رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: حاتم محمد عبد القادر 10 يوليو، 2010 0 تعليق

بعد عام من إستقلالها..مفتي كوسوفا: نطالب العالم العربي والإسلامي بالاعتراف بـ

 لقد عانت كوسوفا كثيرا خلال الاحتلال الصربي الذي استمر عشر سنوات، وبسبب الحرب التي شنتها صربيا على كوسوفا في عامي 1998 - 1999، فقد تكبدت كوسوفا خسائر كبيرة راح ضحيتها أكثر من 12 ألف رجل وامرأة، و تم تدمير 250 ألف منزل، كما اكتشفت أكثر من 600 مقبرة جماعية، وهناك حوالي 4000 من المفقودين، فضلاً عن تدمير 218 مسجدا، وكذلك مقر المشيخة الإسلامية وقتل أكثر من 30 إماما وطالبا بكلية الدراسات الإسلامية ومدرسة علاء الدين الثانوية.

ورغم كل ذلك استطاع الإسلام والمسلمون الصمود في كوسوفا.. هذا ما أكده مفتي كوسوفا أثناء حواره مع "الفرقان" الذي اشتكى أيضا من عدم اعتراف غالبية الدول العربية والإسلامية بكوسوفا بعد عام من استقلالها الذي نالته في فبراير من العام الماضي، وبين أن 95% من الشعب الكوسوفي مسلم من أصل 2.5 مليون نسمة.. والتفاصيل في السطور التالية:

 - كانت لكم كلمة مؤثرة طالبتم فيها بالاعتراف بكوسوفا وأن هناك مشكلات يعانيها المجتمع المسلم في كوسوفا من عدم الاعتراف بكم بعد عام من الاستقلال.. نريد صورة تفصيلية عن هذا الأمر.

- قبل الاجابة عن هذه الأسئلة أود أن أقول: إن كوسوفا من سنة 1912 بعد ذهاب القوات العثمانية من موقعها في كوسوفا، ظلت 90 عاما تحت الضغط المستمر من قبل السلطات اليوغوسلافية الفيدرالية السابقة،  ولاسيما السلطات الصربية، وخلال هذه الفترة (90 عاما) استشهد أكثر من نصف مليون من الشعب الكوسوفي، واضطر للهجرة أكثر من 2.5 مليون, وسجن أكثر من مليون، وفي الفترة 1998 – 1999 بعد أن دارت الحرب بين جيش تحرير كوسوفا وبين جيش وميليشيات الشرطة الصربية استشهد أكثر من 15 ألف من المسلمين من الشعب الألباني الكوسوفي خلال عامين.

كوسوفا أعلنت استقلالها في 17 فبراير عام 2008 وحتى الآن ولله الحمد تم الاعتراف من 55 دولة، هذا من الاتحاد الأوروبي والدول المجاورة وبعض الدول مثل أمريكا وكندا وأستراليا ودول أخرى.

وهناك عدد كبير من الدول التي اعترفت بكوسوفا فتحت سفارات لها لديها، وكوسوفا هي الأخرى فتحت حتى الآن 20 سفارة في الدول التي اعترفت بكوسوفا.

أما العالم الإسلامي ولاسيما العربي منه فأستطيع أن أقول: إنه تأخر في الاعتراف بكوسوفا وأنا من خلال مؤتمر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في مصر هذا العام طالبت مرة أخرى الدول الإسلامية ومنظمة المؤتمر الإسلامي بالاعتراف بكوسوفا؛ لأن كوسوفا دولة ذات سيادة كاملة، ولاتراجع في هذا، كوسوفا صارت دولة منذ عام، ونحن نرجو في كوسوفا أن يكون هناك قريبا اعتراف بها من الدول العربية والإسلامية؛ لأنه حتى الآن فقط دولة الإمارات العربية المتحدة هي التي اعترفت بكوسوفا و7 دول من الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي.

- نود أن نتعرف على أهم الهيئات المسؤولة عن المسلمين في كوسوفا وما تقدمه لهم من خدمات تعليمية والحفاظ على الرسالة الإسلامية هناك؟

- لدينا في كوسوفا الاتحاد الإسلامي، وقد بدأ عمله  في أول يناير سنة 1948 بعد الحرب العالمية الثانية وكان عمله يشمل جميع المسلمين الذين يعيشون داخل حدود جمهورية يوغوسلافيا السابقة.

وفي سنة 1989 بعد أن بدأ تفكيك ما يعرف بالاتحاد اليوغوسلافي أعلن الاتحاد الإسلامي في كوسوفا استقلاله عام 1994 عن الرئاسة الإسلامية العليا بيوغوسلافيا السابقة، وبذلك أصبح التنظيم الديني الموحد والمستقل الذي ينتمي إليه جميع المسلمين المقيمين في كوسوفا وفي المهجر.

ويعمل الاتحاد في كوسوفا طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية والدستور الخاص بالاتحاد الإسلامي وعلى القوانين واللوائح المنبثقة من الدستور وعلى أحكام القانون، ويقوم الاتحاد الإسلامي بتنظيم شؤونه العامة والدينية والتعليمية والوقفية والإدارية وأعمال أخرى بصورة مستقلة، مراعيا في كل هذا مصلحة الإسلام والمسلمين بالدرجة الأولى.

- ما أهم الأجهزة التي يشملها الاتحاد؟

- يشمل الاتحاد عددا من الأجهزة المعنية كلا حسب وظائفه، فهو يضم:

المجلس الإسلامي للاتحاد: ويعد أعلى جهاز تمثيلي للاتحاد الإسلامي في كوسوفا، ويبلغ عدد أعضائه حسب عدد المجالس المحلية للاتحاد الإسلامي، ويتم انتخابهم عن طريق المجالس مباشرة لمدة أربع سنوات.

• المشيخة الإسلامية: وهي الجهاز التنفيذي لمجلس الاتحاد الإسلامي وهي تعد بذلك أعلى سلطة تنفيذية للشؤون الدينية والتعليمية والمالية، فضلاً عن ذلك تقوم بإدارة وتوجيه العمل العام، وتغطية مجموعة من الأعمال الأخرى مثل: تنفيذ قرارات المجلس الإسلامي، والإشراف على كلية الدراسات الإسلامية ومدرسة علاء الدين بفروعها، وتنظيم أداء مناسك الحج والعمرة وجمع التبرعات والزكاة، والإشراف على الأوقاف والمساجد... إلخ.

المجالس الإسلامية المحلية: ويعد المجلس الإسلامي المحلي هيئة أساسية للاتحاد الإسلامي في نطاق حدوده. والوظيفة الرئيسة للمجلس الإسلامي المحلي هي الاهتمام بجميع الشؤون الدينية وأن يقوم بتلبية احتياجات المسلمين داخل حدوده.

• إدارة الطبع و النشر: وهذا من أهم وأوسع مجالات الاتحاد الإسلامي، وقد تم طبع ونشر مئات من الكتب والمنشورات في مجالات إسلامية مختلفة باللغة المحلية (الألبانية)، وتقوم المشيخة الإسلامية منذ أكثر من 15 سنة بإصدار مجلتها الشهرية: "المعرفة الإسلامية" التي تتطرق إلى موضوعات في مجال الدعوة والفكر الإسلامي وقضاياه المختلفة، كما تقوم المشيخة بإصدار مجلة: "التربية الإسلامية" .

ميزانية الاتحاد: وتتكون من المساعدات التي يسهم بها المسلمون مثل: الزكاة وصدقة الفطر وجلود الأضاحي وتبرعات أخرى، فضلاً عن تنظيم الحج واشتراكات المسلمين والمساعدات التي تأتي من الخارج أحيانا.

- إذاً وكوسوفا دولة شعبها أغلبيته من المسلمين (95%).. نريد أن نتعرف على وضع هذا البلد بين جيرانه من الدول الأوروبية الأخرى.

- نحن جزء لا يتجزأ من الاتحاد الأوروبي؛ لأنه سبحانه وتعالى أوجدنا هناك في أوروبا ونحن جزء من العالم الأوروبي، ولله الحمد 95%من سكان كوسوفا من  المسلمين من إجمالي 2.5 مليون ونصف هم تعداد السكان في كوسوفا، ونحن هناك نعيش بدعم من الدول الأوروبية والإسلامية والعربية ولاسيما من تركيا التي دعمت كوسوفا خلال الحرب وبعد الحرب، نحن نعيش ونحترم أيضا حقوق الأقليات الموجودة في كوسوفا، فهناك لدينا برلمان وأجرينا 3 انتخابات برلمانية ومحلية وانتخابات رئيس الدولة ورئيس الوزراء وأعضاء البرلمان وهؤلاء كلهم مسلمون، ونحاول الآن توجيه نداء للمستثمرين أن يوجهوا استثماراتهم نحو كوسوفا؛ لأن كوسوفا دولة غنية جدا بها معادن كثيرة مثل الزنك، والنيكل، والذهب، والفحم الحجري، فضلاً عن الأراضي الألبانية الزراعية ومساحة كوسوفا 11 ألف كيلو متر مربع لكن في كوسوفا إمكانيات كبيرة للمستثمرين الذين يريدون الاستثمار فهي فرصة ذهبية أمام الجميع.

> إذاً أنت تقدم الدعوة للمستثمرين في الدول العربية والإسلامية للاستثمار في كوسوفا؟

- نعم؛ لأن هناك فرصة أمامهم إذا كان لديهم مال وإمكانية فليتفضلوا فهناك المجال مفتوح.

- ولكن هل الإجراءات وتسهيلها متاحة من قبل الحكومة في كوسوفا؟

- نعم متاحة وبالإجراءات نفسها الموجودة للمستثمرين الغربيين، فهم دخلوا بكثرة للاستثمار في كوسوفا، هناك تسهيلات كبيرة للمستثمرين داخل كوسوفا.

> ما زالت الصرب تقوم بتقديم دعاية سيئة ضد كوسوفا في الغرب ولدى الدول العربية.. ما تعليقك و رؤيتك لهذا الأمر؟

- أنا أستطيع أن أقول: نعم، يحدث هذا ونحاول أن نفهم هذا؛ لأن كوسوفا قد استقلت بعد سيطرة صربية  دامت 90 عاما، وصربيا استغلت كل ثروات كوسوفا، وكان من الصعب أن تترك صربيا كوسوفا، لكن انتهى هذا الأمر حاليا، وكما قلت وأكرر: إنه من  27 دولة من الاتحاد الأوروبي تم الاعتراف بكوسوفا من قبل 22 دولة، وهذا أكبر دليل على التأييد الأوروبي لاستقلال كوسوفا.

- ولكن هل تتوقع أن تكون هناك تحرشات جديدة من صربيا بكوسوفا؟

- لا، لا، هذا الأمر انتهى تماما ولا عودة إليه مطلقا.

- بإلقاء نظرة على مسلمي كوسوفا وأوضاعهم مقارنة بالمسلمين في دول العالم الإسلامي.. ماذا تقول؟

- نحن عشنا أياما مُرّة تحت الحكم الصربي، كما كان لدينا لمدة 50 عاما الحكم الشيوعي، فرغم كل الصعوبات والمعاناة التي شهدها الشعب الكوسوفي فقد استطاع أجدادنا وآباؤنا أن يحافظوا على أهمية الإسلام عند المسلمين، والآن في كوسوفا هناك 700 مسجد فيها 5 مدارس دينية وكلية الدراسات الإسلامية و 27 مركزا إسلاميا صغيرا في جميع محافظات  كوسوفا و7 معاهد لتحفيظ القرآن الكريم، وهكذا نحن مستمرون في النشاط  الإسلامي الداخلي في كوسوفا، وبالمقارنة نقول: إن أحوال مسلمي كوسوفا أصعب من مسلمي الدول العربية مثلا لأننا نعيش في بيئة أوروبية، فنحن بوصفنا مسلمين أوروبيين نمثل 7% من مجموع سكان الدول الأوروبية، ولكن لهم حقوق في أوروبا وهي حقوق جيدة يحصلون عليها وسنستمر في التعامل مع الأوروبيين وفي الوقت نفسه مع الدول العربية، وهناك عندنا الدين نفسه، ولماذا نقارن بيننا وبين الدول العربية؟! في الدول العربية لديهم دعم من ميزانية الدولة عندهم إمكانية للتطور وللنشاط في العمل، أما نحن فنعيش من تبرعات الشعب داخل كوسوفا فقط، فليس لدينا أي دعم من ميزانية الدولة، فنحن في دار الإفتاء نستعين بالمشيخة الإسلامية في كوسوفا، ونعطي رواتب الأئمة والأساتذة وكل هذا من تبرعات الشعب .

> ولماذا لا تقدم الحكومة ميزانية أو دعماً للمشيخة؟

< لأنها حكومة جديدة منذ سنة فقط، وإن شاء الله تعالى نحن نتوقع ونرجو في القريب أن يتم ذلك.

- ما حال اللغة العربية والاهتمام بها من قبلكم في كوسوفا؟

- اللغة العربية تدرس في كوسوفا في جامعة بريشتينا وهي حكومية، وفيها كلية استشراقية وخمس مدارس دينية في كوسوفا تحت إشراف الاتحاد الإسلامي، وفي المساجد أيضا تدرس اللغة العربية.

- الاتحاد الأوروبي يشترط على صربيا الاعتراف بكوسوفا حتى تحصل على عضويته.. ما صحة ذلك؟

- هناك أخبار عن ذلك لكنها أخبار غير أكيدة حول هذه القضية و قد تكون صحيحة.

- ما أهم الفتاوى التي يسأل عنها المسلمون في كوسوفا؟

-عندنا في الاتحاد الإسلامي في كوسوفا في المشيخة الإسلامية لجنة مكونة من 7 أفراد يفتون في الأسئلة الموجهة من المسلمين عبر الإنترنت أو الخطابات أو عند زيارتهم للاتحاد، نحن نجتمع كل عشرة أيام لنقدم الفتاوى في المسائل الموجهة إلينا من الشعب، وهي فتاوى مختلفة عن بعض القضايا الموجودة في كوسوفا، ونستعين بالمراجع الفقهية من الدول العربية الإسلامية.

وعن أغلب الفتاوى فهي تتعلق بالميراث ومبادئ الإسلام في البنوك وفي الربا ومثل هذه الأمور.

- نود إلقاء الضوء على شكل المرأة المسلمة في كوسوفا؟

- عندنا داخل الاتحاد الإسلامي هناك رابطة النساء ولها نشاط كبير في كوسوفا والمرأة في كوسوفا تنال حقوقها كاملة، فلها نسبة 30% داخل البرلمان الكوسوفي وجميع المؤسسات الرسمية الحكومية للمرأة الحق في30% من الأماكن بها .

- ما موقف كوسوفا من قضايا العالم الإسلامي؟

- موقف كوسوفا كبقية الدول الإسلامية، ونحن شعب نشعر بالضعف الموجود حالياً في العالم الإسلامي والعربي، ونريد أن نرى التطور والازدهار لجميع الدول العربية والإسلامية.

 

كوسوفا في سطور:

المساحة : 10.908 كم مربع.

عدد السكان : 2.5 مليون نسمة.

العاصمة : بريشتينا.

السكان (تحت 15 سنة): 41%.

تقسيم السكان : ألبانيون 90% - صربيون 5% - آخرون 5%.

المسلمون: 95%.

الجامعات : في كوسوفا جامعة واحدة وتضم 13 كلية في كافة مجالات التعليم.

عدد الطلاب الجامعيين: 27000 طالب، وفي الجامعات أكثر من 1000 أستاذ جامعي.

عدد المساجد: 550 مسجدا.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك