رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم أحمد الناشي 4 أغسطس، 2010 0 تعليق

تخطى الحدود الجغرافية والاختلافات السياسية ووصل إلى العالمية- خير الكويت ينتشر في آسيا وأفريقيا وبقية قارات العالم (1/3)

حينما تحدث النائب خالد سلطان بن عيسى في الكلمة التي ألقاها تحت قبة البرلمان في حفل افتتاح دور الانعقاد العادي الأول من الفصل التشريعي الثالث عشر لمجلس الأمة، عن العمل الخيري موجها حديثه الى القيادات الكويتية وعلى رأسها صاحب السمو أمير البلاد؛ أدركت أن العمل الخيري يحتل مكانة خاصة في قلوب الشعب الكويتي حيث وصف ابن عيسى العمل الخيري الكويتي بأنه شعيرة من شعائر الإسلام مارسها الآباء والأجداد أيام العسر قبل اليسر وعم خيرها أقطار العالم.. مشيرا إلى أن العمل الخيري اتسع وتحول إلى عمل مؤسسي مقنن واضح الشفافية.

وعلى الرغم من التضييق على العمل الخيري إلا أن خير الكويت يفيض على العالم أجمع، تلك حقيقة لا يدعيها الكويتيون، ولا يروجون لها، وإنما تتحدث بها ألسنة المسلمين في آسيا وأفريقيا، بل وفي أوروبا وبقية قارات العالم.

 وهنا نتساءل كيف تطور العمل الخيري الكويتي بهذه الطريقة حتى وصل إلى بقاع العالم متخطيا الحدود الجغرافية ليصل إلى الفقراء واليتامى والمساكين؟ وما التحديات التي تعرقل مسيرة العمل الخيري، وما أولوياته في هذه المرحلة؟ وماذا عن المحاولات المستمرة التي تربط العمل الخيري بالإرهاب؟ وما مستقبل هذا العمل في المرحلة الراهنة؟

هذه الأسئلة وغيرها طرحناها على قيادات العمل الخيري الكويتي في هذا التحقيق.

في البداية التقينا العم يوسف جاسم الحجي رئيس مجلس إدارة الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية ورمز من رموز العمل الخيري الكويتي؛ حيث أكد أن العمل الخيري جزء لا يتجزأ من تكوين المسلم وثقافته، ولقد عرفت الكويت العمل الخيري منذ نشأتها حيث جُبل أهلها على حب الخير وقيم التكافل والتراحم والتضامن، وامتد هذا الخير خارج حدود الوطن، وتعددت المؤسسات العاملة في الحقل الخيري، وأصبحت تقوم بإنجازات خيرية وإنسانية وتنموية في جميع أنحاء العالم في المجالات الصحية والتعليمية والثقافية والاجتماعية والإغاثية وغيرها، ونحن بمشيئة الله تعالى سنواصل هذا الطريق من أجل كفالة الأيتام وسد حاجة المعوزين وغير ذلك من الأهداف النبيلة التي نسعى إلى تحقيقها.

محاولات باطلة

وحول محاولات بعضهم ربط الإسلام بالإرهاب قال: لا بد أن نؤكد أن محاولة بعضهم ربط الإسلام بالإرهاب هي محاولة باطلة؛ لأنها تنافي الواقع ولا تستند إلى أسس حقيقية، يضاف إلى ذلك أن الإرهاب ظاهرة لا دين لها ولا جنسية، ولا قومية، فهي ظاهرة موجودة منذ قديم الزمان، ولا يعني قيام أفراد من دين ما أو من دولة ما أن هذا الدين أو هذه الدولة لهما علاقة بالإرهاب، ومواجهة الإرهاب تتطلب تضافر كل الجهود الدعوية والثقافية والفكرية وغيرها من أجل القضاء عليه.

وقال الحجي: إننا نسعى إلى تلمس احتياجات المسلمين في كافة أنحاء العالم والعمل على تلبيتها على ضوء القوانين واللوائح المعمول بها سواء في الكويت أم في الدول المستفيدة، ولا تقف الحدود الجغرافية والاختلافات السياسية في وجه العمل الخيري الذي حثت عليه تعاليم الإسلام، وبفضل الله تعالى لقد حقق العمل الخيري نقلة نوعية في نشاطه، فلم يعد مقتصرا على العمل الخيري الإغاثي التقليدي، وإنما أصبح له باع كبير في إقامة المشاريع التنموية والإنتاجية التي تعمل على النهوض بالشعوب الفقيرة، وقد نجحت الهيئة في إقامة آلاف المشاريع الخيرية والتنموية والصحية والتعليمية حول العالم، وفي الكويت شيدت مشروعا عملاقا، وهو مستشفى الرعاية الصحية الذي يعنى بالعلاج التلطيفي لذوي الامراض المزمنة والمستعصية، وما زال هذا المشروع الكبير في حاجة الى دعم المحسنين، وندعوهم الى المبادرة للتبرع لهذا المشروع الذي سيكون نقلة كبيرة ونوعية في المجال الصحي.

ولأن هناك دائما تحديات تعرقل مسيرة العمل الخيري الإسلامي حدد الحجي أموراً عدة لمواجهة التحديات التي يتعرض لها الإسلام وهي:

أولاً: لابد أن نتمسك بالإسلام شريعة ومنهاجاً، وأن نتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته وصحابته الأجلاء لقول الرسول [ “تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً، كتاب الله وسنتي”.

ثانياً: نحتاج إلى تفنيد الشبهات التي تثيرها جهات مغرضة ضد الإسلام والمسلمين، وترسيخ الصورة الحقيقية للإسلام.

ثالثاً: إعداد برامج دعوية لدعوة المسلمين إلى الالتزام بثقافة الأمة الوسط والبعد عن الشطط والانفلات وكذلك الغلو والتشدد.

رابعاً: أن يضطلع العلماء والدعاة بدورهم في الدفاع عن رسالة الإسلام ودعوة المسلمين إلى أن يكونوا قدوة ونموذجاً.

خامساً: أن يقوم الإعلام بدوره في مناصرة قضايا الإسلام والمسلمين، وأن يعكس عبر برامجه الصورة الحقيقة، وأن يستضيف دعاة الإسلام وعلماءه الوسطيين.

وحول مستقبل العمل الخيري في المرحلة الراهنة أشار يوسف الحجي إلى أن الظروف التي يمر بها العمل الخيري الإسلامي ستسفر عن نتائج ايجابية باذن الله تعالى وذلك رغم صعوباتها بل إن هذه التحديات تدعو الجمعيات الخيرية إلى دراسة نقاط الضعف ومعالجتها ودعم نقاط القوة، ومن هنا يرتقى النشاط الخيري إلى المستوى المنشود. والعمل الخيري متجذر في نفوس المسلمين؛ لأنه جزء من تكوينهم العقدي والإنساني والفكري والثقافي، ولايمكن لأي جهة مهما كانت أن تمنعه أو تحول بين المحسنين وبين إخراج زكواتهم وصدقاتهم للفقراء والمحتاجين مؤكدا أنه مهما حيكت المؤامرات والمكايد والمخططات لاستهداف العمل الخيري الإسلامي فلن يستطيع أحد وقف مسيرته؛ لأنه أصيل وأساسي في تكوين هذه الأمة وثقافتها وهويتها فهناك محاولات عديدة للنيل منه ومع ذلك نرى إقبال المحسنين على العطاء والتبرع يتزايد يوما بعد يوم وما ذلك إلا لإيمانهم بأهمية العمل الخيري ودوره الرائد في عملية التنمية وسد حاجة المعوزين، والمستقبل زاهر أمام العمل الخيري وعلى القائمين عليه أن يواصلوا جهودهم بجد وإخلاص ومهنية.

تضامن وتكافل

وفي السياق نفسه أكد رئيس مجلس إدارة جمعية إحياء التراث الإسلامي المهندس طارق سامي العيسى أن العمل الخيري في الكويت عرف قبل أن تبنى دولة الكويت الحديثة، وأن أهل الكويت عرف عنهم التضامن والتكاتف ومساعدة بعضهم بعضاً، فضلاً عن مساعدتهم لغيرهم ممن يحتاج للمساعدة، بل إن أوقاف أهل الكويت في شرق وجبلة والمرقاب، التي يعود بعضها لعشرات السنين خير دليل وشاهد، وما نحن في الجمعيات الخيرية إلا امتداداً لتلك الجذور الطيبة التي ضربت عميقاً في هذه الأرض الطيبة، التي من خلالها سطع نجم العمل الخير بالكويتي حتى أصبح منافساً في كثير من الأحوال للعمل الإنساني الدولي.

ارتقاء وتطوير

وأوضح أن القائمين على هذا العمل يسعون للارتقاء به وتطويره، ولعل التعِاون بين الجهات الخيرية المختلفة فيما بينها من جهة، وفيما بينها وبين الحكومة الكويتية خصوصاً، والحكومات الإسلامية عموماً هي أهم طرق دفع عجلة العمل الخيري للإمام؛ مشيرا إلى أن هذه الأعمال الخيرية التي تقوم بها الجمعيات الخيرية لا تنسب فقط لهذه الجمعيات، أو لأشخاص ورموز، بل هي لشعب الكويت الذي لم يخذلنا بحمد الله في أي نشاط نطرحه على الساحة.

وقال: لم نطأ أرضاً ولا وادياً كان للكويت به مشروع خير، إلا وجدنا المسلمون هناك يلهجون بالدعاء والشكر لأهل الكويت، ولا عجب في ذلك فأهل الكويت قد عرفوا من القدم بالمآثر والعطاء، وما يجري الآن هو امتداد واستمرار لجهود السابقين.

وبين أن العمل الخيري الكويتي والإسلامي يختلف عن غيره اختلافاً رئيساً مهماً، وهو أنه ينطلق من عقيدة وذو جذور قوية ضاربة تعود إلى أكثر من ألف وأربعمائة عام، وهي عمر هذه الأمة، والرسول صلى الله عليه وسلم هو رائد العمل الخيري؛ لذا فإن ثبات هذا العمل وانطلاقه من قاعدة قوية مثل هذه يجعل له مستقبلاً مشرقاً إن شاء الله، مشيرا إلى أننا نرى في هذا الزمن جهوداً متواضعة لأولئك الرواد الأوائل ممن أنشؤوا العمل الخيري، وكيف أصبحت عملاً إسلامياً مؤسسياً عالمياً يعول عليه لإغاثة المحتاجين ومساعدتهم في مختلف أنحاء العالم، ومن هذه المنطلقات وغيرها، فإنا نرى أن العمل الخيري الكويتي له مستقبل طيب على المستويين المحلي والعالمي، خصوصاً أنه يخطو بخطى ثابتة مستقرة.

وأشار إلى أن الجمعية ترفض جميع أشكال الإرهاب، وأصدرنا بيانات عدة بهذا الصدد، وطالبنا الالتزام بآراء  كبار العلماء الداعين إلى الالتزام بمنهج الوسطية وفتاواهم بعيداً عن العنف والتعدي على الحرمات، وللجمعية في ذلك مشاركات وأعمال من خلال إصداراتها المختلفة والمحاضرات والندوات، وهي أكثر من أن تحصى.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك