رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: خالدة النصيب 12 يوليو، 2010 0 تعليق

بين الحقيقة والوهم (1)

 بعث الله محمدا[ متمما لمكارم الأخلاق داعيا إليها بكل وسيلة، وهادما لمساوئ الأخلاق، محذرا منها بكل وسيلة؛ فجاءت شريعته[ كاملة من جميع الوجوه، لا تحتاج إلى مخلوق في تكميلها أو تنظيمها؛ فإنها من لدن حكيم خبير عليم بما يصلح عباده رحيم بهم ، وإن من مكارم الأخلاق التي بعث بها محمد[ ذلك الخلق الكريم، خلق الحياء الذي جعله النبي[ من الإيمان وشعبة من شعبه ، ولا ينكر أحد أن الحياء مأمور به شرعا وعرفا، وتخلق المرأة بالأخلاق التي تبعدها عن مواقع الفتن ومواضع الريب يبعدها عن الشهوات المحرمة، فحياتنا فتن ومجاهدة وشهوات ومعركة، وميدان الشهوات كبير، والصراع فيه خطير، إنها معركة الإنسان مع الغرائز المستترة في أغوار النفس وطبيعة الإنسان، والهالكون من بني البشر في معركتهم مع هذا العدو كثير، والناجون قليل، قال مالك بن دينار: من غلب شهوات الدنيا فذلك الذي يفرق الشيطان من ظله. فإذا كانت الشهوة بهذه الخطورة، فلماذا خلقت فينا؟ يقول شيخ الإسلام بن تيمية -رحمه الله: إن الله خلق فينا الشهوات واللذات لنستعين بها على كمال مصالحنا، فخلق فينا شهوة الأكل واللذة به؛ فإن ذلك في نفسه نعمة وبه يحصل بقاء جسومنا في الدنيا، وكذلك شهوة النكاح واللذة به هو في نفسه نعمة، وبه يحصل بقاء النسل، فإذا استعين بهذه القوى على ما أمرنا، كان ذلك سعادة لنا في الدنيا والآخرة، وكنا من الذين أنعم الله عليهم نعمة مطلقة، وإن استعملنا الشهوات فيما حظره علينا بأكل الخبائث في نفسها أو كسبها كالمظالم، أو بالإسراف أو تعدينا أزواجنا أو ما ملكت أيماننا، كنا ظالمين معتدين غير شاكرين لنعمته، وهكذا اقتضت حكمة اللطيف الخبير أن جعلت في الإنسان بواعث ومستحثات تؤزه أزًّا إلى ما فيه قوامه وبقاؤه ومصلحته. انتهى كلامه، رحمه الله.

إذاً الشهوة نعمة أنعم الله بها على المخلوق، وإنما المحظور صرف الشهوة في المحظور، وهي كذلك ابتلاء يبتلي الله بها عباده لينظر إياه يطيعون أو إياها، فإذا أطاع العبد الله أصبح «عفيفا» عن محارم الله كافة، وإذا أطاعها ظلم نفسه .

لذا أصبح الكلام عن العفة أمرا ذا أهمية كي يعود الناس إلى رشدهم، وكي تعلم المرأة أن حياءها وعفتها هي سبب صلاحها وتقواها، فإذا حافظت عليها شرفت وصلح حالها، وإن هي أهملتها ضاع شرفها فما العفة؟ وما أسباب الفساد؟ هذا بإذن الله سأذكره في المقال القادم .

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك