رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر الشرعي 8 أغسطس، 2023 0 تعليق

خطبة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية {وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}

جاءت خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لهذا الأسبوع 17 من المحرم 1445هـ - الموافق 4/ 8/2023م بعنوان: {وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}؛ حيث بينت الخطبة أنَّ مِنْ عَظِيمِ فَضْلِ اللهِ عَلَيْنَا أَنْ شَرَعَ لَنَا دِينًا قَيِّمًا وَمِنْهَاجًا، وَجَعَلَنَا فِي الْأُمَمِ أُمَّةً وَسَطًا؛ فَزَادَ الشَّرِيعَةَ رَحْمَةً وَحِكْمَةً، وَالنُّفُوسَ قَبُولًا وَابْتِهَاجًا.

 

      وَإنَّ مِنْ مَظَاهِرِ هَذِهِ الْوَسَطِيَّةِ: الِاعْتِدَالَ فِي الْإِنْفَاقِ وَسَائِرِ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ، فَقَدْ أَثْنَى رَبُّنَا -سُبْحَانَهُ وَتعالى- عَلَى أَوْلِيَائِهِ مِنْ عِبَادِهِ وَأَصْفِيَائِهِ مِنْ خَلْقِهِ؛ فَجَعَلَ الْعَدْلَ وَالْوَسَطَ مِنْ صِفَاتِهِمُ الْمُلَازِمَةِ لَهُمْ؛ فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} (الفرقان:67)، وَذَمَّ رَبُّنَا - عَزَّ وَجَلَّ- الْإِسْرَافَ وَالتَّبْذِيرَ وَجَعَلَهُمَا مِنْ صِفَاتِ إِخْوَانِ الشَّيَاطِينِ؛ تَحْذِيرًا مِنْهُ وَتَنْفِيرًا؛ فَقَالَ -تعالى-: {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} (الإسراء:26-27)، وَأَخْبَرَ -جَلَّ جَلَالُهُ-: أَنَّهُ لَا يُحِبُّ أَهْلَ التَّبْذِيرِ وَالسَّرَفِ، الَّذِينَ يَتَجَاوَزُونَ الْحُدُودَ وَيَتَجَشَّمُونَ الْكُلَفَ، فَقَالَ: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ }( الأعراف:31). وَدِينُ اللَّهِ -تعالى- وَسَطٌ بَيْنَ السَّرَفِ وَالتَّبْذِيرِ، وَالْبُخْلِ وَالتَّقْتِيرِ؛ قَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} (الإسراء:29).

 

الْإِسْرَاف مَرَضٌ عُضَالٌ

إِنَّ الْإِسْرَافَ دَاءٌ قَتَّالٌ، وَمَرَضٌ عُضَالٌ، يَهْدِمُ مُقَوِّمَاتِ الْأُمَمِ وَالْمُجْتَمَعَاتِ، وَيُبَعْثِرُ الْأَمْوَالَ وَيُبَدِّدُ الثَّرَوَاتِ، ثُمَّ يَكُونُ سَبَبًا لِلْوُقُوعِ فِي الْمَهَالِكِ، وَكَثِيرًا مَا تُصَابُ النُّفُوسُ عِنْدَ كَثْرَةِ الْعَرَضِ وَالْغِنَى بِالطُّغْيَانِ وَالْإِسْرَافِ وَسُوءِ الْمَسَالِكِ، وَهُوَ تَوْجِيهٌ غَيْرُ سَوِيٍّ لِنِعْمَةِ الْمَالِ الَّتِي اسْتَوْدَعَهَا اللهُ الْإِنْسَانَ وَاسْتَخْلَفَهُ فِيهَا، وَاسْتِرْسَالٌ فِي الْمُتَعِ وَاللَّذَّاتِ، وَاسْتِغْرَاقٌ فِي الِانْحِدَارِ وَالشَّهَوَاتِ.

 

أسباب الْإِسْرَافِ وَالتَّبْذِيرِ

وَإِنَّ لِلْإِسْرَافِ وَالتَّبْذِيرِ أَسْبَابًا تَدْعُو إِلَيْهِمَا، وَدَوَافِعَ تَبْعَثُ عَلَيْهِمَا، وَمِنْ هَذِهِ الْأَسْبَابِ:

(1) جَهْلُ الْمُسْرِفِينَ بِأَحْكَامِ الدِّينِ

      من أسباب الإسراف جَهْلُ الْمُسْرِفِينَ بِأَحْكَامِ الدِّينِ الَّذِي يَنْهَى عَنِ الْإِسْرَافِ وَالتَّبْذِيرِ، أَوْ تَجَاهُلُ مَنْ لَا يَجْهَلُ أَحْكَامَ الْإِسْرَافِ وَتَغَاضِيهِ عَنْ ذَلِكَ؛ اتِّبَاعًا لِرَغْبَةٍ فِي نَفْسِهِ، مِنْ حُبٍّ لِلْمُبَاهَاةِ وَالتَّفَاخُرِ، وَرَغْبَةٍ فِي التَّسَابُقِ وَالتَّكَاثُرِ فِي مَظَاهِرِ الدُّنْيَا وَمَفَاخِرِ الْعَيْشِ.

(2)  الْغَفْلَةُ عَنْ حَقِيقَةِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا

     وَمِنَ الْأَسْبَابِ: الْغَفْلَةُ عَنْ حَقِيقَةِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَأَنَّهَا دَارُ مَمَرٍّ لَا دَارُ مَقَرٍّ، فَإِذَا غَفَلَ الْمَرْءُ عَنْ حَقِيقَتِهَا وَأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ تَعْدِلُ عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى مِنْهَا كَافِرًا شَرْبَةَ مَاءٍ، وَأَنَّ الْحَالَ قَدْ يَتَغَيَّرُ مِنَ الْغِنَى إِلَى الْفَقْرِ، ومِنَ الْفَقْرِ إِلَى الْغِنَى مَا بَيْنَ غَمْضَةِ عَيْنٍ وَانْتِبَاهَتِهَا، فَإِذَا غَفَلَ عَنْ ذَلِكَ أَسْرَفَ عَلَى نَفْسِهِ وَبَدَّدَ أَمْوَالَهُ، فَالْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَيْدَانٌ لِلتَّسَابُقِ فِي الصَّالِحَاتِ لَا فِي الشَّهَوَاتِ، وَفِي الْمُسَارَعَةِ إِلَى أَسْبَابِ الرِّضْوَانِ، لَا إِلَى أَسْبَابِ السُّخْطِ وَالطُّغْيَانِ.

(3)  مُصَاحَبَةُ الْمُسْرِفِينَ

     وَمِنْهَا: مُصَاحَبَةُ الْمُسْرِفِينَ؛ لِأَنَّ الصَّاحِبَ يَتَأَثَّرُ بِأَخْلَاقِ صَاحِبِهِ، وَيَتَطَبَّعُ بِطِبَاعِهِ، وَالصَّاحِبُ كَمَا قِيلَ: سَاحِبٌ، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ» (أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ).

(4) التَّقْلِيدُ وَاتِّبَاعُ الْعَادَاتِ

     وَمِنْ هَذِهِ الْأَسْبَابِ: التَّقْلِيدُ وَاتِّبَاعُ الْعَادَاتِ، فَإِذَا نَشَأَ الْإِنْسَانُ فِي بِيئَةٍ تَعَوَّدَتِ السَّرَفَ وَالتَّبْذِيرَ حَاكَاهُمْ وَقَلَّدَهُمْ، وَحَاوَلَ مُسَايَرَتَهُمْ فِي حَيَاةِ الْبَذَخِ وَالْإِسْرَافِ، حَتَّى أُصِيبَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ بسُعَارِ التَّقْلِيدِ الْأَعْمَى وَالْمَظَاهِرِ الْمُثِيرَةِ، وَالتَّبَعِيَّةِ الْجَوْفَاءِ بِلَا تَمْحِيصٍ وَلَا بَصِيرَةٍ. وَمِنْهَا أَيْضًا: قِلَّةُ النَّظَرِ فِي عَوَاقِبِ السَّرَفِ وَالتَّبْذِيرِ، وَقِلَّةُ الِاكْتِرَاثِ بِأَثَرِهَا الْكَبِيرِ وَشَرِّهَا الْمُسْتَطِيرِ؛ فَلَوْ تَأَمَّلَ الْإِنْسَانُ تِلْكَ الْعَوَاقِبَ، وَوَضَعَهَا فِي عَقْلِهِ وَقَلْبِهِ لَمَا رَأَيْنَا كَثِيرًا مِنْ مَظَاهِرِ السَّرَفِ وَتَبْدِيدِ الثَّرْوَةِ؛ الَّتِي طَغَتْ حَتَّى أَصْبَحَتْ جُزْءًا مِنْ حَيَاةِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ.

مظاهر الْإِسْرَاف وَالتَّبْذِير

      وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْإِسْرَافَ وَالتَّبْذِيرَ قَدْ تَعَدَّدَتْ مَظَاهِرُهُمَا، وَتَنَوَّعَتْ أَشْكَالُهُمَا، حَتَّى كَادَا أَنْ يَعُمَّا الْمُجْتَمَعَاتِ وَالْأَفْرَادَ، وَيُفْسِدَا حَيَاةَ الْعِبَادِ وَالْبِلَادِ. وَمِنْ وُجُوهِ الْإِسْرَافِ وَالتَّبْذِيرِ وَمَظَاهِرِهِمَا الَّتِي عَمَّتْ:

(1) الْإِسْرَافُ فِي الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ

     الْإِسْرَافُ فِي الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ خُصُوصًا فِي الْمُنَاسَبَاتِ؛ بِحَيْثُ تُوضَعُ أَطْعِمَةٌ كَثِيرَةٌ وَأَشْرِبَةٌ مُتَنَوِّعَةٌ ثُمَّ يَنْفَضُّ النَّاسُ عَنْ أَكْثَرِهَا تَارِكِينَ سَبِيلَهَا إِلَى حَاوِيَاتِ النُّفَايَاتِ، وَأُمَمٌ كَثِيرَةٌ يَمُوتُونَ جُوعًا لَا يَجِدُونَ مَا يَسُدُّ رَمَقَهُمْ أَوْ يَدْفَعُ جُوعَهُمْ، ومِنَ ذَلِكَ أَيْضًا: مَا يَكُونُ فِي بَعْضِ الْأَعْرَاسِ وَالْحَفَلَاتِ، حَيْثُ يَظْهَرُ السَّرَفُ وَالْبَذَخُ فِيهَا إِلَى حَدِّ التَّبَاهِي وَالتَّفَاخُرِ؛ وَالرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ وَالتَّكَاثُرِ، وَفِي هَذَا كَسْرٌ لِنُفُوسِ الْفُقَرَاءِ مِنَ النَّاسِ وَاسْتِهَانَةٌ بِعَوَاقِبِ الْأُمُورِ وَنَتَائِجِهَا، وَفِي الْمَثَلِ: (مَنِ اشْتَرَى مَا لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ بَاعَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ)، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رضي الله عنه -: «إنِّي لَأُبْغِضُ أَهْلَ بَيْتٍ يُنْفِقُونَ رِزْقَ أَيَّامٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ»، وَقَدْ نَهَى الشَّرْعُ عَنْ ذَلِكَ حِفَاظًا عَلَى الْمَالِ مِنَ التَّبْذِيرِ، وَخَوْفًا عَلَى جِسْمِ الْإِنْسَانِ مِنَ التُّخَمَةِ، وَعَلَى صِحَّتِهِ مِنَ الْأَمْرَاضِ وَسُوءِ الْمَصِيرِ؛ قَالَ اللهُ -تعالى-:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (الأعراف: 31)، قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ رَحِمَهُمُ اللهُ: «جَمَعَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- الطِّبَّ كُلَّهُ فِي نِصْفِ هَذِهِ الآيَةِ».

النهي عن الإفراط في الطعام

      وَلَمَّا كَانَ الْإِفْرَاطُ فِي الطَّعَامِ ضَارًّا بِبَدَنِ الْإِنْسَانِ وَمَالِهِ وَصِحَّتِهِ، فَقَدْ نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ رَوَى الْمِقْدَامُ بْنُ مَعْدِ يكَرِبَ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ، فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ، وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ» (أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ)، وَبَالَغَ أُنَاسٌ فِي الْمَرَاكِبِ وَالْمَسَاكِنِ وَالْمَلَابِسِ وَتَسَابَقُوا فِيهَا، وَرُبَّمَا كَلَّفُوا أَنْفُسَهُمْ مَا لَا يُطِيقُونَ، وَتَحَمَّلُوا مِنَ الدُّيُونِ مَا لَا يَسْتَطِيعُونَ؛ حَتَّى أَرْهَقُوا أَنْفُسَهُمْ وَشَغَلُوا ذِمَمَهُمْ بِمَا لَا يَحْتَمِلُونَ.

     إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، وَيُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ، لَكِنَّهُ سُبْحَانَهُ يَكْرَهُ إِضَاعَةَ الْمَالِ، وَالسَّرَفَ وَالْمَخِيلَةَ فِي الْإِنْفَاقِ، وَوَضْعَ النِّعْمَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا، أَلَمْ يَقْلِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «كُلُوا وَاشْرَبُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخِيلَةٍ»؟ (أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ).

(2) الْإِسْرَافُ فِي الْمَرَافِقِ العَامَّةِ

وَمِنَ الْإِسْرَافِ الْمَذْمُومِ: الْإِسْرَافُ فِي الْمَرَافِقِ العَامَّةِ وَالْمَنَافِعِ الْحَيَوِيَّةِ الَّتِي لَا تَسْتَغْنِي عَنْهَا الْحَيَاةُ الْيَوْمِيَّةُ فِي هَذَا الزَّمَنِ؛ كَالْمَاءِ وَالْكَهْرَبَاءِ، فَكَمْ تُهْدَرُ مِنْ مِيَاهٍ بِلَا دَاعٍ وَلَا حَاجَةٍ!! وَكَمْ تُضَيَّعُ مِنْ طَاقَاتٍ كَهْرَبَائِيَّةٍ بِلَا مُوجِبٍ وَلَا مُسَوِّغٍ! وَكَمْ مِنْ مَصَابِيحَ لَا تُطْفَأُ فِي لَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ! وَكُلُّ ذَلِكَ مِنَ الْإِسْرَافِ الْمَمْقُوتِ وَالتَّبْذِيرِ الْمُسْتَقْبَحِ، أَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ: - صلى الله عليه وسلم - » إِنَّ اللهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ»؟ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ - رضي الله عنه ).

النهي عن الإسراف في العبادات

     أَلَمْ يَنْهَنَا دِينُنَا الْحَنِيفُ عَنِ الْإِسْرَافِ فِي الصَّدَقَةِ، وَعَنِ الْإِسْرَافِ فِي الْوُضُوءِ؛ وَهُمَا مِنَ الْعِبَادَةِ وَالطَّاعَةِ؟ فَكَيْفَ إِذَا كَانَ الْإِسْرَافُ فِي غَيْرِهِمَا؟! عَنِ ابْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْأَلُهُ عَنِ الْوُضُوءِ، فَأَرَاهُ الْوُضُوءَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: «هَكَذَا الْوُضُوءُ، فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ وَتَعَدَّى وَظَلَمَ « (أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ). وَلَقَدْ كَانَ نَبِيُّنَا -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- يَغْتَسِلُ وَيَتَوَضَّأُ بِالْيَسِيرِ مِنَ الْمَاءِ؛ فَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم - يَتَوَضَّأُ بالْمُدِّ، وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ إِلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ» يَعْنِي: خَمْسَ حَفَنَاتٍ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك