رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: مصطفى صلاح خلف 18 يوليو، 2010 0 تعليق

دار الرقابة الشرعية تعقد المؤتمر الدولي للاقتصـاد الإســلامي

 

 

في ظل الأزمة المالية العالمية كثر الحديث عن الحلول للخروج من هذه الأزمة، ومواجهة الكيد لاقتصادنا الإسلامي بعدما شاع من الثناء بما يحتمل الضغينة لاقتصادنا من بابا الفاتيكان وكثير من قادة الفكر والسياسة الغربيين؛ بسبب نجاة كثير من المؤسسات الاستثمارية والمالية الإسلامية التي حصنها الله سبحانه وتعالى لالتزامها ترك الربا والمعاملات المريبة من الغرر والضرر، ومن هنا كانت أهمية المؤتمر الدولي للاقتصاد الإسلامي الذي عقدته دار الرقابة الشرعية بغرفة التجاة والصناعة بالكويت تحت عنوان: «احتساب أرباح الشركات والبنوك الإسلامية.. المعايير والأحكام».

الشريعة والمحاسبة معاً

أوضح السيد أحمد باقر العبدالله وزير التجارة والصناعة في كلمته التي ألقاها عنه السيد رشيد الطبطبائي وكيل وزارة التجارة والصناعة أنه لمن المناسب أن يجتمع المتخصصون في المحاسبة والشريعة الإسلامية من داخل الكويت وخارجها لمعالجة المستجدات المحاسبية للبنوك والشركات المالية الإسلامية لاسيما في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها المؤسسات المالية في جميع أنحاء العالم ومنها بعض المؤسسات المالية والاقتصادية الإسلامية، وذلك لترسيخ مبدأ الشفافية والمصداقية في وضع الميزانيات مما يسهم في اتخاذ القرار الاقتصادي الصائب الذي يؤثر في المؤسسة والدولة، وذلك يهدف إلى الارتقاء العام بمؤسساتنا الاقتصادية الإسلامية.

وأضاف أن للكويت دورا رائدا في الصناعة المالية الإسلامية، وقد قدمت تجربة عريضة في هذا الميدان، وعلينا الآن أن نجتهد في وضع الحلول والعلاج لهذا الموضوع الدقيق والحيوي المعاصر الذي يعانيه معظم العالم للخروج الصحيح من عنق الزجاجة.

 

الاقتصاد الإسلامي

معايير وأحكام

وخلال المؤتمر أكد الأستاذ الدكتور محمد الطبطبائي رئيس دار الرقابة الشرعية وعميد كلية الشريعة بجامعة الكويت سابقاً أن حساسية هذا الموضوع الخاص بالاقتصاد الإسلامي ترجع إلى المرحلة التي تعيشها الشركات المالية الإسلامية بعد الأزمة المالية التي عصفت باقتصاد العالم.

وأوضح أن المؤسسات المالية الإسلامية في الكويت مرت بثلاث أزمات مالية كبيرة لكن الأخيرة لها وضع مختلف؛ فقد أتت في وقت تعددت فيه المؤسسات بعد أن كانت مؤسسة مالية واحدة.

ولقد تم اختيار موضوع المؤتمر والإعداد له في وقت كانت تتنافس فيه المؤسسات المالية في إعلان أرباحها وذلك قبل الأزمة المالية العالمية الراهنة، ولكن قدر الله تأجيل المؤتمر ليكون الآن، فتضيف الأزمة المالية العالمية له العديد من المحاور المهمة التي يجب مناقشتها.

وقد اشتمل المؤتمر على محاور متعددة تشمل التنضيض الحكمي (التصفية السنوية) للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية من خلال بيان حكمه ومعاييره وضوابطه، وحكم ترحيل الأرباح وعدم الاعتراف المحاسبي بها، وأثر اختلاف المعايير في احتساب الأرباح على الميزانية الخاصة بالشركات الإسلامية، فضلاً عن ضوابط حق الشركات والبنوك الإسلامية في عدم الاعتراف بالأرباح وأثر ترحيل الأرباح على المساهمين والمستثمرين، وكذلك معايير احتساب الأرباح في شركات التأمين التكافلي.

كما ناقش المؤتمر موضوع جلسة المراجعات في الاقتصاد الإسلامي، وتم إعادة النظر في موضوع الإجارة المنتهية بالتمليك من حيث حقيقتها والتطبيق العملي لها، كذلك مراجعة الفتاوى الصادرة بشأن جواز الاكتتاب وشراء الأسهم والمضاربة للشركات المختلفة.

 

تحرش غربي

وخلال مناقشات المؤتمر أكد الدكتور سعد الدين الهلالي أستاذ الفقة المقارن بجامعة الأزهر الشريف أن  الوضع الراهن ونشوب الأزمة العالمية يجعلنا نتمسك بالقواعد والمعايير والضوابط الإسلامية في كافة الأعمال الاقتصادية داخل مؤسسات الاقتصاد الإسلامي والاستثمار الإسلامي، ولاسيما بعد الدعاوى الغربية التي حمل بعضها الثناء الممزوج بالكيد لأمتنا وشركاتنا الإسلامية، كذلك كان حديث بابا الفاتيكان الذي لم يخلُ من سوء النية تجاه المؤسسات الاقتصادية الإسلامية.

وأضاف الهلالي أن المؤسسة الاقتصادية الإسلامية هي تلك التنظيمات التي تعمل على جذب الأموال بغرض تنميتها وتكثيرها بإحدى الصيغ المشروعة التي ترعى المصالح الخاصة والعامة.

وأوضح أن معيار تقرير الربح في المؤسسات الإستثمارية الإسلامية فية اتجاهات لفقهاء الإسلام، الاتجاه الأول يرى أن معيار تقرير الربح هو المفاصلة على أساس أن الربح هو الزيادة الحقيقية عن رأس المال بالتجارة لا بالذات أو الزمن، وهذا مذهب الحنفية والأظهر عند الشافعية ورواية للحنابلة، ويترتب عليه عدم استحقاق الربح إلا بالمفاصلة، أما الاتجاه الثاني ففيه أن معيار تقرير الربح هو النتاج على أساس أن كل زيادة تحدث في رأس المال هي من الربح سواء أكانت بسبب التجارة أم الزمن، وهو مذهب المالكية والظاهر عند الشافعية والمذهب عند الحنابلة، وهو اختيار أكثر الاقتصاديين، ويترتب عليه الاختلاف في زمن استحقاق الربح.

وأشار الهلالي إلى أنه على مؤسساتنا الاقتصادية مراعاة هذه الجوانب الإسلامية التي لا ينتج عنها إلا علو شأن المؤسسات الاقتصادية الإسلامية، وهذا كل ما نحتاجه ونتطلع إليه ولاسيما في الوقت الحاضر.

 

الأمانة عصب النجاح الاقتصادي

كما أكد الدكتور بدر الماص خلال المؤتمر أن الأمانة التي تضمنتها الشريعة الإسلامية وأكد عليها القرآن والسنة هي سر الفلاح والنجاح ولاسيما في وقتنا الحاضر الذي ضرب فيه الاقتصاد وتراجع إلى الانحطاط عما كان، وأصبح شبيهاً بالاقتصاد الرأسمالي الذي يتجه نحو إعطاء الفرد الحرية الكاملة بغض النظر عن الأضرار التي يمكن أن تنجم عن هذه الحرية وتضر بالآخرين والمجتمع كله.

وأضاف الماص أنه من الأمانة عدم الاحتكار؛ قال الرسول[ : «لا يحتكر إلا خاطئ» وهو المذنب العاصي متعمد الخطأ، وقد يترتب على الاحتكار رفع الأسعار وإرهاق المسلمين، وهذا نوع من إحداث الخلل في الاقتصاد وهدم له، وفي عصرنا هذا نجد كثيرا من التجار يحتكرون أنواعاً من السلع الضرورية ويحددون أسعارها كيف شاءوا مستغلين حاجة الناس، وما هذا إلا لبعدهم عن منهج الله وتركهم للأمانة.

 

أهداف وتوصيات

وجاءت توصيات المؤتمر الدولي الرابع للاقتصاد الإسلامي معبرة عن إرهاصاته التي تلخصت في مراجعة المؤسسات الاستثمارية الإسلامية للربح وطرق احتسابه حتى لا تدركها المخاطر، فضلاً عن تحديد مفهوم الربح وهو ما زاد عن رأس المال، كذلك البعد عن التنضيض الحكمي في توزيع الأرباح؛ عملاً بمذهب المفاصلة.

وحثت توصيات المؤتمر على تطبيق الشريعة الإسلامية في كل مناحي اقتصاد دولنا الإسلامية ومؤسساتنا الاقتصادية، فنريده اقتصاداً إسلامياً لا رأسمالياً ولا شيوعياً، ونريده قائماً على الوحي ومرجعه إلى الكتاب والسنة، زرعه التقوى، وثمرته الأمانة، وريه الثقة والعفة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك