رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.وليد عبدالوهاب الحداد 15 نوفمبر، 2015 0 تعليق

جبلنا الجليدي يذوب

(كوتر هو) رئيس قسم إدارة التغيير في جامعة (هارفارد) ألف كتباً عدة في إدارة التغيير، أغلب هذه الكتب نالت جوائز عالمية ولكنها تحتوي على معلومات  كثيرة وعديدة وهي كبيرة الحجم غالبا ما يحجم رجال الأعمال والمدراء وغيرهم بالطبع عن قراءتها نظرا لضيق الوقت لديهم؛ فأراد (كارتر) أن يضع مؤلفا عن التغيير يستطيع الجميع أن يقرأه وبلغة مفهومة وبسيطة؛ فقرر أن يضع قصة بسيطة توضح مفهوم إدارة التغيير، فألف كتابه الشهير (جبلنا الجليدي يذوب)، وهي قصة إيحائية عن مستعمرة من البطاريق عاشت على أحد الجبال مئات السنين.

     وأحد الشباب المتحمسين من هذه المستعمرة غطس مرة بحثا عن السمك تحت هذا الجبل الجليدي، واكتشف فيه تشققات سوف تؤدي إلى انهيار الجبل خلال فترة من الزمن، وهذا بالطبع سيؤدي إلى موت جميع من يسكن في الجبل من مستعمرة البطاريق، فقرر أن يقوم بمبادرة وأن يقود عملية إقناع المستعمرة لهجر الجبل إلى مكان آخر، ولكن المشكلة التي تواجهه كيف يمكن أن يغير تفكير هؤلاء بعد مئات من السنين في هذا المكان؟ وكيف يمكن إيجاد جبل آخر بهذه المواصفات بالأخص أن الانتقال في القطب محفوف بالمخاطر؟.

      فقرر أولا أن يكلم مجلس الإدارة، وأن يكلم أحداً في هذا المجلس لديه صفة الاستماع الفعال والاقتناع في حالة إبراز الحقائق، فتكلم مع عضو من النساء وكان لها هذه المواصفات، وغاصت  ورأت الخطر المحتمل من انهيار هذا الجبل؛ فقالت له: إنها سوف تعد له موعدا مع (البورد) أو المجلس ولكن اشترطت عليه أن يعد (برسنتيشن) يبرز فيه الحقائق والإحصائيات، وفعلا أعد البرسنتيشن إعداداً جيداً، وأبرز فيه الحقائق لمجلس الإدارة الذي بعد أن عاين الموقع على الواقع قرر أن يضع خطة للتغيير، وألا يكون التغيير مفروضا على المجتمع؛ فعملت اجتماعات ومحاضرات عدة عن الخطر القادم لمجتمع البطاريق من انهيار الجبل الجليدي.

      طبعا كانت هناك معارضة كبيرة يقودها رجل يسمي no man أي رجل الـ لا وهذه النوعية موجودة بالطبع في المجتمعات، تعترض على التغيير لمجرد المعارضة، والحل معها في عدم الالتفات إلى معارضتها ومحاولة إقناع بقية المجتمع بالتغيير والتطور نحو الأفضل، وحتى يجنب المجلس المجتمع للخطر عند الانتقال فقد قرر تكوين فريق للبحث عن موقع آخر بالمواصفات نفسها للموقع الحالي، تحديد الطريق الآمن الذي تسلكه المستعمرة عند انتقالها، وفعلا قام الفريق بعد اجتياز مخاطر عدة وتعرضهم لكثير من المعوقات أن يجد المكان المناسب والجبل الذي سوف ينتقلون إليه، وفعلا انتقلت قبيلة البطاريق إلى المكان الجديد وكان العيش فيه أفضل بكثير من المكان السابق...

     بالطبع القصة توضح أن التغيير في الوقت المعاصر أصبح حتميا وضروريا؛ بسبب التغيير السريع في التكنولوجيا وفي المجتمعات المعاصرة وفي التطبيقات الإدارية الحديثة ووسائل الاتصالات وغيرها التي تجعل التغيير سريعا وضروريا كما يجب أن يكون في المجتمعات أبطال للإصلاح والتغيير، وهؤلاء الأبطال يجب أن يقوموا بدورهم ولكن هذا الدور يجب أن يكون مخططا له، وأن يتصل بمتخذ القرار الذي لديه القدرة على توجيه المجتمع للتغيير، كما أن التغيير على مستوي الفرد أو المنظمة  أو المجتمع يجب أن يكون مخططا له ومدروسا ومعروفة أهدافه مسبقا، والانتقال التنفيذي له يجب أن تقوده مجموعة لديها القدرة على تحديد خطة وخطوات التغيير كما يجب أيضا أخذ وسائل الاتصال المناسبة لتوصيل أسباب التغيير والتطور والأهداف المحققة من هذا التغيير وأن الذي سيقوم بتطوير نفسه لا شك أنه سوف ينال الثمرة من هذا التطوير ألا وهو النجاح التام والسعادة والرفاهية..

     بالطبع أنا سقت هذه القصة (لكارتر) بسبب حاجتنا إلى التغيير في مجتمعنا؛ لأننا أصبحنا نواجه ظروفا صعبة على المستوى الاقتصادي والسياسي والمجتمعي وأن هذا التغيير أصبح حتميا، وأن التطور أصبح واجبا علينا وإلا سوف نواجه المتاعب وغياب الرفاهية في المرحلة القادمة.

 

إدارة الأولويات... وضياع البوصلة لدينا

     ستيفن كوفي الإداري المعروف لديه كتاب رائع اسمه (إدارة الأولويات) وهذا الكتاب من الكتب المهمة التي يجب أن يقرأها كل مدير وكل من يختص بعمل الإدارة وحتى الأفراد العاديين، وفي مرة من المرات أهديت الكتاب إلى أحد الأخوة الوكلاء المساعدين ممن يقدر الإدارة والعمل الإداري فأعجب بالكتاب جدا بعد قراءته وشرحه لأولاده في المرحلة الجامعية وأفادهم الكتاب إفادة كبيرة.

     والكتاب باختصار شديد جدا يقرر أن في الحياة المعاصرة أعمالا تنقسم إلى أعمال ملحة وضرورية في حياتنا اليومية، ولكن هذه الأعمال غالبا تأخذ الكثير من الوقت، ولكنها لا تؤدي إلى نتائج مثل الاتصالات اليومية غير المخططة وضيوف الغفلة والقرارات السريعة للعمل اليومي وهي وإن كانت في ظاهرها مهمة وضرورية ولكنها ليست كذلك، وهي تأخذ الوقت وتستهلكه، ولكنها لا تؤدي إلى النجاح، ومن يقع فيها غالبا ما يؤدي ذلك به إلى الفشل والقدرة على عدم تحقيق الإنجازات.

      وهناك أعمال أخرى مهمة وضرورية ولكننا لا نلتفت إليها ولا نعطيها القدر اللازم من الوقت، بل بعضنا يهملها تماما في حياته وهو التخطيط ووضع الأهداف والتطوير وتحقيق الإنجازات والعمل على تنفيذ الخطط  والاستراتيجيات، ومشكلتنا ومشكلة غالبية مدرائنا أنهم يقعون في المربع الأول فتراه غارقا في العمل اليومي وفي استقبال المراجعين والضيوف وتاركا الأهم وهو وضع الخطط والعمل على تنفيذها وتحقيق أهداف المنظمة، وهذا من أهم أسباب فشل الإدارة العامة لدينا؛ بل وسبب فشل الكثير في القطاع الخاص من المدراء.. والمهم هل حددنا نحن في مجتمعنا الصغير أولوياتنا وأين نقع؟ هل في المربع الأول وهو مربع الضياع؟ أم نقع في المربع الثاني وهو مربع التخطيط والتطوير والانجازات؟ بالطبع أترك لك الحكم هل نحن في مربع الضياع وتفويت الوقت والأهم؟ أم نحن في مربع الإنجازات وتحقيق الأهداف وبناء الخطط والاستراتيجيات؟.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك


X