رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عيسى القدومي 14 أغسطس، 2010 0 تعليق

المسجد الأقصى في المواقع العبرية

 

انتشرت منذ بداية العام 2006م المواقع والمنتديات التي يبثها اليهود على الشبكة العالمية – الإنترنت - باللغة العربية، واعتاد نشطاء يهود في الآونة الأخيرة تصميم مواقع على شبكة الإنترنت تهدف - كما يقول مصمموها - إلى نشر الدعوة الإسلامية، ومناقشة القضايا المتعلقة بالشريعة، ومعرفة رأي المتصفحين في المسائل الفقهية الخاصة بالإسلام! وأغلب تلك المواقع تعطي الحرية للمتصفح في الاشتراك مجانًا بخدمات الموقع، فتعد أسهل الوسائل لتجميع أكبر عدد من الأصدقاء في منطقة المشرق العربي!

ودرجوا في الآونة الأخيرة على إنشاء مدونات خاصة للتشكيك في كل ما جاء في الكتاب والسنة حول فضائل المسجد الأقصى المبارك؛ ليصلوا إلى أن القدس لا مكانة لها، ولا رابط دينيا بينها وبين الإسلام! وأن المسجد الأقصى هو مسجد آخر غير مسجد القدس، هو مسجد في السماء! وأنه لم تكن هناك أي قداسة لبيت المقدس في الإسلام قبل وجود الخلافة الأموية في بيت المقدس، وأن الخليفة عبد الملك بن مروان قد بنى قبة الصخرة ليصرف أنظار المسلمين عن الكعبة ولتكون مبنى يحج إليه المسلمون ينافس الكعبة في مكة المكرمة!!

الغريب أن يترادف مع انتشار كتابات اليهود وباحثيهم ظهور مقالات لكتّاب يحملون أسماء عربية!! يقتبسون للأسف من مقالات اليهود وكتاباتهم ويعيدون نشرها بأسمائهم ليشككوا كذلك في مكانة المسجد الأقصى عند المسلمين، وبعضهم تجاوز ذلك ليكتب بقلمه أن المسجد الأقصى هو حق لليهود ولا يجوز منازعتهم في شأنه !! وسيلحظ من غير عناء القارئ الكريم أن اليهود قد وفروا للعلمانيين المادة لكتاباتهم المشككة في مكانة المسجد الأقصى عند المسلمين!

 

"قرآن نت"!... فهم القرآن على النمط الذي يريده اليهود!

أثار إطلاق وزارة الخارجية اليهودية موقع "قرآن نت" لتفسير ونشر آيات القرآن الكريم جدلاً واسعًا حول الأسباب الخفية لمثل هذا المشروع، والذي يهدف - حسب زعم مصممه - إلى جعل "الذكر الحكيم وسيلة تربوية"!!

وطرح المشروع تحت إشراف الأستاذ الجامعي اليهودي (عوفر غروزيرد)، وزعمت الخارجية أن المشروع يعد "همزة وصل بين العالم الإسلامي والغرب"! وقد شارك المشروع في مؤتمر "آفاق الغد" الذي أقيم تحت رعاية الرئيس الصهيوني (شيمون بيريس) في ذلك الحين في مركز المؤتمرات الدولي في القدس في الفترة ما بين 13 و15 من مايو /2008 بعد أن تم اختياره كواحد من أفضل 60 اختراعًا وتجديدًا «إسرائيليًا» قد يؤدي إلى تغيير المستقبل!

وسلطت وسائل الإعلام العبرية الأضواء على ذلك المشروع، والذي قام به مجموعة ممن وصفتهم بالأكاديميين في إطار دراستهم لنيل درجة الماجستير في مجال الاستشارات التربوية، وتم الإعلان عن إصدار النسخة الأولى من المشروع في هيئة كتاب طبعته جامعة بئر سبع، وستجري ترجمته أيضا إلى العربية وإلى لغات أخرى تشيع في البلاد الإسلامية، مثل التركية والفارسية والإنجليزية والفرنسية!

والمؤسسات البحثية الصهيونية كانت وما زالت تعمل – بكل جهد - لإصدار نسخ محرفة من القرآن الكريم في صورة جديدة؛ لإقناع العالم الإسلامي بالتطبيع الثقافي مع الكيان اليهودي، ولإيجاد جيل من المسلمين يفهم القرآن على النمط الذي يريده الأعداء!

ولم يقتصر الأمر على المواقع العبرية الرسمية وشبه الرسمية والمموهة، بل وصل الأمر لمواقع عربية – واسعة الانتشار - كموقع إيلاف ليفسح المجال ويترك العنان ليبث اليهود أكاذيبهم وأباطيلهم برعاية عربية!

في مدونات «إيلاف» يهودي بضيافة ليبرالي!

مدونة بيت المقدس، مدونة لكاتب وباحث يهودي يستضيفها موقع عربي! وصاحب المدونة يهودي يستخدم اسم: "أشرف الأشرف" وعنوانها: www.elaphblog.com/ashrf.

تلك المدونة هي من مدونات موقع إيلاف www.elaphblog.com، وهو موقع علماني ليبرالي، يصدر من لندن، أنشأ الموقع على الشبكة العالمية - الإنترنت - عثمان العمير بعد أن ترك صحيفة الشرق الأوسط في عام 1998م أسماه "إيلاف" لملء فراغ صحافة الإنترنت بكاتبات الليبراليين وأفكارهم كنافذة إلى العالم العربي وتناغما مع العالم الغربي.

وتحت ذريعة احترام الرأي والتفاعل الحي بينها وبين زوارها، كتبوا أن ذلك الموقع سيقول ما لم يقل من قبل! وسينشر كتبا تحكي ما لم يحك! وروايات تثير ما تثير من زوابع الأسئلة والتساؤلات!

ولأهمية ما ينشر في الوقع وما يكتب في بعض المدونات في موقع إيلاف – كمدونة بيت المقدس وغيرها - قامت وزارة الخارجية اليهودية بربط هذا الموقع مع موقعها – في الشبكة العالمية - تحت بوابة "مواقع هامة"!

 

مدونة بيت المقدس:

عرف نفسه القائم على مدونة بيت المقدس تحت مدخل "نبذة عن المدون" بالآتي: "يهودي؛ ترعرعتُ في دولة عربية، عضو في جمعية "بيت المقدس" التي تتشكل من شبان يهود طلبة جامعات، وتضع نصب أعينها التعريف بالديانة اليهودية، والحضارة اليهودية، والفكر اليهودي، والثقافة اليهودية، والتاريخ اليهودي، من خلال المقارنة مع الحضارتين الإسلامية والمسيحية اللتين تداخل تاريخهما وحضارتهما مع التاريخ والحضارة اليهودية.

 

الصهيوني المدلس:

مع كل ما يدلس هذا اليهودي الخبيث فإن مدونته ما زالت فاعلة في موقع مدونات إيلاف علمًا بأن مدونات إيلاف حجبت بعض المدونات الإسلامية بدعوى أنها تثير الفتن! بل يحجبون بعض التعليقات التي ترد على هذا اليهودي!

وكانت المفاجأة أن نقرأ على صفحاتها أكاذيب اليهود وشبهاتهم، فقد أصر الكاتب اليهودي على التشكيك في كل ما جاء في الكتاب والسنة حول فضائل المسجد الأقصى المبارك ليصل إلى أن القدس لا مكانة لها، ولا رابط ديني بينها وبين الإسلام! وأن المسجد الأقصى هو مسجد آخر غير مسجد القدس، هو مسجد في السماء!! فخلص هذا اليهودي في مدونته إلى أنه لم تكن هناك أي قداسة لبيت المقدس في الإسلام قبل وجود الخلافة الأموية في بيت المقدس، وأن الخليفة عبد الملك بن مروان قد بنى قبة الصخرة، ليصرف أنظار المسلمين عن الكعبة ولتكون مبنى يحج إليه المسلمون، ينافس الكعبة في مكة المكرمة! وأن مكانة القدس في الإسلام كانت موضع خلاف بين المسلمين الأوائل وما روي من أحاديث عن قداسة مدينة القدس كانت موضع شك عند كثير من المسلمين! وأن عوامل سياسية -داخلية وخارجية- هي التي حَفَّزَت على إضفاء صفة القداسة على المدينة، ومن هذه العوامل -مثلاً-: حرص بني أُمية على أن يجنبوا الناس الحج إلى مكة خلال ثورة عبد الله بن الزبير! وأن الأحاديث التي رُويت في فضائل بيت المقدس وجدت في فترة متأخرة وفي عهد الخليفة عبد الملك بن مروان، وأن جُلَّ هذه الأحاديث هي من اختلاق محمد بن شهاب الزهري!!

ويضيف: من السذاجة بمكان القول إن بني أمية إنما أرادوا بناء مسجد في بيت المقدس عملا بالآية القرآنية «سورة الإسراء» التي تتحدث عن المسجد الأقصى، أو اقتداء بالأحاديث النبوية التي تذكر بيت المقدس.

والغريب أن هذا اليهودي بالإضافة لإثارته الكثير من الأكاذيب حول القدس والمسجد الأقصى وأرض فلسطين؛ انتقل ليقول إن الحق اليهودي يمتد إلى يثرب! أي إن الحق اليهودي يمتد إلى المدينة المنورة! الغريب أنه يدون هذا بلا أي تحفظ في موقع صاحبه عربي! وهذا غيض من فيض مما افتراه قلم هذا اليهودي الحاقد!

 

لماذا يشكك هذا اليهودي في مكانة المسجد الأقصى عند المسلمين؟!

لا شك أن هذا التشكيك هو في دائرة المؤامرة لهدم المسجد الأقصى المبارك، وليبني الصهاينة مكانه معبدهم المزعوم: «هيكل سليمان»! ولقطع الرابط بين فلسطين وبيت المقدس ومسجدها الأقصى المبارك.

فقد أصر اليهود على التشكيك في كل ما جاء في الكتاب والسنة حول فضائل المسجد الأقصى المبارك ليقولوا - كاذبين - بأن القدس لا مكانة لها، ولا رابط دينيا بينها وبين الإسلام! وأن المسجد الأقصى هو مسجد آخر غير مسجد القدس، هو مسجد في السماء!

فقد ساءهم تعلق المسلمين بمحبته والنظر إليه؛ فعملوا على تقويض إجماع المسلمين على قداسة مدينة القدس، وتعظيم حرمتها في الإسلام.

ونقول لكل من يشكك في مكانة المسجد الأقصى: شئتم أم أبيتم فالمسجد الأقصى هو أول قبلة للمسلمين، وثاني مسجد وضع في الأرض، وبارك الله فيه وفيما حوله، وثالث المساجد التي تشد إليها الرحال، ومسرى النبي محمد [، ومعراجه إلى السموات العلا، وصلى النبي محمد [ فيه بالأنبياء إمامًا، ويضاعف فيه أجر الصلاة، وبشر النبي [ بفتحه.

والمسجد الأقصى محل دعوة الأنبياء إلى توحيد الله - تعالى - ورباط المجاهدين القائمين، ورغبة المجاهدين الفاتحين، ومنارة للعلم والعلماء دخله من الصحابة جمع كثير، ويرجى - والرجاء رجاء الأنبياء - لمن صلى فيه أن يخرج من خطيئته كيوم ولدته أمه، وهو مقام الطائفة المنصورة، وأرض المحشر والمنشر، وفيه يتحصن المؤمنون من الدجال ولا يدخله.

والمسجد الأقصى أثنى النبي [ على فضله وعظيم شأنه، وأخبر بتعلق قلوب المسلمين به لدرجة تمني المسلم أن يكون له موضع صغير يطل منه على المسجد الأقصى أو يراه منه، ويكون ذلك عنده أحب إليه من الدنيا وما فيها.

وهذا ما أخبرنا به الصادق المصدوق [ بقوله: «وليوشكن أن يكون للرجل مثل شطن فرسه من الأرض حيث يرى منه بيت المقدس خيرا له من الدنيا جميعًا»، أو قال: «خيرا من الدنيا وما فيها».

ومن جانب آخر لا بد من الاهتمام بتراثنا وتحقيق ونشر المخطوطات في فضائل بيت المقدس والمسجد الأقصى وفلسطين، وإعادة تحقيق وطباعة ونشر المخطوطات التي عمل عليها محققون ودارسون يهود، ومستشرقون قريبون من وجهة نظر اليهود؛ وذلك للحفاظ على التراث العلمي المتعلق ببيت المقدس والمسجد الأقصى وفلسطين، وتنقية ما تم تحقيقه من قِبل كُتاب وباحثين وأكاديميين مستشرقين ويهود؛ حيث أضافوا إلى تلك التحقيقات الكثير من الأكاذيب والتشكيك.

لذا كان لزامًا على مؤسساتنا العلمية والأكاديمية العمل بكل جد على كتب التراث الإسلامي، وقطع الطريق أمام «جيش البروفيسورات» الذي يجمع ويسرق ويحقق وينشر تاريخنا وتراثنا، ونحن نقف مكتوفي الأيدي!

ويجب أن يُقدَّم الدعم الكامل لتلك الجهود العاملة على حفظ التراث الإسلامي في القدس وفلسطين، والعمل على جمع المخطوطات المتعلقة بهذا الشأن، والبحث عن المفقود منها، وكشف السرقات التي تمت على المخطوطات، والمناداة والعمل معًا لإرجاع المخطوطات المسروقة إلى مصادرها وإعادة تحقيق المخطوطات التي عمل عليها محققون ودارسون يهود، ومستشرقون قريبون من وجهة نظرهم؛ لتنقيتها من الأكاذيب والدسائس المقصودة لسلب المسجد الأقصى وأرض المسرى، وحث طلبة الدراسات العليا في تخصيص دراساتهم ورسائلهم لتحقيق التراث الضائع، والرد على أكاذيب اليهود وأباطيلهم!

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك