رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر التربوي 4 مارس، 2024 0 تعليق

المرأة والأسرة – 1210

الانضِبَاط خُلقٌ من أخلاق الإسلام

         تحرص الشريعة الإسلامية على تربية المسلمين على الانضباط والنظام، وعدم الفوضى والعشوائية، والانضِبَاط خُلقٌ من أخلاق الإسلام، يتناول حياة المسلم كافة وكل ما يقوم به من عمل، وهو القدرة على ضبط النفس والتحكم في السلوك؛ لذا فهو من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها المسلم في جميع مراحل حياته.  

كيف نصنع البيئة التربوية لأبنائنا؟

اهتم الإسلام بصناعة البيئة التربوية للأبناء، فجاء في كتاب الله- عزوجل- الأمر للآباء والأمهات بتأديب الأبناء؛ حيث قال -سبحانه-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} (التحريم:6). فالنَّشْأةُ الصالحةُ مِنْ صلاح المنشأ، فإنْ أدَّى الوالِدان ما عليهما، وكان الأمْرُ خلافَ ما سَعَيَا له، فقد بَرِئتْ ذمتهم، واللهُ -تعالى- يَهدي مَنْ يشاء ويُضِلُّ مَنْ يشاء، ولكن الخطأ من أهمل تربية أولاده، ولم يربهم التربية الإسلامية الصحيحة، ثم هو يَتَعَلَّلُ بالقَدَر؛ ولذا أوصى الشرع باختيار البيئة الطيبة والرفقة الصالحة، فقال -تعالى-: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} (الكهف: 28)، وفي المقابل نهى الإسلام عن رفقة السوء، فقال -تعالى-: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (الأعراف من الآية 199)، وإن من أهم مقومات هذه البيئة الصالحة أن يتعلم فيها الأبناء العقيدة الصحيحة ومعرفة معنى كلمة التوحيد (لا إله إلا الله)، ومقتضياتها ومعانيها، وحب الله -تعالى- بذكر صفاته ونِعَمه على البشر، وفي هذه البيئة يتعوّد الأبناء على العبادات منذ الصغر، ويحبون الطاعة ويكرهون المنكر، ويكون ذلك تدريجيا، لا بالعنف، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «مُروا أولادَكم بالصلاةِ وهم أبناءُ سَبعِ سنينَ، واضْرِبوهم عليها وهم أبناءُ عَشْرٍ، وفَرِّقوا بينَهم في المضاجِع» (صحيح أبي دواد)، وكذلك الأمر في باقي العبادات.  

الاختيار السليم.. من أهم مقومات البيئة الصالحة

         إن اختيار الزوجة ذات الدين، وذات الخلق الطيب، والعقل الراجح، والمنبت الحسن، من أهم مقومات البيئة الصالحة التي نسعى لإيجادها، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تُنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك»؛ ذلك لأن الزوجة مسؤولة عن تربية الأطفال، وعن صيانة بيت الزوجية من حفظ مال الزوج، وعرضه، وسره، وكذلك الحال من اختيار للزوج الذي يتقي الله، ذي الأخلاق الحميدة، والقادر على القيام بواجبات الزواج، الذي يستطيع قيادة الأسرة في سلام، يقول رسول الله-[-: «إذا أتاكُم من تَرضونَ خُلقهُ ودينهُ فزوّجوهُ، إلا تفعلوا تكنْ فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ عريضٌ» (ابن ماجه).  

5 طرائق لتربية الطفل على الانضباط

(1) وضع قواعد وحدود واضحة للطفل: من أهم الأمور التي يجب على الآباء القيام بها لتربية الطفل على الانضباط هو وضع قواعد وحدود واضحة له؛ حيث تساعد هذه القواعد على تعليم الطفل السلوكيات المقبولة وغير المقبولة، وتساعده على الشعور بالأمان والراحة. (2) الالتزام بتطبيق القواعد بطريقة ثابتة: من أهم الأمور لضمان نجاح تربية الطفل على الانضباط هو الالتزام بتطبيق القواعد بطريقة ثابتة، وإذا لم يلتزم الآباء بتطبيق القواعد، فسيتعلم الطفل أن هذه القواعد غير مهمة، ولن يكون من المرجح أن يلتزم بها في المستقبل. (3) مكافأة الطفل عند التزامه بالقواعد: من المهم مكافأة الطفل عند التزامه بالقواعد، ويمكن أن تكون هذه المكافآت بسيطة، مثل كلمة طيبة أو قبلة أو لعبة صغيرة؛ فإن ذلك سيساعد الطفل على فهم أن السلوك الجيد له مكافآت. (4) عدم استخدام العقاب البدني: لا ينبغي استخدام العقاب البدني للطفل، فيمكن أن يؤدي العقاب البدني إلى سلوك عدواني أكثر لدى الطفل، وقد يضر بصحته الجسدية والنفسية. (5) التواصل مع الطفل بطريقة فعالة: التواصل الفعال هو عملية نقل المعلومات والأفكار بطريقة واضحة ومؤثرة، يتضمن التواصل الفعال الاستماع الفعال والكلام الفعال.  

حقيقة الاستسلام لله -تعالى

       إنّ الاستسلام لله -سبحانه- في أمره ونهيه، وقضائه وقدره، من أهم أسباب قوّة قلب العبد ورسوخ يقينه، وسلامة صدره، وتمام رضاه؛ فالكون كونه، والخلق خلقه، وهو المالك المتصرف بالتدبير والتقدير، ومن غابت عنه هذه الحقيقة وانشغل بتوافه الدنيا، لم يصمد قلبه أمام أي فتنة أو ابتلاء، والاستسلام للخالق-سبحانه وتعالى- هو الغاية التي خلق الله الإنسان من أجلها، وهو الطريق الذي يقود إلى السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة، وهو سبيل تحصيل الهدوء والطمأنينة؛ لأن المسلم وقتها لا يشعر بالقلق أو الخوف، فهو يعلم أن الله معه، ويرعاه، ويحفظه، كما يُحقّق المسلم من وراء الانقياد لربّه، التقوى والصلاح.  

الحب والتربية

         لا يمكن للتربية أن تتم دون حب؛ فالأطفال الذين يجدون من والديهم عاطفة واهتمامًا ينجذبون نحوهما، ويصغون إليهما بسمعهم وقلوبهم، ولهذا ينبغي على الأبوين أن يحرصا على إبراز عاطفة الحب لأطفالهم والتعبير عنها بوضوح، وعليهما إذا اضطرا يومًا إلى معاقبة الطفل أن يسعيا لاستمالته بالحكمة؛ كيلا يزول الحب الذي لا تتم التربية دونه، وعلى الأبوين أن يتذكرا أن طفلهما بحاجة إلى اللمسة الحانية؛ فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزور الأنصار، ويسلِّم على صبيانهم ويمسح رؤوسهم، فالطفل يحتاج إلى من تضمه إلى صدرها، وتربت على ظهره، وعند الذهاب إلى المدرسة والرجوع منها، وكذلك قبل أن يذهب للنوم ليلا.  

النوار بنت مالك

أم زيد بن ثابت رضي الله عنهما

        النوار بنت مالك الأنصارية، صحابية جليلة كانت متزوجة من ثابت بن الضحاك، فولدت له زيد بن ثابت وأخاه يزيد، كانت أمًّا كريمة شهمة حكيمة، آمنت بالنبي - صلى الله عليه وسلم - قبل مقدمه المدينة، فراحت تغذي زيدًا على مائدة القرآن وحفظه، وحب المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وقد عرف قلب زيد الصغير طعم هذا الحب وبركته من أول يوم التقى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد كان لقاء كرم وحسن ضيافة؛ إذ كانت أول هدية أهديت للحبيب المصطفى حين نزل بدار أبي أيوب الأنصاري، قصعة من طعام جاء بها زيد، أرسلته بها أمه النوار، يروي زيد - رضي الله عنه - قصة هذه الهدية، فيقول: «أول هدية دخلت على رسول الله في بيت أبي أيوب، قصعة أرسلتني بها أمي إليه، فيها خبز مثرود بسمن ولبن، فوضعتها بين يديه، وقلت: يا رسول الله، أرسلت بهذه القصعة أمي؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «بارك الله فيك وفي أمك».

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك