رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. خالد سلطان السلطان 30 أبريل، 2024 0 تعليق

خواطر الكلمة الطيبة – ارجع فصل فإنك لم تصل

  • احذر أن تكون من أهل «ارجع فصل فإنك لم تصل» ويوم القيامة يقال لك ارجع فلا قبول لصلاتك!
  • من أهم الأمور التي يجب على الإنسان تعلمها: قضايا التوحيد وتعلم السنة واتباع النبي [ ثم الصلاة وأحكامها لأنها خيرُ موضوع
 

روى أبو هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - دخل المسجد فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فرد رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عليه السلام، وقال ارجع فصل فإنك لم تصل، فرجع الرجل فصلى كما كان صلى ثم جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسلم عليه فقال له رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: وعليك السلام، ثم قال ارجع فصل فإنك لم تصل، حتى فعل ذلك ثلاث مرار؛ فقال الرجل: والذي بعثك بًالحق ما أحسن غير هذا فعلمني، قال: إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم اجلس حتى تطمئن جالسا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها؛ فإذا فعلت هذا فقد تمت صلاتك، وما انتقصت من هذا شيئا فإنما انتقصته من صلاتك، وقال فيه: إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء.

(فعلمني) كلنا ذلك الإنسان الذي يحتاج أن يتعلم شرع الله -عز وجل- عموما، وأخَصّ ما في هذه الشريعة أمور ثلاثة:
  • الأمر الأول: تعلم قضايا التوحيد وكيف تكون موحدًا لله -عز وجل- وتتجنب الشرك؟
  • الأمر الثاني: تعلم السنة وكيف تكون متبعًا للنبي -[؟ لأنه فرعٌ عن التوحيد.
  • الأمر الثالث: الصلاة، لأنها خيرُ موضوع كما قال النبي -[- فإذا صلحت الصلاة صلح سائر العمل، وإذا فسدت فسد سائر العمل، ولذلك أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة بعد توحيده، بل حتى الكفار عندما أرادوا ان يعللوا سبب دخولهم النار بدؤوا في موضوع الصلاة قبل موضوع العقيدة لعظمها { كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) (المدثر: 38-42).

الصلاة تحقق منظومة التوحيد

      فأمر العقيدة صار بعد ذكرهم عدم صلاتهم، تكلموا عن قضية عدم الصلاة؛ لأن الصلاة هي التي تحقق منظومة التوحيد؛ فلا تجعل صلاتك عادة بل اجعلها عبادة، وأوصي نفسي وإخواني وكل من يسمع هذا المقطع: إن كنت تستطيع في كل حركة من حركات الصلاة ان تستحضر الراوي لفعلك هذا فافعل، لأنك تصلي في اليوم على وجه الفريضة خمس مرات، وعلى وجه السنن والنوافل كل فرد على قدر اجتهاده، فأنا عند التكبير أتذكر، من روى التكبير؟ رواه الإمام البخاري، وعند وضع اليدين على الصدر أتذكر رواية الإمام مسلم، وعند الركوع أتذكر رواية الإمام أحمد، وعند الاعتدال من الركوع أتذكر رواية الإمام ابن ماجه، وعند رفع اليد للسجود وهي من السنن التي كانت تُفعل أحيانا، وهكذا اجعل صلاتك كلها مستحضرة، فإذا جاءك سائل رأيتك تفعل هذه الحركة في الصلاة فما دليلك؟ تقول روى الإمام أحمد في مسنده كذا وكذا، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم .

تعلم هيئات الصلاة

      لابد وأن نصل لهذه المرحلة، وأنا على يقين بأن أغلبنا يصلي لأنه تعلم بالمدرسة أو على يد شيخ أو يمكن أحدنا قرأ كتابا من سنوات طويلة لكنه الآن ليس مستحضرا للرواية، لكن نقول: طالما تلك العبادة أنت تفعلها يوميا فيفترض أنك اليوم حافظ لجميع الرواة الذين رووا هذه الصلاة، بهذه الصفة وبهذه الهيئة، والتزامك لهيئة من الهيئات إذًا هذا يلزم منك أن تعلم من رواها؟ وأين مرجعها؟ لأنك يمكن أن تُسأل وبالفعل حدث ذلك. فقد كنت أصلي ومعي أخ سوداني ونحن نصلي مع جماعة، فرأى بعض الأشياء أنا أفعلها في الصلاة، فبعد الصلاة مباشرةً ما انتظر فجاءني وسألني أنا رأيت منك حركات فما هذه؟ فقلت روى الإمام النسائي كذا، وفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - كذا، وهذا الحديث رواه الإمام النسائي وصححه.. فقال مكملا: الألباني، قلت وما أدراك؟ قال: معروف الألباني، فبرغم أنه رجل عامي إلا أنه قد انطبعت في ذهنه عبارة: صححه الألباني.

ارجع فصل فإنك لم تصل

       الشاهد إخواني أنه من الممكن أن يكون أي واحد فينا هذا الرجل (ارجع فصل فإنك لم تصل)، فلا تنتظر أحدا يقول لك ارجع فصل، أنت راجع نفسك؛ فأنا لا أعرف في الدنيا -وهذا من حد المبالغة- لا أعرف في الدنيا أحدا ألف في صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - على وجه الدقة والتفصيل مثل الشيخ الألباني -رحمة الله عليه- ولا في علماء الأمة لا المتقدمين ولا المتأخرين، لا يوجد في الدنيا إلى الآن كتاب دقيق جدا في صفة الصلاة -مع جلالة قدر العلماء السابقين واللاحقين- صنف مثل كتاب الشيخ الالباني. فقد صنفه في ثلاث مجلدات، وهذا المعتمد الكبير الذي لم يخرج إلا بعد وفاته، وكنا نعيش على سنوات طويلة ندرس مختصرا لهذا الكتاب وهو صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، الذي كان الشيخ في كل طبعة يضع زيادات ويجدد ويعدل على نفسه مابين تصحيح وتضعيف وإيراد أحكام.

أهمية كتاب صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم 

       ومن يقرأ صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - والحاشية وتعليقات الشيخ والله يحب الشيخ ويعلم أنه رجل منصف، وأنه رجل لو كان الحق عليه يقوله، مثل قوله: «وقد أخطأت يوم صححت هذه الرواية، وذكرت كذا واستدللت منها كذا، ولكن -الحمد لله- أني وجدت رواية أخرى تعضد كلامي، ولكن تلك الرواية ضعيفة وهذه هي الصحيحة». هذا رجل عظيم وعنده أدب عظيم، لماذا؟ لأن هذا أمر شرع ودين وليس فيه مجال للمجاملة؛ فهذا أمر دين والله -عز وجل- يحاسبني عليه، وما أكتب فالله -عز وجل- يحاسبني عليه، ثم بعد ذلك جاء إلى ملخص صغير خاص بعامة الناس، طبعا السابق هذا خاص بطلبة العلم، والكبير هذا حق المجتهدين وأهل العلم ماشاء الله، ثم جاء الأخ محمود الدليمي -بارك الله فيه وهو أحد طلبة الشيخ مشهور- ووضع الصور ونحن في الكلمة الطيبة طبعنا هذا الكتاب بعد إذن المصنف ووزعناه -بحمد الله- في الكويت كلها كتاب صغير فيه كل صفة بطريقتها بشكلها.

تعليم فقه الصلاة

         الشاهد إخواني، أنا على يقين أنه حصل أو سيحصل معكم مثلما حصل معي ومع كثير من الناس، أنه إذا جلس مع أهله في الجلسة الأسبوعية أو الشهرية التي تجتمع بهم فيها بالديوانية، وجئت تشرح صفة الصلاة ستجد العجب العجاب من أمك وأبيك وأختك وأخيك وزوجتك وعيالك، من علمكم هذه الصلاة؟ ولكن السؤال الحقيقي ماذا تفعل حضرتك طوال تلك السنين؟ هذه أمك، هل جلست معها مرة علمتها صفة الصلاة؟ وهذا أبوك هل جلست معه لتعلمه كذلك صفة الصلاة؟ إذا أنت ما تحسن فهلا جمعتهم لتريهم مقطعا سواء من أحد أهل العلم عن صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم ؟

تطبيق عملي

       وأحمد الله -عز وجل- اني على المنبر تطبيقا عمليا وأمام المستمعين شرحت صفة الصلاة وصفة الوضوء وخلعت عقالي وغطرتي وبيشتي وأنا على المنبر لإيضاح كيف توضأ النبي - صلى الله عليه وسلم - فهذا فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على منبره ليعلم الناس وكان الصحابة -رضي الله عنهم- يفعلون كذلك «ألا أتوضأ لكم كما توضأ النبي - صلى الله عليه وسلم -» عثمان بن عفان وغيره من الصحابة -رضي الله عنهم-، ويفعلون ذلك ليعلموا الناس وأمام أبي بكر وعمر وعلي وحمزة -رضي الله عنهم-، وهذا لايعيب أحدا بل هو علم، وهو أساس قبول عملك، فإذا كان وضوؤك خطأ، وصلاتك خطأ، فلن تنال الأجر الذي تطلبه.

صلوا كما رأيتموني أصلي

       قال - صلى الله عليه وسلم -:»من توضأ كما أمر وصلى كما أمر غفر له ذنبه»حديث رواه المنذري في الترغيب والترهيب، تخيل إذا أنت توضأت كما أُمرت، أي كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وصليت كذلك غفر الله لك ذنبك. طيب! وإن لم تفعل؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: « خمس صلوات من صلاهن لوقتهن بركوعهن وسجودهن وخشوعهن، كان له عند الله عهد أن يغفر له، وإن لم يفعل ليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له»؛ لذا فهو أمر خطير إخواني، وأنا أدعو جميعكم إلى الاعتناء الشديد بأمر الصلاة ولاسيما والأمر متاح، فهو موضوع كبير وعظيم، موضوع أمة، وموضوع عبادة، وهو موضوع توحيد، فكل هذا داخل في قضية الصلاة لله -عز وجل» لذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: «صلوا كما رأيتموني أصلي» وتذكر واحذر أن تكون من أهل «ارجع فصل فإنك لم تصل!»، ويوم القيامة نسأل الله العافية، يقال له: ارجع فلا قبول لصلاتك! لماذا؟ لأنك ما صليتها كما جاء في كتاب الله -عز وجل- ولا في سنة النبي - صلى الله عليه وسلم .

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك