رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمد مالك درامي 9 يناير، 2024 0 تعليق

حقوق الإنسان  في الشريعة الإسلامية- هل الإسلا م يعمل على التمييز العنصري بين البشر؟

  • الإسلام لا يعرف العنصرية في تشريعاته ومواقفه بل لكل تشريع حكمة مَنْ يجهلها يسيء إلى الإسلام ويتهمه بما ليس فيه
  • المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة مبدأٌ باطلٌ ومخالفٌ لكتاب الله عز وجل ولسنة النبي صلى الله عليه وسلم قال تعالى: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى}
  • المساواة بين الذكر والأنثى التي قررتها الشريعةُ الإسلامية هي في القيمة الإنسانية فجعلت الرجل والمرأة متساويين أمام الله عز وجل في الخِلقة والتكوين
 

يحاول كثير من المشككين في الإسلام وشريعته وأحكامه تشويه صورته بكل الوسائل والسبل، ومن ذلك إثارة الشبهات حول حقوق الإنسان في الإسلام، فاتهموا الإسلام بالعنصرية والطائفية والإرهاب، والهمجية، وأن الإسلام يقوم على قمع الحريات، ولقد اجتهد أهل الإسلام منذ القدم في رد تلك الشبه ونقضها بردود قوية مُحكمة، لكن الخوض في إثارة هذه الشبهات لم يتوقف إلى يومنا هذا، وسوف نعرض -بعون الله- من خلال هذه السلسلة بعض هذه الشبهات، والرد عليها. واليوم مع الشبهة الأولى: (إن حقوق الإنسان ذات مرجعية غربية بالأساس).

      روَّج الكثيرون من المشككين في الإسلام من المستشرقين والعلمانيين، أن الإسلام يعمل على التميز العنصري بين البشر، ويقول أصحاب هذه الشبهة: إن الإسلام عامل المرأة بمبدأ الحطِّ من قدرها، وجعلها في درجة ثانية بعد الرجل، فحرم زواج المسلمة من غير المسلم، وهذا يتعارض مع حقوق الإنسان، وفيه اعتداء على الحريات الشخصية، في حين يجيز للرجل المسلم أن يتزوج من المرأة الكتابية، كما يمكن للرجل أن يتزوج من أربع نساء، بينما تقتصر المرأة على زوج واحد فقط، وفي الميراث جعل نصيب المرأة النصف من الرجل، وفي الشهادة، جعل شهادة امرأتين تعادل شهادة الرجل الواحد، كل هذا يدل على تحيزه للرجل ضد المرأة، وعدم المساواة بين الجنسين.

الرد على هذه الشبهة

وللرد على هذه الشبهة نورد بعض القواعد المهمة في هذا الأمر:

  • أولاً: المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة مبدأٌ باطلٌ
لابدَّ أن نقرر بأن المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة مبدأٌ باطلٌ ومخالفٌ لكتاب الله-عز وجل- ولسنة النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال -تعالى-: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى} (آل عمران: ٣٦)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:» إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ»، والمساواة بين الذكر والأنثى التي قررتها الشريعةُ الإسلامية هي في القيمة الإنسانية، فجعلت الرجل والمرأة متساويين أمام الله - عز وجل- في الخِلقة والتكوين، وهما أيضاً متساويان في الحقوق والواجبات داخل الأسرة وخارجها، قال -تعالى في وصف هذه الحقيقة-: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (البقرة: ٢٢٨).
  • ثانياً: مبدأ المساواة المطلقة مخالفٌ للحقائق الكونية
إن مبدأ المساواة المطلقة مخالفٌ للحقائق الكونية وللفطرة الإنسانية التي فطر الله -تعالى- الخلق عليها، فالله لم يخلق فرداً واحداً مكرراً من نسختين، بل خلق زوجين: ذكراً وأنثى، وهي حقيقة كونية، كذلك قال -تعالى-: {وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (الذاريات: ٤٩).
  • ثالثاً: الإسلام لا يعرف العنصرية في تشريعاته
الإسلام لا يعرف العنصرية في تشريعاته ومواقفه، بل لكل تشريع حكمة، مَنْ يجهلها يسيء إلى الإسلام ويتهمه بما ليس فيه، وقد جعل الإسلام للمرأة الحرية في قبول من يأتي لخطبتها وطلب الزواج منها أو رفضه، ولا يحق لأبيها أو وليها أن يجبرها على ما لا تريده، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-:» لا تُنْكَحُ اَلْأَيِّم حتَّى تُسْتَأْمَرَ، ولا تُنْكَحُ البِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ». قالوا: يا رَسولَ اللهِ، وكيْفَ إِذْنُها؟ قالَ: أنْ تَسْكُتَ»،  والأيم هي الثيب، والاستئمار هو طلب الأمر، فلا يعقد عليها حتى تشاور ويطلب الأمر منها، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:» الْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ قُلْتُ: إِنَّ الْبِكْرَ تَسْتَحِيي؟ قَالَ: إِذْنُهَا صُمَاتُهَا«.

تحريم زواج المسلمة من غير المسلم

        وقد أجمع العلماء والمذاهب قاطبة على تحريم زواج المسلمة من غير المسلم من حيث الابتداء؛ لقوله -تعالى في شأن المؤمنات المهاجرات-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} (الممتحنة: ١٠)، وقال -تعالى-: {وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} (البقرة: ٢٢١)، فأوجب الإسلام وحدة الدين؛ لذا يعد مثل هذا الزواج إن حصل باطلاً لا يثبت به شيء؛ لأن الزوج الكافر لا يؤمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فليس هناك نقطة التقاء بينهما، كما يمكن أن يمنع زوجته المسلمة من القيام بالتكاليف الدينية، ومع مرور الزمن يفسد عليها دينها، والزواج ولاية، ولا ولاية لكافر على المؤمنة لقوله -تعالى-: {وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} (النساء: ١٤١). وعندما أجاز الإسلام للرجل المسلم أن يتزوج امرأة من أهل الكتاب نصرانية كانت أم يهودية، ولم يجز ذلك للمرأة المسلمة؛ لأن الرجل هو رب الأسرة ورب البيت، والقوام على المرأة والمسؤول عنها.

حق الزوجة الكتابية

      وقد ضمن الإسلام للزوجة الكتابية - في ظل الزوج المسلم- حرية عقيدتها، وصان لها حقوقها وحرمتها، ولكن أي دين آخر لم يضمن للزوجة أي حرية أو حق، وأن الإسلام أوجب على المرأة طاعة زوجها، وألزمها بحقوق وواجبات لزوجها، فإذا تزوجت الكافر قلب هذه الواجبات إلى معاص بحكم منطق القوامة وهي الطاعة، والقوامة هي للرجل؛ لذا لا يجوز أن تقع المسلمة تحت رجل غير مسلم.

الإسلام ينكر الشرك والوثنية

        وكما حرم الإسلام على المرأة الزواج من أهل الكتاب نصراني أو يهودي أو من لا دين له، كذلك حرم على الرجل الزواج من وثنية مشركة؛ لأن الإسلام ينكر الشرك والوثنية كل الإنكار، قال -تعالى-: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (المائدة: ٥)؛ وذلك لأن من خصائص حقوق الإنسان في الإسلام أنها ليست مطلقة، بل مقيدة بعدم التعارض مع مقاصد الشريعة الإسلامية، ومن ثم عدم الإضرار بمصالح الجماعة التي يعد الإنسان فرداً من أفرادها.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك