رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم أحمد الناشي 22 أكتوبر، 2023 0 تعليق

تغيير منار الأرض

   

  • يحذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من تغيير منار الأرض، وهي العلامات التي ترسم لتحديد أرض معينة، وتوعد - صلى الله عليه وسلم - مرتكبه باللعن من الله: «... ولعن الله من غَيَّر منار الأرض». (صحيح مسلم)، واللعن: هو الطرد والإبعاد من رحمة الله.
  • قال ابن الجوزي: أما منار الأرض: فهي أعلامها التي تضرب على الحدود؛ ليتميز بها الأملاك بين الجارين، فإذا غُيرت اختلطت الأملاك، وإنما يقصد مغيرها أن يدخل في أرض جاره. فمنار الأرض: هو العلامة التي تَهدي الناس حتى لا يَضلوا، والتُّخوم هي الحدود، والتعدي على الحدود حرام؛ لأن مراسيم الأرض تتغير، كمثل إنسان بينه وبين آخر مراسيم تفصل أرضه عن أرضه، فالذي يغيرها ملعون ؛ لأنه يفضي لظلم جاره وإلى النزاع والخصومات.
  • وبين سماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز-رحمه الله- آثار تغيير معالم الأرض وحدودها بقوله: «لأنه يفضي إلى النزاع والخصومات، ويظلم هذا لهذا سواء كان من الشركاء، أم من غيرهم، فهو ملعون ظالم؛ لأن تغييرها يفضي إلى النزاع والخصومات، وإعطاء الإنسان غير حقه».
  • وإن من أشد أنواع الظلم وأسوئه عاقبة وأغلظه عقوبة ظلم الأراضي وحيازتها بغير وجه حق، سواء كانت الأرض ملكاً لفرد أم ملكاً للدولة، وسواء كانت المساحة المأخوذة بغير وجه حق كبيرة واسعة، أم كانت صغيرة بمقدار شبر أم أصغر من ذلك.
  • فعَنْ أبِي سَلَمَةَ بنِ عبدِ الرَّحْمَنِ -وكَانَتْ بيْنَهُ وبيْنَ أُنَاسٍ خُصُومَةٌ في أرْضٍ- فَدَخَلَ علَى عَائِشَةَ فَذَكَرَ لَهَا ذلكَ، فَقالَتْ: «يا أبَا سَلَمَةَ، اجْتَنِبِ الأرْضَ؛ فإنَّ رَسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: «مَن ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ طُوِّقَهُ مِن سَبْعِ أرَضِينَ» (صحيح البخاري).
  • وقَولُه - صلى الله عليه وسلم -: «شِبرٍ» ليسَ المَقصودُ منه المِقدارَ، بلِ المَقصودُ التَّقليلُ؛ فيَشمَلُ ما فَوقَه وما دُونَه، «طُوِّقَه مِن سَبعِ أرَضينَ يَومَ القيامةِ»، فيُجعَلُ هذا المِقدارُ مِنَ الأرضِ كالطَّوقِ يُحيطُ به يَومَ القيامةِ؛ عِقابًا له، وقيلَ: يُطوَّقُ ما يَكونُ ثِقَلَ المَغصوبِ مِن سَبْعِ أرَضينَ، وقيلَ: مَعناه: أنَّه يُخسَفُ به الأرضُ؛ فتَصيرُ البُقعةُ المَغصوبةُ في عُنُقِه كالطَّوقِ، وقيلَ: مَعناه: يُطوَّقُ حَمْلَها يَومَ القيامةِ، ويَستَمِرُّ ذلك حتَّى يُفرَغَ مِن حِسابِ النَّاسِ. ونفهم من الحَديثِ: أنَّ المالَ المُقتَطَعَ مِنَ المُسلِمِ بغَيرِ وَجْهِ حَقٍّ، لا يُبارَكُ فيه.
  • فهذه الأحاديث وما جاء في معناها كلها تدل على عظم جناية غصب الأرض واستقطاعها بغير وجه حق شرعي ولو كان مقداراً يسيراً؛ فمن يطيق لعنة الله له وطرده إياه من رحمته؟! بل وغضبه عليه -سبحانه-؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من اقتطع أرضاً ظالماً لقي الله وهو عليه غضبان». رواه مسلم.
 

16/10/2023م

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك