رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم الناشي 7 سبتمبر، 2023 0 تعليق

تحقيق ودراسة  ميدانية .. الموقف الشرعي والاقتصادي والاجتماعي من: الإسراف

   

  • الإسراف: صرف الشيء فيما ينبغي زائدًا على ما ينبغي، بخلاف التبذير؛ فإنه صرف الشيء فيما لا ينبغي
  • الإسراف: هو صرف الشيء فيما لا ينبغي زائدًا على ما ينبغي، وقال الراغب: «السرف: تجاوز الحد في كلِّ فعل يفعله الإنسان
  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلوا واشربوا وتصدقوا والبسواما لم يخالطه إسراف أو مخيلة
 

الإسراف ظاهرة اجتماعية، تعاني منها المجتمعات العربية والمسلمة على حد سواء، وقد دأبت مجلة الفرقان الإسلامية على تلمس مثل هذه الظواهر التي تؤثر في  هذه المجتمعات سلبيا، وتسعى لتقديم دراسة شاملة عنها، وتستهدف من خلالها معرفة حدود ظاهرة الإسراف، ومدى انتشارها، ومدى آثارها على الأفراد والأسر .

 كما تتعرف أهم الأسباب المؤدية إلى تفشي هذه الظاهرة، والعمل على دراسة الأسباب، ومحاولة تحليلها تحليلا علميا، ومن ثم وضع الحلول والتوصيات المناسبة لكل مشكلة في هذه الظاهرة.

وقد استقرأت المجلة الظاهرة من خلال استبانة، وُزعت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وشارك فيها 200 شخص من مختلف شرائح المجتمع من داخل الكويت وخارجها؛ للاطلاع على آرائهم وأفكارهم حول ظاهرة الإسراف، كما استطلعت المجلة آراء المختصين وأهل العلم حول نتائج الاستبانة، ومن ثم استخلصت مجموعة من النتائج والتوصيات.

معنى الإسراف

  • لغةً: الإسراف: مجاوزة القصد، مصدر من أسرف إسرافًا، والسَّرَف اسم منه، يقال: أسرف في ماله: عجل من غير قصد، وأصل هذه المادة يدُلُّ على تعدِّي الحدِّ، والإغفال أيضًا للشيء.
  • اصطلاحًا: الإسراف: هو صرف الشيء فيما لا ينبغي زائدًا على ما ينبغي، وقال الراغب: «السرف: تجاوز الحد في كلِّ فعل يفعله الإنسان، وإن كان ذلك في الإنفاق أشهر». وقال الجرجاني: «الإسراف: هو إنفاق المال الكثير في الغرض الخسيس. وقيل تجاوز الحدِّ في النفقة، وقيل: أن يأكل الرجل ما لا يحلُّ له، أو يأكل مما يحل له فوق الاعتدال، ومقدار الحاجة. وقيل: الإسراف تجاوز في الكمية، فهو جهل بمقادير الحقوق».

معنى التبذير:

  • لغةً: التبذير: التفريق، مصدر بذَّر تبذيرًا، وأصله إلقاء البذر وطرحه، فاستعير لكلِّ مضيع لماله، وبذر ماله: أفسده وأنفقه في السرف. وكل ما فرقته وأفسدته، فقد بذرته، والمباذر والمبذِّر: المسرف في النفقة؛ وأصل هذه المادة يدلُّ على نثر الشيء وتَفْرِيقه.
  • اصطلاحًا: قال الشافعي: «التبذير إنفاق المال في غير حقِّه»، وقيل: التبذير صرف الشيء فيما لا ينبغي، وقيل: هو تفريق المال على وجه الإسراف.

الفرق بين الإسراف والتبذير

  • الإسراف: صرف الشيء فيما ينبغي زائدًا على ما ينبغي، بخلاف التبذير؛ فإنه صرف الشيء فيما لا ينبغي. فبينهما عموم وخصوص؛ إذ قد يجتمعان فيكون لهما المعنى نفسه أحيانًا، وقد ينفرد الأعم وهو الإسراف.
ذم الإسراف في القرآن الكريم:
  • قال -تعالى-: {وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيبًا} (النساء: 6)، قال ابن كثير: «ينهى -تعالى- عن أكل أموال اليتامى من غير حاجة ضرورية إسرافًا»، وقال الماوردي: «يعني لا تأخذوها إسرافًا على غير ما أباح الله لكم».
  • قال -سبحانه-: {وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (الأنعام: 141)، قال الطبري: «السرف الذي نهى الله عنه في هذه الآية، مجاوزة القدر في العطية إلى ما يجحف برب المال».
  • وقوله -تعالى-: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (الأعراف: 31)، قال السدي: «ولا تسرفوا، أي: لا تعطوا أموالكم فتقعدوا فقراء». قال الزجاج: «على هذا إذا أعطى الإنسان كلَّ ماله، ولم يوصل إلى عياله شيئًا فقد أسرف»، وقال الماوردي: «فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: لا تسرفوا في التحريم، والثاني: معناه لا تأكلوا حرامًا فإنَّه إسراف، والثالث: لا تسرفوا في أكل ما زاد على الشبع فإنَّه مضرٌّ». وقال السعدي: «فإنَّ السرف يبغضه الله، ويضرُّ بدن الإنسان ومعيشته، حتى إنه ربما أدَّت به الحال إلى أن يعجز عما يجب عليه من النفقات، ففي هذه الآية الكريمة الأمر بتناول الأكل والشرب، والنهي عن تركهما، وعن الإسراف فيهما».
  • وقوله -تعالى-: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} (الإسراء: 26-27)، قال ابن كثير: «أي: في التبذير والسفه وترك طاعة الله وارتكاب معصيته». وقيل: «أي: أمثالهم في كفران نعمة المال بصرفه فيما لا ينبغي. وهذا غاية المذمة».
  • وقوله -سبحانه-: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} (الفرقان: 67)، قال ابن كثير: «أي: ليسوا بمبذرين في إنفاقهم، فيصرفون فوق الحاجة، ولا بخلاء على أهليهم، فيقصرون في حقِّهم فلا يكفونهم، بل عدلًا خيارًا، وخير الأمور أوسطها، لا هذا ولا هذا، وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا»، كما قال الله -تعالى-: {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا} (الإسراء: 29).
ثانيًا: ذم الإسراف في السنة النبوية:
  • قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا ما لم يخالطه إسراف، أو مخيلة»، قال ابن حجر: «ووجه الحصر في الإسراف والمخيلة أن الممنوع من تناوله أكلًا ولبسًا وغيرهما، إما لمعنى فيه، وهو مجاوزة الحدِّ، وهو الإسراف؛ وإما للتعبد كالحرير إن لم تثبت علة النهي عنه، وهو الراجح، ومجاوزة الحد تتناول مخالفة ما ورد به الشرع فيدخل الحرام، وقد يستلزم الإسراف الكبر وهو المخيلة، وقيل: «هذا الحديث جامع لفضائل تدبير الإنسان نفسه، وفيه تدبير مصالح النفس والجسد في الدنيا والآخرة؛ فإنَّ السرف في كلِّ شيء يضرُّ بالجسد، ويضرُّ بالمعيشة؛ فيؤدِّي إلى الإتلاف، ويضرُّ بالنفس».
  • قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الله يرضى لكم ثلاثًا، ويكره لكم ثلاثًا، فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرَّقوا، ويكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال». قيل: «قوله: وإضاعة المال هو صرفه في غير ما ينبغي»
  • قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كُلُوا واشرَبوا والبَسوا في غيرِ إسرافٍ ولا مَخيلةٍ»، ومثله قوله - صلى الله عليه وسلم -: «كُلوا وتصدَّقوا، والبَسوا في غيرِ إسرافٍ ولا مَخيَلةٍ».
  • قال أبو العبيدين العامري سألتُ عبداللهِ (هوَ ابنُ مَسعودٍ) عن الْمُبَذِّرِينَ، قال: «الَّذينَ يُنفقونَ في غَيرِ حقٍّ».
 

دراسة ميدانية واستطلاع عن ظاهرة الإسراف

  • أكد 51٪ من العينة أنه لايوجد وعي واهتمام بترشيد استهلاك الماء والكهرباء في البيوت
  • إنَّ السرف يبغضه الله، ويضرُّ بدن الإنسان ومعيشته، حتى إنه ربما أدَّت به الحال إلى أن يعجز عما يجب عليه من النفقات
  • أكد 91% من العينة أن الموضة والماركات العالمية من أسباب الإسراف، ويمكن الحد منها لترشيد الإنفاق
  • المبالغة الكبيرة في الحفلات بأنواعها، وخصوصا الموسمية منها أصبحت ظاهرة خطيرة في الإسراف والتبذير من أجل المظاهر الاجتماعية
  • أكد 95% من العينة على أن المنزل والمدرسة والإعلام والقوانين شركاء في نشر ثقافة الاقتصاد وعدم الإسراف
منهجية الدراسة:

قامت دراسة ظاهرة الإسراف على منهجية معينة، راعت أخذ الآراء من عينة مناسبة في المجتمع تقدر بـ 200 شخص من مختلف شرائح المجتمع عبر وسائل التواصل الاجتماعي وذلك من خلال منهجية كالتالي:

1- صممت استبانة من 17 سؤالا عن ظاهرة الإسراف، راعت فيها التنوع؛ لكي تعبر بدقة عن الظاهرة وأسبابها، كما أنها تعطي نوعا من الحيادية والشفافية في فهم الآراء.

2- عرضت الاستبانة على عدد من المختصين في الاقتصاد والإدارة والعمل الاجتماعي لتقييمها وإبداء الرأي فيها.

3- اختيرت عينة عشوائية مناسبة بلغت 200 شخص من المشاركين من داخل الكويت وخارجها، وأرسلت الاستبانة إليهم من خلال برامج التواصل الاجتماعي.

4- تعاملت المجلة بحيادية مع نتائج الاستبانة، فرصدت التوجه العام لفهم ظاهرة الإسراف، وحللت الآراء، وقيمت النتائج من خلال رسومات بيانية ورقمية.

5- استطلعت المجلة آراء عدد من المختصين والاستشاريين حول نتائج الاستبانة.

6- استخلصت مجموعة من النتائج والتوصيات حول الظاهرة لكي يستفاد منها في العلاج ولمزيد من الدراسة.

  1- الإسراف ظاهرة اجتماعية عامة يجب مواجهتها.
  • أكد 92% من العينة أن الإسراف ظاهرة اجتماعية عامة يجب مواجهتها، وهذا يدل على الوعي الموجود في المجتمعات المسلمة، وأن هذه الظاهرة مرفوضة، ويجب الحد منها قدر المستطاع، ولا شك أن هذه مسؤولية تقع على المجتمع بأسره، على الأفراد والجماعات، وعلى المؤسسات العامة والخاصة.
    2- هل ترى أن هناك أولويات في الإنفاق والصرف لدى معظم الأشخاص؟
  • أكد 43% من العينة أن هناك أولويات
في الإنفاق والصرف لدى معظم الأشخاص، مما يعني أن الأغلبية لديها وعي بأهمية وضع أولويات للصرف، في حين أكد 24% من العينة أنه ليس لديهم مثل هذه الأولويات ومن ثم هم يصرفون دون تخطيط واضح. في حين قال 33%: إن هناك أولويات في الإنفاق والصرف في بعض الأحيان.   3- يؤمن معظم الناس بمبدأ ترشيد الاستهلاك ويطبقون ذلك عمليا في حياتهم.
  • أكد 15% من العينة أن هناك إيمانا لدى معظم الناس بأهمية مبدأ ترشيد الاستهلاك، ويطبقون ذلك عمليا في حياتهم، في حين رفض 36% من العينة القول: بأن معظم الناس لديهم إيمان بمبدأ ترشيد الاستهلاك، كما أنهم لا يطبقون ذلك عمليا، أما الأغلبية وهي 49% من العينة فقد ذكرت أن هذا المبدأ موجود في بعض الأحيان.
    4- هناك إسراف في الأكل والشرب في البيئة التي تعيش فيها.
  • قال 70% من العينة أن هناك إسرافا في الأكل والشرب في البيئة التي يعيشون فيها، وهذا لا شك مؤشر يدل على الإسراف في الأكل والشرب بوضوح، في حين بين 7% من العينة أن هذا القول غير صحيح، وأن الناس تقتصد في الأكل والشرب، أما البقية وهم 23% من العينة فأكدت أن الإسراف في الأكل والشرب في بيئتهم يكون في بعض الأحيان.
    5- هل يوجد وعي واهتمام بترشيد استهلاك الماء والكهرباء في البيوت؟
  • أشار 12% من العينة إلى أنه يوجد وعي واهتمام بترشيد استهلاك الماء والكهرباء في البيوت، وهي نسبة قليلة، في حين أكد 51% من العينة أنه لا يوجد وعي واهتمام بترشيد استهلاك الماء والكهرباء في البيوت، وبين 37% من العينة أنه أحيانا يكون هناك وعي بذلك.
    6- الوجبات الجاهزة تُعد من الكماليات والأفضل ترشيد استهلاكها.
  • أكد 77% من العينة على أن الوجبات الجاهزة تُعد من الكماليات والأفضل ترشيد استهلاكها، على الرغم من انتشارها والاهتمام بها، والاعتماد عليها بوصفها وجبات رئيسية خاصة لدى الشباب، كما وأصبح الاشتراك الشهري متوفر لتوصيل مثل هذه الوجبات، وبين 4% رفضهم لأن تكون الوجبات الجاهزة من الكماليات، وأنه من الأفضل عدم ترشيد استهلاكها، في حين أوضح 19% من العينة موقفا محايدا من هذا التوجه، وعدَّ الوجبات الجاهزة مهمة في بعض الأحيان.
    7- يتعمد الناس إظهار (الكرم) من خلال زيادة الأكل وتنوعه في الولائم والحفلات المنزلية.
  • أكد 84% من العينة أن الناس يتعمدون إظهار (الكرم) من خلال زيادة الأكل وتنوعه في الولائم والحفلات المنزلية، ولاشك أن هذه نسبة عالية تظهر مدى الإسراف في الولائم والحفلات وأنه مرتبط بقيمة اجتماعية مهمة وهي الكرم، في حين رفض 3% من العينة هذا التوجه واعتبروا أنه لا ارتباط بين إظهار الكرم والولائم والحفلات. ولكن 13% من العينة قالوا: إن هذه الحالة ليست متكررة دائما بل تحصل أحيانا.
    8- وضع ميزانية محددة للتسوق والسفر والترفيه يساعد على الترشيد ومنع الإسراف.
  • أكد 89% من العينة أن وضع ميزانية محددة للتسوق والسفر والترفيه يساعد على الترشيد، وهي نسبة عالية تؤكد أهمية وضع نسبة معينة من الميزانية للتسوق والسفر والترفيه، في حين رفض 2% من العينة هذه الفكرة في أن وضع ميزانية محددة لهذا الغرض يساعد على الترشيد ومنع الإسراف ولا شك أن هذه نسبة ضئيلة، أما البقية ونسبتها 9% من العينة فقالوا: إن وضع الميزانية مفيد أحيانا في مسألة الترشيد.
    9- المصروفات الشهرية لاحتياجات المنزل والأسرة تستهلك جزءا كبيرا من الدخل الشهري.
  • أكد 82% من العينة أن المصروفات الشهرية لاحتياجات المنزل والأسرة تستهلك جزءا كبيرا من الدخل الشهري، مما يعني أنه من الضروري التفكير جديا بعدم الإسراف، وتوجيه الميزانيات الخاصة للمتطلبات الأساسية للأسرة، وأكد نسبة قليلة من العينة وهي 4% من العينة أن المصروفات الشهرية لا تستهلك جزءا كبيرا من الدخل الشهري. أما 14% من العينة فقالوا: إن المصروفات الشهرية تؤثر في الدخل الشهري أحيانا.
    10- معظم الناس يعتقد أن القروض البنكية ضرورية ولا يمكن الاستغناء عنها.
  • أكد 42% من العينة أن معظم الناس يعتقدون أن القروض البنكية ضرورية ولا يمكن الاستغناء عنها، ومن ثم قد تسهم هذه القروض في الإسراف لحد ما، وأكد 21% من العينة أن القروض البنكية ليست ضرورية ويمكن الاستغناء عنها، وتردد 37% من العينة في مسألة القروض ومدى أهميتها والاستغناء عنها.
    11- المبالغة في الاحتفالات الموسمية (أعياد الميلاد، والقرقيعان، وحفلات النجاح المدرسي) من الإسراف ويجب تقنينها.
  • أشار 95% من العينة إلى أن هناك مبالغة في الاحتفالات الموسمية (أعياد الميلاد، والقرقيعان، وحفلات النجاح المدرسي)، وتعد من الإسراف الذي يجب وقفه وتقنينه، في حين رفضت شريحة صغيرة تقدر بـ 1% من العينة هذه الفكرة، وكذلك رأى 4% من العينة أن يقف موقفا محايدا من هذه الفكرة.
 

12- هناك مبالغة في الصرف على المناسبات الخاصة (حفلات الزواج، واستقبال الولادات، وحفلات التخرج).
  • أكد 94% من العينة أن هناك مبالغة في الصرف على المناسبات الخاصة (حفلات الزواج، واستقبال الولادات، وحفلات التخرج) ؛ لذا يجب الانتباه جدا لهذه الظاهرة، ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة لها. وقالت نسبة ضئيلة من العينة تقدر بـ 1%: أنه لا توجد مبالغة في ذلك. كما تردد 5% من العينة فقالوا: إن هناك مبالغة أحيانا.
    13- أؤيد المبادرات العامة والخاصة لمنع الإسراف مثل: (تحديد المهور، ومنع الحفلات الخاصة والاستقبالات).
  • أيد 88% من العينة المبادرات العامة والخاصة لمنع الإسراف مثل: (تحديد المهور، ومنع الحفلات الخاصة
والاستقبالات)، وقد ظهر هذا التوجه من بعض فئات المجتمع في الفترة الأخيرة. في حين رفض 6% من العينة هذه ا المبادرات. ووقف على الحياد 6% من العينة.     14- الموضة والماركات العالمية من أسباب الإسراف ويمكن الحد منها لترشيد الإنفاق.
  • أكد 91% من العينة أن الموضة والماركات العالمية من أسباب الإسراف، ويمكن الحد منها لترشيد الإنفاق، وهي نسبة عالية جدا، ورفضت نسبة قليلة تقدر بـ 1% من العينة هذه المقولة. وتردد 8% من العينة في ذلك بقولهم: أحيانا.
    15- الدعاية والإعلانات الجاذبة من أسباب انتشار الإسراف والبذخ.
  • أكد 83% من العينة أن الدعاية والإعلانات الجاذبة من أسباب انتشار الإسراف والبذخ، وهذا يدل دلالة
واضحة على مدى التأثير السلبي للإعلانات التجارية على النمط الاستهلاكي للفرد والأسرة في مجتمعاتنا، ويكون لها أثر في الإسراف والبذخ، في حين قال 2% من العينة: إنه لا يوجد أثر لهذه الإعلانات على النمط الاستهلاكي للأسرة، ولكن 15% من العينة رأى أنه يوجد تأثير أحيانا.     16- ينبغي أن يكون الاقتصاد والتوفير في كل شيء.
  • أكد 73% من العينة أنه ينبغي أن يكون الاقتصاد والتوفير في كل شيء، أي في جميع المصروفات الأساسية والكمالية، في حين لم يؤيد هذه الفكرة 6% من العينة، ووقف 21% من العينة على الحياد وقالوا: أحيانا.
  17- المنزل والمدرسة والإعلام والقوانين شركاء في نشر ثقافة الاقتصاد وعدم الإسراف.
  • أكد 95% من العينة على أن المنزل والمدرسة والإعلام والقوانين شركاء في نشر ثقافة الاقتصاد وعدم الإسراف، مما يعزز دور الأسرة والمدرسة والإعلام وأيضا القوانين في ضبط عملية الإسراف؛ ذلك أن الإسراف موجود في كل مكان، ومن ثم كل جهة عليها مسؤولية تكاملية تجاه هذه الظاهرة والحد منها.

الضابط في الإسراف

  • الإسراف أمر نسبي، لا يتعلق بنفس العمل وإنما يتعلق بالعامل، فمثلاً: هذه امرأة فقيرة اتخذت من الحلي ما يساوي حلي المرأة الغنية تكون مسرفة، لو اتخذت هذا الحلي امرأة غنية قلنا: إنه لا إسراف فيه، ولو اتخذته امرأة فقيرة قلنا: فيه إسراف، بل حتى الأكل والشرب يختلف الناس في الإسراف فيه: قد يكون الإنسان فقيراً، يعني: من الناس من تكفيه المائدة القليلة، وآخر لا يكفيه، ثم إنه -أيضاً- تختلف باعتبار أن الإنسان قد ينزل به ضيف فيكرمه بما لا يعتاد أكله هو في بيته فلا يكون هذا إسرافاً. فالمهم أن الإسراف يتعلق بالفاعل لا بالفعل نفسه؛ لاختلاف الناس فيه.

 (فضيلة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله).

   

استطلاع لآراء المختصين والاستشاريين

قدومي: جهل المسرف والمبذر بأحكام الشريعة الإسلامية والنهي عن الإسراف يدفعه لعدم المبالاة، وفي الإسراف غفلة عن الآخرة
  • لا بد من مواجهة هذه الظاهرة التي أدت إلى مشكلات اجتماعية في جميع مناحيها ومنها زيادة نسبة الطلاق وتفكك الأسرة وعجز رب الأسرة عن تلبية احتياجات أسرته
  • تعد العادات والتقاليد الممثلة في الكرم والضيافة وحالة التفاخر التي يعيشها بعض الناس أحد الأسباب الرئيسة والمهمة للهدر والإسراف الذي يجب معالجته معالجة شرعية لأن القرآن الكريم وصف مرتكبيها بـ «إخوان الشياطين

ظاهرة اجتماعية تزداد يوما بعد يوم وقد علق على نتائج الاستبانة د. عيسى قدومي فقال:  من خلال نتائج الاستبانة نلاحظ الآتي: الإسراف ظاهرة اجتماعية تزداد يوماً بعد يوم، وقد بلغت نسب عالية جداً. لا بد من مواجهة هذه الظاهرة، التي أدت إلى مشكلات اجتماعية في جميع مناحيها. ومنها زيادة نسبة الطلاق وتفكك الأسرة، وعجز رب الأسرة عن تلبية احتياجات أسرته. الكماليات تأخذ حيزاً لا بأس به من ظاهرة الإسراف. أضحت الأولويات في الصرف غير متزنة عند الكثير من الأفراد والأسر. إيمان الكثير وقناعتهم بضرورة ترشيد الإنفاق، ولكن الواقع التطبيقي يتناقض مع الواقع، وممارسة الترشيد يبدو صعباً عند الكثيرين. الإسراف في الأكل والشرب من خلال الاستبانة أخذ نسبة 70%، ويمثل ذلك خللا في إدارة الحاجات. الهدر والإسراف والفقد الغذائي يكلف دولنا الإسلامية الأموال الطائلة. وتعد العادات والتقاليد الممثلة في الكرم والضيافة وحالة التفاخر التي يعيشها بعض الناس أحد الأسباب الرئيسة والمهمة للهدر والإسراف. يجب معالجة الهدر والإسراف معالجة شرعية بدايةً؛ لأن القرآن الكريم وصف مرتكبيها بـ «إخوان الشياطين». فقدان سياسة التوفير للأمور الأساسية كالسكن والعلاج، ولا سيما في حال رعاية الدولة لتلك الحاجات. خلاصة النتائج وخلص القدومي إلى عدد من النقاط المهمة في مسألة الإسراف وهي كالتالي: من أكثر مظاهر الإسراف تكون في الطعام والشراب، وكذلك الملبس والكماليات والماركات. وتتبع المطاعم والإسراف مضيعة للوقت والجهد، وإهدار للطاقة. ولا شك أن جهل المسرف والمبذر بأحكام الشريعة الإسلامية والنهي عن الإسراف يدفعه لعدم المبالاة، وفي الإسراف غفلة عن الآخرة. وتأثر الفرد بما حوله ومقارنته لإسراف غيره ومحاولة مجارات الآخرين يدفعه لأن يكون مسرفاً بلا حدود، وفي الإسراف. ولا شك أن مصاحبة المسرفين والمبذرين يجعل المقلد لغيره يسرف بلا أدنى مسؤولية أو تأنيب للضمير.  

المطيري: ضعف وجود الأولويات في الإنفاق وعدم الترتيب والتخطيط للاحتياجات أوتنظيم الميزانية الأسرية

  • عناصر الجذب والإعلام أدت دورا كبيرا في الإسراف؛ للتأثير على السلوك الاستهلاكي وحب التجربة وطلب أمور من دون مسوغ أو حاجة فعلية.
  • يعد المأكل والمشرب أحد أهم العناصر التي يتم الإسراف فيها بطريقة ملحوظة

من جانبه قال د.يوسف المطيري الإستشاري والخبير في الإدارة: أظهرت دراسة أجرتها مجلة الفرقان أمورا عدة مهمة من خلال تحليل نتائج عناصر الاستبانة ، حول نمط الإسراف لدى المجتمع، والآثار المترتبة عليه، ومن هذه الأمور:

  أصبح ظاهرة 1- أن الإسراف أصبح ظاهرة واضحة من خلال الاستبانة التي عكست ما يزيد عن 90٪ من الاعتراف بوجودها بين أفراد المجتمع، ومن ثم أصبحت عملية المواجهة ضرورية لوقف استشراء هذه الظاهرة في المجتمع. 2- عكست الاستبانة ضعف وجود الأولويات في الإنفاق، وعدم الترتيب والتخطيط للاحتياجات وتنظيم الميزانية الأسرية؛ مما أثر سلبا على تزايد الإنفاق في مجالات ليست ذات أولوية؛ مما يمثل هدرا واضحا وغير مسوغ نتيجة لتقليد الآخرين. 3- أظهرت الدراسة تنامي الإسراف وعدم القدرة على ضبط الإنفاق الاستهلاكي بوضوح، بدلا من أن يخصص جزء للإنفاق الاستثماري، وهو مظهر ينعكس أيضا على مستوى الإنفاق العام في ميزانية الدولة العامة. عناصر الإسراف 4- يعد المأكل والمشرب أحد أهم العناصر التي يتم الإسراف فيها بطريقة ملحوظة، ويدل على ذلك زيادة المقاهي والمطاعم، وتوصيل الطلبات بطريقة ملفتة وكبيرة، وهذا منعطف يؤثر على الهدر والتأثير على صحة الإنسان. 5- أظهرت الدراسة مظاهر الإسراف في الولائم والحفلات، وزيادتها زيادة ملحوظة، والمباهاة الاجتماعية في الصرف والتبذير دون مسوغ؛ مما يعكس ظاهرة مجتمعية خطيرة في حال استمرارها وزيادتها. 6- أظهرت الدراسة زيادة المتطلبات الأسرية التي تأخذ قدرا كبيرا من الصرف، أكبر من الحاجة الفعلية، كذلك السفر والإسراف فيه، وخصوصا مع سهولة الحصول على قروض مالية وتقسيط للمبالغ؛ مما يحمل الأسرة أعباء كبيرة مستمرة. 7- المبالغة الكبيرة في الحفلات بأنواعها، وخصوصا الموسمية منها أصبحت ظاهرة خطيرة في الإسراف والتبذير من أجل المظاهر الاجتماعية، وتقليد المجتمع في ذلك السلوك. دور الإعلام 8- عناصر الجذب والإعلام أدت دورا كبيرا في الإسراف؛ للتأثير على السلوك الاستهلاكي وحب التجربة وطلب أمور من دون مسوغ أو حاجة فعلية؛ مما تسبب في زيادة حجم الإسراف وأنواعه المختلفة. وبناء على ما سبق من نتائج التحليل للاستبانة، نورد أهم الأمور التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار؛ للحد من هذه الظاهرة: 1- الدور الأسري والوعي لدى الآباء والأمهات ضرورة في التربية على سلوك ضبط النفقات وترتيب الأولويات. 2- ضرورة تنظيم خطة الميزانية الأسرية وتخصيص مبالغ للاحتياجات بطريقة متوازنة. 3- عدم التقليد الأعمى والمباهاة دون مسوغ والتحذير من هذا السلوك. 4- أهمية دور المدرسة في التوعية، وكذلك وسائل الإعلام المختلفة، ودور وزارة الأوقاف في التوعية الدينية نحو الاقتصاد وعدم الإسراف. 5- تنمية دور مؤسسات المجتمع المدني؛ لعمل ندوات ومحاضرات ورسائل نحو هذه الظاهرة. 6- أهمية وسائل التواصل الاجتماعي، وتأثيرها من خلال استخدامها في السلوك المنضبط، والابتعاد عن الدعوة للإسراف والهدر غير المسوغ.    

الشيخ ابن باز -رحمه الله:

الضابط في معرفة الإسراف والتبذير

  • ابن باز: المؤمن يتحرى صرف الأموال في وجوهها، وإذا أنفق في بيته أو على ضيوفه أو على خدامه ينفق وسطًا لا إسراف ولا تبذير
  • الله -جل وعلا- بين هذا، قال -سبحانه-: {وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} (الإسراء:26) والتبذير: وضع الأموال في غير محلها، صرفها في غير جهة النفع، وقال -تعالى- في صفة النفقة المضبوطة المستقيمة: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} (الفرقان:67) يعني: لم يزيدوا في النفقة ولم يقصروا بل أنفقوا وسطًا، فهذا هو المشروع.
  • أما من زاد وأنفق في غير محل الإنفاق فهذا يقال له: إسراف وتبذير، ما زاد على الحاجة يسمى إسرافًا، وصرف المال في غير وجهه يسمى تبذيرًا، وصرف المال في وجهه هذا طيب وقصد.
  • فالمؤمن يتحرى صرف الأموال في وجوهها، وإذا أنفق في بيته أو على ضيوفه أو على خدامه ينفق وسطًا لا إسراف ولا تبذير: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} (الفرقان:67) ويقول -سبحانه-: {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} (الإسراء:29) ولكن بين ذلك.
  • فكونه يضع طعامًا زائدًا ولحومًا زائدة ما لها حد ليس هذا من القصد هذا من الإسراف، إلا إذا كان قصد أنه يعطيها الفقراء الزائد يعطيه الفقراء والمساكين فلا بأس.
 

كيف نفرق بين الكرم والإسراف ؟

البخل فهو منع ما يجب بذله من المال أو من الجاه أو من العمل فإذا منع الإنسان ما يجب به فهذا هو البخيل فلو منع حق الضيافة مثلاً كان بخيلاً
  • الإسراف هو مجاوزة الحد في الإنفاق؛ من مأكل، ومشرب، ومسكن، وملبس، فمثلاً إذا كان هذا الرجل رجلاً وسط الحال، ثم صنع وليمةً لا يصنعها إلا الأغنياء كان هذا إسرافاً، ولو صنعها الغني لم يكن هذا إسرافاً؛ لأن الإسراف أمرٌ يتحدد بحسب حال الفاعل.
  • وأما السخاء والكرم، فهو أن يكون الإنسان سخياً، فيبذل ما ينبغي بذله على الوجه الذي أمر به، لكن دون إسراف، كما قال -تعالى-: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا}. وهذا مدحٌ لهم، وقال -تعالى-: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا}.
  • أما البخل؛ فهو منع ما يجب بذله من المال، أو من الجاه، أو من العمل، فإذا منع الإنسان ما يجب به، فهذا هو البخيل فلو منع حق الضيافة مثلاً كان بخيلاً، ولو منع واجب النفقة على أهله كان بخيلاً، ولو منع الزكاة كان أشد بخلاً، وكذلك البخل بالجاه، إذا وجب عليه أن يتوجه لشخص بخل بجاهه؛ فإن هذا بخل حتى إنه ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن البخيل من ذكر عنده فلم يصل عليه، وهذا بخلٌ بالعمل؛ حيث بخل الإنسان بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أنه ذكر عنده.

 (فضيلة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله).

   

النتائج والتوصيات

1- نشر التوعية العامة وبيان خطر الإسراف في المجتمع على الفرد والجماعات، وأن الإسراف ظاهرة مرفوضة ويجب الحد منها قدر المستطاع. 2- إن المسؤولية تقع على المجتمع بأسره، على الأفراد والجماعات، وعلى المؤسسات العامة والخاصة؛ لذا يجب على الجميع القيام بواجبه. 3- يجب أن تكون هناك أولويات في الإنفاق والصرف لدى أفراد المجتمع، وأن يدرك الأفراد أهمية وضع مثل هذه الأولويات والالتزام بها. 4- أهمية أن يؤمن معظم الناس بمبدأ ترشيد الاستهلاك، وأن يطبقوا ذلك عمليا في حياتهم. 5- يجب التوعية في التقليل من الإسراف في الأكل والشرب في المجتمعات العربية والمسلمة في البيوت . 6- يجب التوعية والاهتمام بترشيد استهلاك الماء والكهرباء في البيوت. 7- الحث على التقليل من الاعتماد على الوجبات الجاهزة فهي من الكماليات والأفضل ترشيد استهلاكها. 8- العمل على عدم إظهار البذخ تحت مسمى الكرم، من خلال زيادة الأكل وتنوعه في الولائم والحفلات المنزلية. 9- ينبغي وضع ميزانية محددة للتسوق والسفر والترفيه يساعد على الترشيد ومنع الإسراف. 10- يجب الحد من المصروفات الشهرية لاحتياجات المنزل والأسرة والتي تستهلك جزءا كبيرا من الدخل الشهري. 11- يجب عدم الاعتماد على القروض البنكية إلا في الحالات الضرورية ومحاولة الادخار قدر الامكان . 12- ينبغي عدم المبالغة في الاحتفالات الموسمية (أعياد الميلاد، والقرقيعان، وحفلات النجاح المدرسي) من الإسراف ويجب تقنينها. 13- لا يجوز المبالغة في الصرف على المناسبات الخاصة (حفلات الزواج، واستقبال الولادات، وحفلات التخرج)، بل ينبغي التقليل من هذه المصروفات الكمالية. 14- ينبغي تشجيع المبادرات العامة والخاصة لمنع الإسراف مثل: (تحديد المهور، ومنع الحفلات الخاصة والاستقبالات). 15- للحد من الإسراف وترشيد الإنفاق لا يجوز متابعة ما يصدر عن الموضة والماركات العالمية واللهث وراء هذه المتطلبات. 16- نشر الوعي بعدم المبالغة والتأثر بالدعايات والإعلانات الجاذبة التي هي أحد أسباب انتشار الإسراف والبذخ. 17- ينبغي الاقتصاد والتوفير في كل الأمور الممكنة والاقتصار فقط على الأمور الكمالية. 18- تأكيد دور المنزل والمدرسة والإعلام والقوانين في نشر ثقافة الاقتصاد وعدم الإسراف ووضع القوانين الملزمة في ذلك.    

حكم الإسراف في الطعام

  • فالإسراف في الطعام والشراب من التبذير؛ لما فيه من تضييع لنعم الله -تعالى- التي يجب أن تُشكر ولا تُكفر، والله -تعالى- يقول: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} (الإسراء: 26، 27).
  • وعن أنس - رضي الله عنه - أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أكل طعاماً لعق أصابعه الثلاث، وقال: «إِذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيُمِطْ عَنْهَا الْأَذَى وَلْيَأْكُلْهَا، وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ»، وَأَمَرَنَا أَنْ نَسْلُتَ الْقَصْعَةَ (أي نمسحها ونتتبع ما بقي فيها من الطعام)، قَالَ: «فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ فِي أَيِّ طَعَامِكُمُ الْبَرَكَةُ» رواه مسلم.
  • وينبغي على المسلم -ابتداءً- عدم صنع كميات كبيرة من الطعام تزيد عن حاجته؛ فإن زاد عن حاجته شيء، فإنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قد وجهنا بقوله: «وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَضْلُ زَادٍ، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ»، قال راوي الحديث: «حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ مِنَّا فِي الْفَضْلِ» رواه أبو داود. والله -تعالى.
   

أنواعه وأسبابه وطرائق الوقاية منه

الإسراف في المجتمع

مفهوم الإسراف وحكمه: لغة: مجاوزة الحد. واصطلاحا: تجاوز الحدِّ المشروع فيما أحلَّ الله لك من الأقوال والأفعال. وحكمه: حرام، قال -تعالى-: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (الأعراف: 31).

من معاني الإسراف: معاني الإسراف ستة ذكرت في القرآن الكريم: 1- الزيادة على القدر الكافي والحدِّ المشروع، قال -تعالى-: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (الأعراف: 31). 2- الشرك والتجرُّؤ على الله -تعالى-، قال -تعالى-: {وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} (غافر:43). 3- مجاوزة الحلال إلى الحرام، قال -تعالى-: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} (النساء:6). 4- التجاوز فيما يجب فعله شرعًا، قال -تعالى-: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا} (الإسراء: 33). 5- الإسراف والتبذير في النفقة، قال -تعالى-: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} (الفرقان: 67). 6- الإفراط في المعصية، قال -تعالى-: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (الزمر: 53).  الحكمة في تحريم الإسراف: 1- وقاية الفرد والمجتمع من الأمراض الناجمة عن الإكثار من المأكولات والمشروبات. 2- حفظ مال الفرد والمجتمع حتى لا يحل عليهم الفقر. 3- بقاء المجتمع آمِنًا من الفتن والحسد والعداوة؛ إذ بالإسراف قد توقد النيران بين الفقراء والأغنياء خصوصًا بين ذوي الأرحام. من أنواع الإسراف: إن أنواع الإسراف في مجتمعاتنا كثيرة، ومنها الإسراف في الماء في أثناء الوضوء أو في الاستحمام، مع أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل بأربعة أمداد من الماء، وكذلك في الكهرباء؛ بحيث يتركون المصابيح مُتَّقِدة صباحًا ومساءً، وكذلك الإسراف في الشراء من الملابس وغيرها، وكذلك شراء الغالي من السيارات، وأيضا الإسراف في الأعراس وحفلات الزفاف، والإسراف في كثرة الأكل والشرب وغيرها كثير. أسباب الإسراف: الأسباب التي تقود الناس إلى الإسراف كثيرةٌ، منها: نقص التربية الإيمانية، وفهم الدين وحثه على عدم الإسراف، ومن الاسباب تقليد الآخرين، وحبُّ الرياء والسُّمْعة، وصُحْبة المسرفين، وتأثير المجتمع الاستهلاكي. طرائق الوقاية من الإسراف: 1- العلم بأن الله يحبُّ المتقصدين المعتدلين في الإنفاق؛ فقد قال -تعالى-: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} (الفرقان: 67). واليقظة بعد الجهل، والدعاء؛ فهو سلاح المؤمن. وعدم اليأس مع رجاء المغفرة من الله، قال -تعالى-: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (الزمر: 53). وتوعية الناس، وإرشادهم عبر المرئيَّات، والسمعيَّات لعلهم يتذكَّرون أو يخشون.  

ما ضابط الإسراف والتبذير؟

- الإسراف هو الإنفاق الزائد عن الحاجة، {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ} أي بين الإسراف والتقتير (قَوَاماً) أي عيشًا مستقيمًا وكافيًا، فعند ذلك يسلم العبد من مسؤولية التبذير، التي قال اللهُ - جَلَّ وَعَلاَ-: {وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً}، فكلما زاد عن الحاجة من الإنفاق وبذل المال، ما زاد عن الحاجة فإنه تبذير يُسئل عنه العبد يوم القيامة، ومن جملة ما يُسئل العبد يوم القيامة، يُسئل عن أربع، منها: أنه يسئل عن ماله، من أين اكتسبه وفيما أنفقه .

 (فضيلة الشيخ صالح الفوزان).

   

الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله:

راحة القلب والطمأنينة وتعلُّق القلب بالله أكثر استقراراً من حياة  الرفاهية

  • ابن عثيمين: كثير من الناس نجدهم كانوا في الأول على حال الاستقامة والثبات والأعمال الصالحة الكثيرة، فلما كثرت أموالهم أغرَّتهم، وصدوا كثيرًا.
  • عشنا حياة الرفاهية وعشنا ما قبلها، وجدنا أن العيشة الأولى خيرٌ من هذه بكثير

        قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله: حديث أم سلمة -رضي الله عنها- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استيقظ فقال: سبحان الله! تعجُّبًا، ما أنزل من الخزائن، وما أنزل من الفتن، والخزائن خزائن الدنيا التي تفتح على المسلمين، والفتن ما يحصل بمعية هذه الخزائن من الفتن؛ لأنه كلما كثر المال كثرت الفتن؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم : «والله ما الفقر أخشى عليكم، وإنما أخشى عليكم أن تفتح عليكم الدنيا، فتنافسوها كما تنافسها من قبلكم، فتهلككم كما أهلكتهم»، والغالب أن من كثر ماله قلَّ عمله؛ لأن دنياه تُلهيه، وكثير من الناس نجدهم كانوا في الأول على حال الاستقامة والثبات والأعمال الصالحة الكثيرة، فلما كثرت أموالهم أغرَّتهم، وصدوا كثيرًا، ورُبما كانوا لا يحبُّون هذا، لكن رغمًا عنهم تُكرههم الدنيا أن ينصاعوا لها، ولو أنهم كانوا مُقلِّين، لكان أطيب لهم في الغالب. فعلى المرء أن يحذر من هذا النعيم العظيم الذي نتمتَّع به في هذه البلاد، وليعلم بأن من سبقنا من سلف هذه الأمة، كانوا حين فُتحت عليهم الدنيا يُحذِّرون منها هذا الحذر، وهذا عبدالرحمن بن عوف - صلى الله عليه وسلم - كان صائمًا، والصائم يشتهي الطعام إذا أفطر، لكنه لما قُدِّم له طعامه تذكَّر إخوانه ممن سلف، ثم جعل - صلى الله عليه وسلم - يبكي، فترك الطعام وهو يشتهيه، وهكذا ينبغي للمؤمن أن يعتبر ويتَّعظ بما يجري في وقته وقبل وقته، وأن يخشى من بسط الدنيا وفتحها أن تكون طيِّباته عُجِّلت له؛ فإن الدنيا لو كانت هي المقصودة، وهي السعادة، لكان أحق الناس بها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يمضي عليه الشهران والثلاثة ما يُوقد في بيته نار، وإنما طعامه الماء والتمر، وما شبع ثلاث ليالٍ تباعًا من خبز البر. نحن عشنا حياة الرفاهية وعشنا ما قبلها، وجدنا أن العيشة الأولى خيرٌ من هذه بكثير، هذه فيها أشياء مريحة للبدن من أشياء مُبردة، وماء بارد، وظل بارد، وسيارات فخمة، وغير ذلك، وفيما سبق ليس الأمر هكذا، لكن -عز وجل- أكثر بكثير مما هو عليه الآن. والناس كلما ازدادوا في الرفاهية، وكلما انفتحوا على الناس انفتحت عليهم الشرور، إن الرفاهية هي التي تدمر الإنسان؛ لأن الإنسان إذا نظر إلى الرفاهية وتنعيم جسده غفل عن تنعيم قلبه، وصار أكبر همِّه أن ينعم هذا الجسد الذي مآله الديدان والنتن.  

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك