رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: اللجنة العلمية في الفرقان 18 سبتمبر، 2023 0 تعليق

المغراوي: الأخوّة تقتضي التعاون والبذل فالإنسان يُعرف بمواقفه

  • الحقيقة أن دولة الكويت كانت لها المبادرة الأولى في قضية الإعانة للمغاربة ما يدل على حسن التعاون وحسن النظر وكمال العقل وكمال الرشد فجزاهم الله خيرا
  • يرفع الله -تعالى- بالصدقات البلاء عن المسلمين، وهي سبب من أسباب النجاة
  • الواجب علينا جميعا الرجوع إلى الله والتوبة الصادقة وواجب العلماء أن يبينوا أن هذا هو التحليل الشرعي الحق لمثل هذه الأحداث

أجرت مجلة الفرقان لقاءً خاصا مع فضيلة الشيخ محمد المغرواي الذي تحدث فيه عن انطباعاته حول ماحدث من زلزال طال عددا من المناطق والبلدات في المملكة المغربية الشقيقة .

        كما وجه كلمة إلى أبناء المغرب الشقيق يواسيهم بها، ويصبرهم ويدعوهم إلى اللحمة والتكاتف ودعا المغراوي الأمة الإسلامية إلى الوقوف بجانب إخوانهم في المغرب الشقيق مناصرة لهم ودعما لما يمرون به من أزمة تمثلت في حجم الضحايا والمصابين وتهدم المنازل وإلحاق ضرر كبير هناك.
  • بداية حدثنا أين كنت حين صار هذا الزلزال؟ وكيف استقبلته؟
لما بلغني خبر أحداث الزلزال الذي وقع بالمغرب، خصوصا في مراكش الذي اشتد فيها الأمر، كنت في ذلك الوقت خارج المغرب في رحلة دعوية، ولاشك أن المسلم دائما يرجع في أموره كلها إلى النصوص القرآنية وصحيح السنة النبوية؛ وحيث إن الإنسان إذا أصيب بمصيبة يجد سلوته في قول الله -تبارك وتعالى-: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}، ويجد أنسه في قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها». فالمصائب التي تحدث سواء كانت زلزالا أم ريحا أم غرقا أم حرقا أم أي حدث آخر، لا شك أنها بسبب الذنوب؛ لأن الله -تعالى- يقول: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ}. وغَضَبُ الله إذا جاء لا يُرد، لا يستطيع أحد أن يرد غضب الله؛ فموقف المسلم من هذه الأحداث -حيثما كان وأينما كان- لابد أن ينزعج، ويصيبه الهم والغم على فقدانه إخوانه، وعلى تضرر إخوانه وما أصابهم من رعب ومن جرح ومن موت، هذا أمر لا يمكن للمسلم أن ينفصل عنه، ولاسيما إذا كان في وطنه وفي بلده وفي ذريته وفي إخوانه وأحبابه، لاشك أن الأثر في ذلك يكون أبلغ، مع أن أي حدث يظهر في منطقة فيها مسلمون، فالإنسان يتأثر ويصيبه الهم والغم ولو كان لفرد واحد، فضلا عن أن يكون الحدث جماعيا أصاب أعدادا كثيرة من الناس.
  • كيف ينظر المسلم لمثل هذه الأحداث؟
فالقصد أن الأمر لابد أن ننظر إليه نظرة شرعية حقيقية، وأن نعترف بأخطائنا وذنوبنا، وأن نعترف بما نحن عليه من مخالفات ظاهرة وواضحة للعيان؛ فالمخالفات التي نحن واقعون فيها كثيرة لا يمكن ذكر واحدة منها فقط، بل هي أعداد هائلة من المخالفات التي نخالف بها ما أمرنا الله به -تبارك وتعالى-، وما أمرنا رسوله - صلى الله عليه وسلم .

الرجوع إلى الله والتوبة الصادقة

  • ما واجب المسلمين عموما والعلماء خصوصا تجاه هذا البلاء العظيم؟
والمفروض علينا جميعا الرجوع إلى الله والتوبة الصادقة، وواجب العلماء أن ينبهوا على هذا الموضوع، وأن يشرحوا للناس سبب هذه الأحداث، وأنها بسبب الذنوب، وأن يأمروهم بالتوبة والرجوع إلى الله -تبارك وتعالى-، وكل من له قدرة على الخطاب، وله القدرة على الكتابة، فليقم بواجبه في هذا الموضوع فإن هذه الأمور في الحقيقة خطيرة وخطيرة جدا، ونلاحظ أنها تتكرر، فهي كانت بالأمس في المغرب زلزالا، وبعدها بقليل كانت العاصفة القوية التي وقع ضحيتها كثير من إخواننا المسلمين في ليبيا، وقبلها تركيا، وقبلها وقبلها...! فالقصد أن الإنسان يموت بأجله ليس أكثر. أما بالنسبة لإخواننا سواء من أهل المُصابين أم غيرهم يدعون لإخوانهم: اللهم ارحمهم اللهم اغفر لهم، سواء كانوا في المغرب أم في المشرق يدعون لإخوانهم دائما {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}؛ لأن المسلم مع إخوانه الأحياء يساعدهم، ومع إخوانه الأموات يترحم عليهم ويدعو لهم، فهذا هو واجبه إزاء كل إخوانه في جميع الأرض، سواء كان من أهل البلد أم من خارجها؛ فالدعاء للمسلم من حقوق المسلمين بعضهم على بعض.

الابتلاء من الله

  • هل يوجد في السنة النبوية ما يشبه هذه الأحداث؟
ودائما الإنسان إذا رجع إلى النصوص الشرعية من القرآن والسنة النبوية فالرسول - صلى الله عليه وسلم - خرج لأُحد وقد مات في لحظة واحدة سبعون رجلا من الصحابة وكلهم صبروا واحتسبوا، والرسول - صلى الله عليه وسلم - احتسب الصحابة، وأبناؤهم أو آباؤهم كلهم احتسبوا، ولعلهم ذكروا الدعاء الذي علمهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي هو في القرآن، وسمى عمه حمزة الذي قُتل في أُحد بسيد الشهداء، وهكذا بقيت الغزوات التي لا حدود لها. فالقصد أن الموت لابد منه كما قال الله -تبارك وتعالى-: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}. وقال -تعالى-: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}. ليس هناك أحد يبقى على وجه الأرض، لكن أحيانا تكون الأسباب بزلزال، أو بغرق، أو بأي نوع من الأسباب التي تؤدي إلى الموت. وعلى الإنسان ألا يقنط ولا يكون له موقف من التسخط، كما نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحالقة والسالقة وأنواع من البكاء والكلام الذي لا يليق، بل عليه أن يستغفر ويسبح ويحمد الله -تبارك وتعالى- على كل حال، وأن يترحم على الأموات ليس أكثر.
  • ما واجب المسلمين تجاه إخوانهم في المغرب الشقيق؟
أما بالنسبة لإخواننا بالخارج الذين لم يصابوا بهذا الحدث والذين عافاهم الله منه، فليبادروا بإغاثة إخوانهم المتضررين قدر المستطاع، فالمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه؛ فالأخوّة تقتضي التعاون وتقتضي البذل، والمرء يُعرف بمواقفه؛ فسورة التوبة بيان لمواقف الصادقين من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبذلهم وكرمهم وتضحياتهم ونصرتهم، وصورة النكوص خذلان المنافقين وبخلهم وتقاعسهم عن البذل والتضحية، والقدوة في ذلك صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بذلهم وتضحياتهم ونصرتهم؛ إذ الحاجة للسند في الضراء أشد منه في السراء، ولاسيما في مثل هذه الأحداث.

تقديم المساعدات

           والحقيقة أن كثيرا من الدول الإسلامية وغيرها تداعت لتقديم المساعدة لبلدنا في محنته هذه، ومنها دولة الكويت الشقيقة؛ حيث كانت مبادرة على المستوى الرسمي و على المستوى الأهلي فجزاهم الله خيرا. كما لا يفوتني أن أنوه بالنفرة المباركة للإخوة المغاربة -حكومة وشعبا- لإعانة إخوانهم المنكوبين والمتضررين، من خلال تنظيم قوافل إغاثية لم تتوقف إلى الآن، وقد كتب الله لجمعيتنا (جمعية الدعوة إلى القرآن والسنة) بمراكش نصيبها من هذا الواجب الديني والوطني. نسأل الله أن يتقبل من الجميع بالقبول الحسن. فإذا تظافرت جهود الحكومات والدول وتظافرت جهود الجمعيات الخيرية فالأمور -إن شاء الله- تكتمل، وبسبب هذا البذل وهذا التعاون يرفع الله -سبحانه وتعالى- البلاء؛ فالصدقات سبب لرفع البلاء، وهي سبب من أسباب النجاة. والله نسأل أن يوفق الجميع، وأن يهدي الجميع، وأن يوفق العلماء، وأن يوفق الحكام، وأن يوفق كل ذي مكانة في مكانته، أن يحاول أن يدل إخوانه من أهل الإسلام على التوبة والرجوع إلى الله والإقلاع عن المعاصي التي هي سبب في كل شر ومصيبة؛ إذ لا ملجأ منه -تبارك وتعالى- إلا إليه.    

نبذة عن الشيخ محمد بن عبدالرحمن المغراوي:

         مواليد ١٩٤٨م في جنوب المغرب ودرس في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية ويقيم في مراكش وطلب العلم على علماء عصره كالشيخ ابن باز والألباني والعباد وله مؤلفات عدة من أشهرها التفسير في ٤٠ مجلداً وكتاب المفسرون في ٤ مجلدات، وسلسلة الإحسان في اتباع السنة والقرآن في تقليد أخطاء الرجال.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك