رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر التربوي 11 سبتمبر، 2023 0 تعليق

المرأة والأسرة – 1190

معايير اختيار الزوج

        كما أن الدين معيار وأساس في اختيار الرجل لزوجته، فإنه كذلك بالنسبة لاختيار المرأة للرجل، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ».

 

من وصايا القرآن للنساء

الأمر بإقامة الصلاة

مما أوصى به القرآن الكريم النساء، ما جاء في سورة الأحزاب من الوصية بإقامة الصلاة، وذلك في قول ربنا -سبحانه-: {وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاة} (الأحزاب: 33). قال السعدي -رحمه الله-: «لما أمرهن بالتقوى عمومًا، وبجزئيات من التقوى، كذلك أمرهن بالطاعة، خصوصًا الصلاة والزكاة، اللتان يحتاجهما، ويضطر إليهما كل أحد، وهما أكبر العبادات، وأجل الطاعات، وفي الصلاة، الإخلاص للمعبود، وفي الزكاة، الإحسان إلى العبيد»؛ فالصلاة عماد الدين، وهي الحد الفاصل بين الكفر والإيمان، ولا سعادة للإنسان، ولا هناء في حياته إلا بمحافظته على هذه الفريضة التي جعل الله فيها من أنواع الخيرات والبركات ما لا يمكن حصره، ألم يقل رب العزة -سبحانه-: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}؟ (العنكبوت: 45)، وهكذا ما جاء من النصوص العظيمة في إجلال هذه الفريضة، وما ينبغي مِن الحرص والحفاظ عليها، وقد يكون لدى بعض النساء نوعٌ من الإخلال بهذه الفريضة مِن جهة ما يعرض لهن مِن العُذر الشرعي، الذي يُدخل بعضَ النساء في نوعٍ من التفريط من جهة عدم مراعاتها لبدء العذر وانتهائه، فربما تركت فرائض أو أخلَّت بما يجب في ذلك، وهذا يوجب على المرأة أن تكون متفقهة في دينها، وأن يتواصى الأبوان بأن يُبيِّنا لبناتهما ما ينبغي في شأن هذه الفريضة، وما يستوجب لهن من الفرائض والأركان، التي من جملتها ما يتعلق بالطهارة لها.  

المرأة وطلب العلم

      في دواوين الحديث وكتب التراجم كان للمرأة حضور بارز ودور عظيم في تلقي سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وروايتها، بل نافست الرجال منذ العهد النبوي، وطلبن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يخصهن بمجلس، سجل ذلك الإمام البخاري في صحيحه حين وضع هذا العنوان (هَلْ يُجْعَلُ لِلنِّسَاءِ يَوْمٌ عَلَى حِدَةٍ فِي الْعِلْمِ؟) أورد فيه حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: «قالتِ النِّسَاءُ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِن نَفْسِكَ، فَوَعَدَهُنَّ يَوْمًا لَقِيَهُنَّ فِيهِ، فَوَعَظَهُنَّ وأَمَرَهُنَّ»، لقد سابقت المرأة الرجال في طلب العلم، وربما سبقتهم وانفردت دونهن، فمن الأحاديث التي لا يعرف أنه قد رواها إلا النساء حديث فاطمة بنت قيس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في نفقة المبتوتة وسكناها، فكانت قصتها حديثًا يروى وسنة متبعة وحكما يقضي به، وقد أخذ كبار التابعين هذا الحديث من فم فاطمة وتناقلوه عنها وارتبط باسمها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.  

حقيقة حديث النبي صلى الله عليه وسلم «ناقصات عقل ودين»

        قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « ما رَأَيْتُ مِن ناقِصاتِ عَقْلٍ ودِينٍ أغْلَبَ لِذِي لُبٍّ مِنْكُنَّ» فقيل: « يا رَسولَ اللهِ، وما نُقْصانُ العَقْلِ والدِّينِ؟» قالَ: «أمَّا نُقْصانُ العَقْلِ: فَشَهادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهادَةَ رَجُلٍ فَهذا نُقْصانُ العَقْلِ، وتَمْكُثُ اللَّيالِيَ ما تُصَلِّي، وتُفْطِرُ في رَمَضانَ فَهذا نُقْصانُ الدِّينِ»، قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: «بين - صلى الله عليه وسلم - أن نقصان عقلها من جهة ضعف حفظها، وأن شهادتها تجبر بشهادة امرأة أخرى؛ وذلك لضبط الشهادة بسبب أنها قد تنسى، فتزيد في الشهادة أو تنقصها، وأما نقصان دينها؛ فلأنها في حال الحيض والنفاس تدع الصلاة وتدع الصوم ولا تقضي الصلاة، فهذا من نقصان الدين، ولكن هذا النقص ليست مؤاخذة عليه، وإنما هو نقص حاصل بشرع الله -عزوجل-، هو الذي شرعه -تعالى- رفقا بها وتيسيرا عليها؛ لأنها إذا صامت مع وجود الحيض والنفاس يضرها ذلك، فمن رحمة الله شرع لها ترك الصيام وقت الحيض والنفاس والقضاء بعد ذلك». وقد أساء بعضهم -عن جهل أو عمد- فهم خطابه - صلى الله عليه وسلم - للنساء ووصفهن بأنهن «ناقصات عقل ودين» ففهم الحديث وفق مراده هو، وجعل من ذلك دليلا على ظلم الإسلام للمرأة، والإسلام من هذا الفهم السقيم بريء، وحاله كحال من قرأ قول الله -تعالى-: {فويل للمصلين} (الماعون -5).  

حشمة المرأة

      عَنْ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَن جرَّ ثوبَهُ خيلاءَ لم ينظُرِ اللَّهُ إليهِ يومَ القيامةِ»، فقالَت أمُّ سَلمةَ: «فَكَيفَ يصنَعُ النِّساءُ بذيولِهِنَّ؟» قالَ: «يُرخينَ شبرًا»، فقالت: «إذًا تنكشفَ أقدامُهُنَّ»، قالَ: «فيُرخينَهُ ذراعًا، لا يزِدنَ علَيهِ»، مما يستفاد من الحديث أن ستر المرأة وحشمتها وحياءها عائد إلى قوة إيمانها ودينها، أمَّا مَن رقَّ دينها وضعف إيمانها، فإنها لا تبالي بتلك الحشمة.  

بذلت كل ما تملك في سبيل الدفاع عن الدين

الفريعة بنت مالك -رضي الله عنها

      الفريعة بنت مالك بن سنان الخدرية -رضي الله عنها- إحدى نساء الصحابة اللاتي بذلن كل ما يملكن في سبيل الدفاع عن الدين طلباً للفوز في الآخرة، أبوها مالك بن سنان بن عبيد الأنصاري الخزرجي الخدري الصحابي الجليل - رضي الله عنه -، وأمها حبيبة بنت عبد الله بن أبي -رضي الله عنها-، وأخوها الشقيق مفتي المدينة سعد بن مالك بن سنان - رضي الله عنه -، أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - أحد أبطال غزوة الخندق وأحد الأعلام في بيعة الرضوان، بين هذه الفئة الطيبة نشأت الفريعة بنت مالك -رضي الله عنها-، تنهل من المكارم والفضائل وتكتسب من الأخلاق معاليها، وكانت -رضي الله عنها- من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - الذين بايعوا تحت الشجرة بالحديبية في السنة السادسة من الهجرة، وبذلك كانت من أولئك النفر الذين أثنى الله -تعالى- عليهم بقوله: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} (الفتح 18).  

أحاديث لم تصح عن النساء

     من الأحاديث التي لم تصح عن النساء قولهم: «النساء مصابيح البيوت، ولكن لا تعلِّموهن»، وهو حديث موضوع، وهو من عجيب ما وُجد في أحاديث النِّساء المشتهرة على ألسنة الناس؛ لأنَّ بدايته ثناء على المرأة؛ وختامه ذم لهن، وهو مُخالف لما أمر الله -تعالى- به ورسوله - صلى الله عليه وسلم - في تعليم النساء، ومخالف أيضًا لعموم حديث: «طلب العلم فريضة على كلِّ مسلم»، وعموم غيره مما صح في تعليم النساء.  

الرعاية الاجتماعية للنساء

      كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يهتم بالنساء من الناحية الاجتماعية وحظيت بالمعاملة الحسنة منه، فكان - صلى الله عليه وسلم - يزور بعضهن ويواسيهن في المصائب ويهنئهن في الزواج، وكان - صلى الله عليه وسلم - يفتح بابه للنساء للاستشارة فيما يقع لبعضهن من الأمور مثل حادثة خولة المجادلة في شأن الظهار، بل كان يشاور بعض أزواجه في شؤون العامة، فقد استشارت أم سلمة في حادثة صلح الحديبية، واتخذ الرسول - صلى الله عليه وسلم - دار رملة بنت الحارث يؤوي فيه من يريد إيواءه من الوفود.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك