رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم الناشي 29 أغسطس، 2023 0 تعليق

بعد قرن من الزمان بين الشرق المسلم والغرب – لماذا يكره الغرب الإسلام؟

  • لم تكن العلاقة بين الشرق العربي المسلم والغرب عموما علاقة إيجابية؛ فالشرق دائم التوجس من الغرب، ويربط معظم إخفاقاته التاريخية في التقدم والاستقرار بما يحيكه الغرب له من مؤامرات، بل حتى حروب الشرق التي خسرها مرارا وتكرارا، حروب يُشْتمُّ منها رائحة العبث الغربي! ويظن الشرق العربي المسلم أنه واقع في نطاق مؤامرة كبرى، لا يستطيع الفكاك منها بسبب الغرب.
  • ولعل النماذج التي يسوقها الشرق تؤكد هذه الفرضية، وتبدأ من سعي الغرب للإطاحة بالدولة العثمانية (1299 -1923)، ودعم (الثورة العربية الكبرى) ضد الدولة العثمانية لإنشاء (أمة عربية كبرى) بزعامة عربية بناء على (مراسلات الحسين - ماكماهون) (1915 -1931)، ولكن هذا كله لم يتم بناء على الوعود المقدمة من الغرب في هذه المراسلات التاريخية؛ مما عده الشرق غدرا وإضعافا للعرب.
  • وجاءت (اتفاقية سايكس - بيكو) السرية في عام 1916 بين كل من فرنسا والمملكة المتحدة على اقتسام منطقة الهلال الخصيب بينهما، لتعزز هذه الفكرة أيضا، وقام الغرب بطعن العرب والمسلمين في خاصرتهم، ولا يقل جرما عن الحوادث السابقة، وذلك بإعطاء اليهود حقا -غير مشروع- في إنشاء وطن لهم على أرض فلسطين العربية المسلمة فيما سمي بوعد بلفور عام 1917 ؛ مما عده الشرق خرقاً جديدا لما اتُّفق عليه، وأثر سلباً على العلاقات بين الشرق والغرب لفترة طويلة.
  • ولم يكتف الغرب بهذا، بل استعمر العديد من الدول العربية وأخضعها لمصالحة، واستغل ثرواتها، بل وسعى إلى التدخل المباشر في التخطيط لانقلابات، وتعيين زعامات محسوبة عليه، وتخلى الغرب عن كل المطالب الحقة للعرب، ووقف ضدها بل سعى من خلال الحروب العربية الإسرائيلية 1948 و 1956 و1967و1973 إلى إضعاف العرب بطريقة غير مسوغة.
  • واستمرت الحال بين الشد والجذب بين الشرق والغرب لخمس سنوات، إلى أن أتت الحروب الأربعة حول الخليج العربي، الحرب الأفغانية الروسية (1979-1989)، وكان الشرق والغرب طرفين مهمين فيها، ثم الحرب العراقية الإيرانية (حرب الخليج الأولى) (1980-1988)، التي أنهكت الشرق، ولا سيما منطقة الخليج العربي، وحرب تحرير الكويت (حرب الخليج الثانية) (1990-1991)، وكانت كارثية على العرب والمسلمين؛ بحيث مست المبادئ والقيم المتعارف عليها بين دول الشرق العربي المسلم، وأخيرا حرب العراق (2003-2011) التي أنهت زعامة صدام للعراق.
  • وقد كان لهجمات 11 سبتمبر 2001 على مدينة نيويورك أثر بالغ وخطر؛ فقد خلقت مرحلة اتهام الشرق -وتحديدا الإسلام والمسلمين- بالتطرّف والإرهاب، ودخل الشرق في حال من الدفاع عن النفس، لا تزال قائمة إلى الآن. ودخلنا مرحلة (صراع الحضارات) و(الإسلاموفوبيا)! واستهدفت الدول والأقليات المسلمة مباشرة في آسيا وبعض الدول الغربية؛ مما حدا بالجمعية العامة للأمم المتحدة لتحديد يوم 15 مارس بوصفه اليوم الدولي لمكافحة كراهية الإسلام.
  • إن استمرار الغرب في كراهية الشرق ليس له ما يسوغه، والأولى هو أن يكره الشرق الغرب؛ بسبب ما أدخله فيه من ضعف طيلة قرن من الزمان. إن محاولة الغرب الآن فرض ثقافته الهشة على الشرق المسلم، ونشر الموبقات والتحرش في الهوية الإسلامية الأصيلة، والسعي إلى بسط النفوذ من جديد بطريقة الاستعلاء أيضا لا يمكن أن يتقبله الشرق، والأولى من كل هذا بناء علاقات قائمة على الاحترام والثقة والمصلحة المشتركة.

28/8/2023م

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك