رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 22 أبريل، 2024 0 تعليق

باختصار – رحلوا وبقيت آثارهم

فجعت الدعوة السلفية هذا الأسبوع بفقد اثنين من مشايخها المميزين، الذين تركا أثرًا واضحًا في مسيرة هذه الدعوة المباركة، بعد رحلة طويلة حافلة بالبذل والعطاء والصبر والإنجاز، الأول هو الشيخ محمد عبدالفتاح أبو إدريس (قيَّم الدعوة السلفية في مصر ورئيس مجلس إدارتها)، والثاني هو الشيخ: وليد عبدالله الغانم (الداعية والمربي الفاضل بجمعية إحياء التراث)، رحمهما الله وأسكنهما فسيح جناته. وبالرغم من أن الشيخين من بلدين مختلفين، وكلاهما يمثل جيلاً مختلفًا من أجيال الدعوة، إلا أن الذي جمعهما هو رَحِمُ هذه الدعوة المباركة (الدعوة السلفية)، والأثر الطيب والسيرة الحسنة التي تركاها وراءهما، فكلاهما شهد لهما الجميع بخير، وأثنوا على جهودهما وآثارهما الواضحة والجليَّة في مسيرة العمل الدعوي. ولا شك أنَّ رحيل العلماء والدعاة الصادقين يجدد في القلوب الأحزان، كيف لا؟ والأرض تنقص من أطرافها حين يتوارى علماؤها، وتبكي حين تفقد صلحاءها، كيف لا؟ وهم ورثة الأنبياء، وحملة مشعل الهداية والتوحيد. وكيف لا نحزن على فقد علمائنا ودعاتنا؟ وهم مَثَلُهُم في الأرض كمثل النجوم في السماء يهتدى بهم في ظلمات البر والبحر، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبق عالمًا اتخذ الناس رؤوسًا جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا». ولا غرو أن بقاء العلماء والدعاة الصادقين نعمة من الله -تعالى-، وذهابهم مصيبة تصيب الأرض وأهلها، وتشتد المصيبة حين يكون العالم عظيم النفع للمسلمين، وأن يكون ممن يحملون منارات الطريق لغيرهم، ويضعون العلامات على الدروب؛ ليسير الناس مطمئنين في طريق الرشاد، فعلى هؤلاء تبكي البواكي، قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: «موتُ العالِم ثُلمة في الإسلام، لا يسدُّها شيء ما اختلف الليل والنهار». إن على أبناء الدعوة أن يدركوا حجم الجهود التي بذلها هؤلاء الرجال المصلحون، ومشقَّة الرحلة التي خاضوها خلال هذه السنوات الطوال، للحفاظ على هذا المنهج المبارك، الذي واجه صنوفًا من التشويه والتغيير، وبفضل الله وحده ثم بجهودهم المخلصة ظل هذا المنهج نقيا صافيًا، وظل بنيان الدعوة قائمًا رغم كثرة محاولات الإضرار به. إنَّ الواجب على أبناء هذه الدعوة المباركة الذين تربوا على أيدي هؤلاء الآباء المصلحين، وتعلموا منهم، أن يؤهلوا أنفسهم لتحمّل الصعاب؛ ليكملوا المسيرة من بعدهم، ويحافظوا على هذا الإرث الذي تركوه لهم، وأن يكونوا لبنات قوية في جدار الدعوة ليصبح أكثر متانةً، وأن يكونوا غرسًا صالحًا يستعملهم الله في طاعته. إن الدعوة أيها الشباب تسمو وترتقي برجالاتها؛ فالداعية هو الوجه العملي لدعوته، ومشايخ الدعوة هم رأس مالها الحقيقي الذي لا يعوض، فاعرفوا قدرهم قبل فقدانهم، إنهم رجال خالفوا أهواءهم، فَتعالت هممهم، وصَحَّ سلوكهم، فكَرُمَت أخلاقهم، وزكت نفوسهم. واعلموا أيها الشباب أنَّ أصحاب الأثر الطيب يبقون حاضرين بآثارهم؛ وإن غيبهم الموت، كالعطر يفوح عبيره؛ ففي كل أرض نجد آثار خطواتهم ومواقفهم وكلماتهم، ولقد صدق فيهم قول الإمام الشافعي -رحمه الله:

قَد مَاتَ قَومٌ وَمَا مَاتَت فَضَائِلُهُم

                                           وَعَاشَ قَومٌ وَهُم فِي النَّاسِ أَموَات

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك