رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: مصطفى صلاح خلف 18 يوليو، 2010 0 تعليق

حقوق الإنسان: ادعاءات غربية واهية.. وحقائق إسلامية ثابتة (1/2)

 

 
 

قال تعالى: {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا} (الإسراء: 70).

سبحان الذي خلق الإنسان وكرمه ورفع شأنه وفضله قبل أن تعرف البشرية معنى التكريم أو حقوق الإنسان، وقبل أن يعرف البشر قيمة الإنسان وحقه كان قد أقر حقه خالقه في كل زمان ومكان وفي كل الشرائع والأديان.

وقد تعالت في الفترة الأخيرة صيحات الهجوم على أمتنا الإسلامية ومجتمعنا الإسلامي، متهمة أمتنا بالتقصير في مجالات حقوق الإنسان، بل اتهمت ديننا الحنيف ومجتمعاتنا بالقصور في إعطاء الإنسان حقه، ولاسيما المرأة والطفل، ونسوا أن شريعة الله هي الأفضل لحياة البشرية.

 

 

وقد برزت الاتهامات الغربية والمطالبات المشبوهة والمسيّسة في الفترة الأخيرة لأمتنا الإسلامية؛ فنجد الجلسة الثالثة والخمسين للأمم المتحدة بمركز المرأة بنيويورك طالبت المسلمين جميعا بإلغاء القوامة للرجل والولاية، وكذلك السماح للمرأة بتعدد الأزواج والمساواة في الميراث، متجاهلين خصوصية الشريعة الإسلامية وحكم الله عز وجل وسنته في خلقه.

«الفرقان» تفتح هذا الملف الشائك لمناقشة حقوق الإنسان في الإسلام وخصوصيته، وكذلك اتهامات الغرب للمسلمين عموماً في مجال حقوق الإنسان، كذلك مناقشة جوانب التقصير في توصيل الصورة الحقيقية للإسلام في مجال حقوق الإنسان.

«الفرقان» التقت العديد من علماء المسلمين والناشطين في مجال حقوق الإنسان لإيضاح القضية.

 

< في البداية أوضح فضيلة الشيخ ناظم المسباح الداعية الإسلامي المعروف ونائب رئيس الهيئة الشرعية بجمعية إحياء التراث الإسلامي، أن الإسلام هو دين الله الذي ارتضاه للناس، ولله الحكم في كل شأن من شؤون عبادة: «إن الحكم إلا لله».

وديننا أعطى لكل ذي حق حقه؛ لأنه صدر عن الله الغني عن خلقه أجمعين؛ فلا يحتاج سبحانه وتعالى إلى ذكر أو أنثى كي يحابي أحدهما على الآخر، ولا يحتاج إلى صغير أو شيخ كي ينتقص من حق أحدهما شيئا، فقد وضع سبحانه وتعالى كل أمر في نصابه وهذا ما زين شريعة الإسلام الغراء.

وسألنا فضيلته عن بعض ادعاءات الغرب بظلم المرأة وانتقاص حقها في مجتمعنا الإسلامي؛ فأجاب: إن المرأة أعطاها الله سبحانه وتعالى حقوقها غير منقوصة منذ ولادتها، بل قبل ولادتها؛ فأوجب على أبيها أن يحسن اختيار أمها ثم يحسن اختيار اسمها، وهذا ثابت في الكتاب والسنة، كما أوجب حفظ ما لها إن كانت يتيمة، وإن لم تكن يتيمة فقد أوجب على والدها حسن رعايتها والإنفاق عليها، كما حفظ الله حقها في اختيار الزوج المناسب وأقر حقها على زوجها من الإنفاق وحسن العشرة وجمال المعاملة واللطف واللين، كما أقر ذمتها المالية وحقوقها الخاصة وأوجب عدم انتهاك حقوقها أو التعدي عليها.

وأكد فضيلته أن الاتهامات الغربية المتكررة أمر وارد؛ لأنه هناك صراع بين الحق والباطل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؛ فلا يخلو زمان من هجوم على الشريعة واتهامها بالقصور، وأنها لم تعط الإنسان حقه وأغفلت حقوق الإنسان، وهذا بالطبع زور وبهتان؛ فالشريعة الإسلامية لم تترك جانباً من جوانب حياة الفرد: ذكرا أو أنثى، طفلا أو شابا أو شيخا إلا وكرمت فيه الإنسان واهتمت بحقوقه، وعلينا نحن العلماء والدعاة إلى طريق الله ورسوله أن نوضح تلك الجوانب ونبرزها للعالم أجمع.

وسألنا فضيلته عن مغالاة الغربيين في مسألة الحرية وحقوق الإنسان التي انقلبت إلى إهدار كرامته من خلال إقرار بعض الأفعال الشاذة، فقال فضيلته: إن العالم الغربي عموماً أخذ بإقرار الحريات وحقوق الإنسان في جوانب كثيرة لا نبخسها، ولكن هناك غلوا وتعدياً في هذا المقام؛ فليس من الحرية قطعا إقرار حق الشاذين على شذوذهم، وليس من الحرية التعدي على الشرائع السماوية وإجبار أهلها على أن يدينوا بما يراه أرباب دعاة الحرية المنفلتة الذين خلطوا الأوراق وجعلوا الحق في الباطل والباطل في الحق.

والتدخل في شؤون المسلمين أمر مرفوض ويجب التصدي له؛ لأن شريعة الله أعظم وأكبر وأعدل وأسلم، وإن ما يدعون إليه أحيانا ضد شريعة الإسلام مرفوض جملة وتفصيلا؛ لأنهم بذلك ينصبون أنفسهم مشرعين للبشرية والتشريع حق من حقوق الله سبحانه وتعالى، وأمر الله يجبّ كل أمر أو وثيقة وعلى أهل العلم محاربة ذلك والتصدي له بالفكر والإقناع وإيضاح جمال وكمال شريعتنا العظيمة وإظهار مدى تكريم الله تعالى للإنسان والاهتمام بحقوقه في كل مجال.

وبسؤال فضيلته: هل هذه الدعوات الغربية المغلفة بحقوق الإنسان حقا تحترم الإنسان؟ أجاب فضيلته: إن بعض تلك الدعوات دمار لحقوق الإنسان؛ فأي دمار أكبر من أن يجعلوا الشذوذ حقا من حقوق الإنسان؟! كذلك زواج المثليين؛ فهذا نسف للشرائع السماوية لا يرضاه الله ورسوله ويجب مواجهته.

< وفي لقاء لـ«الفرقان» مع فضيلة الشيخ حاي الحاي الداعية الإسلامي المعروف وعضو الهيئة الشرعية بجمعية إحياء التراث الإسلامي، أوضح فضيلته أن الإسلام سبق جميع النظم الوضعية وجميع المواثيق في الاعتراف بحق الإنسان عموما، وأولى ذلك عناية كبيرة برزت جلية في كتاب الله الكريم والسنة المحمدية المطهرة، وقد رفع الإسلام عن الناس الظلم والحيف والجور، وهذه ميزة الإسلام الذي ظهر في بدايته في مجتمع جاهلي كان يسوده الظلم والتعصب.

وأضاف فضيلته رداً على هجوم بعض المنظمات الدولية على أمتنا الإسلامية في مجال حقوق الإنسان: إن هذه صيحات كاذبة من الغرب وزيف من بعض الأوروبيين، وإنهم لم يعرفوا الشريعة الإسلامية قبل أن يتهموها بالتقصير في مجال حقوق الإنسان؛ فالإسلام اهتم بحقوق الإنسان قبل الجميع في حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، واهتم أيضاً بحقوق غير المسلمين، فكيف لا يقر حق الإنسان المسلم؟!

وأضاف فضيلته قائلاً: فلينظر الغرب حينما دخل المسلمون بيت المقدس لم يذكر أحد أنه كان هناك ظلم أو جور وقع على مسلم أو غير مسلم، ولينظروا إلى فترات حكم غير المسلمين التي انتشر فيها الظلم وعمت الفوضى وأهملت حقوق الإنسان إهمالا حقيقيا.

وفي حديث فضيلته عن مواجهة دعاة الغرب ممن يعدون «عدم الأخلاق» حقاً من حقوق الإنسان أكد فضيلته أن بعض مطالبهم لا تجوز بأي حال من الأحوال، وأن أحكام الله عز وجل لا تتغير ولا تتبدل وواقعيا هي الأصلح للبشرية جميعا، أما إن كانت هذه هي الحرية من وجهة نظرهم فلهم دينهم ولنا ديننا، كما قال عز وجل: {لكم دينكم ولي دين}، ولا تبديل ولا تعديل لسنة الله في خلقه وحكمه السديد؛ قال تعالى: {قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي}.

وبسؤال فضيلته: هل هناك من تقصير في الإيضاح والتبليغ من قبل الأمة الإسلامية؟

أجاب فضيلته: إن الإسلام حث على تبليغ الفضائل للعالمين، وقال سيد الخلق - عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم -: «بلغوا عني ولو آية»، ومن الواجب علينا بوصفنا أمة إسلامية أن يرى العالم في سلوكياتنا وتعاملنا ما يجذبه ويعرفه حقيقة الإسلام، وأن تجيب سلوكياتنا عن اتهاماتهم دون أن نتكلم، وقد قال لي العلامة الشيخ الألباني ذات مرة: «الناس في أمس الحاجة إلى الأخلاق»، ولعل ما قال شيخنا الألباني أبلغ تعبير عما يجب أن تكون عليه أمتنا، وقد تأثر المشركون وأسلم الكثير بسبب أخلاق نبينا - عليه وعلى آله وصحبه الصلاة والسلام - وما رأوه عليه من سمات الصدق والعفو والوفاء، ولعل ذلك من أهم السبل في مواجهته الحملات الموجهة والاتهامات الباطلة للأمة الإسلامية، ولو عرفوا الإسلام حقا لما ارتضوا بغير الإسلام دينا.

حقوق الإنسان في الإسلام

فرائض ثابتة

< وفي حوار مع فضيلة الشيخ محمد الحمود النجدي الداعية المعروف وعضو الهيئة الشرعية بجمعية إحياء التراث الإسلامي أضاف: إن للشريعة الإسلامية الغراء فضل السبق على كافة المواثيق والإعلانات والاتفاقيات الدولية في تناولها لحقوق الإنسان وتأصيلها لتلك الحقوق منذ أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان، وحقوق الإنسان كما جاء بها الإسلام في كتاب الله تعالى وسنة نبيه[ المطهرة ، حقوق أصلية ثابتة ، لا تقبل حذفاً ولا تعديلاً ولا نسخاً ولا تعطيلاً، بل إنها حقوق ملزمة للجميع، أما فيما يتعلق بالقيمة القانونية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فهو ليس إلا مجرد تصريح صادر عن الأمم المتحدة غير ملزم!

فحقوق الإنسان في المواثيق الدولية عبارة عن توصيات أو أحكام أدبية، أما في الإسلام فحقوق الإنسان عبارة عن فرائض تحميها عقوبات جزائية.

إن كرامة الإنسان حق من حقوقه كفلها الإسلام للإنسان، وواجب من الواجبات الشرعية الملزمة.

بل إن الفرد نفسه ملزم بتحقيق هذه الحقوق التي تحقق له الكرامة الذاتية، فأمره الله سبحانه بالابتعاد عما يمتهنها بذل وخضوع، وعبودية لغير الله تعالى، وكذا فليس له أن يقتل نفسه بالانتحار، ولا أن يتعاطى المخدرات، والمسكرات القاتلة والمهلكة للصحة، والمذهبة للعقل الذي هو ميزة الإنسان عن الحيوان.

وجاءت الشريعة بالحفاظ على النسل والأنساب، فمن ذلك الحث على إيجاد النفوس وبقاء النوع على الوجه الأكمل، وذلك بالزواج والتناسل، وأوجبت حفظ العرض بوسائل كثيرة، منها: غض البصر وحفظ الفرج، وتحريم الزنى والوسائل الموصلة إليه، والمعاقبة عليه، وفرض حد القذف.

 وكذا حفظ الأموال؛ ولذا أوجبت للحفاظ على المال: السعي في طلب الرزق، وأباحت المعاملات والمبادلات والتجارات.. وللحفاظ على المال حرمت الشريعة السرقة والغش والخيانة، والربا بكل صوره، وأكل أموال الناس بالباطل، وعاقبت على ذلك.

ومن الحقوق التي كفلتها شريعة الإسلام: مبدأ المساواة بين الناس، فتعد المساواة بين الناس على اختلاف الأجناس والألوان واللغات، مبدأً أصيلاً في الشرع الإسلامي، وهذا بخلاف الحال في الحضـارات السابقة للإسلام، كما يتساوى الناس في الثواب والعقاب عند الله؛ قال تعالى: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} (النحل).

ولا تتنافى المساواة كما ذكرنا، مع الاختلاف بين غير المتماثلين في الحقوق الفرعية والواجبات الشرعية، كما هو الحال بين الرجل والمرأة ، فللرجل حقوق وعليه واجبات تناسبه، وللمرأة حقوق وعليها واجبات تناسبها.

كما لم تعرف البشرية نظاماً متكاملاً فعالاً للتكافل الاجتماعي، مثل ما عرفته في ظل الإسلام، وهو قاعدة أصيلة في بناء الإسلام وأركانه، وليس وليد الظروف والتطورات الاجتماعية.

والتكافل الاجتماعي في الإسلام لم يقتصر على الجوانب المادية فحسب، بل يمتد إلى التواصل المعنوي: كصلة الأرحام بالزيارات، وإفشاء السلام بين الناس، وتشميت العاطس، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة إلى الولائم والأفراح.

ومن التوجيهات الإسلامية: ألاَّ يكتم الإنسان العلم النافـع عمّن يحتاج إلى التعليم، ولا يبخل الإنسان بنصحه على من يحتاج إلى النصح والإرشاد؛ فالدين النصيحة، كما ورد في الحديث.

ومن ذلك أيضاً: نصرة المظلوم ومنع الظالم من ظلمه.. إلخ وهذا كله من الدعم المعنوي الذي يساعد على بناء المجتمع وقوته، وتحقيق حقوق الإنسان فيه.

هذه بعض الكلمات في هذا الموضوع المهم، التي ترد على من حاول الطعن في الشريعة الإسلامية، واتهامها بالتقصير في حقوق الإنسان أو الاعتداء عليه، ومحاولة فرض النظم الجاهلية على أهله، والأفكار الفاسدة التي هي في حقيقتها اعتداء على الإنسان وحقوقه أو تضييع لواجباته الملقاة على كاهله.

ولا يمكن للمسلم أن يعرف حقوق الإنسان في الإسلام إلا بالعلم والتعلم والنظر في الكتاب الكريم والسنة المطهرة، وما دوّنه علماء الإسلام في هذا المضمار.

 

رفض أن تفرض هويتها على الكويت في رده على تقرير منظمة العفو الدولية

أحمد باقر : على المنظمات الحقوقية ضرورة احترام خصوصية الشعوب الدينية

 

دعا وزير التجارة والصناعة ووزير الدولة لشؤون مجلس الأمة أحمد باقر المنظمات الحقوية العالمية، ومنها منظمة العفو الدولية، إلى ضرورة احترام خصوصية الشعوب الدينية والثقافية والاجتماعية، مطالباً هذه المنظمات بعدم فرض هويتها على الكويت.

وذكر باقر في تصريح تعقيبا على اتهام منظمة العفو الدولية للكويت بالتمييز ضد المرأة وافتقار العمالة المنزلية للحماية، أنه للأسف فإن بعض المنظمات الحقوقية العالمية لا تعترف بخصوصية الشعوب، مشيرا إلى أنه لا يجوز لها أن تطالب بتطبيق هويتها الثقافية والدينية والاجتماعية في بلدانها على بلدنا الكويت والدول الإسلامية؛ إذ إن أحكام الشريعة الإسلامية واضحة بالنسبة للنساء في الزواج والطلاق والحضانة والميراث.

وزاد باقر بقوله: إننا لو اردنا أن نحاسب الغرب وفق موروثنا الثقافي والديني والاجتماعي لقلنا: إن الغرب بقوانينه السارية أجاز أبشع الاستغلال للمرأة؛ فأباح الدعارة واستغلال المرأة خارج إطار الزوجية، وكذلك أباح للمرأة أن تعمل كراقصة، وساقية للخمور، بل إنه من المؤسف أن تجد إعلانات في الغرب بالشوارع وعلى أكشاك التليفون تعلن عن بيع النساء في العلن، بل إنه في بعض البلاد الغربية تجبر النساء المسلمات على نزع الحجاب الشرعي للحصول على التعليم أو الوظيفة الرسمية، فهل هذا ينسجم مع حرية الاعتقاد وحقوق الإنسان التي تتحدث عنها بعض المنظمات العالمية؟! فيما كرّم الإسلام المرأة وصانها؛ ولهذا فإننا نفخر بالقوانين التي لدينا والمستمدة من الشريعة الإسلامية، رافضا وصف هذه القوانين من قبل بعض المنظمات العالمية بالمخالفة لحقوق الإنسان.

ودعا باقر جمعيات حقوق الإنسان العربية والإسلامية إلى إيضاح إيجابيات القوانين والأحكام الإسلامية، وكيف أنها سبب اساسي في الاستقرار الاجتماعي وفي سعادة الأسرة في البلاد الإسلامية وفي حماية المرأة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك