رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم أحمد الناشي 13 يوليو، 2010 0 تعليق

– تحدث عن الطلاق وفضائيات السحر والعري والمخدرات والتبرج والفتوى- أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة المدينة الدكتور عبدالرحمن الصاعدي: على ولاة الأمـــر منــع الفضائيات التي تنشر السحر والعري وتساعد على الفجور

 حذر الدكتور عبدالرحمن بن عمري العبدالله الصاعدي أستاذ علم الحديث وأستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة المدينة، أصحاب الفضائيات الذين ينشرون العري والفسق ويساعدون على  الفجور ويظهرون المشايخ والعلماء بصورة غير لائقة، حذرهم  من عقاب من الله تعالى.

وحث الصاعدي في حوار خاص مع «الفرقان» على هامش مؤتمر الأئمة والخطباء ولاة الأمر على منع هذه الفضائيات كما منعوا المواقع التي تدعو إلى التفجيرات في بعض الدول.

وقال: إن الشرع وضع ثماني عشرة وسيلة للحماية من  الطلاق، معرفاً أسباب الطلاق ونظرة المجتمع إلى المرأه المطلقة.

وأوضح أن أحداث غزة وما صاحبها من مظاهرات كانت صادقة وكنا نتألم معهم جميعاً من أجل فلسطين الغالية، ولكن المظاهرات لم تضع حلاً للقضية، وعلى العلماء أن يوضحوا للناس العلم الشرعي أولاً ثم نمنعهم من المظاهرات.

وأشار إلى أن الدين الإسلامي له من يدافع عنه؛ لأنه لا ينتمي لبلد ولا لدولة، والدين يعلو ولا يعلى عليه.

وأكد الصاعدي أن السحر كبيرة من كبائر الذنوب بالإجماع، وحذر أستاذ الثقافة الإسلامية الشباب من الوقوع في براثن المخدرات، وحذر الفتيات من التبرج وإظهار مفاتنهن.

وحث الدول على حماية الفتوى ولا سيما الفتوى في الطلاق والجهاد والنوازل التي تنزل بالأمة، والأسهم.

وهذا نص الحوار:صص

- كيف يمكن حماية الأسرة من الطلاق لا سيما أن النسبة تزداد عاماً بعد عام، وما أسباب الطلاق؟، وكيف ينظر المجتمع إلى المطلقة؟

- في الواقع أن قضايا الطلاق موضوع طويل يحتاج إلى أبحاث ولكن هناك أشياء مهمة في هذا الجانب وهي: كيف يمكن حماية الأسرة من الطلاق، وهناك ثماني عشرة وسيلة للحماية من الطلاق، والشيء الثاني هو أسباب الطلاق، والثالثة نظرة المجتمع إلى المرأه المطلقة.

فإذا نظرنا إلى حماية الشرع من الطلاق فسنجد أن الشرع وضح أن الطلاق لا يقع إلا بأسباب سابقة بين الزوجين، فالله - عز وجل - قال: «وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكما من أهلها} فعلى الأهل إذا وجد خلاف بين الزوجين أن يسارعوا في الإصلاح.

وكذلك أيضاً لا يجور للرجل أن ينطق بالطلاق في حالة الغضب؛ فقد أوصى النبي[ رجلاً وقال: «لا تغضب»؛ لأن الطلاق يقع دائماً في حالة الغضب، وكذلك نهى[ عن الطلاق في حالة الحيض وفي حالة الطهر، وأيضاً الشرع جعل الطلاق بيد الرجل؛ لأن الرجال يتسمون بالعقلانية خلافاً للمرأة التي تتسم بالعاطفة.

وأيضاً لم يجعل الفراق بمجرد كلمة طلاق بل جعل الطلاق الرجعي مرتين، وكذلك حرم على المرأه الخروج من المنزل في حال العدّة، لماذا؟ قال أهل العلم حتى تتزين المرأة لزوجها وترجع، فكل هذه الأمور جعلها الشرع حتى ينقي الأسرة حفاظاً على نسيج المجتمع.

وأيضاً من أسباب الطلاق أن تكون المرأة نداً للرجل ولا سيما إذا كانت تعمل، وكذلك متابعة الفضائيات ومشاهدة الراقصات؛ لأن الرجل يريد زوجته كما شاهد في الفضائيات.

وأحب أن أبين شيئا للرجل وهو ضرورة مسايرة الزوجة والحديث معها مهما شغلته مشكلات الحياة؛ فالنبي[ وكان أشغل الأمة كان يتحدث مع عائشة ويقول لها: «كنت لك كأبي زرع لأم زرعً ويضاحكها ويقول: إني لأعلم إن كنت عني راضية أم كنت عني غضبى، فإذا كنت راضية تقولين: ورب محمد، وإذا كنت غضبي قلت: ورب إبراهيم، قالت يارسول الله إن قلبي معلق بك.

فإنظر كيف كان يعامل الرسول[ زوجته.

- اعتادت وسائل الإعلام في الأفلام إظهار رجل الدين بطريقة غير لائقة وتشويه صورته أمام الناس، هل يؤثر ذلك على عملكم في إيصال المعلومة للناس؟

- بلا شك يوثر بعض الشيء؛ لأننا نتعامل مع العامة، ولكن ينبغي على الجمهور أن يكونوا عقلاء فالشيخ والخطيب وطالب العلم ليسوا معصومين من الخطأ، ولكن لابد للناس أن يحسنوا الظن بأهل العلم حفظة كتاب الله عز وجل.

وأود أن أنصح هنا أصحاب الأفلام ومنتجي المسلسلات بأن يتقوا الله وألا يفسدوا العلاقة بين العلماء والمجتمع بالأسلوب الرخيص الذي يظهرون به المشايخ وطلاب العلم.

وهناك فرق كبير بين من يعمل المعصية وبين من يدعو الناس إلى المعصية، فإذا كان شخص لا يصلي فعليه إثم ترك الصلاة، ولكن إياه أن يستهزئ بمن يصلي؛ فهذا الدين منصور من الله، عز وجل .

- كيف ترى الفتوى في هذه الأيام.. ومن الذي يفتي.. وهل أنت راضٍ عن التخبط في الفتوى؟

- على الجميع أن يتقي الله - عز وجل - سواء المفتي أم المستفتي، فإذا اتقى الجميع الله - عز وجل - وعرفوا خطورة الفتوى وأنها منصب الأنبياء والرسل، وأن الشرع حذر منها؛ لأن الفتوى أساس الشرك؛ فإن الله تعالى عندما ذكر المحرمات بدأ بالأخف ثم الأعلى، قال تعالى: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}، فهذه الأخيرة أعظم من الشرك؛ لأن الشرك ما جاء إلا بفتوى بغير علم.

فخطورة الفتوى كبيرة، فيجب على الإنسان المفتي أن يتقي الله فيما يقول، ولا عيب أن يقول: لا أدري، فالإمام مالك كان يأتيه الرجل من أهل المغرب ويسأله في أربعين مسألة ثم ينتظر يوما واثنين وثلاثة أيام ولا يجيب إلا في خمسة مسائل فقط، فيقول الرجل للإمام مالك: كيف أرجع للناس وأنا قطعت مسافة طويلة من أجل هذه المسائل؟ قال له مالك: قل لهم: إن أبا عبدالله لا يدري. وكذلك الإمام أحمد كان يقول: لا أدري، حتى في بعض المسائل التي يعلمها؛ لأنه كان يريد أن يورث هذا المفهوم في عقول الناس، وحتى لا يعتقد الناس أن هذا الرجل عنده علم ليس عند غيره.

- هل كل خريج شريعة يفتي؟

- في الواقع أن الدولة عليها تحمل مسؤولياتها في هذا الأمر، وليس معنى أن يكون الإنسان حاصلا على الدكتوراه أن يفتي، ومن الممكن أن يفتي في الأمور العادية مثل أحكام الصلاه وغيرها.

ولكن هناك قضايا خطيرة يجب أن يتصدى لها العلماء المتخصصون مثل قضايا الطلاق والجهاد، والنوازل التي تنزل بالأمة، والأسهم، فهذه الأمور ليس كل دارس للشريعة يحسنها، ففي مثل هذه الأمور يجب على ولي الأمر التدخل لمنع الفتوى من العامة، وأن يصرح بها للعلماء الاختصاصيين، فنحن في المملكة العربية السعودية تأتينا تعاميم بألا نفتي في أمور مثل الطلاق، فهذه الأمور لا يفتي بها لدينا سوى «مراكز الدعوة والإرشاد أو المفتي».

- وماذا عن فتاوى الفضائيات التي كثرت مع كثرة الفضائيات؟

- هذه أخطر شيء، وعلى أصحاب هذه القنوات ألا يستضيفوا أي شخص غير مؤهل للفتوى؛ لأنهم بذلك يساهمون في انتشار الفساد الذي قد يعم المجتمع بسبب الفتاوى الخاطئة التي نسمعها من أناس ليس لهم دخل في الفتوى مطلقاً، وكذلك يجب على الناس أن يكون لديهم فطنة في المفتي، ويجب على الشخص أن يسأل من يثق فيه بالعلم والتقوى والورع.

- أحداث غزة الأخيرة أغضبت الناس من العلماء الذين أفتوا بحرمة المظاهرات، فما رأيك في ذلك وهل الناس على حق؟

- أولاً يجب أن نوضح للناس أولاً العلم الشرعي حتى لا ينساقوا إلى أمور لا تفيد قضايا الأمة مثل المظاهرات، فنحن ننظر في أمر المظاهرات ونشاهد ما بها من مفاسد واختلاط الرجال بالنساء في الشوارع وغلق الطرقات، وأحياناً أخرى التخريب الذي يصاحب هذه المظاهرات، فهل من الشرع تخريب الممتلكات والاختلاط؟!

ثم انظر إلى الملايين الذين يتظاهرون ونحن نعلم أن مشاعرهم صادقة ونتألم نحن مما يتألمون منه، وفلسطين في قلوبنا جميعاً، ولكن ما الحل وما النتيجة؟ وهل تصنع المظاهرات حلاً لقضايا الأمة؟

كل هذه الأمور يجب أن توضح للناس ويجب أيضاً أن يترك للقادة المجال لحل القضايا التي تهم الأمة، لاسيما القضايا السياسية، وعلى العلماء أن يبينوا للناس خطورة المظاهرات وما يصاحبها من إثم عظيم.

-  كيف يمكن أن نبين للناس الطريق المستقيم في عصر غلبت فيه الفتن وأصبحت الكلمة لوسائل الإعلام الهدامة؟

- النبي[ قال: «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي»، فإذا تمسك المسلمون بكتاب الله وسنة رسوله[ ضمنوا العصمة والنجاة، وإذا لم يتمسك المسلمون بكتاب الله وسنة نبيه[ حاكما ومحكومين ولم يطبقوا شرع الله على أنفسهم وفي مجتمعاتهم؛ فلن يكون هناك نصر مطلقاً، فإذا نظرنا إلى الصحابة في غزوة أحد حينما قال الرسول[ لهم: «لا تبرحوا مكانكم» قالوا: منتصرون يا رسول الله، فانقلبت الأمور عليهم وتحولوا من منصورين إلى مهزومين.

فكم من المسائل التي لا نطبق فيها شرع الله؟ إنها كثيرة، فانظر إلى العمال في دول الخليج الذين لا تتعدى رواتبهم دنانير معدودة، ومع ذلك لا يأخذون رواتبهم بالأشهر، فكيف يأكلون؟! وكيف يشربون؟! إننا بذلك نحولهم إلى متسولين سارقين ونحولهم إلى مجرمين، فكيف نعامل هؤلاء البسطاء بهذه المعاملة؟!

- كيف ترى مستقبل الدعوة الإسلامية في عصر انتشرت فيه الفضائيات دون رقيب؟

- هذا الدين له من يحميه وله من يدافع عنه، كما أخبر رسول الله[ حيث قال: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى تقوم الساعة»، وهذا الدين لا ينتمي لبلد ولا لدولة، والإسلام يعلو ولا يعلى عليه.

-  انتشر السحر والشعوذة في البلدان الإسلامية بصورة مخيفة حتى إن الهند تفكر في تدريس الطلاب منذ المرحلة الابتدائية خطورة السحر والشعوذة، هل تميل إلى هذا الجانب؟

- نحن لدينا في المملكة كتاب التوحيد الذي ألفه الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - وبه باب مخصص اسمه باب السحر والتحذير منه يدرس للمرحلة الابتدائية، فأنا مع هذه الخطوة؛ لأن السحر من أخطر الأمور على المجتمعات، والسبب في ذلك عدم الإيمان بالقضاء والقدر؛ والسحر كبيرة من كبائرة الذنوب بالإجماع.

وأحب أن أوضح هنا أنه إذا كان الساحر يملك للناس خيراً، فلماذا لا يملكه لنفسه ويكون من أثرياء العالم؟! فمعظم السحرة أناس فقراء؛ فإذا كان الساحر لم يستطع تحقيق الخير لنفسه، فكيف يفعله لغيره؟

- كلمة للشباب.

- أنصح نفسي والشباب بأن ينتبهوا لأنفسهم جيداً، ولاسيما مع كثرة قضايا المخدرات التي عم شرها العالم كله، وعلى الشباب أن يفكر أولاً ماذا يستفيد من المخدرات قبل الخوض في تعاطيها، ولا يقول إني أجرب، أو شيئا من هذا القبيل؛ فالمخدرات مثل النفق المظلم لا يعلم الإنسان كيف يخرج منه؟!

- كلمة للفتاة المتبرجة.

-  التبرج ليس حلاً؛ فالجمال مطلوب وليس بمعنى إظهار مفاتن المرأة؛ فالمرأة في الشرع مثل الجوهرة الثمينة التي لا يطلع عليها إلا الذي يريد شراءها.

فالمرأة المتبرجة ليست سعيدة في حياتها؛ لأنها تعرض مفاتنها للجميع، ومن الممكن أن تتحول إلى المشي في الرذيلة وتصيبها الأمراض وتصيب المجتمع أجمع بالأمراض.

- انتشرت فضائيات العري والفسق والفجور، كما انتشرت فضائيات السحر والشعوذة.. على من تقع المسؤولية؟

- ينبغي على ولاة الأمر منع هذه الفضائيات ومعاقبة ملاكها، وكما استطاعت الدول منع المواقع التي تدعو للجهاد والتفجيرات والتحريض على حكام الدول يجب أن تمنع فضائيات السحر والشعوذة وفضائيات العري؛ لأنها تضر المجتمع، والذين يرتكبون الفسق والفجور هم أبناء المسلمين وبناتهم الذين يجب حمايتهم؛ فصلاحهم صلاح لنا وفسادهم فساد علينا.

وعلى أصحاب القنوات أن يتقوا الله، ويعلموا أن البركة لا تأتي من حرام، وكثيراً ما حذر العلماء من الربا ولا يلتفت إليهم أحداً وكل دول العالم كانت تتعامل بالربا حتى نزل بهم وعيد الله في قوله: {فأذنوا بحرب من الله ورسوله}.

فانظر الآن إلى الأزمة الاقتصادية التي حيرت العالم أجمع، وهذه لم تكن الأزمة الأولى، بل هناك أزمة قادمة في الطريق، وهي أزمة البطاقات الائتمانية.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك