، فمتى عقد الرجل على امرأة: صارت حراماً على أبيه وأجداده – وإن علوا سواء من قبل الأب أم الأم – بمجرد العقد عليها، دخل بها أم لا.

3- أم الزوجة وجداتها – وإن علون – لقوله عز وجل: {وأمهات نسائكم}؛ فمتى عقد الرجل على امرأة صارت أمها وجداتها حراماً عليه بمجرد العقد، وإن لم يدخل بها سواء كن جداتها من قبل الأب أم الأم.

4- بنات الزوجة: وبنات أبنائها، وبنات بناتها – وإن نزلن - وهنَّ الرّبائب وفروعهنَّ، لكن بشرط أن يطأ الزوجة؛ فلو حصل الفراق قبل الوطء، لم تحرم الربائب وفروعهن؛ لقوله عز وجل: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ}.

فمتى تزوج الرجل امرأة ووطئها: صارت بناتها وبنات أبنائها وبنات بناتها – وإن نزلن – حراما عليه سواء كن من زوج قبله أم من زوج بعده، أما إن حصل الفراق بينهما قبل الوطء، فإن الربائب وفروعهن لا يحرمن.

 

المفسدون في الأرض

وأضاف الشيخ حاي الحاي: ومما يتبناه المفسدون في الأرض في هذه الأيام - عافانا الله وإياكم منه - هو زنى المحارم، ولا يخفى على أحد أنه أشد من الزنى نفسه؛ فإن الله عز وجل عندما حرم الزنى جعل الزنى بحليلة الجار أشد إثماً وجرماً وحوباً من الزنى بغيرها؛ فقد روى البخاري في «الأدب المفرد» وأحمد في مسنده حديثاً صحيحاً عن المقداد بن الأسود قال: سأل رسول الله[ أصحابه عن الزنى، فقالوا: حرام حرمه الله ورسوله، فقال: «لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره»، وسألهم عن السرقة فقالوا: حرام حرمها الله عز و جل ورسوله، فقال: «لأن يسرق من عشرة أهل أبيات أيسر عليه من أن يسرق من بيت جاره».

هذا بمن يزاني حليلة جاره، فما بالكم بمن يزاني أمه أو أخته أو ابنته أو خالته أو عمته أو ما حرمه الله عليه حرمة أبدية؟! لا شك أنه أشد إثماً ممن يزني بحليلة جاره.

 

«وصفة» علاج

وعلى طريقة الطبيب الذي يصدر وصفة للعلاج» حدد فضيلة الشيخ حاي الحاي بعض النقاط لعلاج هذا الوباء تكمن في:

أولاً: تربية الأطفال على الأخلاق والمبادئ الإسلامية من الحياء والستر والعفة والطهارة؛ فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله[: «مُرُوا أولادكم بالصلاة وهم أبناءُ سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناءُ عشر سنين، وفرِّقوا  بينهم في المضاجع» رواه ابن ماجة بسند حسن.

قال المناوي في فيض القدير: «وفرقوا بينهم في المضاجع التي ينامون فيها إذا بلغوا عشرا؛ حذرا من غوائل الشهوة».

قلت: وهذا مما سد الإسلام فيه على الشيطان مداخله حتى لا يطلع الولد في هذه السن القريبة من البلوغ على عورة أخته أو أخيه فتثير فيه مكامن شهوته وربما يفعل الفاحشة.

ثانياً: الحرص على الاستئذان؛ كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (النور:58).

ولقد روى مالك في الموطأ عن عطاء بن يسار: أن رسول الله[ سأله رجل فقال: يا رسول الله، أستأذن على أمي؟ قال: «نعم»، قال الرجل: إني معها في البيت، قال: «استأذن عليها» قال: إني أخدمها، قال رسول الله[: «أتحب أن تراها عريانة»؟ قال: لا، قال: «فاستأذن عليها». رواه مالك مرسلاً، وقال ابن عبد البر: صحيح مرسل.

ثالثاً:  مراعاة الالتزام بالحدود الشرعية لما يجب أن يظهر أمام المحارم:

فما تظهره المرأة أمام المرأة غير الذي تظهره أمام محارمها من الرجال، وما تظهره المرأة أمام أبيها لا ينبغي أن تظهره أمام أخيها، وليكن لنا في نساء الصحابة قدوة وأسوة حسنة.

ونصح الشيخ الحاي بضرورة ستر مفاتن المرأة وزينتها الباطنة؛ فلا تلبس ملابس ضيقة أو شفافة أمام محارمها من الرجال.

ونصح الأبناء أيضاً بضرورة الاستئذان على أخواتهم وأمهاتهم؛ حرصاً على ألا يروا ما يكرهون.

وتابع: ننصح أبناءنا وبناتنا بالابتعاد عمّن يحاولون أن يشيعوا الفاحشة عن طريق كتابة قصص أو أخبار أو صور عن طريق الإعلام المرئي أو المسموع أو الإنترنت عن زنى المحارم؛ فإنه من أشد الكبائر وجرمه عظيم عند الله عز وجل.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك