ثلا ثية علمية لا جدلية في نازلة غزة
- لا يوفق من تكلم في نازلة غزة وغيرها من الفقهاء إلا إذا بنى كلامه على أمرين: الأول: مقاصد القتال وأغراضه والثاني: مآلات المقاتلة وعواقبها القريبة والبعيدة
- لا تستقيم المرابطة على الثغور بالسيف ما لم تستقم المرابطة على الثغور بالعلم والفقه إذ السيف تابع والعلم متبوع
- الحزن الممدوح الذي يثاب عليه العبد في النازلة هو الحزن على مصاب الإسلام والمسلمين وليس الحزن الذي يضعف المصابرة ويمنع من المجاهدة ويضعف روح المقاتلة
من علامات التوفيق وقرائن التسديد ملازمة العبد لثغور العلم على كل حال وفي كل مكان وزمان: مسلكًا ومنهجًا، تأصيلاً وتنزيلاً، متبصرًا بالواقع ومتمسكًا بالواجب، مراعيًا للأوقات ومتصفًا بآداب الخلاف، ناظراً في المآلات وعالما بالوسائل ومعظماً للمقاصد والغايات.
وهذه المرابطة على ثغور العلم بهذه الهمة العالية والنية الصادقة والعُدّة الكافية هي من الجهاد في سبيل الله، بل هي أصلٌ، وجهاد المقاتلة فرعٌ لها؛ لأنه لا تستقيم المرابطة على الثغور بالسيف ما لم تستقم المرابطة على الثغور بالعلم والفقه؛ إذ السيف تابع والعلم متبوع؛ قال -تعالى-: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}.التنازع بين العلماء
وقد طاف طائف الشيطان بين أهل العلم من المرابطين على ثغور حفظ الدين والملة حتى تنازعوا في نازلة عظيمة ومصيبة كبيرة ونائبة شديدة، تناست عندها الثوابت، وتقاطعت على أبوابها المصالح، وفقدت في دروبها الرحمة بالمخالف، وانتشرت في مجالسها التعصب للموافق من غير بحوث علمية ولا تأصيلات شرعية ولا مشاورات فقهية ولا مراسلات علمية؛ ففقدنا - نتيجة هذا النزاع - سببا عظيما وحبلا متينا من أسباب النصر والتمكين أو من أسباب دفع العدو الصائل على الإسلام والدين.الحل والتوجيه
وحتى لا نطيل ونبدأ بالحل والتوجيه أقول هاهنا ثلاثية علمية في هذه الباب، وهي:- الأولى: عدم مواجهة العالم بالنقد في النازلة
- الثانية: الحزن الممدوح الذي يثاب عليه العبد
- الثالثة: سبيل الموفقين في الحديث عن نازلة غزة
- الأمر الأول: مقاصد القتال وأغراضه.
- الأمر الثاني: مآلات المقاتلة وعواقبها القريبة والبعيدة.
الفهم الدقيق في التعامل مع النوازل
وقد بين الفقيه المقاصدي المجتهد شيخ الإسلام ابن تيمية هذه الفهم الدقيق في التعامل مع النوازل؛ فقال في كلامه على أغراض التتار ومقاصدهم في المجموع (٢٨/٥٥١): «فإن هؤلاء التتار لا يقاتلون على دين الإسلام، بل يقاتلون الناس حتى يدخلوا في طاعتهم، فمن دخل في طاعتهم كفوا عنه وإن كان مشركاً أو نصرانيا أو يهوديا، ومن لم يدخل كان عدوا لهم وإن كان من الأنبياء الصالحين». وقال شيخ الإسلام -رحمه الله أيضًا في بيان مقاصد مقاتلة بعض المسلمين للتتار في المجموع (٢٨/ ٤٣٥)-: «وبعضهم إنما ينفرون عن التتار لفساد سيرتهم في الدنيا، واستيلائهم على الأموال واجترائهم على الدماء والسبي، لا لأجل الدي».النظر إلى الأغراض والمقاصد
ومن هذا التأصيل يظهر لنا أهمية الحكم في النازلة بالنظر إلى الأغراض والمقاصد: - فبعضهم يقاتل أو يعاون لأجل نشر مذهبه الباطل. -والآخر من الكفار يقاتل من أجل الدين والأرض فهو يستبيح الدماء دينا لا دنيا. - وقد يقاتل الكافر المسلمين من أجل دنياهم لا من أجل دينهم. فأحكام الدفع والمدافعة تتبعض بحسب ذلك، والفتوى التي لا تبنى على المقاصد والأغراض من القتال ناقصة، والسيف الذي لا يتبع المقاصد لا تقوم به مصلحة السنة والإسلام.
لاتوجد تعليقات