رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر التربوي 8 أغسطس، 2023 0 تعليق

المرأة والأسرة – 1185

حفظ اللسان من الإيمان

إنَّ أكثر ما كان يخافه النبي - صلى الله عليه وسلم - على أمته هو اللسان؛ فقد جاء في حديث سفيان الثقفي الذي رواه الترمذي، وفيه قال: قلت: يا رسول الله، ما أخوف ما تخاف عليَّ؟ فأخذ بلسان نفسه، ثم قال: (هذا)، ووصف النبي -صلى الله عليه وسلم - حقيقة الإسلام فقال: «المسلمُ مَنْ سَلِمَ المسلمونَ من لسانِهِ ويدِهِ».

     وأكثر ذنوب ابن آدم من لسانه؛ لذلك على المرأة المسلمة الحذر من الثَّرثرة ُوالقِيل والقال في الجلسات الخاصَّة والعامَّة، أو في الهواتِف أو ما أشْبه ذلك من الغيبة والنميمة، فلا يَخْفَى خطورة ذلك وقدْحه في صِحَّة الإيمان بالله -تعالى-؛ لأنَّ الغِيبة أو النميمة أو تناقُل الإشاعات دون التأكُّد مِن صحَّتها؛ تُثير البلبلةَ والفِتنة، وتؤذي المؤمنين والمؤمنات بغيرِ جريرة، قال -تَعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (الحجرات: 6)، قال السعديُّ - رحمه الله -: مِن الآداب التي على أُولي الألباب التأدُّب بها واستعمالها: أنَّه إذا أخبرَهم فاسقٌ بخبر أن يتثبتوا في خبرِه، ولا يأخذوه مجرَّدًا؛ فإنَّ في ذلك خطرًا كبيرًا، ووقوعًا في الإثم؛ فإنَّ خبره إذا جعل بمنزلة خبر الصادق العدْل، حُكم بموجب ذلك ومقتضاه، فحصَل من تلفِ النفوس والأموال بغير حق بسبب ذلك الخبر ما يكون سببًا للنَّدامة، بل الواجب عند خبر الفاسِق التثبُّت والتبيُّن، فإن دلَّتِ الدلائل والقرائن على صِدقه، عمِل به وصدَّق، وإنْ دلَّت على كذبِه، كذب، ولم يعملْ به. اهـ.، وعلى النساء الحذر من القيل والقال الذي ينتشر بينهنَّ؛ فهو لا يليق بالمسلِمات المؤمنات العابدات الموحِّدات لله رب العالمين.

 

النميمة من قبائح الأخلاق المذمومة

     أجمع العلماء على أن النميمة من قبائح الأخلاق المذمومة، بل إنها كبيرة من كبائر الذنوب؛ لأن صاحبها متوعَّدٌ بالعذاب في القبر، والعذاب الشديد في الآخرة، والنمام من شرار الخلق، فقد روى الإمام أحمد في مسنده من حديث عبدالرحمن بن غنم - رضي الله عنه -: أن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال: «خيار عباد الله الذين إذا رُؤوا، ذُكر الله، وشرار عباد الله المشَّاؤون بالنميمة، المفرِّقون بين الأحبة، الباغون البُرَآءَ العَنَتَ».

 

الزوجة الصالحة

     نظرًا لأهمية صلاح الزوجة وما يعود على الزوج والأسرة من نفع، فقد ذكر ذلك في القرآن الكريم، فجاء في قوله - تعالى -: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} (النساء: 34)، فمِن طبيعة الزوجة المؤمنة الصالحة، ومن صفتها الملازمة لها -بحكم إيمانها وصلاحها- أن تكون قانتة مطيعة، والقنوت: هو الطاعة عن إرادة ورغبة ومحبَّة، لا عن قسرٍ وإرغام، ومِن ثَمَّ قال -سبحانه-: {قَانِتَاتٌ}، ولم يقل: طائعات؛ لأن مدلول اللفظ الأول نفسي، وهذا هو الذي يَليق بالسكن والمودَّة بين شَطري النفس الواحدة.

 

البيت واحة وارفة الظلال في لهيب الحياة

     إن البيت -وإن كان صغيرًا في ساحته- ولكنّه مملكة واسعة الأرجاء ونعمة إلهية كبرى أنعمها اللّه‏ -سبحانه- على الرجل والمرأة، وعندما يكون الزوجان متحابّين يقف أحدهما إلى جانب الآخر، ويأخذ بيده ويمضيان في الطريق، (طريق الحياة)، وما بيت الزوجية الاّ قارب يشق عباب الحياة، ربّانه الرجل وتساعده امرأته ويشتركان معًا في المضي صوب شاطى‏ء السعادة، والبيت أيضًا مدرسة الأبناء، تتبلور فيه شخصياتهم ويتعلّمون فيه ألف باء الحياة، ينتهلون في ظلاله ثقافتهم، فإن كان البيت دافئًا تخرجوا فيه دافئين طيبين، وإن كان هادئاً دخلوا الحياة الاجتماعية خيّرين ينشدون الخير والصلاح لمجتمعهم وأمتهم، ولو كان البيت -لا سمح اللّه-‏ خاوياً على عروشه مقفراً من كل خفقة حب ونسمة حياة طاهرة، خرجوا إلى المجتمع يعانون ضغط العقد النفسية، وتتحمّل الأم مسؤولية كبرى في تربية الأبناء وما أجمل قول الشاعر!:

الأم مدرسة إذا أعددتها

                           أعددت شعباً طيب الأعراق

 

من فتاوى النساء

     عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن أمي ماتت وعليها صوم نذر، أفأصوم عنها؟ قال: «أرأيت لو كان على أمك دين فقضيتيه أكان يؤدي ذلك عنها؟ قالت نعم. قال: فصومي عن أمك».

 

زوجة الابن التي نريد

- نريد زوجة الابن التي تبسط وجهَها بالرضا لأبوَيْ زوجها، وتعاملهما برحمةٍ نابعة مِن قلبها.

- نريد زوجة الابن التي لا تُحرِّض زوجَها على أهله؛ مما يزرَعُ الكراهية في نفسه وتدفعه لعقوقهم.

- نريد زوجة الابن التي تحترِمُ أهل زوجِها، وتتجنُّب الخلافات والنزاعات معهم.

- نريد زوجة الابن التي إن أساءت عن غير قصد لأهل زوجها، تطلب الصفح والعفو والصلح، ولا تتعالى.

- نريد الزوجة التي تنظر إلى أمِّ زوجها بمِنظار الأم التي تحبُّها وتحترمها وتعطف عليها وترعاها.

 

لا تتكلمي إلا بخير

     قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَن كان يؤمِن بالله واليوم الآخِر، فليقلْ خيرًا، أو ليصمت»، قال النووي -رحمه الله:- هذا الحديثُ صريحٌ في أنَّه يَنبغي ألا يتكلَّم إلاَّ إذا كان الكلام خيرًا، وهو الذي ظهرتْ مصلحته، ومتَى شكَّ في ظهورِ المصلحة، فلا يتكلَّم. اهـ.

 

المرأة وترابط المجتمع المسلم

     إن المجتمع المسلم يتميَّز بالترابط والتآلف والتآزُر، فإذا لم تستطِعِ المرأةُ تأمينَ ذلك في بيتها ومع أهل زوجها، فإن المجتمعَ يفقِدُ أهمَّ خاصية مِن خصائصه، ويفقد أعظم مُقوِّماته، وهو الترابط المبنيُّ على المحبة والاحترام.

 

كم أوردت هذه الألسنة المهالك!

كم بهذه الألسنة عُبد غير الله -تعالى- وأشرك به!

وكم بهذه الألسنة حُكم بغير حكمه -سبحانه وتعالى!

وكم بهذه الألسنة أُحدثت بدع، وأُدميت أفئدة، وقُرحت أكباد!

وكم بهذه الألسنة أرحام تقطعت، وأوصال تحطمت، وقلوب تفرقت!

وكم بهذه الألسنة نزفت دماء، وقُتل أبرياء، وعُذب مظلومون!

وكم بها طُلّقت أمهات، وقذفت محصنات!

وكم بها من أموال أُكلت، وأعراض أُنتهكت، ونفوس زهقت!

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك