رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: حاتم محمد عبد القادر 8 نوفمبر، 2010 0 تعليق

الفاتيكان يطلق دعواتها تبشير .. تنصير .. تطبيع .. تحريض .. تحرير .. أهم مقررات (سينودس الشرق الأوسط)

سبحان الله، سبحان الله، والله إن القلم ليخط في صخر، لا في ورق، من هول ما طالعناه وقرأنا عنه لمتابعة أعمال مؤتمر (السينودس) الذي عقده الفاتيكان بالعاصمة الإيطالية (روما) الذي شهد تجمعاً كبيراً لأساقفة الكنيسة الكاثوليكية والبطاركة والمطارنة وغيرهم، بهدف بحث قضايا المسيحيين وأوضاعهم في منطقة الشرق الأوسط.

ومما يدل على أهمية المؤتمر وأبعاد دلالاته المدة الطويلة التي انعقد فيه و هي 15 يوماً، حيث انعقد في الفترة من 10 – 24 أكتوبر المنصرم.

هذا وقد خرج المؤتمر بخطاب شديد اللهجة تجاه المسلمين في منطقة الشرق الأوسط، خالطين الأوراق، محذرين من تنامي و صعود الجماعات الإسلامية في المنطقة وتأثير هذه الجماعات على أوضاع المسيحيين، بعد أن أكد المؤتمرون أن أعداد المسيحيين في تراجع بسبب ما يحدث لهم من اعتداءات أو لعامل الهجرة بسبب الأوضاع الأمنية المتوترة والتي يقوم بها الإرهابيون من المسلمين مستشهدين في ذلك بالحالة العراقية.

الغريب في الأمر أن أحداً لم يلتفت إلى هذا المؤتمر وما دار فيه، فقد عزف الإعلام عنه – عمداً – دون الخوض في تفاصيله، اللهم إن كان خبراً عابراً في نشرات الأخبار الرسمية والموالية للأنظمة الحاكمة، حتى إن الخبر يبث بطريقة أن الفاتيكان (وباباه)مهموم بقضايا المسلمين وأنه اجتمع وأساقفته للوقوف على هذه القضايا، وبالكثير علاقات السلام والمحبة بين المسلمين والمسيحيين وأن يعم هذا السلام شعوب العالم أجمع؛ و بسبب هذا التعتيم الإعلامي رصدت (الفرقان) عددا من النماذج التي لا تعلم شيئاً مطلقاً عن المؤتمر، لا موعده، ولا موضوعه، ولا مكانه، ولا منظميه، وهؤلاء أساتذة في علم العقيدة، وإنما علموا من «الفرقان» وذهبوا ليتبينوا الأمر و التعرف على أهم ما ورد بالمؤتمر ووثائقه.

بالطبع اللوم في المقام الأول يقع على عاتق إعلامنا الذي يهلل ويهرول وراء التوافه، لا أن يفيد مواطنيه ويوعيهم بما يدور حولهم ويخاطب شأنهم.

على أية حال نلقي الضوء في السطور القادمة على أهم ما ورد بهذا المؤتمر.

هناك أسئلة عدة تتبادر للذهن: لماذا هذا المؤتمر و في هذا التوقيت تحديداً؟ خصوصاً أنه تم تخصيصه لبحث أوضاع المسيحيين في منطقة الشرق الأوسط تحت عنوان (سينودس الشرق الأوسط».

الإجابة البديهية لاشك أنها ستحمل على ما شهدته بعض دول المنطقة من أوضاع متوترة للمسيحيين وحدوث ما يعرف بالفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين من وقت لآخر –  وراءها أسباب خارجية معروفة - وخصوصاً مصر، أيضاً لمن يذهب بعمق في تحليله يرى أن الكنيسة الكاثوليكية قد طالها عدد من الفضائح في الفترة الأخيرة مثل ممارسة الشذوذ الجنسي مع الأطفال من قبل بعض رجالها وهو ما كشفته وسائل الإعلام الغربية نفسها متهمة بابا الفاتيكان بالتستر على هذه الممارسات، وكذلك هناك ممارسات أخرى تورط فيها بعض رجال الكنيسة في الشرق في وقائع زنى مع نساء قدمن للمعالجة من المس.

ويعف لساننا عن الخوض في تفاصيل هذه الوقائع؛ فهذه الأسباب دفعت الفاتيكان والكنيسة الكاثوليكية لإقامة هذا (السينودس) للتغطية على هذه الفضائح وإلهاء شعوب منطقتنا وتسليط الضوء على أحداث الفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين بما يظهر قهر المسيحيين واضطهادهم.

دعم الفاتيكان

من خلال هذا (السينودس) الخاص بالشرق الأوسط أراد بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر أن يقدم دعم الكنيسة بأسرها إلى مسيحيي مهد المسيحية الذين يواجهون النزاعات المستمرة والتعصب الديني.

وفي تصريحات صحافية له قال الأمين العام لسينودس الأساقفة (المونسنيور نيكولا  أتروفيتش): «نريد أن نركز اقصى اهتمامنا بالكنيسة الكاثوليكية في هذه المنطقة الحيوية جدا في تاريخ المسيحية والتي ومنذ ألفي عام تواجه توترات ونزاعات واضطرابات دينية وسياسية».

وتدفع هذه الظروف الحياتية الصعبة الكثير من المسيحيين إلى الهجرة، ما يهدد بأن تصبح هذه الأرض التاريخية «منطقة أثرية»، على حد تعبير الأسقف أتروفيتش. ويعيش في المنطقة20 مليون مسيحي، منهم خمسة ملايين كاثوليكي، من أصل 356 مليون نسمة.

من التصريحات السابقة لأمين عام (السينودس) يتضح مدى اتهامه للمسلمين برغبتهم في تصفية المسيحيين الذين يلجأون للهجرة مما يحول أرضهم التاريخية إلى (منطقة أثرية) على حد تعبيره، وعن إحصائيته بأن عدد المسلمين في المنطقة 20 مليونا فهي إحصائية غير دقيقة؛ لأن عددهم بالفعل أقل من ذلك ومن الممكن إثبات ذلك في عدد لاحق.

صعوبات خطرة

أما عن الوثيقة التحضيرية للسينودس فكان من أهم ما ورد بها أن مسيحيي العراق  كانوا من أبرز ضحايا الحرب هناك، وفي لبنان يعانون الانقسام السياسي والطائفي، أما في مصر فهم يواجهون صعوبات خطرة، وفي تركيا ما زال المفهوم الحالي للعلمانية يطرح مشكلات على الحرية الدينية التامة في البلاد.

وقد صدرت الوثيقة التحضيرية للسينودس بعنوان «الكنيسة الكاثوليكية في الشرق الأوسط.. شراكة وشهادة».  وقد حملت هذه الوثيقة اتهامات عنيفة للتيار الإسلامي وخطورته على المسيحيين في المنطقة، وهنا أبدت الوثيقة مخاوفها من نفوذ وتنامي ما أسمته بالإسلام السياسي وخصوصاً داخل مصر.

وتهدف الوثيقة إلى قيام الكنيسة الكاثوليكية في الشرق الأوسط على أوضاع مسيحييها من خلال (السينودس) الخاص بهم وتعريفهم بتاريخ الكنيسة في الشرق الأوسط، خصوصاً (أورشليم) باعتبارها مهد المسيحية عندهم.

مواطنون أصليون

أيضاً تهدف الوثيقة إلى دراسة دور المسيحيين في المجتمع، وخصوصاً في المجتمعات العربية والإيرانية والتركية، والتأكيد على أن المسيحيين هم مواطنون أصليون وعدم وجودهم يمثل خسارة للتعددية، وسبباً في إفقار الشرق الأوسط. أيضاً ستعمل الكنيسة على تأصيل مفهوم الدولة العلمانية (الإيجابية) بمعنى أن تعترف بدور الدين مع توضيح الفارق بين النظام الديني والنظام الزمني.

أقلية ضعيفة

وأضافت الوثيقة: «حتى إذا كان المسيحيون أقلية ضعيفة في دول الشرق الأوسط، إلا إنهم في كل مكان يعملون بحيوية، ويكمن الخطر في الانطواء على الذات والخوف من الآخر؛ ولذا تعمل الكنيسة على تنمية الأسرة».

كما جاء بالوثيقة نقاط عدة تحدَّث عنها (البطريرك أنطونيوس نجيب)، بطريرك الأقباط الكاثوليك من أهمها: التركيز على التعليم المسيحي في الكنيسة، وأوضاع المسيحيين في الشرق الأوسط والصراعات السياسية هناك، والتحديات التي تواجههم، كما تطرقت الوثيقة إلى مسألة الهجرة المسيحية الدولية إلى الشرق الأوسط، بما يعني حق العودة، وفي هذا إشارة إلى أن منطقة الشرق الأوسط هي أرض واقعة تحت وطأة الاحتلال من المسلمين ويجب العمل على تحريرها منهم ، وفي هذا حذرت الوثيقة من التفريط في أية ممتلكات للمسيحيين وعدم البيع، كما ركزت الوثيقة على تطوير العلاقات المسكونية مثل العلاقة مع اليهودية   وإزالة العقبات التي تعترضها ، وكذلك مع  المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني.

وفي تعبير صريح للوثيقة اعترفت بدولة إسرائيل، وأن الكنيسة الكاثوليكية لا تمنع من زيارة القدس، بل تشجع على ذلك.

و عندما تطرقت الوثيقة إلى الفتنة الطائفية في مصر على لسان  (الأنبا أنطونيوس نجيب) بطريرك الإسكندرية  أكد أن  الإعلام  هو الذي يؤدي دوراً مؤثراً في نشوبها في ظل غياب دور كبار العائلات الذي كان موجوداً من قبل، كما أعلن أنطونيوس أن تيار الإسلام السياسي في مصر أصبح في صعود مما يشكل خطورة كبيرة على المسيحيين في مصر بشكل خاص والعالم العربي عموماً، وأن هذا التيار بصعوده يريد فرض النمط الإسلامي على الجميع في المعيشة، الأمر الذي دعاه لتحريض المسيحيين على عدم انطواء على الذات كأقلية، فقد اعتبر أنطونيوس أن هناك تطوراً سلبياً في المجتمع المسلم ظهر في رفع شعار  (الإسلام هو الحل) الذي عدوه أنطونيوس شعاراً قوياً؛ بدليل تواجده على الساحة الإعلامية.

إن ما ورد بوثائق هذا (السينودس) بحق خطير وخطير جداً ويشتم منه رائحة خبيثة في وقت انهمك المسلمون في أشياء ستنقلب عليهم.

وإننا لنؤكد لاسيما في مصر أن مسيحييها لا يعانون أية مشكلات، بل على العكس تماماً حيث يصل الأمر في كثير من الأحيان إلى إنصاف المسيحي على المسلم، وما اضطهاد الأقباط في مصر إلا محض افتراء استغله الغرب وأذكاه لتحقيق مصالحه وصارت الفتنة وقود معاركهم في بلادنا ويغذيهم في ذلك من يعرفون بأقباط المهجر.

إن وثائق هذا (السينودس) ونداءاته والتعلق بالغرب لغزو دول الشرق الأوسط لتحريرها من المسلمين باعتبارهم محتلين وأن الأرض هي في الأصل أرض المسيحيين بحجة ضرورة  الحفاظ على الهوية و ضرورة العودة، إن هذا يمثل دعوة صريحة للحرب ولتأكيد ذلك ننقل نصاً ما ورد بهذا الخصوص فتقول الوثيقة: «نحن بحاجة إلى تدخل عال المستوى والدقة والالتزام لتخليص الأراضي المسيحية الأولى وللحفاظ على هوية مواطنيها ووجودهم بالذات».

بعد التعرض لأهم ما ورد بوثيقة (السينودس)التي سيبدأ العمل في تنفيذها يجب علينا نحن أن نفيق مما نحن فيه حتى لو فسروا كلامنا بأنه متشدد أو متعصب أو متزمت أو.. أو.. فالرد بسيط جداً: اقرؤوا ما ورد بوثائقهم و تابعوا ما يدور بلقاءاتهم و تبينوا من المتعصب ومن المتسامح؟

ضعف المسلمين

وسبحان الله حين وددنا أخذ تعليقات من قبل المختصين بشأن هذا السينودس أجمعوا كلهم على أن السبب هو ضعف المسلمين وأنهم السبب في كل ما يحدث لهم، كما أن الأنظمة تكمم أفواه العلماء الذين يقع عليهم الدور في البيان و الإرشاد.

فيقول الشيخ أبو إسلام أحمد عبدالله، مدير مركز التنوير الإسلامي والباحث في مجال التنصير: والله أنا سعيد جداً بهذه النتائج، ومن المفترض أن المسلمين يسعدون بها، وينطلقون تأسيساً عليها، وأود التوضيح هنا أن المسيحية تنقرض من المنطقة العربية بإرادتها فهم لا يرتبطون بأرض ولا وطن وهذا ثابت على مر التاريخ، ولا أظن أن مواطناً مسيحياً ترك بلداً عربياً قادر على العودة إليها؛ فهذه الروح غير موجودة لديهم، على عكس اليهود، وإنما هم قادرون على التهييج وإثارة الفتن من البلاد التي هاجروا إليها، ولك أن تعرف أن مصر على سبيل المثال لا يزيد عدد الأقباط بها عن 5 ملايين قبطي وكلهم يعملون لدى إرساليات الكاثوليك والبروتستانت، ولو انقطع عنهم التدفق المالي لم يبق لهم أي وجود، وهذا الكلام على مسؤوليتي.

حوار الأديان

ويقول أ.د سامي عفيفي حجازي، أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر: والله كنا من أيام عدة قليلة في قطر للمشاركة في مؤتمر عن حوار الأديان هناك وفي المؤتمر ألقى حاخام يهودي قنبلة كلامية بكى فيها على القدس وأنها ضاعت من اليهود... إلخ، وسبحان الله فقد تحولت قبلة المؤتمر إلى أن الديانات السماوية تعارضها الحداثة والعولمة، وبعض المدارس المسيحية المعنية بالتبشير والحداثة.

وعلى ما ورد بوثيقة (السينودس) يقول د.سامي حجازي: لا شك أن الإسلام حافظ على وجود الآخر سواء كان مسيحياً أم يهودياً مادام ملتزما بضوابط الشرع، فالشرع يحميه، وبالتالي فالدعوة التي تحدث شقوقا وتيارات هي عمل من أعمال المستشرقين.

وبسؤالي لكل من أ.د إلهام محمد شاهين وأ.د سلوى عبدالرحمن يونس، أستاذتي العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، عن دور رجال العلم والدين في التصدي لهذه الأمور أجابتا بأن الأمر يتلخص في أمرين: الأول هو ضعف المسلمين، والثاني هو أن عالم الدين إذا تكلم يتهم بإشعال الفتنة، ومن هنا فتكمم أفواههم ويتم إقصائهم عن المنابر الإعلامية؛ حتى لا تحدث بلبلة على حد تصورهم.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك