رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سامح محمد بسيوني 6 مايو، 2024 0 تعليق

تحقيق العبودية هي الغاية الكبرى

  • العبودية المنشودة التي خلقنا الله من أجلها أن يعيش كل مؤمن صادق يسعى لينجو بنفسه وأهله والناس من حوله من عذاب الله
 

تحقيق العبودية هي الغاية الكبري التي خلق الله -عز وجل- الخلق من أجلها كما قال -تعالى-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ}، والعبودية المنشودة التي خلقنا الله من أجلها هي الرسالة الأم التي من أجلها يجب أن يعيش كل مؤمن صادق يسعى في نجاة نفسه وأهله والناس من حوله من عذاب الله، والفوز برضوانه ونعيمه الدائم؛ فـرسالة الحياة باختصار هي: (تحقيق العبودية)، هكذا بكل وضوح شرعي، وفهم عقلي، وبذل حركي لذلك.

هذه الرسالة بشمولها تحتاج في تحقيقها إلى رؤية هادفة يُبنى على أساسها مسار استراتيجي واضح يتبعه خطوات تنفيذية دافعة لإنجاح هذا المسار.

مواجهة طبائع النفوس

        هذه الرؤية الهادفة ترتسم معالمها في مواجهة طبائع تلك النفوس البشرية التي وصفها الله -عز وجل- في كتابه قائلا: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ}، التي تغرق بطبيعتها في حب الشهوات والبعد عن التزامات العبودية وإيثار حب الدنيا العاجلة على الآخرة الباقية، كما قال -سبحانه وتعالى-: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ}. لذلك تُبنى تلك الرؤية دائما عند أصحاب الهمم الصادقة على حمل مشاعل التغيير للنفس أولا ثم التغيير في باقي دوائر التأثير المحيطة، وذلك بالسعي الدؤوب للعمل على إيجاد الشخصية المسلمة وبناء الفئة المؤمنة التي تعمل على تغيير المجتمع لتحقيق العبودية الجماعية المنشودة.

رؤية الصلاح والإصلاح

       أو بمعني أوضح على رؤية الصلاح والإصلاح، فالرؤية ليست قاصرة على إصلاح النفس فقط بل تتعدى إلى إصلاح الآخر أيضا ليكون غالب المجموع محققا لعبوديته -سبحانه وتعالى-، وهذا يستلزم بذل الجهد والطاقة والعمل ليلا ونهارا لإحداث هذا التغيير الإيجابي المنشود؛ لأن القاعدة الثابتة التي قررها الرب -سبحانه وتعالى- هي: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}، وعلى هذه القاعدة كان مسار الأنبياء والمصلحين عبر الزمان والمكان كما بين الله -عز وجل- على لسان نوح -عليه السلام-: {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا}، {ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا}.

حال نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم 

        وكما وصف -سبحانه وتعالى- حال نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - قائلا: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا}، {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}، وكما بين الله -عز وجل- في كتابه ذلك على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.

المسار الاستراتيجي للدعاة

         فجاءت البصيرة التي نوهت إليها الآية لتمثل في جوهرها ذلك المسار الاستراتيجي اللازم للدعاة والمصلحين في أي مكان وزمان، والضروري لتحقيق تلك الرؤية الهادفة التي تخدم الرسالة الأم - أقصد تلك العبودية - التي من أجلها خُلقنا كما أشار لذلك الألوسي -رحمه الله- في تفسيره لتلك الآية حين قال: «وفي الآية إشارة إلى أنه ينبغي للداعي إلى الله -تعالى- أن يكون عارفا بطريق الإيصال إليه سبحانه عالما بما يجب له -تعالى..» أ.هــ.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك