رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر التربوي 18 مارس، 2024 0 تعليق

المرأة والأسرة – 1212

التقوى من أعظم ثمرات الصيام

إنَّ أكبر ما يُرجى حُصولُه للمرأة في رمضان هو التّقوى؛ فمِن أجل التّقوى شَرع الله الصّوم، وهو الفائدة المَرجُوَّة مِن خلالِ أداءِ الفرائض والسُّنن، قال اللهُ -تعالى-: {يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلّكُمْ تَتّقُونَ}، ففكّري في العمل الجاد للحصول على هذا الشّرف العظيم، وهو الانْضمام إلى دائرة المتّقين، فلا يَمُرَّنَّ عليكِ رمضان وينتهي دون أنْ تستفيدي منه الاستفادة المرجوَّة.

 

المرأة المسلمة وتحقيق العبودية لله -تعالى

        إنَّ المرأة المسلمة لن تصل إلى درجة التقوى الحقيقية إلا بعد أن تتخذ من الوسائل والأسباب ما يوصلها إلى ذلك، ومن أهم تلك الأسباب تحقيق العبودية لله -تعالى-؛ فالعبادة هي الطريق المؤدي إلى بلوغ درجات التقوى. وقد خلق الله الخلق لتحقيق هذه الغاية وتلك الوظيفة، فقال -تعالى-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات:56)، والعبادة بمعناها العام تشمل جميع أعمال المرء الإرادية؛ قلبية كانت أو سلوكية، «أما العبادة بمعناها الخاص فهي: الأعمال المحددة التي كُلِّف العبد القيام بها، وهي ما يعبر عنها بـ(الشعائر التعبدية)، كالأركان وغيرها من الفرائض، وهي أعمال مقصورة لتحقيق الطاعة للخالق والتقرب إليه، وإعلان الخضوع الكامل له. ومن هنا كانت العبادة بمعناها الخاص تحمل معنى الغاية والوسيلة في آن واحد، فهي غاية في حد ذاتها؛ لأنها قربة وطاعة لله وخضوع عملي له، وهي وسيلة من جهة أخرى نظرًا لما تحتويه من تحقيق الخضوع لله -تعالى- والإشعار به». إن عبودية المسلمة لله -تعالى- تتحقق عندما تخضع لشرع الله -تعالى-، وتنقاد لأحكامه التي أحل بها الحلال وحرَّم الحرام، وفرض الفرائض، وحدَّ الحدود، وتقوم بذلك كله بحب وذل له وحده -جلَّ وعلا-؛ بحيث تصبح حياتها كلها مصطبغة بالإسلام، في أقوالها وفي أعمالها الظاهرة والباطنة، وأن يكون ولاؤها لهذا الدين وحده، ويظهر ذلك في سلوكياتها ومنهج حياتها؛ بحيث تعيش لله وحده، وكل ما في الدنيا يندرج تحت حكم الله -تعالى.  

المرأة المسلمة ومحاسبة النفس

        ينبغي للمرأة المسلمة -ولا سيما في هذه الأيام المباركة- أن تقف مع نفسها وقفة حساب وعتاب، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (الحشر:18)، وقال -تعالى-: {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} (القيامة:1-2)، قال مجاهد: اللوامة هي التي تندم على ما فات وتلوم نفسها، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «الكَيِّسُ من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني»، قال الإمام الترمذي: معنى دان نفسه أي: حاسبها في الدنيا قبل أن يحاسب يوم القيامة، ويقول الحسن البصري رحمه الله: «لا تلقى المؤمن إلا يعاتب نفسه، ماذا أردت بكلمتي؟ ماذا أردت بأكلتي؟ ماذا أردت بشربتي؟ والعاجز يمضي قدمًا لا يعاتب نفسه».  

الصحبة الصالحة كنز لا ينفد

        إن صحبة الصالحات يكسب المسلمة الصلاح والتقوى، ويرقى بها إلى مدارج القرب من الله -تعالى-، وتتقي بذلك آفات النفس ومكائد الشيطان؛ ولذلك أمرنا الله -تعالى- بصحبة أهل الصدق والتقوى والحرص على مجالستهم، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (التوبة:119)، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل»، فالصحبة الصالحة كنز لا ينفد، وكلما كان صلاح الأصحاب أكبر، ازدادت ثمرات تلك الصحبة، وعظمت آثارها في مختلف المجالات، فمع الصحبة تجد المسلمة القدوة الصالحة التي هي الطريق لحسن العاقبة في الآخرة؛ حيث تتأثر بأخلاقهن وسمتهن، وتستفد من علمهن وحديثهن، وتقوي من هِمتها وعزيمتها في الطاعة.  

احتسبي صيامكِ وسائر عباداتكِ

         احتسبي صيامكِ وسائر عباداتكِ في هذا الشّهر، قال - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، واحتسابكِ لذلك يكون بمسارعتك لطلب الأجر من الله -تعالى- عند فعل الطّاعات، وابْتِغائِكِ بها وجهَه الكريم؛ فاستحضري النيّة وصحّحي القَصْدَ، بجعلِه للهِ وحده، قال -عليه الصّلاة والسّلام-: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى».  

المداومة على العمل الصالح

         حرص المرأة المسلمة على العمل الصالح، يعلي همة المرأة المسلمة لمجاهدة نفسها والارتقاء في منازل التقوى والقرب من الله -تعالى-، وكلما ازداد تمسكها بالفرائض ومسارعتها إلى النوافل، كان ذلك زادًا لها على تحقيق التقوى، أما إذا تركت بعض الطاعات أو تكاسلت عن بعض النوافل، فإن زادها سيضعف، وجوادها سيتعثر؛ ولذلك أرشدنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن القليل الدائم من العمل خير من الكثير المنقطع فقال: «أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل».  

طلب العلم من أفضل القربات

        لا شك أن طلب العلم من أفضل القربات عند الله -تعالى-؛ فبه تصح العبادة التي هي «فرض عين» على كل مسلم ومسلمة، كما أن الاستزادة من العلم تعلي قدر المسلمة عند ربها، وترفع منزلتها، وقد تظاهرت الأدلة من الكتاب والسنة في بيان شرف العلم وأهله فمنها: قوله -تعالى-: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} (الزمر: 9)، وقوله -تعالى-: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} (المجادلة:11)، وعن معاوية - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين».  

الصّلاةَ الصّلاةَ !

         الصّلاة هي الرّكن الثّاني مِن أركان الإسلام وعموده، ولا دين لمَن لا صلاةَ له، وتذكَّري قولَه -عليه الصّلاة والسّلام-: «العَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلاَةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ»، فلا تكوني مثل أناس يضيعون الصلاة ويحافظون على الصيام؛ إذ ترك الصلاة أخطر بكثير من ترك الصيام، والله -جلّ وعلا- يقول: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ، فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً}، وقد ذَكَر الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره عن جمعٍ من أئمة التّفسير، أنّ معنى إضاعة الصّلاة: إضاعة مواقيتها بأنْ تُصلَّى بعدما يَخرُج وقتُها، وليس تركها بالكلية.  

أخطاء تقع فيها النساء في رمضان

         من الأخطاء التي تقع فيها بعض النساء الفتور عن العبادة حال الحيض والنفاس، فتظن أنها في رخصة من كل أنواع العبادة التي تقربها إلى الله -جل وعلا-، مع أنه يمكن للحائض أن تؤدي كثيرًا من الطاعات حال حيضها كالمداومة على الذكر والدعاء، والصدقة، وقراءة الكتب النافعة، والتفقه في الدين، بل لها أن تقرأ القرآن على القول الصحيح، إلى غير ذلك من الأمور التي تستطيع المرأة المسلمة فعلها.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك