رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الشيخ عادل بن عبدالرحمن المعاودة 31 يوليو، 2010 0 تعليق

الوحدة اليمنية تمثل قوة ودِرعاً للمنطقة العربية

 

 

     إن الوحدة اليمنية بقدر ما تمثل قوة ودرعاً للمنطقة العربية والخليج بشكل خاص، فإنها في الوقت ذاته نواة لوحدة الأمة؛ ولذلك ننادي ونطالب زعماءنا وأمراءنا وملوكنا ونقول لهم: إننا معكم في الخير يد واحدة، رجال مخلصون، ولكن إلى متى سيظل التفرق ونحن نعلم أننا بتمزقنا نضعف ونؤكل واحدا تلو الآخر؟! ندعوكم أن تحتذوا بوحدة اليمن وتجعلوا اليمن المثال الذي يجب أن يحتذى، بلد واحد وشعب واحد وقيادة واحدة وجيش واحد واقتصاد واحد والهم واحد والفرح واحد والحزن واحد.

نريد أن نكون كاليمن وتتوسع هذه الوحدة ونبدأها بوحدة خليجية، ونطالب بوصفنا خليجيين ونلح لرؤية هذا العقد ينتظم انتظاما كاملا بدخول اليمن عضواً كامل العضوية في مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

وعلينا أن نتيقن أن البركة في الجماعة، اسمعوا إلى بركة أهل اليمن: فعندما اشتكى الصحابي اليمني أبوموسى الأشعري من قلة المعونة، إلى ماذا أرشده النبي[؟ قال: «لعلكم تأكلون أشتاتا، اجمعوا طعامكم في إناء واحد وكلوا مجتمعين»، فجمعوا طعامهم في إناء واحد وأكلوا مجتمعين فزادت البركة، ومن ثم فلن تنزع البركة لا من البترول ولا من المعادن ولا من الأموال بوحدتنا، بل ستزيد البركة.

مازالت آمالنا معلقة بإعادة تحقيق وحدة إسلامية أو عربية، وأقولها صراحة: الانطلاقة من اليمن السعيد، ينبغي أن تكون الوحدة اليمنية نموذجا وانطلاقة لوحدة دول مجلس التعاون الخليجي واليمن، أليس مجلس التعاون مهددا بخطر واضطر للاستعانة بقوى أجنبية ضد قوى أجنبية، ولا يلام في ذلك، فلماذا لا نستقوي ببعضنا البعض؟! لماذا لا نستقوي بمن هم مخلصون لنا صادقون لنا محبون لنا؟! وإلى متى سيظل هذا التمزق؟! ولماذا لا نبدأ بهذه الوحدة التدريجية.

إن هذه دعاوى الانقسام دعاوى فاجرة، أقولها صراحة، وليست في مصلحة اليمن، وإنما تنبع من مصالح شخصية؛ فمصلحتنا ومصلحة الإسلام وإخواننا في الدين هي في الوحدة والتوحد وليست في التمزق والتفرق؛ قال الرسول [: «من فارق الجماعة قيد شبر فقد نزع رِبقة الإسلام، ومن نزع يدا من طاعة الله وفارق الجماعة مات ميتة جاهلية»، وقال أيضا [: «من أعطى إماما صفقة يده، وثمرة فؤاده، فليطعه ما استطاع، فإن جاء آخر ينازعه، فاضربوا عنق الآخر» رواه مسلم.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ستون سنة تحت حاكم ظالم خير من ليلة واحدة بدون حاكم». وهذا يؤكد لنا أنه في ضوء تعاليم ومبادئ ديننا الإسلامي يجب على كل مسلم طاعة ولاة أمور المسلمين وتوقيرهم وأيضا نصحهم، ولكن بالأسلوب الصحيح الذي لا يفقد الاحترام والمكانة والهيبة، وليس فيه مجاملة لخلق على حساب دين الله عز وجل ولكن لمصلحة الخلق أنفسهم؛ فإن التنمية والازدهار الاقتصادي لا يمكن أن يكونا في بلد مرتبك سياسيا.

ولهذا فعلينا أن نتحد وألا نسمع لدعاوى الفرقة والشتات المغرضة لليمن الواحد وإن كانت قليلة مبتورة موتورة، ولكن علينا أن نقضي عليها في مهدها، وألا نفسح لها المجال، وأن نرفع صوتنا عاليا لرفضها، وأن ندرك أن القوة والتنمية في الوحدة، وأن البناء لن يكون بيد واحدة، و«يد الله مع الجماعة ومن شذ شذ في النار».

أبشروا أيها الصالحون الثابتون على نهج كتاب الله وسنة رسوله [ أن لكم خصائص لم تعط لغيركم ويجب المحافظة عليها؛ لأن النعم بالشكر تدوم، كما جاء في قوله تعالى:  {كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور}، فلما أعرضوا عنها قال الله فيهم: {فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل}.

لما قدم أهل اليمن إلى المدينة بشر بهم رسول الله [ وقال: «يقدم عليكم غدا أقوام هم أرق قلوبا للإسلام منكم»، فلما قدم الأشعريون وفيهم أبوموسى الأشعري تصافحوا فكانوا أول من أحدث المصافحة.

وإن قوله تعالى: {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم}، نزل في أهل اليمن؛ لحديث عياض الأشعري] قال لما نزل قوله تعالى: {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه...} إلخ، قال[: «هم قومك يا أباموسى» وأشار بيده إليه.

ووصف الرسول[ أهل اليمن بأنهم خيار أهل الأرض، ووصفهم بالسحاب يستبشر به الناس قبل مجيء الغيث؛ لحديث جبير بن مطعم عن أبيه قال: بينما كنا نسير مع رسول الله [ في طريق مكة قال عليه الصلاة والسلام: «يطلع عليكم أهل اليمن كأنهم السحاب هم خيار مَن في الأرض»، وفيه إشارة واضحة إلى علو أهل اليمن وسموهم وبركتهم، وكما قال أيضا[ مبشرا: «أتاكم أهل اليمن هم ألين قلوبا وأرق أفئدة، الإيمان يمان والحكمة يمانية».

بقي أن نشير إلى الخصائص العظيمة لأهل هذا البلد، ومنها حديث رسول الله [ الذي يقول: «إني لبقعر حوضي أذود الناس لأهل اليمن أضرب بعصاي حتى يرفضّ عليهم، ويأتي أقوام إلى الحوض يظنون أنهم من المسلمين يُطردون فيقول[ أمتي، أمتي، فتقول الملائكة: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، يقول: فأقول سحقا سحقا، أما أهل اليمن فإني كفيلهم».

كيف لا يحب المؤمن من أحبهم الله وأحبهم رسول الله [؟! ولكن هذا الفضل مشروط وهذا التقدم مرتبط بأمر الله سبحانه وتعالى، إن الفضل ليس بسبب الأرض وإنما باصطفاء الله للناس؛ لأن فيهم الإيمان وفيهم الحكمة، والحكمة مطلوبة، وفيهم الرفق واللين وهما خصلتان يحبهما الله ورسوله[؛ لذلك من الواجب على أهل الإيمان والحكمة أن يقوموا بدورهم في تثبيت دعائم هذا الدين ونشر محاسنه، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب؛ فلا يمكن البناء ولا يمكن الازدهار، ولا يمكن التنمية، بل لا يمكن إقامة أمر الله عز وجل إلا بلوازمه، ومن أعظم لوازمه التعاون والتكاتف والاتحاد.

إن الله سبحانه وتعالى أمر أهل الإيمان الصادق ألا يتمزقوا وألا يتفرقوا فقال سبحانه وتعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون}.

نعم كنا متفرقين ومتمزقين، وكنا شذر مذر، بل جاء يوم يحارب العربي أخاه العربي ويحارب المسلم أخاه المسلم، ويحارب اليمني المسلم أخاه اليمني المسلم، وقد أذهب الله سبحانه وتعالى عنا هذه المظاهر الجاهلية؛ فإنها ليست من الإسلام في شيء: {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء}؛ فمن ادعى الإيمان ومن ادعى الإسلام فلا يمكن أن يدعو إلى فرقة وإلى تمزق، بل يتمسك بالوحدة ويتمسك بالإجماع فإنهما من لوازم الإسلام ومن لوازم بناء الدولة والتنمية، وبالتالي فلا يقول بالتمزق والتفرق إلا جاهل.

عندما دخل رسول الله[ المدينة كان أول ما فعل بعد أن بنى المسجد أن آخى بين المهاجرين والأنصار، أي إنه لا تقوم دولة إلا بالأخوة، ولا تقوم دولة إلا بالاتحاد، ولا تكون تنمية مع تمزق وضعف، والكل يعرف قول الشاعر العربي:

تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا

             وإذا افترقن تكسرت آحادا

هذه حقيقة يعرفها كل الناس: أن الاتحاد قوة؛ فكيف تظهر اليوم أصوات نشاز تدعو إلى التفرقة؟!

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك