رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم أحمد الناشي 12 مارس، 2024 0 تعليق

ثواب الصيام .. لا يعلمه إلا الله

 

  • في أحاديث شريفة عدة حول الصيام، يبين نبينا -صلى الله عليه وسلم- (أن خلوف فمِ الصَّائمِ أطيبُ عند اللهِ -عزَّ وجلَّ- من ريحِ المسكِ).. وهذا أثر بسيط من أثار الصيام يصدر من الصائم؛ بتغير رائحة الفم؛ لخَلاءِ مَعِدَتِه مِن الطَّعامِ، وهناك آثار أخرى هي أشد  من الخلوف.
  • ومن هذه الآثار، ما ينال الصائم من التعب والإرهاق والسهر، وتغير الحالة النفسية وغيرها،  وهي أشد أثرا على الصائم من الخلوف، ولما رتب الله على هذا الأثر البسيط -الذي قد يتأذى منه الصائم- أجرا كبيرا يوم القيامة؛ فهو أطيَبُ عندَ اللهِ -تعالَى- وأزْكى مِن رِيحِ المِسكِ الَّذي هو أطيبُ الرَّوائحِ، فإن ما سوف يرتبه على غيره من الآثار التي هي أشد منه، سيكون أعظم أجرا وأكثر ثوابا...
  • ولبيان هذا الأجر العظيم الذي يدخره الله للصائم، في عبارة موجزة تبين مكانة هذه الآثار وفضل الصوم، يقول رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «قالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إلَّا الصِّيَامَ؛ فإنَّه لي، وأَنَا أجْزِي به».
  • وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أنَّ اللهَ -عزَّ وجلَّ- بين أن كلَّ عمَلِ ابنِ آدمَ له، أي: فيه حَظٌّ وإمكانية لاطِّلاعِ النَّاسِ عليه؛ فقدْ يَتعجَّلُ به ثَوابًا مِن النَّاسِ، ويَحُوزُ به حَظًّا مِن الدُّنيا، إلَّا الصِّيامَ؛ فإنَّه خالِصٌ لله -سبحانه-، لا يَعلَمُ ثَوابَه المُترتِّبَ عليه غير الله؛ لذا قال -تعالى-: «وأنا أَجْزي به»، أي: أتولَّى جَزاءَه، وأنْفَرِدُ بعِلمِ مِقدارِ ثَوابِه، وتَضعيفِ حَسَناتِه.
  • فالأعمالُ قدْ كُشِفَت مَقاديرُ ثَوابِها للناسِ، وأنَّها تُضاعَفُ مِن عَشْرةٍ إلى سَبْعِمئةٍ، إلى ما شاء اللهُ، إلَّا الصِّيامَ؛ فإنَّ اللهَ يُثيبُ عليه بغَيرِ تَقديرٍ، كما جاء في رِوايةِ صَحيحِ مُسلِمٍ: «كلُّ عمَلِ ابنِ آدَمَ يُضاعَفُ، الحَسَنةُ عشْرُ أمثالِها إلى سَبْعِ مِئةِ ضِعفٍ، قال اللهُ -عزَّ وجلَّ-: إلَّا الصَّومَ؛ فإنَّه لي وأنا أَجْزي به»، ولَمَّا كان ثَوابُ الصِّيامِ لا يُحْصِيه إلَّا اللهُ -تعالَى-، لم يَكِلْه -تعالَى- إلى مَلائكتِه، بلْ تَولَّى جَزاءَه -تعالَى- بنفْسِه، واللهُ -تعالَى- إذا تَولَّى شَيئًا بنفْسِه دلَّ على عِظَمِ ذلك الشَّيءِ وعلو قَدْرِه ومكانته.
  • وللصِّيامِ فضائِلُ عَظيمةٌ، وكَرامةُ اللهِ للصَّائمينَ لا تَنقطِعُ؛ فإنَّهم حَرَمُوا أنْفُسَهم الطَّعامَ والشَّرابَ والشَّهوةَ؛ فأَعْطاهم اللهُ -سُبحانَه وتعالَى- مِن واسِعِ عَطائِه، وفضَّلَهم على غَيرِهم. وقد  أخبَرَ -صلى الله عليه وسلم- أنَّ للصَّائمِ -الَّذي قامَ بحُقوقِ الصَّومِ، فأدَّاه بواجِباتِه ومُستحبَّاتِه- فَرْحتَينِ عَظيمتَينِ:
  • إحداهما في الدُّنيا، والأُخرى في الآخِرةِ، أمَّا الأُولى: فإنَّه إذا أفطَرَ فَرِحَ بفِطْرِه، أي: لِزَوالِ جُوعِه وعَطَشِه؛ حيثُ أُبِيحَ له الفطْرُ، وهذا فرَح طبيعي، أو لأنه أتم صومه وختم عبادته.
  • وأمَّا الثانيةُ: فإنَّه إذا لَقِيَ ربَّه فَرِحَ بصَومِه، يعني أنَّه يَفرَحُ وقْتَ لِقاءِ ربِّه بنَيلِ الجزاءِ، أو الفوزِ باللِّقاءِ، أو هو السُّرورُ بقَبولِ صَومِه، وتَرتُّبِ الجزاءِ الوافرِ عليه.

 11/03/2024م

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك