رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: مصطفى صلاح خلف 7 أغسطس، 2010 0 تعليق

«تجديد الخطاب الديني».. مصطلح يحتمل الصحة يريد به المغرضون تضليل الأمة

 

لعل الباحث في كثير من المصطلحات التي يتداولها بعض الأشخاص الذين يدعون العلم ويلقبون أنفسهم بالدعاة والعلماء لا يجد تفسيرا واضحا يحمل منهجا صريحا جليا لما يدعون من مصطلحات.

وذلك كانتشار كلمة: «تجديد الخطاب الديني» التي يرددها كثير من العامة والخاصة دون معرفة أساس أو توضيح مدى اتصالها بالعقيدة، ثم ألا يكون من باب أولى توحيد الخطاب الديني أولا؟!

وهل تجديد الخطاب الديني معناه تجديد كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم؟! وكيف يتم هذا التجديد، وهل هو تحريف للمعنى أم للمبنى؟! وفي الحالتين يعد ذلك تخريفا وعبثا بجذور العقيدة؛ لأن الله تعالى قد أكمل لنا ديننا وأتم علينا نعمته ورضي لنا الإسلام دينا، ولم يغادر في شريعته المنزهة كبيرة ولا صغيرة التي أقرها الكتاب وفسرتها السنة؛ لذلك نتساءل: ما هو وكيف يكون تجديد الخطاب الديني الذي يتغنى به العابثون دون إدراك صحيح لمعناه أو فهم لكيفية ما يجب أن يكون عليه الخطاب الديني؟!

ولعل ما يثير في هذه الثرثرة هو خروج بعض المخربين والمخرفين بفتاوى وتصريحات وآراء تتعلق بصلب العقيدة، والأغرب أن وسائل الإعلام الرخيصة تعطي الفرصة لهم بل تلقب بعضهم بـفكر سقيم «المفكر الإسلامي».

ومنذ بضعة أيام خرج علينا أحد هؤلاء المخربين بخلاصة فهمه السقيم وفكره العقيم ليضع عدة فتاوى تضحك وتبكي، تضحك السامع لتفاهتها، وتحزن العارف بما آلت إليه ساحة الفكر الإسلامي التي يدعي فيها هؤلاء أنهم المفكرون.

وتلخصت فتاوى أو تخاريف بالي الفكر في أنه يرى أن شعر المرأة ليس بعورة وأن البنطال للمرأة أفضل من الإسدال، كذلك يرى هذا المخرف أنه لا يلزم الإشهار أو المهر أو الولي لإتمام عقد الزواج، وأن اختلاط الرجال بالنساء أصبح ضرورة معاصرة لا يمكن تجاهلها، ويظن هذا الشخص صاحب الأفكار الشيطانية أن هذا هو التجديد الذي لابد أن يتحول إليه المسلمون في هذا العصر.

فهل هذا هو التجديد؟ وإذا كان هذا هو التجديد فبُعْدا له تحت أي مسمى، أم إنها مصطلحات تحتمل الصحة يراد بها باطل؟! وأتوجه بسؤال إليك -أخي القارئ- وإلى كل مؤيد ومعارض لنغمة التجديد التي يتغنى بها الكثير هذه الأيام: هل لو بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في زماننا هذا، هل يبعث بقرآن مختلف عن النص العزيز الجامع الذي هو بين أيدينا الآن؟! هل ستتغير سنته وخطابه الديني صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم واسلوب معالجته صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم للقضايا الدينية والاجتماعية؟

 

شرائع وأحكام

والاجابة بالقطع: لا؛ لأنها شرائع وأحكام من قبل المولى عز وجل المدرك لكل قديم وحادث الجامع لأحداث الأزل والأمد؛ لذلك فشريعته صالحة للتطبيق في كل زمان ومكان، وعلى هذا فلا محل لإعراب كلمات من يدسون سمهم في حلوى التجديد ومتطلبات العصر، أما إذا كان التجديد يدعو إلى توحيد الخطاب الديني وقضايا المسلمين والتمسك بما جاءت به الشريعة وكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فمرحبا بهذا الخطاب الجديد، وهنا يكون تجديد الخطاب الديني هو تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية الثابتة والتي لا تحتاج إلى تجديد أو تحديث على ما يستجد من أمور في وقتنا المعاصر وليس العبث بثوابت الإسلام.

ويقول الأستاذ الدكتور خالد شجاع العتيبي أستاذ الشريعة بجامعة الكويت في حواره لـ «الفرقان»: إنه كثر الحديث في الفترة الأخيرة عن تجديد الخطاب الديني ليكون مناسبا للفترة الزمنية الحالية دون تحديد، لِكُنْه هذا التجديد أو ضوابطه، هل كلمة «التجديد» من وجهة نظرك تحتمل معاني عدة؟

< هذه الكلمة وهي كلمة «التجديد» كلمة تحتمل معاني عدة، وحسب النوايا التي يضمرها أصحابها، فقد يريد البعض أن معناها إحياء ما اندثر من الدين وإعادة وإعادة القوة إليه ودعوة الناس إلى العودة إلى دين ربهم، وهذا أمر محمود إذا أراد مَن يطلقون كلمة «التجديد في الخطاب الديني» هذا المعنى السامي.

وقد يريد بعض من يطلق هذه الكلمة محاولة إطلاق العنان لكل أحد ليقول في دين الله ما يشاء من الآراء دون التقيد بنصوص الشرع، ودون الالتزام بضوابطه وأحكامه.

> هل يندرج هذا في إطار الحرية التي يزعمها المضللون؟

< هم يزعمون بذلك، الدعوة إلى الحرية في التعبير عن الرأي، ولكن الحرية لا تكون أبدا في نصوص الشرع وأحكام الشريعة الإسلامية الثابتة، وليس هناك عاقل يقبل ذلك تحت أي مسمى.

> لماذا تعالت هذه الأصوات في وقتنا هذا؟

< بدأت تتعالى الأصوات وتكثر النداءات هنا وهناك لتجديد الخطاب الديني أو تحديثه، معللين ذلك بأنهم يهدفون إلى مخاطبة الناس بخطاب يناسب العصر، لكن هذه الأصوات التي تتعالى في وقتنا هذا يريد بعضهم من ورائها الدعوة إلى أن يغيروا بعض الثوابت والمسلمات الموجودة في شرعنا المطهر وديننا الحنيف.

> لماذا وصل هؤلاء إلى هذه المرحلة من محاولة الالتفاف على منهج الله؟

< ما أظن ذلك إلا نتيجة للتأثر من الاحتكاك بالثقافات الخارجية الأخرى، ولعل ما جعلهم يستسلمون لهذه الثقافات المغايرة هو ضعف التأصيل العلمي لهؤلاء ورسوخهم في فهم دينهم وعقيدتهم الإسلامية الكاملة المكملة التي لا يأتيها الباطل ولا تحتاج إلى تجديدهم فهم شريعة كل وقت وحين.

> هل من خلل واضح تراه في عقيدة هؤلاء؟

< ما من شك أن عقيدتهم لم تبن على الإذعان إلى أوامر الشرع والانقياد له؛ لأن المسلم المؤمن هو الذي استسلم لربه وانقاد لأوامره وآمن بالغيب ووكل أمره إلى ربه وخالقه؛ لأن ابنه آدم يعجز أحيانا عن معرفة كنه وحقيقة الكثير من الأشياء

وليس للمؤمن إلا الله يهديه ويرشده وما من مرشد متبوع أكبر من شريعة الله المطهرة المنزهة عن النقائض، وما من هادِ إلى الرشد أكبر من كتاب الله وسنة رسولنا وحبيبنا صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.

ومما لا شك فيه أن دين الله لا يخضع لهوى وما يخضع لهوى البشر فليس بدين ويقول تعالى: { أيحسب الإنسان أن يترك سدى}. فبعض الداعين إلى التجديد الذين لا يراعون الشريعة الإسلامية يحبون الاختلاط ويرونه ضرورة، ويريدون أن يطوعوا دين الله لأهدافهم ويحلوا ما حرم الله، فلا يكتفون بأنهم ضلوا بل يريدون أن يضلوا الناس، ويسمون إسهاماتهم الساقطة «فتاوى» وهي كلمات جوفاء أعانهم على صياغتها الشيطان.

فالدين ما ارتضاه الله سبحانه وتعالى، والشرع ما أقره القرآن الكريم وفسرته وبينته السنة المطهرة وسار عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وصحابته والتابعين من سلفنا الصالح - رضي الله عنهم جميعا - ومن ابتدع بعد ذلك فحسابه على الله، وعلينا مواجهته وتوعية المسلمين  بخطره؛ لنكون على نهج أهل السنة والجماعة لا يضرنا من ضل إذا اهتدينا.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك