رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم أحمد الناشي 7 أغسطس، 2010 0 تعليق

رئيس لجنة الدعوة والإرشاد فرع الأندلس محمد الراشد في حوار مع «الفرقان»: تكفي كلمة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح: «العمل الخيري تاج على الرؤوس»

 

أكد رئيس لجنة الدعوة والإرشاد فرع الأندلس التابعة لجمعية إحياء التراث الإسلامي بدولة الكويت محمد الراشد أن العمل الخيري في الكويت قديم قدم هذا البلد المعطاء، مشير إلى أنه أصبح العمل الخيري لا يذكر في مكان ما إلا وقرن به اسم الكويت

وقال الراشد في حوار مع «الفرقان»: إن الكويت كانت منارة للتجار والعلماء والأدباء، موضحا أن الشيخ محمد رشيد رضا وغيره من المصلحين قد زاروا الكويت، وكان لذلك أثر في تأسيس الجمعية الخيرية العربية عام 1913م التي أسهمت في ترميم المساجد القديمة وإصلاحها، ومساعدة الفقراء والدعوة والإرشاد.

وحث الراشد لجان الدعوة والإرشاد التابعة لجمعية إحياء التراث الإسلامي على عمل الدورات العلمية في جميع مناطق الكويت وليس في مناطق محدودة فقط، وكذلك الاهتمام بالأمور الاجتماعية كالطلاق والإدمان، وعمل مراكز لذلك في كل منطقة لإبعاد الشباب عن قرناء السوء، فلجان الدعوة والإرشاد قلب الدعوة النابض في المناطق، فهل عرفنا قدرها؟

 

 

 

> في البداية نريد أن تعطينا نبذة عن تاريخ العمل الخيري والعمل التطوعي في الكويت؟

< العمل الخيري في الكويت قديم قدم هذا البلد المعطاء، حتى أصبح العمل الخيري لا يذكر في مكان ما إلا وقرن به اسم الكويت ولله الحمد فالعمل الخيري في الكويت ليس وليد اللحظة، بل هو منذ القدم.

فالمساعدات الخيرية التي تبرع بها أبناء الكويت حكاماً من آل الصباح الكرام ومواطنين لجميع البلاد الدانية والقاصية خير شاهد على عطاء أبناء الكويت.

والعمل التطوعي في الكويت مر بمراحل عديدة قبل النفط وبعده، فقبل النفط كان العمل الخيري فطرة في أهله، فالغني يساعد الفقير والضعيف والمريض، والتاجر يبني المساجد والمدارس، وكذلك كان أهالي الكويت يجتمعون ويتكاتفون حين تحصل كوارث أو نكبات في الكويت، كسنة الهدامة عام 1934م حين هدمت بيوت كثيرة؛ ففزع أهل الكويت لمساعدة أصحابها وإعادة بناء بيوتهم، وكذلك كانت الأسرة الحاكمة تساعد كل من لجأ إليها، وهذا هو ديدنها إلى عصرنا هذا، فاللهم احفظهم وسددهم ووفقهم لما تحب وترضى، وفي عام 1941م أيضاً تسببت الأمطار في حدوث أضرار للشعب، فقام حاكم الكويت آنذك الشيخ أحمد الجابر الصباح -رحمه الله- بتعويضهم عن هذه الأضرار.

> كيف كانت الكويت آنذاك؟ وكيف كان العمل الخيري؟ وكيف وصل الى هذا المستوى من الرقي والتقدم؟

< الكويت كانت منارة للتجار والعلماء والأدباء، فقد زار الكويت الشيخ محمد رشيد رضا وغيره من المصلحين، وكان لذلك أثر في تأسيس الجمعية الخيرية العربية عام 1913م التي أسهمت في ترميم المساجد القديمة وإصلاحها، ومساعدة الفقراء والدعوة والإرشاد، وتجهيز مستوصف خيري وغيرها من الأعمال الخيرية، وكذلك تم إنشاء الجمعية الأهلية التي أسسها التاجر فرحان الخالد عام 1983م.

والمرحلة الثانية كانت بعد خروج النفط، فمنذ مطلع الستينيات والسبعينيات بدأت المؤسسات وجمعيات النفع العام التطوعية بالظهور، ومن هذه الجمعيات الخيرية جمعية إحياء التراث الإسلامي التي تأسست عام 1981م بفضل الله جلّ وعلا ثم الدعاة السلفيين، وأخص بالذكر هنا العم الفاضل خالد سلطان بن عيسى وفقه الله، وأختم بكلمة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح حفظه الله تعالى ـ: "العمل الخيري تاج على الرؤوس"، فتكفي هذه الكلمة التي نبعت من صميم قلبه؛ فهي تشير إلى أن العمل الخيري متأصل في حكام الكويت وشعبها حفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه.

والعمل الخيري في الكويت متعدد، فمنه ما تقوم عليه الدولة كبيت الزكاة، ومنه ما يكون تحت غطاء الدولة كمؤسسات النفع العام، ويقوم الأفراد بإدارته وتمويله عن طريق دعوة الناس للتبرع، وهناك أيضاً مبرات تخص أشخاصا أو عوائل، وهم الذين يقومون بإدارتها وتمويلها.

 

مستقبل العمل التطوعي:

إن الظروف السياسية والاقتصادية السائدة في كثير من الدول تمنح المزيد من الحريات للقطاع التطوعي؛ لأن هذا الدور يتركز على محاربة الفقر في العالم، ورغم ذلك هناك أكثر من مليار من سكان العالم يعيشون تحت خط الفقر، والفرصة مازالت متاحة للتنظيمات التطوعية للانتقال من دور الفعل إلى دور التأثير، وذلك ينبع من الجهود التطوعية التي أثبت الكثير منها القدرة على الأداء والممارسة الميدانية بفاعلية أكبر.

> ما أمنياتكم للعمل التطوعي الخيري، وهل الإقبال على العمل التطوعي أصبح نادرا في هذا الوقت؟

< موضوعية النظرة لمستقبل العمل التطوعي ذات أهمية بالغة، ولكن لا ينبغي المبالغة في التفاؤل ولا التشاؤم أيضاً؛ فلكي تكون الرؤية واضحة والنتائج طيبة لا بد من عمل خطط مستقبلية واستراتيجيات لكي تواجه التيارات المضادة للعمل الخيري؛ لأنها مستهدفة بالسوء.

وأول هذه الأمنيات الخروج من بوتقة الاعتماد على الصدقات والزكاة، وذلك بإيجاد مشاريع وقفية أو ربحية أو غيرها، حتى لا يكون نشاط اللجان الخيرية متوقفاً على وجود الصدقات والزكاة إن وجدت نشط العمل، وإن ضعفت ضعف العمل.

وثانيها: محاولة التعرف على أسباب نفور المتطوعين عن العمل الخيري، وأخص بذلك: «اللجان الخيرية»، ومن ثم إيجاد الحلول السريعة لها؛ حتى لا تكون أو تتحول اللجان إلى بيئة طاردة منفرة.

ثالثها: غربلة كثير من اللجان القارية وأقسام الأيتام وضبط الأمور والمشاريع؛ فإن العمل الخيري السلفي له قبول وثقة عند كثير من الناس، وأنا أرى بعض أمور تقلل هذه الثقة وتكدر ذلك القبول؛ فالبدار البدار لكسب رضا الله أولاً ثم رضا الناس.

ورابعها: إعادة العمل الخيري إلى سابق أوانه من النشاط؛ فإن بعضاً من تلكم الأنشطة ضعف أو مات.

> ما التوصيات الذي تطرحها على اللجان المنتشرة في الكويت؟

< 1. اللجان الثقافية في اللجان الخيرية لا بد أن يكون لها دور فعال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتصفية والتربية، وكذلك تثقيف الناس بأمور دينهم في المواسم كالحج والصيام والعيدين الفطر والأضحى... إلخ.

2. لمراكز تحفيظ القرآن الكريم دور كبير في تحفيظ القرآن الكريم وتجويده، وعمل مسابقات للقراءات العشر لكيلا يتميز بذلك أهل البدع، وأهم من هذا كله هو تفسير القرآن، وللأسف فقليل من مراكز التحفيظ الذي يهتم بتفسير القرآن الكريم.

3. على لجان الدعوة والإرشاد في جميع مناطق الكويت التابعة لجمعية إحياء التراث الإسلامي عمل الدورات العلمية في جميع مناطق الكويت وليس في مناطق محدودة فقط، وكذلك الاهتمام بالأمور الاجتماعية كالطلاق والإدمان على المخدرات وغيرهما من الأمور المنتشرة في المجتمع والتي تحتاج إلى التوجيه الديني والإسلامي، وكذلك الاهتمام بالنشء وعمل مراكز لهم في كل منطقة لكي نبعدهم عن قرناء السوء، فلجان الدعوة والإرشاد قلب الدعوة النابض في المناطق، فهل عرفنا قدرها؟

> ما أبرز التحديات التي تعوق العمل الخيري في هذه المرحلة؟

< يمر العالم الإسلامي بمرحلة عصيبة منذ أحداث 11 سبتمبر، وللعمل التطوعي نصيب وافٍ من الظلم الذي حاق بالعالم الإسلامي؛ بزعم أن المنظمات داعمة للإرهاب، وقضية جمعية إحياء التراث الإسلامي خير شاهد على ذلك باتهامها بالتعامل مع الإرهابيين وبالتطرف الفكري وإن لها علاقة بتنظيم القاعدة وللأسف لم يتم تقديم دليل واحد على ما اتهمت، فقام العم الفاضل/ طارق العيسى بالرد على جميع الادعاءات ودحضها، بل قامت الحكومة الرشيدة أيضاً برفض تلك الادعاءات والتهم عن الجمعية وعلى رأسهم صاحب السمو أمير البلاد وولي عهده الأمين ورئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية د. محمد الصباح.

> الضغط الغربي على العمل الخيري والدعوي الإسلامي واضح وله أشكال عدة، هل يمكن أن نوضحه أكثر؟

< - اتهامه بوجود علاقة بينه وبين الإرهاب.

- محاولة إجبار الجهد الخيري على التخلي عن ربط الدعوة بالإغاثة.

- التضييق على مناشطه الدعوية خارج البلاد.

- التضييق على التبرعات والتحويلات المالية للمؤسسات الإسلامية.

- الهجوم اليهودي متمثلاً في وسائل الإعلام التي تهدف إلى تزييف الحقائق إزاء العمل الخيري الإسلامي.

- الحملة العلمانية والليبرالية التي يقودها مجموعة من الكتّاب في منطقة الخليج بالذات، ويريدون تصفية العمل الخيري الدولي، متذرعين بحجج واهية يقصدون من ورائها تقويض العمل وتصفيته؛ حيث نادى بعضهم بإغلاق بعض المؤسسات الخيرية زاعماً أنها استـنفدت الغرض من قيامها.

> ما أولويات العمل الخيري في المرحلة الراهنة من وجهة نظرك؟

< من أهم الأولويات العمل على تغيير نظرة الناس إلى العمل الخيري باعتباره خدمة تقدمها الهيئات للمتبرعين متحملة مسؤولية وضع التبرعات حيث ينبغي أن توضع.

تقوية العلاقة بالمتبرعين والمحسنين من خلال زيارتهم، وتزويدهم بتقارير دورية عن مصير تبرعاتهم، ودعوتهم لزيارة المؤسسة؛ فينبغي ترتيب الزيارة والإفادة منها لغرس مزيد من الثقة لديهم.

فعلى المؤسسات الخيرية مسؤولية مراجعة أوضاعها، والرقي بمستويات العمل فيها، وتحديد أولوياتها في العمل. ومن أهم العناصر التي ينبغي مراعاتها: الثبات على هذا الطريق، والإحسان فيه، والصبر على ما يرد من جرائه من إشكالات.

> أنتم تعملون في الحقل الخيري منذ زمن بعيد، ما أولويات العمل الخيري في هذه المرحلة من وجهة نظركم؟

< التزام «المصداقية» في العمل مع عامة الناس، سواء كانت في تنفيذ المشروعات من مساجد ومدارس وآبار أم كفالة الأيتام وغيرها من البرامج التي تجتذب الناس، فضلا عن مراجعة وضع المؤسسات الخيرية، والخروج من حيز الإدارة الفردية، وعلى الرغم من وجود مجالس إدارات لكثير من المؤسسات إلا أنها غالباً ما تكون صورية، وقلما يدعى المجلس إلى اجتماع.

وتفعيل العمل التطوعي في مجتمعنا، وتنظيم أعمال التطوع، وتدريب المتطوعين الراغبين في العمل الخيري.

ومن الأشياء المهمة أيضا الحرص على التخصص؛ فلا تستطيع هيئة خيرية أن تتميز في كل مجال، وإنما لها أولويات في برامجها تحتاج إلى التركيز عليها.

وتفعيل الآليات المناسبة لمواجهة الحملات الضارية، من نشاط إعلامي، ومؤتمرات، وندوات، واتصالات فردية والتوجه إلى الإعلام المرئي؛ فهو المؤثر في هذا الزمان ولا يمكن الاستغناء عنه.

> كيف تقرأ مستقبل العمل الخيري في ظل الظروف الراهنة؟

< إن العمل الخيري أصبح عملاً مؤسسياً تحتضنه العديد من الهيئات والجمعيات واللجان الخيرية، ويقوم على خطط مدروسة، وهذه المؤسسات تبحث في حاجة المسلمين، وتعمل جاهدة على تلبيتها، ومما لا شك فيه أن العمل الخيري أسهم في مساعدة العديد من المناطق الإسلامية، وأقام بها العديد من المشاريع التنموية والإغاثية والصحية والتعليمية؛ فقد قدم العمل الخيري للكويت الكثير، وأظهر طيبة وكرم أهلها الذين ورثوا حب الخير عن الآباء والأجداد، وقد شهد بذلك الكثير من المسؤولين منهم رئيس مجلس الأمة الكويتي جاسم الخرافي الذي اعتبر العمل الخيري سفيراً حقيقياً للكويت في الخارج، وقد كان لهذا العمل دور كبير في جلب تعاطف الرأي العام الإسلامي مع الشعب الكويتي في محنته إبان الاحتلال العراقي الغاشم للكويت. كما أن العمل الخيري متأصل في نفوس أبناء الكويت، ولم تستطع تداعيات الحادي عشر من سبتمبر التأثير عليه، واستمر رجال هذه المؤسسات ومسؤولوها في دفع عجلتها إلى الأمام بكل ثقة؛ لأن صفحتهم بيضاء وخالية من أي شبهة، وقد كانت المؤسسات الخيرية في طليعة الفعاليات الإسلامية التي أدانت أحداث 11 سبتمبر، وأكدت أن الإسلام بريء منها، ولا يمكن القبول بها على الإطلاق. ولعل هذا الموقف المحدد والواضح هو الذي عزز موقف الجمعيات واللجان الخيرية عند الناس بعد توفيق الله.

 

لمستقبل زاهر ومشرق:

 تبشير الناس بمستقبل مشرق لهذا الدين وهذه الأمة، كما وعد بذلك الصادق المصدوق [، والعمل على الوصول إلى هذا الهدف.

الحرص على الثبات وتثبيت الناس في وسط هذه المحنة؛ بما في ذلك الحرص على تقوية ثقة الناس بالله تعالى أولاًً، ثم بالمنظمات والقائمين عليها.

بذل جهود مضاعفة في هذه المرحلة، وحث العاملين على الاحتساب وجودة العطاء والتوجه إلى الله تعالى بصادق الدعاء؛ للخروج من هذه المحنة التي تمر بها الأمة المسلمة.

الحرص على الالتزام بمنهج الإسلام في التعامل مع الغير سواء كان مسلما أم غير مسلم.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك